محتويات
معلومات عن تاريخ العراق
المقدمة
كان العراق محط أنظار الدول الأوربية منذ مطلع العصور الحديثة ، ولكن هذا التطلع بدأ يتخذ مظهراً آخر منذ أن أزداد التوسع الألماني في أملاك الدولة العثمانية ، منذ 1890م ، حيث بدأت حركة الاندفاع نحو الشرق تظهر في أفق السياسة الألمانية بوضوح تام . وبخاصة أنه أسست في هذا العام ” عصبة عموم الألمان ” ، تلك العصبة التي عرفت بنزعتها التوسعية العارمة ولذا فأن بريطانيا بدأت تتخوف من هذه السياسة الألمانية التوسعية ، فوقفت في وجه هذا التوسع ، حتى تظل تحتفظ برجحان كفتها فيما وراء البحار ، وكان ذلك بداية التنافس بين الكتلتين .
وكان من نتائج الموقف البريطاني المتشدد في وجه النفوذ الألماني ، أن فشل الالمان في إقامة نفوذ لهم في المنطقة ، وبلغ التنافس البريطاني – الألماني في العراق أشده في الفترة من 1903-1914م ، حيث وقفت بريطانيا في وجه المشروعات الألمانية ، في داخل أملاك الدولة العثمانية ، وبخاصة مشروع سكة حديد برلين – بغداد – البصرة وقد نجحت بريطانيا في مسعاها هذا .
غير أن الاضطرابات التي كانت تواجهها الدولة العثمانية بسبب الصراع الدائر بين المحافظين وتيار التجديد ومن بعد ذلك تيار التغريب، حال دون إكمال مشاريع الإصلاح في العراق. كما أستقل العديد من الولاة المماليك المعينين من قبل السلطان العثماني بمناطق من العراق في فترات مختلفة، وأستمر الحال على نفس المنوال حتى سقط العراق بأيدي الاحتلال البريطاني سنة 1918.
العراق والحرب العالمية الأولى
ظلت جهود بريطانيا مستمرة من أجل إبعاد النفوذ الألماني عن العراق ، وتغلب نفوذها ، حتى نشبت الحرب العالمية الأولى في 28 يوليه 1914م ، فوجدت بريطانيا فيها ضالتها ، فقد أعلنت بريطانيا الحرب على الدولة العثمانية في 5نوفمبر 1914م ، بعد أن أعلنت الدولة العثمانية انضمامها إلى جانب ألمانيا في 29أكتوبر 1914م .
وسعت بريطانيا فوراً إلى اتخاذ الخطوات الفعلية في السيطرة على العراق ، فسارعت إلى احتلال الفاو في 6 نوفمبر 1914 م ، كما احتلت البصرة عند اندلاع الحرب العالمية الأولى في نوفمبر سنة 1914، ومدينة العمارة في يونيو1915، ومدينة الناصرية في يوليو1915، وهُزم الجيش البريطاني بالقرب من بغداد سنة 1916.
عاود البريطانيون الهجوم على بغداد في أوائل سنة 1917 ودخلوها في 11 مارس 1917، وسقطت الموصل بالشمال العراقي بأيدي الإنجليز في نوفمبر1918 وأعلنت سلخ العراق عن أملاك الدولة العثمانية ، وإخضاعه للاحتلال البريطاني ، وكانت اتفاقية سايكس –بيكو قد أعطت الجزء الشمالي من العراق للنفوذ الفرنسي ، وأدخل تعديل على هذا التقسيم على أساس أن تنفرد فرنسا بسوريا ولبنان ، وتنفرد بريطانيا بالعراق ، وفى مؤتمر سان ريمو تقرر وضع العراق تحت الوصاية البريطانية ، فأثار ذلك المشاعر الوطنية لدى أبناء العراق الذين أعلنوا ثورتهم العارمة ضد الاحتلال فى نفس العام 1920م ، والتي عرفت بثورة 1920م .
ثورة العراق 1920 م
ما كادت الحرب العالمية الأولى تنتهى 1918م ، حتى بدأت نفوس أبناء العراق تتأجج بالثورة نتيجة للتناقضات التي أوجدها الاستعمار البريطاني بين المواطنين من ناحية وإتباع الجنود البريطانيين أساليب طعنت كرامة المواطن العراقي من ناحية أخرى ، مما أثار الروح الوطنية وجعلها تسعى للتخلص من الاحتلال الغاشم ، فقامت الجمعيات الوطنية التي شاركت فيها جميع فئات الشعب العراقي ، من شيوخ العشائر ورجال الدين ، والفلاحون وغيرهم .
في يوليو1920 اندلعت ثورة العشرين في العراق على الوجود البريطاني مما دفع بريطانيا إلى تشكيل حكومة ملكية مؤقتة تحت إدارة مجلس من الوزراء العراقيين ويشرف عليه الحاكم الأعلى البريطاني. وفي عام 1921 انتخب فيصل الأول الهاشمي في استفتاء عام ملكاً على العراق.
معاهدة سنة 1922م
بعد مفاوضات معقدة بين الوفد المفاوض العراقي والوفد المفاوض البريطاني وقعت معاهدة التحالف العراقية البريطانية في 10 أكتوبر 1922م .
و حين نشرها في لندن في نفس اليوم وزير المستعمرات البريطاني المستر تشرشل قام بشرح مفصل للصعوبات التي صاحبت التوصل إلى هذه المعاهدة التي استبدلت بصك الانتداب ، وقد نصت مواد من المعاهدة على عقد اتفاقيات عسكرية ومالية وقضائية ، واتفاقية لضبط وتنظيم استخدام الموظفين البريطانيين في العراق إلا أن المعارضة الشعبية لبنود هذه المعاهدة أجبرت الحكومتين العراقية والبريطانية على عقد بروتوكول خفض مدة المعاهدة من عشرين سنة إلى أربع سنوات والاتفاق على الشروع بعقد الاتفاقية العسكرية بين البلدين.
الاتفاقية العسكرية
استناداً إلى معاهدة 1922 تقدم المندوب السامي البريطاني في سنة 1924م بمسودة مشروع الاتفاقية العسكرية بين العراق وبريطانيا وتضمنت(11) مادة واستمرت المفاوضات بشأنها إلى جانب المفاوضات بشان الاتفاقيات القضائية والمالية والموظفين البريطانيين حيث تم التوقيع على جمع تلك الاتفاقيات و اتسمت بسيطرة وإشراف بريطانيين على الشؤون المالية والعسكرية والقضائية العراقية لأربع سنوات المقبلة وقد وقع الاتفاقيات رئيس الوزراء (العميد) جعفر العسكري ووزير الدفاع وكيل القائد العام العقيد نوري السعيد في حين وقعها عن الجانب البريطاني المندوب السامي البريطاني و الكولونيل (كرتل جوبس) المستشار في وزارة الدفاع .
تعديل الاتفاقيات
وبعد أن دخلت المعاهدة والاتفاقيات الملحقة بها حيز التنفيذ في 1924م شرع العراق بطرح المشاكل الناجمة عن تطبيق وتنفيذ المعاهدة والاتفاقيات الملحقة بها على الجانب البريطاني بكل تفصيل وصراحة وجرت عدة لقاءات وتبادل عدد من الرسائل بين الحكومتين العراقية والبريطانية عبرت جميعها عن رغبة العراق بشان تعديل تلك الاتفاقيات وقاد هذا التوجه رئيس الوزراء العراقي آن ذاك السيد (عبد المحسن السعدون) الذي اضطر إلى تقديم استقالته إلى الملك فيصل في 9/1/1926م من اجل الضغط باتجاه تعديل اتفاقيات معاهدة 1922م .
وقد توصل الساسة العراقيون إلى رأي مفاده أنه لا يمكن أن تتأسس الحكومة العراقية وتنهض على أسس متينة ما لم تأخذ بعين الاعتبار نمو جيشها الوطني وتقويته، …) لذلك قرر مجلس الوزراء العراقي في 1926 النظر في تعديل الاتفاقيتين العسكرية والمالية وكلف وزير المالية ياسين الهاشمي ووزير الدفاع نوري السعيد بالشروع في مفاوضات تعديل الاتفاقيتين المذكورتين.
اتفاقية عام 1927
بدأ الجانبان العراقي والبريطاني مفاوضات تعديل معاهدة 1922م في (بغداد ) 1927ثم انتقلت المفاوضات إلى (لندن) لتفتتح بشكل رسمي في بإشراف (الملك فيصل) وإدارة جعفر العسكري وبعد مفاوضات عسيرة مع البريطانيين تولدت قناعة لدى جعفر العسكري بان البريطانيين ليسوا جادين في تنمية وتطوير الجيش العراقي وان مشروع المعاهدة الجديدة هو دون المعاهدة السابقة ، ولإظهار عدم رضاه عن سير المفاوضات غادر لندن عن طريق البحر إلى مصر لإعطاء (الملك فيصل) قدراً من القدرة على الضغط والتحرك لحسم الموضوع.
لذلك أدت المشاورات التي أجراها الملك فيصل مع (تشرشل) وآخرين دوراً في تسهيل الوصول إلى اتفاق على مسودة المعاهدة الجديدة التي وقعها (جعفر العسكري) اثر عودته إلى( لندن) بطلب من الملك فيصل والتي قبلها مجلس الوزراء العراقي على اعتبار أنها تحتوي على اعتراف الحكومة البريطانية الصريح باستقلال العراق وبسيادته وبخلوها من القيود الكثيرة والعراقيل الموجودة في الاتفاقيتين السابقتين (العسكرية والمالية) وباحتوائها على تعهد صريح بمعاهدة الحكومة البريطانية لدخول العراق في عصبة الأمم سنة 1932 .
استمرت الجهود العراقية في السعي من أجل تحقيق الوعد بترشيحه لعضوية عصبة الأمم ، ولذا فإن السير كلبرت كليتون المندوب السامي في العراق ، طلب من حكومته ، أن تقرر نهائياً ترشيح العراق إلى عصبة الأمم 1932م ،
فجاءت موافقة حكومته على اقتراحه هذا ، وتقدمت الحكومة البريطانية بطلب إلى لجنة الانتدابات لإنهاء حالة الانتداب البريطاني على العراق ، فوافقت لجنة الانتداب على هذا الطلب ، وتقرر قبول العراق رسمياً عضواً في عصبة الأمم في أكتوبر 1932م، وقامت وزارة الخارجية البريطانية ، بإرسال كتاب رسمي إلى وزارة الخارجية العراقية ، بأنها ستوفد من قبلها سفيراً لتمثيلها في العراق ، وتحويل دار الاعتماد البريطانية إلى بغداد إلى سفارة ، وهكذا تحقق للعراق استقلاله ، ليبدأ فترة جديدة من تاريخه في ظل النظام الملكي ، والمعاهدة العراقية- البريطانية .
الوضع فى العراق قبيل الحرب العالمية الثانية :
بعد توقيع المعاهدة ، بدأ العراق يمر بمرحلة جديدة من تاريخه وكانت أول مشكلة تواجه العراق ، بعد توقيع المعاهدة مشكلة الأشوريين في الموصل ، وثورتهم ضد الحكومة الوطنية ، ولكن بكر صدقي الذى كلف بالقضاء على الثورة ، نجح في مهمته وتمكن من اخماد هذه الثورة .
وفى 8 سبتمبر توفي الملك فيصل سنة 1933 وخلفه ابنه الملك غازي الذي ألغى الأحزاب وحكم البلاد بقوة السلاح، وفي عهده ثارت القبائل الكردية مما عزز من مكانة الجيش. واستمر الملك غازي في الحكم حتى توفي في حادث سيارة سنة 1939.
العراق والحرب العالمية الثانية من 1939 إلى 1945م
تولى ابن الملك غازي، فيصل الثاني البالغ من العمر ثلاث سنوات الحكم تحت الوصاية، وكان نوري السعيد هو الذي يدير الدولة بمباركة من الحكومة البريطانية، وفي نفس السنة أعلن العراق مقاطعته لألمانيا.
وفي 2 مايو 1941 قامت ثورة ضد الوجود البريطاني بقيادة رشيد عالي الكيلاني وحلفائه قادة الجيش العراقي العقداء الأربعة بقياده صلاح الدين الصباغ وتم تشكيل حكومة جديدة بعد هروب نوري السعيد خارج العراق، ولم تستطع الثورة الاستمرار في المقاومة فاستسلمت بعد شهر من الحرب، وتم التوقيع على هدنة مكنت بريطانيا من استعادة السيطرة على العراق وتمكنت
من اعدام الضباط الثائرين واعتبر اعدامهم الشرارة التي اطلقت تنظيم الضباط الاحرار الذي قاد الثورة في 1958، وتم تشكيل حكومة موالية لبريطانيا برئاسة جميل المدفعي الذي استقال وخلفه نوري السعيد، وفي يناير1943 أعلن العراق الحرب على دول المحور.
الثورات الداخلية فى العراق من 1945 إلى 1958م :
قادت القبائل الكردية ثورة في ما بين سنتي 1945و1946 قيل إنها تلقت دعمها من روسيا، وأرسلت بريطانيا قوات إلى العراق لضمان أمن البترول، وبعد انتهاء ثورة الأكراد سنة 1947 بدأ نوري السعيد التفاوض مع ملك الأردن لإنشاء اتحاد بين العراق والأردن، وتم في السنة نفسها التوقيع على معاهدة إخاء بين البلدين، ونصت المعاهدة على التعاون العسكري مما قاد سنة 1948
إلى اشتراك الجيش العراقي في الحرب مع الجيش الأردني ضد إسرائيل (بعد إعلان قيام إسرائيل). رفض العراق الهدنة التي وقعها العرب مع إسرائيل في 11 مايو 1949 وشهد العراق في الفترة ما بين 49 و1958 الكثير من الأحداث الداخلية والخارجية المهمة مثل انتفاضة عمال شركة نفط العراق سنة 1948، وانتفاضة يناير التي قضت على معاهدة بورتسوث البريطانية العراقية، وانتفاضة أكتوبر1952 التي طالب فيها المنتفضون بإجراء انتخابات مباشرة والحد من صلاحيات الملك، وفي سنة 1955 وقع العراق مع تركيا على اتفاقية بغداد الأمنية والتي انضمت إليها بريطانيا وباكستان وإيران، كما وقع العراق والأردن على اتحاد فدرالي في 12 فبراير/ 1958.
سقوط الملكية وقيام الجمهورية من 1958 إلى 1966م :
قاد الجيش العراقي بقيادة عبد الكريم قاسم انقلابا ضد الملك في 14 يوليو 1958، وقتل الملك فيصل الثاني وخاله عبد الأله ورئيس الوزراء نوري السعيد، وأعلنت الجمهورية برئاسة محمد نجيب الربيعي، واحتفظ عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء بصلاحيات واسعة في إدارة البلاد. كما أنسحب العراق من حلف بغداد والاتحاد مع الأردن سنة 1959، وقاد حزب البعث انقلابا على عبد الكريم قاسم في 8 فبراير1963، وأصبح عبد السلام عارف الذي لم يكن بعثياً رئيساً للعراق، وتولى عبد الرحمن عارف -أخو الرئيس السابق- الرئاسة بعد موت عبد السلام عارف سنة 1966.
انقلاب حزب البعث من 1968 إلى 1979م :
قاد حزب البعث بالتنسيق مع بعض العناصر غير البعثية انقلابا ناجحا في 17 يوليو 1968، وتولى الرئاسة أحمد حسن البكر، واتجه العراق نحو روسيا. وأستطاع البكر أن يوقع اتفاقية الحكم الذاتي للأكراد فأصبح للأكراد ممثلون في البرلمان ومجموعة من الوزراء. وأغلقت الحدود مع الأردن سنة 1971، وأمم العراق شركات النفط سنة 1972.
وفي مارس1974 عادت الاضطرابات مع الأكراد في الشمال حيث قيل إنهم كانوا يتلقون دعما عسكريا من إيران. وإثر تقديم العراق بعض التنازلات المتعلقة بالخلاف الحدودي مع إيران والتوقيع على اتفاقية الجزائر سنة 1975، توقفت إيران عن دعم ثورة الأكراد، وتمكن العراق من إخماد الثورة. كما حاول الرئيس أحمد حسن البكر إنشاء وحدة مع سوريا. وفي سنة 1979 تولى صدام حسين رئاسة العراق بعد تنازل أحمد حسن البكر عن السلطة. وبعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979 أعلن العراق الاعتراف بها.
1)معلومات عن تاريخ العراق-17/1/2021
المراجع