سوريا

العلويون وتمرد الانفصال

سوريا ومرحلة محفوفة بالمخاطر

العلويون وتمرد الانفصال

سوريا – اللاذقية – الدكتور اسامة احمد نزار صالح

عام  1923 م قامت سلطات الانتداب الفرنسية بإحصاء سكاني لدولة جبل العلويين والتي كانت تضم مصياف وطرطوس وعاصمتها اللاذقية والنتائج:

 

(94 الف مسلم سني و34 الف مسيحي و5 الالف اسماعيلي و101 الف علوي) أي ان الدولة العلوية لم تكن علوية.

اعتبارا” من عام 1937م تم دمج الدولة العلوية نهائيا” مع سوريا ،وقدم الفرنسيون عذرا لمناشدة بعض قادة العلويين الانفصاليين للإبقاء دويلتهم ان العلويين لم ينضجوا سياسيا لإدارة دولة.

مع مرور العقود خرج العلويون من عزلتهم ،سيطروا على مفاصل الجيش السوري ،رسخوا سلطتهم على مؤسسات الدولة السورية ،واخيرا” استولوا على السلطة مع وصول حافظ الاسد الى السلطة بانقلاب 1970م.

ظل في وعيهم ان الساحل السوري هو مركز ثقلهم وملاذهم لإنشاء دولتهم المستقلة في حال انتفاض الاغلبية السنة عليهم، خصوصا”

مع الشحن الطائفي من آل الاسد وضباطهم، وتلخيص تجربة الطائفة العلوية تحت الحكم السني بالاضطهاد التاريخي كأحداث 1318م

(تمرد ضربي ممزوج بالمهدوية) وأحداث 1834م (جزء من تمرد الفلاحين الشوام)

كانت ردة فعل الدولة سواء المملوكية في 1318م والعثمانية في 1834م

عنيفة تجاه تمرد العلويين لكن هذا العنف لم يأخذ طابع القمع المستمر وخير دليل ان المماليك ومن بعدهم العثمانيون امتنعوا عن أي محاولة لإبادة السكان العلويين.

رغم ان ميزان القوة كان لصالح العلويين عند استلائهم على السلطة في سوريا الا ان فكرة المظلومية لم تغب عن وجدان ابناء الطائفة لدرجة انها اصبحت اشبه بعقدة او متلازمة للطائفة العلوية.

بعد 8-12-2024م وانهيار نظام الاسد وما تلاه من حل للجيش السوري وتفكيك لأجهزة الامن (مجملها من العلويين)

،تغير ميزان القوة لغير صالهم ،ومع بدئ الادارة السورية الجديدة اعادة هيكلة مؤسسات الدولة وما سينتج عنه

من الاستغناء عن حملة الشهادات العليا من العلويين (موظفو مؤسسات الدولة السورية ومراكز قرارها اغلبهم من العلويين) الامر الذي سيؤدي

 الى انهاء علونة الدولة التي بداها الاسد الاب ورسخها الابن ،عادت عقدة المظلومة تتأجج عند حملة الشهادات العليا والمسرحين من الجيش والامن لشعورهم بفقدان حق مكتسب.

في ظل هذا الاشكال استخدم بعض ما يسمى (وجهاء الطائفة)

هذه المظلومية الجديدة كأداة سياسية لتأسيس زعامتهم للطائفة وترسيخها لقيادة انفصال الساحل السوري عن الادارة المركزية في دمشق.

على مدار اكثر من شهرين من خلال استغلال عملية اعادة الهيكلة

وتراجع الحالة الاقتصادية والخدمية وتأخر صرف الرواتب ،شحن بعض الوجهاء الفقراء من ابناء طائفتهم العلوية بشكل يجعل منهم وقودا لتمرد ضد الادارة الجديدة في دمشق.

في ظل غياب الزعامات الوطنية التاريخية (التي قضى عليها الاسدين)

اشعل فلول الاسد من ضباط الصف الثاني لجيشه المنحل ومجموعاتهم التي رفضت التسوية مع الادرة الجديدة التمرد العلوي في 7-3-2025م.

كان واضحا دور روسيا من خلال رفعها الاقامة الجبرية عن ضباط الصف الاول اللاجئين في موسكو وتسهيل تواصلهم مع فلول الاسد في الساحل السوري

(بحسب جريدة المدن) كما لا يخفى دور الايران وذراعها حزب الله في  تمويل وتسليح الفلول.

التمرد كان على الطريقة الاسدية ،ارتكب المتمردون مجازر ارهابية طائفية فظيعة بحق المدنيين من اهل السنة في المدن

(جبلة وبانياس وطرطوس) وعلى طريق أوتوستراد حمص اللاذقية ،

،وغدرت مجموعات التمرد بحواجز الامن العام الحكومية وصفت عناصره ونكلت بجثثهم في عموم الساحل السوري

،وزجت ابناء الريف العلوي والمقيمين منهم في المدن الرئيسة (اللاذقية وطرطوس وجبلة وبانياس) في التمرد لتثبيت الانتصار على قوات الادارة الجديدة

واعلان الدولة العلوية لإعادة حقوق الطائفة المكتسبة التي سلبها منهم حكام دمشق الجدد.

امتصت قوات الامن العام الهجوم في مراكز المدن (بانياس وجبلة واللاذقية وطرطوس)

بحرفية عالية رغم المجازر التي تعرضت لها وخسارتها اغلب مناطق الريف ،طوقت قوات الامن العام

عالية التدريب مناطق الاشتباكات والحواضن الشعبية للفلول وانتظرت الدعم من قوات وزارة الدفاع في دمشق.

الادارة الجديدة التي تحظى بدعم شعبي بعموم سوريا وبالأخص من حاضنتها الشعبية في الساحل السوري

(اهل السنة) قلبت الموازين لصالحها بما يمكن ان نسميه (تسونامي قوات وزارة الدفاع)

بسرعة الوصول الى مناطق الاشتباكات في الساحل السوري

رغم الكمائن المبرمجة من فلول الاسد وحاضنتهم الشعبية على اوتوستراد حمص – اللاذقية وأوتوستراد جسر الشغور – اللاذقية. 

الوصول الى مناطق الاشتباك في الساحل السوري لم يكن بالأمر اليسير على قوات وزارة الدفاع

كما اخماد التمرد فالمتمردون اندسوا بين المدنيين والحواضن

ادعت انها غصبت على الانخراط معهم تخلل معالجة الموضوع بعض التجاوزات من عناصر وزارة الدفاع

غير المنضبطة والعناصر الشعبية التي انخرطت فرديا ورافقت القوات النظامية.

ضربت وزارة الدفاع السورية بيد من حديد التمرد مستخدمة بشكل غير ممنهج عنف الدولة رغم دعوة الرئيس احمد الشرع

الحازمة عدم المبالغة بردة الفعل الا ان ما حدث قد وقع باعتراف الادارة الجديدة.

قد يكون ما حدث هو مشيئة الله لكن اليوم المهم للنهوض بسوريا تشكيل هيئة كبرى للمحاسبة

والمصالحة الامر الذي بادر به السيد الرئيس والاهم الاسراع بتشكيل الحكومة الانتقالية.

 

 

شارك المقالة:
السابق
النظم التركيبي  في دلائل الصيام في الكتب السماوية
التالي
يوم مميز في منفى بشار الاسد