مقالات

 أثر المعرفة بالله والآخرة على حل مشاكل المجتمع

كتابة : حسن عبدالمنعم البشبيشي 

 أثر المعرفة بالله والآخرة على حل مشاكل المجتمع

 إذا أردنا أن نحل مشاكل المجتمع فالحل هو تحقيق المعرفة بالغيبيات عند الناس، فهم عندئذ ينظرون إلى حقيقة المال والدنيا والشهوات وحقيقة مشاكل الدنيا بالمقارنة بمشكلة الآخرة، وعندئذ لن تكون هناك سرقات ومشاكل… إلخ، بل إن مفهوم المشكلة سوف يتغير فلن تكون مشاكل الحياة هي المشاكل التي يعاني منها الناس وإنما سوف تكون مشكلة الناس الوحيدة هي النجاة من النار ودخول الجنة، ولن تمثل مشاكل الحياة شيء؛ لأنها في نظرهم عابرة وهم عابري سبيل، فالمشكلة الحقيقية ليست اقتصادية ولا اجتماعية ولا سياسية ولا غير ذلك وإنما المشكلة هي في عقول وقلوب الناس وهي أن يعيش الإنسان لله بهمومه ومشاعره وأهدافه، أما مشاكل الدنيا فهينة وزائلة بزوال الدنيا، وما الدنيا إلا أيام قليلة نعيشها كيفما اتفق، فلن تزول مشاكل المجتمع إلا إذا تغيرت العقول والقلوب:

1)إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ فحب الدنيا وتعلق المشاعر والهموم بها إذا خرج من العقول والقلوب فسوف يختفي التنافس على الدنيا وبالتالي تختفي المشاكل؛ لأن كل المشاكل تأتي من التنافس على الدنيا، كما يكون عند الناس عندئذ الرضا والقناعة؛ لأنهم علموا أن أقل شيء عندهم هو نعمة عظيمة من الله عليهم فيحمدوا الله تعالى، كما أن مفهوم السعادة سوف يتغير فلا تكون السعادة عندهم في المال والدنيا وإنما تكون السعادة عندهم في رضا الله ودخول الجنة، أما إذا لم تكن الآخرة لها وجود حقيقي في هم الإنسان ومشاعره فإنه لن يسامح أحدًا؛ لأنه لا يشعر بأن هناك جزاءً على ما يفعل، وسيعيش حياته يحصل أكبر ما يستطيع من المتع والمال ولو من غيره من الناس، ويكون حريصًا على عمره؛ لأن ما في حقيقة مشاعره أنه إذا مات فلن يجد شيئًا وأن الحياة هنا فقط ولا حياة أخرى فيجتهد أن يحصل كل ما يستطيع قبل أن ينتهي كل شيء فتكون السرقات وكل أنواع الظلم ويعيش الناس كالوحوش في الغابة؛ القوي يأكل الضعيف، والناس عندئذ هم في الحقيقة يتعبون أنفسهم بأنفسهم، وهم في الحقيقة يسرقون أموال بعضهم بعضًا ويرتشي بعضهم من بعض ويصنعون المتاعب لأنفسهم ويستمدون السعادة من أمور يخترعونها ويصنعون تعقيدات للحياة بدون داعٍ وهكذا، ويتكون مجتمع من المنافقين يتحدثون فيما بينهم بمعسول الكلام وقلوبهم حاقدة بعضهم على بعض، والقضية أنه لن ينصلح حال المجتمع إلا إذا انصلحت ضمائر الناس فيكون الوازع الداخلي الذي يجعلهم يتركون الشر والفساد هو من خشية الله، فإذا لم يتحقق ذلك فمهما صنعت من القوانين فلن يجدي، ومهما وضعت من الأجهزة الرقابية فستأخذ الرشاوى وستحتاج إلى أجهزة أخرى تراقب عليها وهي بدورها ستحتاج إلى من يراقبها وهكذا، فلابد أن يكون الأصل أن الناس تترك الشر والفساد خوفًا من الله وليس خوفًا من القانون وهذا هو الذي ينفعهم في الدنيا والآخرة.

ـ والإنسان إذا كان مغرورًا بالدنيا فهو لا يريد أن يفرط فيها؛ لأنها كبيرة عنده فيريد أن يأخذ ما عند الناس ويظلمهم ويأخذ حقوقهم ويكره الخير لهم، أما عندما يعقل الإنسان حقيقة الدنيا وضآلتها فإنه لا يبالي بها فيعطي مما عنده من الدنيا والمال للفقراء؛ لأنهم مثله ضعفاء فقراء أمام الله وما يعطيهم من مال ليس ماله وإنما يعطيهم من مال الله.

ـ فلابد أن يتغير مفهوم المشكلة، فالسعادة ليست في حل المشاكل الدنيوية ولكن السعادة هي في الجنة، ولو أن جميع مشاكل المجتمع الدنيوية تم حلها فلن يصل الناس إلى تحقيق السعادة؛ لأن الدنيا ليست مؤهلة لتكون دارًا للسعادة، فالله حكم أنها دار شقاء وتعب وليست دار سعادة:

2)لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ

ولكن هناك من لا يزال يتسابق في جمع الدنيا من الأموال والأولاد والمناصب والشهوات، فهو كمن يخبط رأسه في الحائط؛ لأنه لن يجني شيء، كما أنه كلما تم حل مشاكل تستجد مشاكل أخرى، وكلما حقق الإنسان طموحًا يستجد طموحًا آخر ويموت الإنسان وعنده طول أمل ولم يحقق السعادة!!

 

ـ فعدم الشعور بالغيبيات عند أفراد المجتمع أو أكثرهم يؤدي إلى توجه المجتمع تجاه الدنيا والمادة والشهوات،

 

وتصبح القضايا العامة التي تهم الناس هي كيف يعيشوا حياتهم الدنيوية ويتمتعوا بها من التنافس على المال والنظر إلى عورات النساء والمظاهر والتلهي بهموم الحياة والطعام والشراب… إلخ، وتصبح المشاكل والهموم التي تشغل الناس كلها أمور دنيوية وكأن الآخرة ليست مشكلة ولا يحمل أحد لها همًا، وكأن الموت ليس بمشكلة، وكأنه ليس أحدًا مهيبًا في السماء يهيمن على كل شيء، وكأن الغيبيات لا تمثل أي مشكلة، وعندئذ يكون رأي الإنسان ومزاجه وهواه وما يشتهيه هو المقياس الذي تقوم عليه الحياة.

المراجع[+]

شارك المقالة:
السابق
تعرف على الرئيس الامريكيي رونالد ريغان
التالي
مفهوم العبادة