محتويات
ماهو دور اليهود في ظاهرة الأستشراق
مفهوم الاستشراق
لم ترد كلمة “الاستشراق” المشتقة من مادة “ش ر ق” في أي من المعاجم العربية القديمة،
مفهوم الاستشراق في المعاجم العربية
أما المعاجم العربية الحديثة فكانت أول إشارة ترد عن الاستشراق أو أحد من مشتقاتها هو معجم متن اللغة:
(موسوعة لغوية حديثة) للشيخ أحمد رضا (ت1372ﻫ/ 1953م) طبعة أولى 1378ﻫ/ 1959م ،
الذي يورد فعلها “استشرق” ويتبعه بشرح عنه قائلاً: هو “طلب علوم الشرق ولغاتهم” واصفاً الكلمة بأنها “مولدة عصرية” تطلق على من “يعني بذلك من علماء الفرنجة”.
استشرق استشرقاً (العالم الاجنبي): كان عالماً بالعلوم والآداب واللغات والمعتقدات والعادات والتقاليد الشرقية.
1)http://www.saaid.net/feraq/mthahb/75.htm
ماهو دور اليهود في ظاهرة الأستشراق
عمد اليهود إلى السيطرة على الفكر العالمي عن طريق التعليم، والإعلام لتمرير الأفكار التي يريدون بها القضاء على القيم، وزرع الشك والريبة للوصول بالفكر الآدمي إلى مرحلة الحيرة· ومن يراجع تاريخ الفكر الإنساني ولاسيما في القرنين السالفين يجد فلاسفة ومفكري اليهود وراء كل فلسفة أو عقيدة أو فكر يعمل على تحطيم وتدمير القيم الإنسانية، وقد أعلنوها صراحة – كما جاء في البروتوكول الثاني من بروتوكولات حكماء صهيون )لا تتصوروا أن تصريحاتنا كلمات جوفاء، ولاحظوا هنا أن نجاح (دارون وماركس ونيتشه) قد رتبناه من قبل
ما هية الاستشراق اليهودي
يقصد بالاستشراق اليهودي ذلك العدد الكبير من الباحثين اليهود، في مختلف ميادين الدراسات الشرقية، الذين ساهموا بجهد فعَّال في الترويج لكثير من النظريات والأفكار المعادية للحضارة الإسلامية
لقد انكب المستشرقون اليهود على الدراسات الشرقية من أجل فهم المكون الشخصي للإنسان العربي والتعرف إلى المجتمع المدني العربي، والكشف عن خبايا الدين الإسلامي الذي مثل دين معظم سكان المنطقة الشرقية·
إلا أن أغلب الباحثين لا يعترفون بوجود هذا الصنف من الاستشراق داخل المنظومة الاستشراقية، وهو أمر له ما يبرره،) إذ إن اليهود لم يعملوا داخل الحركة الاستشراقية بوصفهم يهود بل عملوا على انتحال الصفة الغربية في كتاباتهم واتخاذ الجنسية الغربية كبديل عن الجنسية اليهودية في بحوثهم ودراساتهم، وبهذا استطاعوا أن يكيفوا أنفسهم ليصبحوا عنصرا أساسيا في إطار الحركة الاستشراقية الأوروبية النصرانية، وبذلك كسبوا مرتين: كسبوا أولا فرض أنفسهم على الحركة الاستشراقية كلها، وكسبوا ثانياً تحقيق أهدافهم في النيل من الإسلام، وهي أهداف تلتقي مع أهداف أغلبية المستشرقين النصارى(
أسباب إقبال اليهود على الاستشراق
لقد أقبل اليهود على الاستشراق لسببين رئيسين هما:
الأول ديني: وذلك من أجل نفي كل أصالة للإسلام وخصوصاً بعد تأسيس دولة إسرائيل، وتحكم الصهيونية في أغلبية المستشرقين اليهود، يدا إلا أنهما لا يشكلان تفسيرا كافيا لمزاج العرب وانزعاج·
ولتوضيح الأمر أكثر نستند إلى ما قاله المستشرق اليهودي الألماني جوزيف شاخت عندما كان يتحدث عن مفهوم الزكاة في الإسلام: إن هذه الكلمة التي لا أصل لها تاريخياً في أصول المفردات العربية، عرفها الرسول [ بمعنى أوسع بكثير أخذاً من استعمالها عند اليهود في الآرامية، ومشتقات مادة زكا لا يكاد يكون لها في القرآن في العهد المكي سوى معنى التقوى الذي ليس عربيا أصلا، بل هو مأخوذ عن اليهودية، وفي العهد المدني يتضاءل معنى الطهارة والصلاح ليحل محله معنى العطاء وتغدو كلمة الصدقة مرادفة لكلمة الزكاة حيث عرف النبي (ذلك من يهود المدينة معرفة أدق )
ويدعي المستشرق اليهودي فيليب ايرلنجي أن الرسول )كان يسأل خادمه زيدا وهو مملوك المسيحيين، عن الديانة اليهودية والمسيحية ليأخذ منه·(
الثاني سياسي: تفيد بعض الدراسات أن اليهود كانوا من المؤسسين للاستشراق وخصوصاً في مرحلته السياسية، عندما انتقل من الاهتمام الديني برعاية الكنيسة إلى الاهتمام السياسي برعاية الدول الغربية الاستعمارية
هذا السبب السياسي يمكن حصره في نقطتين مركزيتين: خدمة الصهيونية كفكرة ثم خدمتها كدولة، فالفكرة الصهيونية ولدت في القرن التاسع عشر، وتبلورت في المؤتمرات المتتابعة على يد عدد من المفكرين الصهاينة الذين نشأوا في أقطار أوروبا المختلفة، وتأثروا بالأفكار القومية التي سادت أوروبا في تلك الفترة من الزمان
وخدمة فكرة الصهيونية تتجلى في تلك الدراسات والأبحاث التي تقوم بها الجامعات الصهيونية، والتي لها علاقة وطيدة بالاستشراق، علاوة على الحضور الفاعل لليهود في المؤتمرات الاستشراقية، حيث يكون لهم دور في توجيه المناقشات وإثرائها بما يخدم أغراضهم
أما في ما يتعلق بخدمة الصهيونية كدولة فكما هو معلوم، إن الهدف الاستراتيجي للصهيونية هو إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين، من ثم سعت الصهيونية إلى تجنيد كثير من المستشرقين اليهود في أوروبا وأميركا ليعملوا يداً بيد مع بعض الضباط والعلماء تحت ستار صندوق الاكتشافات الفلسطينية الذي تأسس العام 1865م، وكان هذا الصندوق في ظاهرة بعثة تعليمية تبشيرية تقوم بدراسة ما يتعلق بالأراضي المقدَّسة من الناحية الدينية، بينما كان في الحقيقة يقوم بعمليات المسح والحصر، ورسم الخرائط لغير المواضع الأثرية الدينية مما يسَّر كثيرا عملية مجيء الصهاينة، واستيطانهم في المنطقة بعد طرد أهلها وتشريدهم
الأثر اليهودي على الحركة الاستشراقية
إن أثر اليهود على الاستشراق لا يبعد كثيرا عن آثارهم على جميع أوجه النشاط العالمي، إذ لا يكاد يوجد جانب من جوانب الحياة إلا ولليهود دور فيه اقتصادي وسياسي واجتماعي، والاستشراق واحد من هذه المجالات، ويمكن تصنيف أثرهم على ما يلي:
أ- آثار غير مباشرة: وتنحصر فيما فعله اليهود من برامج ومقررات تأثر بها الاستشراق كما تأثر بها غيره، وهذا يتجلى في:
السيطرة الصهيونية على مختلف وسائل الإعلام العالمي:
لقد استشعر اليهود دور الإعلام باعتباره أداة تربوية، فعملوا على امتلاك أهم المؤسسات الصحافية والإذاعية في العالم، بل وتوجيهها ضمن مخططهم التخريبي للأمم والشعوب غير اليهودية، وذلك تنفيذا لمقررات القيادات اليهودية في العالم
فعن طريق أجهزة الإعلام بوسائلها المختلفة استطاع اليهود أن يخدموا قضيتهم المزعومة، ويؤثروا في الرأي العام العالمي، والغربي بصفة خاصة، مما يسَّر لهم أن يضمنوا دعما أكبر لمخططاتهم، وتحكماً أوسع في مقدرات الشعوب، وقد أفصح اليهود أنفسهم عن هذا الأمر بقولهم: الأدب والصحافة قوتان تعليميتان كبيرتان، وستصبح حكومتنا مالكة لمعظم الصحف والمجلات
التهمة بمعاداة السامية: لقد أضحى مفهوم السامية يعني اليهود الصهاينة، والذين يديرون السياسة الإسرائيلية من دون غيرهم، وبناء عليه أصبح كل من يخالف سياسة الدولة الصهيونية يُرمي باللاسامية، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بيجن : لا يمكن أن نضع حدا فاصلا بين العداء لإسرائيل والصهيونية وبين اللاسامية
وبذلك أصبحت اللاسامية تهمة يخشاها الغربيون على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، والأمر عينه انطلى على المستشرقين الذين أضحوا يتجنبون آثارها، بل إثارة كل ما من شأنه أن يوقعهم في هذه التهمة.
نشير هنا إلى ما صرح به المستشرق اليهودي الفرنسي مكسيم رودنسون حين قال: إن مسألة التطرف اليهودي أو القضية الفلسطينية من المسائل التي تؤدي بصاحبها الى أن يرمي باللاسامية، ومعادة اليهود، وهذه تهمة خطيرة، داخل المجتمع الأوروبي
ويقول المستشرق اليهودي الأميركي برنار لويس : إن مكافحة السامية في أوروبا أعطى اليهود سببا جديدا للميل إلى القومية اليهودية
ب- الآثار المباشرة: يعمل اليهود – حاليا- على تبني كل الدراسات الاستشراقية ذات الطبيعة العدائية للإسلام والعروبة، من خلال نشرها وتعميمها، وتشجيع أصحابها، وتقديم المعونة لهم، والهدف من ذلك كله هو إسكات كل الدعوات التي تنادي بضرورة اعتدال النظرة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين،
1- لقد انتحل المستشرقون اليهود الجنسية الأوروبية لإخفاء هويتهم الحقيقية، حيث نلاحظ أن معظمهم كانوا إما ألمانيين أو بريطانيين أو فرنسيين، وما يميز هذه الدول أنها تصنف ضمن الدول الغربية الاستعمارية،
ولعل هذا يزكي ما ذهب إليه بعض الباحثين من القول: إن الاستشراق في الدول الغربية الاستعمارية كان أقوى منه في الدول غير الاستعمارية . في حين، كان انتحال اليهود لجنسية دول شرق أوروبا مثل المجر وبولونيا وروسيا وغيرها قليلا،
3- اضطر الكثير من المستشرقين اليهود إلى تغيير جنسياتهم ولا سيما الألمانية إلى جنسيات أخرى، والسبب هو خضوع ألمانيا لحكم النازيين فترة من الزمان عانى خلالها اليهود التضييق والملاحقة والاضطهاد مما أضطر الكثير منهم إلى مغادرة ألمانيا·
4- إنجازات المستشرقين اليهود العلمية كانت غزيرة ومتنوعة، فقد قاموا بتأليف الكتب، وإعداد البحوث، وإقامة الدراسات، كما شاركوا في العديد من مؤتمرات المستشرقين، وانخرطوا في الكثير من الجمعيات والمجامع، التي بسببها أنضووا تحت إطار الحركة الاستشراقية، فهم لم يتركوا وسيلة لنشر آرائهم وبث أفكارهم إلا ولجوها·
5- اضطرار كثير من المستشرقين اليهود للخضوع لضغوط الصهيونية، وإن كان لبعضهم بعض المواقف المعادية لها، أو كان لديهم تعاطف مع بعض قضايا الوطن العربي، فكانوا لايجرؤون على إثارة مثل هذه المواقف والقضايا، بل كان ما من شأنه أن يوقعهم في معاداة السياسة الصهيونية، وحسبنا في هذا الصدد أن نشير إلى ما حدث للمستشرق اليهودي الفرنسي مكسيم رودنسون الذي عرف بتضامنه مع بعض قضايا الوطن العربي، إلا أنه لوحظ عليه في أخريات حياته نوع من التردد في اتجاهاته الفكرية وتذبذب في مواقفه السياسية، ويعزوا بعض الباحثين ذلك إلى الضغوط الصهيونية التي كانت تمارس عليه
6- بتعميم الملاحظة، لا توجد حدود فاصلة ولا خطوط متباينة بين الاستشراق اليهودي والاستشراق الأوروبي، مما يدل على أن الاستشراق منظومة فكرية محددة المعالم تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق هدف واحد معين،
2)- مصطفى السباعي الاستشراق والمستشرقين 1405
المراجع