معلومات تاريخيه

الحركة القومية العربية قبل الحرب العالمية الأولى

الحركة القومية العربية قبل الحرب العالمية الأولى

الحركة القومية العربية قبل الحرب العالمية الأولى

  

تمهيد : معنى القومية  – أسس القومية العربية .

عوامل اليقظة العربية.

سياسة السلطان عبد الحميد.

انتشار التعليم الغربي.  

انتشار الصحف .

ظهور المفكرين والمصلحين العرب.

مظاهر الحركة القومية العربية.

الجمعيات السرية والعلنية .

المؤتمر العربي الأول (1913).

التمهيد

* معنى القومية:

  • المعنى اللغوي: مشتقة من (قوم) بمعنى جماعة من الناس.
  • المعنى الاصطلاحي: جماعة من الناس تجمعها أسس وصفات مشتركة.

* أسس القومية العربية:

  • أسس القوميات بشكل عام:
  • الأسس العامة (وطن – لغة – تاريخ مشترك).
  • الأسس الخاصة (ثقافة – جنس – دين).
  • الأسس العامة للقومية العربية (الوطن العربي- اللغة العربية- التاريخ المشترك)
  • الأسس الخاصة للقومية العربية (الثقافة العربية- الجنس السامي- الدين الإسلامي).

عوامل اليقظة العربية

1- سياسة السلطان عبد الحميد:

  • إلغاء الدستور وحل البرلمان.
  • التنكيل بالأحرار والاعتماد على العناصر الرجعية في الحكم.
  • تحالف العرب والأتراك الأحرار ضده.

2- انتشار التعليم الغربي:

  • مدارس الإرساليات التنصيرية كانت أداة لتحقيق أطماع التغلغل الأجنبي السياسية وأذداد التنافس الدولى فى المنطقة .
  • البعثات والمفكرين العرب المتأثرين بالغرب ، كما ظهرت نهضة أدبية عربية .

تابع – عوامل اليقظة العربية

3- انتشار الصحف:

  • ظهرت صحف ضد الدولة العثمانية في النصف الثانى من القرن التاسع عشر في البلدان العربية فقامت حركة اليقظة العربية ، ومن الصحف : الأحوال، الأخبار، الجوائب، الرائد، سوريا، الأهرام ، المقطم.

4- ظهور المفكرين والمصلحين العرب :

  • عبد الرحمن الكواكبي.
  • الشيخ محمد عبده.
  • مفكرون ورواد آخرون.

مظاهر اليقظة العربية

1- الجمعيات السرية والعلنية:

أ- الطور الأول: التقارب العربي التركي (1908- 1911).

  • جمعية الإخاء العربي العثماني (1908).

ب- الطور الثاني: العداء العربي التركي (1911- 1914)

  • المنتدى الأدبي (1909).
  • الجمعية القحطانية (1909).
  • حزب اللامركزية (1912).
  • جمعية العربية الفتاة (1911).
  • جمعية بيروت الإصلاحية (1913).
  • جمعية العهد (1914).

 

2- المؤتمر العربي الأول (1913):

  • أسباب انعقاده.
  • جدول اعماله.
  • قراراته.
  • موقف الحكومة التركية من المؤتمر.

 

أولاً الجمعيات السرية والعلنية :

أ – ( التقارب العربي التركي ) وتمثل فى :

  • جمعية الإخاء العربي العثماني 1908م :

             أول جمعية عربية علنية تأسست بعد إعلان الدستور ، كانت مفتوحة لأبناء العرب العثمانيين على اختلاف مللهم ونحلهم ، تمثلت أهدافها في التعاون مع جمعية الاتحاد والترقي في الحفاظ على أحكام

 

الدستور وجمع كلمة جميع الملل دونما نظر إلى الفروق الدينية والجنسية والسعي لبث العدل والحرية والمساواة بين جميع العناصر .

أما أهدافها القومية فتمثلت بالنهوض بالعرب والمحافظة على حقوقهم، والاهتمام بنشر العلوم والمعارف وتأسيس المدارس ، ورفع المستوى الاقتصادي بين السكان ومساعدة أبناء العرب على التعاون مع العثمانيين لتأسيس الشركات التجارية والصناعية والزراعية.

 

ب- ( العداء العربي التركي ) وتمثل في:

  • المنتدى الأدبي 1909:

        أُسس في الأستانة على يد نخبة من الموظفين والنواب والطلاب والعلماء والكتاب في القسطنطينية ، تمثلت أهدافه في جمع الشباب العرب في الأستانة وانتزاع حقوق العرب من الأتراك ، بث المبادئ السامية بين الشباب العربي في الأستانة وخارجها ، نشر الدعوة للقضية القومية . أقبل الشباب العربي بقوة للانضمام إلى المنتدى واستقر رأيهم على القيام بدعاية واسعة النطاق تبث

 

في جميع الأقطار العربية تقوم على الأسس التالية :

الأمة العربية أمة واحدة فقدت مجدها واستقلالها لتسلط الأجانب عليها ، البلاد العربية بلاد غنية يطمح بها الأقوياء ويعملون على استعمارها ، ولا سبيل لتعديل هذه الحالة إلا بتقوية العنصر العربي في الدولة العثمانية وجعله قادراً على الدفاع عن حياته .

هَدف المنتدى من كل أنشطته إلى ايقاظ الحس القومي لدى الأمة العربية التي كانت تعيش في سبات عميق من جراء الاستعباد التركي .

 

  • حزب اللامركزية الإدارية العثماني 1912 :

تأسس في القاهرة بهدف الحفاظ على الإمبراطورية العثمانية من الأخطار الخارجية المحدقة بها ومن المنازعات الداخلية وخلق الشعور بالولاء لوحدة الإمبراطورية العثمانية والإخلاص للرمز الذي يوحد بينهم ألا وهو العرش العثماني ، بيان حسنات الإدارية اللامركزية في السلطنة العثمانية والمطالبة بكل الوسائل المشروعة بحكومة تؤسس على قواعد اللامركزية . فنشاطهم كان قومياً عربياً يرمي إلى يقظة الأمة العربية وتمكين العرب من حقوقهم في الدولة باتباع النظام اللامركزي فيها الأمر الذي يؤدي إلى شد أزر الدولة العثمانية وقوتها .

 

  • الجمعية القحطانية 1909 :

تأسست في اسطنبول إذ ألفها عسكريون في الجيش العثماني تمثلت أهدافها في إيقاظ العرب من سباتهم وتذكيرهم بماضيهم المجيد وبكيانهم القومي الحاضر والعمل على رفع مستواهم الثقافي والاجتماعي والاقتصادي ، وحثهم على التضامن ، والمطالبة بما لهم من حقوق مضاعفة في الدولة العثمانية .

 

  • الجمعية العربية الفتاة 1909 :

                                      تأسست في باريس ووسعت نطاق عملها في العواصم العربية ، تمثل هدفها الأسمى في بلوغ الأمة العربية المكانة التي تستحقها بين الأمم وكان مبدأ الجمعية القومي الذي يقسم العضو اليمين عليه ” بذل كل جهد لإيصال الأمة العربية إلى مصاف الأمم الراقية الحرة المستقلة الكبرى ” .

 

وكان هدف الجمعية السياسي نيل الاستقلال العربي داخل إطار الإمبراطورية العثمانية ، ولكنها تحولت فيما بعد لتبني الخيار الثوري ومن أجل الانفصال عن تركيا خاصة بعد علمها بقرار الاتحاديين تشتيت شمل العرب .

 

  • الجمعية الإصلاحية البيروتية ، أو الجمعية العمومية الإصلاحية1912:

تأسست في بيروت وقدمت برنامجاً للإصلاح يتلخص فيما يلي :

  • الاعتراف باللغة العربية لغة رسمية في دوائر الولاية الحكومية.
  • أن تُعين العاصمة رؤساء الدوائر العارفين باللغة العربية .
  • وأن يكون بقية موظفي الدوائر من أبناء الولاية .

 

  • تأليف مجلس تمثيلي في الولاية له سلطات محلية واسعة منها اقرار ميزانية الولاية .
  • تعيين مستشارين أجانب في دوائر الولاية الحكومية توافق العاصمة على اختيارهم وتعيينهم و أن يقضي أبناء الولاية الخدمة العسكرية فيها أيام السلم .

 

  • جمعية العهد 1914 :

تأسست في الجيش العثماني ومن الأسباب التي استدعت إلى تأسيسها فشل مساعي الاصلاحيين العرب مع الاتحاديين بعد المؤتمر العربي الأول .

تمثلت أهدافها فيما يلى :-

  • السعي نحو الاستقلال الداخلي للبلاد العربية على أن تكون متحدة مع حكومة الأستانة اتحاد المجر مع النمسا .

 

  • بقاء الخلافة الإسلامية ، وديعة مقدسة بأيدي آل عثمان .
  • الدفاع عن الأستانة في وجه مطامع الدول الأجنبية .
  • أن يكون العرب القوة الاحتياطية الداعمة للأتراك من أجل الدفاع عن الشرق في وجه الغرب فضلاً عن تنمية المزايا المحمودة وبث الدعوة للتمسك بالأخلاق الفاضلة لأن الأمة لا تحتفظ بكيانها السياسي القومي ما لم تكن مميزة بالأخلاق الصالحة .

 

ثانياً : المؤتمر العربي الأول 1913م :

ما أن حلت الجمعية الإصلاحية في بيروت حتى فكر خمسة من الشباب العرب في باريس وهم : عبد الغني العريسي وعوني عبد الهادي وتوفيق الناطور وجميل مردم ومحمد المحمصاني بعقد مؤتمر عربي تدعي إليه المنظمات العربية العلنية منها والسرية لمناقشة أوضاع بلادهم فـي الدولة العثمانية بعيداً عن الإرهاب الذي نشره الاتحاديون فيها .

 

وحُددت أبحاث المؤتمر على النحو التالي :-

  • الحياة الوطنية و مناهضة الاحتلال.
  • حقوق العرب في المملكة العثمانية .

جـ- ضرورة الإصلاح على قاعدة اللامركزية .

د- المهاجرة من سوريا و إليها .

 

ولوحظ في تشكيل لجنة المؤتمر تمثيل المسلمين والمسيحيين بالتساوي. وتوضيحاً لدور المسيحيين العرب في هذا المؤتمر يتوجب الإشارة إلى أهم الأفكار التي اشتملت عليها كلماتهم التي ألقيت في سياق أعمال المؤتمر، حيث يمكن الإشارة إلى النقاط الجوهرية التالية:-

  • التأكيد على عدم الانفصال عن الدولة العثمانية.

 

  • التأكيد على أن العرب أمة متميزة لها حقوقها.
  • رفض ومقاومة كل تدخل أجنبي.
  • التأكيد على وحدة المسلمين والمسيحيين في إطار قومي أو وطني.
  • الإصلاح عن طريق اللامركزية .

 

وفي الجلسة الختامية للمؤتمر أُتخذت القرارات التالية ( أهمها):-

  • إن الإصلاحات الحقيقية واجبة وضرورية للمملكة العثمانية فيجب أن تنفذ بوجه السرعة .
  • من المهم أن يكون مضموناً للعرب التمتع بحقوقهم السياسية، وذلك بأن يشتركوا في الإدارة المركزية للمملكة اشتراكاً فعلياً .
  • أن تنشأ في كل ولاية عربية إدارة مركزية تنظر في حاجاتها وعاداتها .

 

  • أن تكون اللغة العربية لغة رسمية في الولايات العربية.
  • أن تكون الخدمة العسكرية في الولايات العربية.
  • إذا لم تنفذ القرارات التي صادق عليها المؤتمر فالأعضاء المنتمون إلى لجان الإصلاح العربية يمتنعون عن قبول أي منصب في الحكومة العثمانية.

 

يتضح لنا من خلال هذه القرارات ومن الرجوع إلى أسماء المؤتمرين أن المؤتمر كان قومياً عربياً يضم المسلم والمسيحي ، وأن قراراته في جملتها لا تتعدى المطالبة الاشتراك في الحكم المركزي وأن تكون اللغة العربية لغة رسمية ويتمتع العرب بحقوقهم القومية في دولة هم فيها أكثر من نصف السكان .

  1)الحركة القومية العربية -13/1/2021

 

العرب والحرب العالمية الأولى

(1) – مراسلات الحسين – مكماهون

 

  • دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى وموقف الحلفاء (وخصوصًا بريطانيا).
  • الاتصالات بين كتشنر والحسين.
  • الاتصالات بين الحسين والجمعيات العربية السرية بالشام، واختيارهم للحسين قائدًا للثورة العربية.
  • موضوعات الرسائل المتبادلة بين الحسين و مكماهون.
    العرب والحرب العالمية الأولى

عمل الحلفاء على تنفيذ مخططهم الذي يهدف إلى هزيمة الدولة العثمانية، بفتح جبهات متعددة ضدها تتوزع بسببها جهود العثمانيين، وترغمهم على الابتعاد عن حلفائهم، وذلك عن طريق :-

أ‌-          إشاعة الفوضى والاضطراب داخل الولايات العربية .

ب‌-        تحريض رؤسائها وأمرائها على الثورة ضد الدولة العثمانية لتحقيق غرضين عاجلين هما :-

أولاً :- فتح جبهة عربية داخل أملاك الدولة ذاتها  ، تستنفذ قسما كبيرا من جهود العثمانيين العسكرية والسياسية ، فلا يقدرون على الصمود فى جبهات القتال الأخرى.

ثانياً:- إلحاق الأذى بمركز العثمانيين داخل الجزيرة العربية نفسها ،

فلا تستطيع قواتهم الموجودة فى اليمن وعسير والحجاز القيام بتحركات من اجل مؤازرة عمليات العثمانيين العسكرية فى العراق والشام ، أو ضد قناة السويس، بل تبقى هذه القوات العثمانية فى الجزيرة العربية محجوزة فى أماكنها ، وبتحقيق هذين الغرضين العاجلين يتسنى للحلفاء هزيمة العثمانيين ، وتخليص  الولايات العربية من نفوذهم ، الأمر الذي سوف يجعل ممكنا تقسيم هذه الأقطار فيما بين الحلفاء.

ومن ثم كان التفكير فى تقسيم أملاك الدولة العثمانية من جهة ،  ثم فى تشجيع العرب على الثورة ضد العثمانيين من جهة أخرى ،

ضرورة اقتضتها ظروف الحرب الدائرة ذاتها على ان يقوم التقسيم على مبدأ التوازن بين الدولة المتقدمة به ، بحيث لا يطغى نصيب احدها على الأخرى ، هذا إلى جانب تشجيع العرب على الثورة ، وكانت هذه مسئولية بريطانيا ، حيث تولى المسئولون الانجليز مهمة تدبير، او تحريك الثورة العربية. ولذا فإنهم اخذوا يمنون امير مكة الشريف حسين بمستقبل باهر ، فلوحوا له بالخلافة، مما جعله يعتقد ان ذلك سوف يساعده على تكوين دولة عربية إسلامية واسعة، “تضم تحت سلطانه الأقطار العربية فى الهلال الخصيب، وفى الجزيرة العربية ، باعتباره خليفة للمسلمين ، وملك العرب،

وذلك بمعاونة الانجليز ، ان التزام الانجليز تجاه تشمل إنشاء هذه المملكة العربية الكبيرة”.

ولكن مما ساعدهم الى الوصول الى هدفهم فى إثارة الشريف حسين ، أن علاقة الشريف حسين بالاتحاديين كانت سيئة نتيجة للسياسة التي اتبعها الاتحاديون  ، والتي تهدف الى التدخل فى شئون الولايات العربية ، وعن طريق هذا الاسلوب اخذ اتباع الاتحاديين يتدخلون لتقييد سلطة الشريف ، فحاول الشريف ان يوقف هذا التدخل بالضرب على يد عمال الاتحاديين وانصارهم، ولانه ادرك انه لايستطيع ان يقف بمفرده فى وجه الدولة

 

 

 

  

العثمانية ، ولذا بدأت الصلات بين الشريف حسين وبين بريطانيا منذ 1912م ، للوقوف على نوايا بريطانيا نحوه ، ومدى استعدادها لتأييد مركزه ، اذا هو اضطر الى مقاومة الاتحاديين فى الآستانة ، وذلك حينما حدثت اول مقابلة بين عبدالله الابن الثانى للشريف حسين- الذى كان يؤمن بفوائد التفاهم الانجليزى- العربى ،   ومتحمسا له- وبين لورد كتشز المعتمد البريطاني ، حين سفره الى الاستانه بطريق البحر الاحمر والسويس ، حيث شكره كتشز باسم حكومته على حسن معاملة الحجاج الهنود فى عهد والده ، ثم سأله عن شكل الإدارة فى الحجاز، والعلاقة بين حاكم الحجاز العثمانى والشريف ، فأعطاه عبدالله فكرة عامة عن مخاوف

الشريف حسين ، واسباب قلقه ، وانزعاجه من سياسة الاتحاديين، وحينما التقى عبدالله وكتشز للمرة الثانية ، كانت مخاوف الشريف حسين قد ازدادت من سياسة الاتحاديين .

وبينما كان الشريف حسين، يتلمس الظروف والاحتمالات من حوله، وصله فوزى البكرى فى الاسبوع الاخير من يناير 1915م ، رسولا من جمعية ” العربية الفتاة” التي اصبح مقرها فى دمشق ، وكان يحمل للشريف حسين رسالة شفهية فحواها ، ان الزعماء الوطنيين فى الشام والعراق ، يميلون الى الثورة للحصول على استقلال العرب ، وكان احمد جمال باشا الذى وصل الى دمشق منذ ديسمبر 1914م ، كقائد للحملة التى كان هدفها تحرير مصر

” ومنح من السلطات بحكم القانون العسكري ، ما اصبح بمقتضاها رئيسا للحكومة فى بلاد الشام، وقائدا عاما للجيش ” وكان يريد ان يستفيد من الدعوة الى الجهاد اقصى ما يستطيع من فوائد ” لذا بذل هو وانور باشا اقصى ما يستطيعان من جهد لاكتساب تأييد الشريف حسين، ولكن الشريف حسين ، كان قد ارسل ابنه فيصلا في مهمة لاستانبول ، وكان السبب الحقيقي من وراء سفر فيصل، هو الاتصال بالزعماء العرب فى دمشق، ونزل عند آل البكري، وتمكن اثناء اقامته فى دمشق من الاطلاع على اسرار الحركة العربية القومية، وعقد اجتماعات سياسية مع الاعضاء البارزين فى جمعية العربية الفتاة،

حيث كانوا مترددين فى البداية عن مصارحته بما يدور فى نفوسهم، لأنه كان معروفا عنه الميل للتعاون مع العثمانيين، ولكن عندما افصح عما بداخله بأن تفضيله للعثمانيين ناجم عن مخاوفه من اوروبا ، تغير الموقف ، وبدأوا يشرحون له الأسباب التي دفعتهم الى الاتجاه نحو الثورة، وكشفت الجمعية اسرارها لفيصل الذى اصبح عضوا فيها ، بعد ان حلف اليمين ، ثم اجتمع ببعض اعضاء جمعية العهد، وكانت الجمعيتان ترغبان فى الانفصال عن الدولة العثمانية ، ” ولكن هذه الرغبة كان يكبحها الخوف من المطامع الفرنسية والبريطانية والروسية”

       وكانت هذه المخاوف من الاطماع الاوربية صادقة ، لها ما يسوغها ، مما دفع الزعماء العرب الوطنيين الى الحذر الشديد، وحينما وصل فيصل الى دمشق ، كان هم الزعماء العرب ، ان يغتنموا المناسبات والفرص التى تتيحها لهم الحرب ، لينالوا ضمانات قوية تؤمن استقلال العرب فى المستقبل ، كان هذا مدار تفكيرهم ، ولم يكونوا يعرفون شيئا عن المراسلات بين كتشز  والشريف حسين ، ولذا فان فيصل انضم إلى الجمعيتين بحماسة المؤمن المخلص ، وفى أثناء عودة من القسطنطينية سلمه الزعماء العرب ميثاقا مشتركا ، وطلبوا من فيصل أن يحمله إلى أبيه ، ليكون موضع

المحادثة مع  الحكومة البريطانية ، وليكون اساس العمل المشترك ، حيث حدد هذا  الميثاق ما يلى :-

  • اعتراف بريطانيا العظمى باستقلال البلاد العربية داخل نطاق جغرافي محدد.

 ب‌-       إلغاء جميع الامتيازات الاستثنائية التى منحت للأجانب بمقتضى الامتيازات الأجنبية .

جـ- عقد معاهدة دفاعية بين بريطانيا العظمى والدول العربية المستقلة.

د- تقيم بريطانيا العظمى وتفضيلها على غيرها من الدول فى المشروعات الاقتصادية.

فى تلك الأثناء كانت الحكومة البريطانية ، وبخاصة سلطاتها فى القاهرة ، تبذل جهدها لتفادى ، مخاطر الدعوة الى الجهاد ،

وفى 14 يوليه 1915 م ، أرسل الشريف حسين مذكرة مع احد الموثوق فيهم  ، ويدعى الشيخ محمد عارف   ، وقد اشتملت المذكرة على الشروط التى يشترطها العرب لاشتراكهم فى الثورة والحرب ضد الدولة العثمانية وحلفائها ، مع إضافة شرطين هما :-

 ان توافق انجلترا على إعلان خليفة عربى للمسلمين ، وان البنود الخاصة بالمساعدة المتبادلة تظل سارية مدة خمسة عشر عاما ، وقد تتمدد باتفاق الطرفين وقد جاء رد سير مكماهون على هذه

المذكرة مراوغا فلم يتضمن ردا صريحا بالقبول او الرفض ، ذاكراً له “أن مصالح العرب هى مصالح انجلترا ، ومصالح انجلترا هى مصالح العرب”

” اما ما يتعلق بالحدود فقد يكون بحثنا فى مثل هذه التفاصيل ، والوقت قصير والحرب قائمة – سابق لأوانه – وخاصة ان الدولة العثمانية لاتزال تحتل قسما كبيرا من الأراضي التى اشرتم اليها فى اقتراحكم

” اما المنح المطلوبة للأراضي المقدسة فابدي استعداده لإرسالها بعد معرفة كيفية ومكان تسلمها” ولذلك كانت هذه الرسالة مثار نفور الحسين منها، ومن هنا فان رسالته الثانية الى سير هنرى مكماهون حملت دهشته ” لما قوبل به اقتراحه الخاص بتحديد حدود المنطقة العربية المستقلة من ” غموض وبرود وتردد” ، وعنى بأن يوضح له ان تلك المقترحات ليست صادرة من شخصه وحده ” بل هى مقترحات شعب بأسره” يعتبرها شرطا أساسيا، حيث ان قضية الحدود تعتبر مسألة اساسية تهم جميع الشعب الذى ينطق الحسين باسمه ، وأوضح الحسين فى رده ان نتيجة المفاوضات مع مكماهون ” متوقفة على موافقتكم او رفضكم قضية الحدود المقترحة”  ، أصبحت الأمور واضحة أمام مكماهون غاية الوضوح ، فإما الموافقة الصريحة ، وإما الرفض الصريح ، ولذلك نجده فى رده ، يذكر ان الحكومة البريطانية فوضته بان يقدم باسمها  تعهدات معينه ، خلاصتها ان حكومة بلاده تقطع على نفسها عهدا ” بان تعترف باستقلال العرب فى المنطقة التى حددها الشريف باستثناء أجزاء معينة من اسيا الصغرى والشام ، وان تدعم هذا الاستقلال” وقد نص على تحفظات خاصة ببعض المقاطعات فى تلك المنطقة ، وهى المقاطعات التى كانت بريطانيا العظمى مرتبطة فيها بمعاهدات مع بعض الأمراء العرب.

وعليه يجب ان تستثنى من الحدود مع هذا التعديل ، وبدون تعرض للمعاهدات المعقودة بيننا وبين بعض رؤساء العرب ، نحن نقبل تلك الحدود، اما الأراضي التي تستطيع انجلترا العمل فيها بملئ الحرية ، دون ان توقع ضررا بحليفتها فرنسا ، فان لى السلطة التامة باسم حكومة صاحب الجلالة ان اعطيكم الضمانات التالية جوابا على كتابكم :

1-         ان انجلترا مستعدة على اساس هذه التعديلات ان تعترف باستقلال العرب ، وتقديم المساعدة لهم فى الحدود التي اقترحها شريف مكة.

2-         تحمى بريطانيا الأراضي المقدسة من كل اعتداء خارجي وتعترف بوحدتها

3-         تقدم بريطانيا للعرب عند الحاجة كل المساعدة وتعاونهم فى تشكيل أفضل شكل من أشكال الحكومة فى مختلف البلاد العربية.

هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى فان العرب يوافقون على استشارة ومعونة وإدارة بريطانيا العظمى وحدها ، ويرضون بان يكون جميع الموظفين الذين يحتاجون اليهم لتنظيم دوائر مملكتهم من البعثة الانجليزية ، كما اشترط ان يكون لولايتى البصرة وبغداد نظام أدارى خاص للمحافظة على تلك الأنحاء. من الاعتداءات الخارجية ، فيما عدا هذه التعديلات ، فان بريطانيا العظمى مستعدة بان تعترف باستقلال العرب، وتؤيد ذلك الاستقلال فى جميع الأقاليم الداخلة ” فى الحدود التى يطلبها دولة شريف مكة”  .

ورد الحسين على رسالة مكماهون   برسالة في نوفمبر 1915م ، أوضح فيها موافقته على استثناء تلك الأجزاء من بلاد الشام الواقعة فى الجبهة الغربية

رد مكماهون على الشريف حسين :

أعرب عن ارتياحه لاستثناء مرسين من حدود البلاد العربية،   ولكنه ظل مصرا على تحفظه فى موضوع المناطق الساحلية الواقعة فى سورية الشمالية ، لوجود مصالح فرنسية فيها ، ولذا فان المسألة تحتاج الى نظر دقيق ، ثم حث الحسين على بذل أقصى الجهد لعدم تقديم العون للعدو الى ان يحين الوقت المناسب لإعلان الثورة ، وان بريطانيا لن تبرم صلحا على أسس لا تكفل ” حرية الشعوب العربية”، فرد الحسين ، ذاكرا ” ان ما يتعلق بقضية العراق ، وقضية التعويض الذى افترضناه لقاء احتلاله، فإنني رغبة في تقوية ثقة بريطانيا بنوايانا في القول ، والعمل، ادع أمر تقديم المبلغ الى حكمتها وعدالتها”.

 

 

 

خلاصة ما سبق

  • لماذا دخلت الدولة العثمانية الحرب ضد الحلفاء؟

– لاستعادة ولاياتها التي احتلتها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا (مصر- السودان- تونس- الجزائر- ليبيا- إمارات الخليج العربي).

  • سعي الحلفاء لفتح جبهات متعددة ضد الدولة العثمانية.
  • التفكير في تقسيم أملاك الدولة العثمانية بين الدول الأوربية.

الاتصالات بين كتشنر والحسين

  • علاقة الحسين بالاتحاديين وخوفه من العزل.
  • سعيه للتفاهم مع بريطانيا فاتصل بالمندوب السامي البريطاني في مصر (كتشنر) سنة 1912.
  • عبد الله بن الحسين يقابل كتشنر مرتين (فبراير وأكتوبر 1914) ويطلعه على سوء العلاقة بين والده والاتحاديين.
  • كتشنر يشكر الحسين على تسهيل الحج للمسلمين الهنود الخاضعين لبريطانيا.
  • قيام الحرب وتعيين كتشنر وزيرًا للحرب في بريطانيا.

الاتصالات بين الحسين والجمعيات القومية بالشام

  • جمال باشا يصل دمشق ويستعد لحملة مصر ويضطهد القوميين العرب بالشام (ديسمبر 1914).
  • فوزي البكري يقابل الحسين ويدعوه لقيادة ثورة عربية
  • فيصل بن الحسين يزور دمشق ويجتمع بأعضاء ”العربية الفتاة“.
  • بروتوكول دمشق ينص على اعتراف بريطانيا بدولة عربية كبرى تشمل الشام والعراق والجزيرة العربية وإلغاء الامتيازات والتحالف بين العرب وبريطانيا).

المراسلات بين الحسين ومكماهون (1)

  • الرسالة الأولى من الحسين (14 يوليو 1915) يطالب فيها مكماهون بأن تعترف بريطانيا بدولة عربية كبرى (بالحدود الموضحة طبقا لبروتوكول دمشق) مع إعلانه خليفة للمسلمين.

– الرد من مكماهون (مماطلة) ”إن مصالح العرب هي مصالح بريطانيا ومصالح بريطانيا هي مصالح العرب… والحرب قائمة الآن فليس هذا وقت بحث الحدود“.

المراسلات بين الحسين ومكماهون (2)

  • الرسالة الثانية من الحسين (يبدي دهشته من مماطلة مكماهون ويقول: إن هذه ليست مطالب خاصة له بل هي مطالب العرب كلهم وهي مطالب أساسية للتعاون مع بريطانيا في الحرب.
  • الرد من مكماهون (في 24 أكتوبر 1915) بالوافقة ونصه: تتعهد بريطانيا باستقلال العرب في المنطقة التي حددها الشريف، باستثناء مناطق معينة من الشام وآسيا الصغرى، مع التحفظ بشأن بعض الأمراء العرب في نجد والخليج، ووضع نظام إداري خاص لولايتي البصرة وبغداد“

المراسلات بين الحسين ومكماهون (3)

  • الرسالة الثالثة من الحسين (في 5 نوفمبر 1915) يوافق على استثناء بعض مناطق الشام، وبعض الأمراء العرب ، ويعترض على الأناضول وخصوصا الإسكندرونة.

    الرد من مكماهون (في 13 ديسمبر 1915) بالإصرار على ضرورة استثناء السواحل السورية لوجود مصالح لفرنسا فيها وحث الحسين على الدخول في الحرب واعدا بأن بريطانيا لن تبرم صلحا يكون على حساب حرية العرب.

المراسلات بين الحسين ومكماهون (4)

  • الرسالة الرابعة من الحسين (في أول يناير 1916) يعلن أن تساهل في مسألة الحدود حتى لا يحدث خلاف بين بريطانيا وحليفتها فرنسا أثناء الحرب، وأن التعويض اللازم عن ذلك سيتركه لتقدير بريطانيا وحكمته.

    الرد من مكماهون (في 30 يناير 1916) يعلن سعادته بموافقة الحسين على الدخول في الحرب، ويترك له الوقت المناسب لإعلان الثورة العربية ودخول العرب الحرب إلى جانب بريطانيا. وهو ما حدث في 10 يونيو 1916م.

  

التاريخ العربي الحديث

 

2)الحركة القومية العربية قبل الحرب العالمية الأولى

شارك المقالة:
السابق
من هو مؤسس عملة الريبل XRP
التالي
العرب بعد الحرب العالمية الأولى