محتويات
كتابة : حسن عبدالمنعم البشبيشي
كيف نفهم الايات الكونية
تصور الصلة بين الإنسان والكون!:
ـ هل تصدق أننا نعيش وسط النجوم؟!، كان الناس يظنون أن هذه النجوم الكثيرة وهذا الفضاء الواسع هو فوقنا فقط، لكن اكتشف العلماء أن هذه النجوم وهذا الفضاء حول الأرض من كل اتجاه وليس فوقنا فقط، فنحن نعيش على أرض معلقة في الفضاء، وهناك نجوم أسفل الأرض ونجوم أعلاها.
ـ وإذا عرَّفنا كلمة (السماء) على أنها الفضاء وما فيه من النجوم فهذا معناه أننا نعيش في السماء!، ولكي تدرك هذه الحقيقة جيدًا تحتاج إلى تصور ذهني وتخيل لمكان الكرة الأرضية بالنسبة للنجوم:
ـ فالكون عبارة عن فضاء تسبح فيه نجوم هائلة العدد، وكل نجم تدور حوله بعض الكواكب، ومن بين هذه النجوم والكواكب الهائلة العدد في الكون يوجد نجم اسمه الشمس وكوكب اسمه الأرض، فكوكب الأرض هو كرة معلقة في الفضاء يحيط بها النجوم من كل اتجاه، فالنجوم ليست فقط فوق الأرض ولكنها تحيط بالكرة الأرضية من كل اتجاه.
ـ إذن نحن نعيش في الفضاء على ظهر كرة تسبح بنا في الفضاء وحولنا النجوم من كل اتجاه!
ـ تخيل لو أن الكرة الأرضية لم تعد معلقة في الفضاء وسقطت فأين تذهب؟ إن تحت الكرة الأرضية فضاء ونجوم!
ـ عندما صعدت سفن الفضاء في الفضاء البعيد التقطت صورة للأرض وحولها الشمس والنجوم، فكانت الأرض عبارة عن نقطة زرقاء باهتة وسط النجوم (والصورة التوضيحية تبين ذلك).
ـ إن هذه الدنيا التي نعيشها بكل ما فيها ليست إلا حياة ضئيلة جدًا موضوعة على نقطة زرقاء باهتة وسط الفضاء والنجوم، فالأرض ومن عليها من البشر مجرد جزء صغير جدًا من منظومة كبيرة جدًا هي الكون، فيتكون شعور بضعف البشر وعجزهم وشعور بمدى عظمة هذا الكون واتساعه فلا يقدر البشر على إيجاد شيء منه ولا التحكم فيه وبالتالي الشعور بمدى قدرة وعظمة خالق الكون.
ـ أي القضيتين تشغل الذهن أكثر؟ قضية تجمع البشر جميعًا في مكان واحد هو الكرة الأرضية فلا يزيد حجم كل هذه البشرية عن نقطة تافهة في فضاء سحيق! أم القضايا والمسائل والمشاغل التي بين البشر بعضهم البعض وهموم الحياة وأعمالها؟، فما قيمة ما يحدث بين البشر وما يتشاغلون به من أعمال وهم جميعًا عبارة عن كتلة ضئيلة جدًا من النمل تتحرك في نقطة لا تكاد تراها في مشهد الفضاء والنجوم، طبعًا العاقل يشغله القضية الأولى عن أي شيء آخر من مشاغل الحياة وهمومها وشهواتها ومن العلوم والمعارف المختلفة، ولكن البعض يغفل عن هذا الأمر ويعطل عقله عن النظر فيه ولا يشغل عقله بغير ما يحدث من مشاغل الحياة وهمومها وشهواتها وأعمالها، وهؤلاء هم غافلون عن هذه الآية من آيات الله ومشغولون بما سوى ذلك.
الشمس والكواكب جيران لنا في الفضاء!:
ـ تصور وضعك مع حركة الأرض حول نفسها، وحدوث الليل والنهار، فهذا يؤدي إلى الشعور بأن هناك قوة أعلى من الإنسان تفعل به ما تشاء، وتؤدي إلى الشعور بضآلة الإنسان، وبالتالي الشعور بالاستسلام والخضوع للخالق.
ـ تخيل لو أنك كنت بالليل وقمت بعمل ثقب في الكرة الأرضية فسيصل إليك نور الشمس!
نحن ندور حول نار هائلة معلقة في الفضاء!:
ـ هل تصدق أن هناك نارًا هائلةً جدًا معلقة في الفضاء وأننا ندور حولها مثلما يدور الفراش حول النار المشتعلة؟!، إن الشمس عبارة عن كتلة من النار هائلة مشتعلة في الفضاء ونحن الآن ندور حولها على ظهر مركبة فضائية تطير بنا في الفضاء المظلم هي الأرض في رحلة تستغرق عام كامل، ففي اللحظة التي تقرأون أنتم فيها هذه السطور تدور الأرض في مدارها حول الشمس في رحلة طولها 950 مليون كيلو متر، نقطعها
في سفر مدته سنة ثم تبدأ من جديد دون توقف، وحر الصيف وبرد الشتاء يحدث بسبب اقترابنا أو بعدنا عن نار الشمس أثناء هذه الرحلة.
ـ فنحن نسير الآن بسرعة 108 ألف كيلو متر في الساعة (30 كم في الثانية)، ويمكنكم أن تعرفوا ضخامة هذه السرعة على النحو التالي: إن أقصى سرعة يمكنكم أن تصلوا إليها عند قيادة سيارة عادية هي 200 كيلو متر في الساعة، يعني أن الأرض تدور حول الشمس بسرعة تبلغ 540 مرة بحجم سرعة السيارة، ويمكن أن نفهم الأمر بشكل أوضح من خلال هذا المثال أيضًا: فسرعة الرصاصة تبلغ 1800 كيلو متر في الساعة، وسرعة الأرض في دورانها حول الشمس تبلغ 60 مرة حجم سرعة الرصاصة!، ومع سرعة الأرض الهائلة هذه تكون قوة جاذبية الشمس غاية في الأهمية، فلو أنه حصل نقص في قوة جاذبية الشمس فإن الأرض تضيع في الفضاء بسرعة غير عادية، وذلك يمثل نهايتها، والعكس أيضًا صحيح، بمعنى أنه لو حدثت زيادة في قوة جاذبية الشمس فإن الأرض تتجه نحو الشمس بسرعة هائلة وتذوب وتتبخر، وبالتأكيد فنحن أيضًا سوف نتبخر معها، ولو كانت جاذبية الأرض لما عليها من البشر والأشياء أقل مما هي عليه الآن لطاشَ كلّ شيء ولطشنا نحن أيضًا في الفضاء.
ـ فنحن الآن نطير في الفضاء حول هذه النار في دورة كل عام، وفي هذا شعور بالرهبة والخوف، والشعور بأن هناك قوة أعلى من الإنسان تفعل به ما تشاء، والشعور بمدى ضآلة الإنسان، وبالتالي الشعور بالاستسلام والخضوع للخالق.
ـ هناك حدثان يحدثان في آن واحد هما أنك تتحرك الآن على كرة تطير بك في الفضاء، والحدث الثاني هو أحداث الحياة وصراعاتها ومشاغلها وهمومها وعلومها وشهواتها وما يدور من حولك من أمور في دنيا الناس والذهاب والإياب والحوارات والمشاغل، فأي الحدثين يشغل بالك أكثر؟ وهل يمكن أن تنسى هذا الحدث الأكبر أنك تسير الآن في الفضاء؟ طبعًا العاقل يشغله الأمر الأول عن الثاني، ولكن البعض يغفل عن هذا الأمر ويعطل عقله عن النظر فيه ولا يشغل عقله بغير ما يحدث من مشاغل الحياة وهمومها وشهواتها وأعمالها، وهؤلاء هم غافلون عن هذه الآية من آيات الله ومشغولون بما سوى ذلك.
ـ لا يمكن لإنسان عاقل أبدًا أن ينسى أنه يسير الآن على متن مركبة في فضاء سحيق، ومن يعقل ذلك فإنه يركع ويسجد على متن هذه المركبة لمن يحركه على هذه المركبة في فضاء الكون الهائل!
الأرض كرة معلقة في الفضاء!:
ـ عندما صعد العلماء إلى القمر رأوا الأرض صغيرة وكأنها القمر بالنسبة لهم، تخيل نفسك هناك على سطح القمر وتشير إلى الأرض من بعيد: هناك بيتي وأولادي وأهلي في انتظاري حتى أعود، إن الآخرة مثل ذلك، وانظر كيف أن الأرض كرة معلقة في الفضاء!