قصص عربيه

قصة البشر هم السرطان

قصة البشر هم السرطان

قصة البشر هم السرطان

 

لطالما سمعنا عن السرطان، كلما سمعنا فقط بإسمه إقشعر البدن، أو ملأ القلب حسرة على المتبول،بدائه المكبول..

لست ببشري أو حيوان او حتى جماد ، مجرد طيف عابر فارقت مهجتي جسدي منذ دهر بعيد، شهدت عيناي التاريخ الذي يحكي به الشيخ لأحفاده في هذا العصر الحديث، فرأيت الوشاة حكاماً غافلين عن مسؤولياتهم، و شاهدت الفقير عالم، بينما الغني جاهل، و الحيوان سخي لأخوة جنسه، بينما البشري شحيح لأخيه بن أدم، و من في سبيله الشقاء يرضى بالقليل، و من كان سبيله راحة يتذمر بالكثير

 

من وقع الأحداث التي مرت على مدار العصور، أعتقد أن أي شخص بمكاني تمنى لو انه يملك الحياة مثل أي كائن على هذه الكرة الأرضية او المسطحة فالفتن إنتشرت و شتت الناس أجمعين كما تعلمون، لكني أحمد إلهي اني هلكت منذ زمن طويل، فإن لم تكن حياتي إنقضت لكان البشر الظالمين من أنهوها

 

بينما أطوف في هذه الدنيا الدنيئة، كانت

ذات السابعة عشر ربيعا  تجهش من الصرُّ الذي يفتك بجلدها الأبيض المتسخ من طين الناس، و شعرها أصبح كالذهب الذي غطاه تراب السنين، بينما جسدها هزيل لم يشفق عليه عابر سبيل!

ما ذنبها فقط لتعيش في عالم لئيم، أقدم لكِ خالص إعتذاري فسأمضي انا و حصاني، اه يا بنيتي لو أني لازلت أملك الحياة لكنتِ بتِ طفلتي اليوم لا محال ، و أعلمي رغم اني لستُ ببشر، لكن بين أضلاعي قلب ليس بحجر! إلا أنني بالنهاية

طيف عابر

فمضيت اكمل سبيلي الذي لا اخر له، أجل ليس قلبي بحجر فقد بات يألمني يا صديقي، أعلم انك مجرد طيف حصان إلا أنك رفيقي الذي اثرثر معه طوال الأيام، كما أنك رحيم عكس الناس رغم أنك لم تخلق بذكاء مثلهم لكنك خلقت بالمشاعر الأصلية! أعني بالأصلية أحاسيس الرحمة و المودة و ليست القسوة و الضغينة ، دعنا نمضي يا رفيق فأنها ليست أول او أخر المأساة…

 

و كانت محطتنا الثانية عند ذلك الجثمان! الذي حبس كالسمكة في حوض اتسخ بالتجارب و المحاليل، أاصبح الإنسان رخيص لديكم لهذه الدرجة يا أهل الأنس؟كم اخجل لنعتكم بالبشر لستم سوى شياطين أفسدت الأرض، لكن أيا صديق هل سنبقى نشاهد فقط، ليس بذنبي إن كان طيف قلبي لا يزال بداخلي، أريد إنقاذهم لكن لا أحد ينصت، يا لها من سخرية أصبحتُ كمن يطلب النجاة و ليس من يتحسر على الضحايا! لا أريد ان يشعر بي أحد لا أرغب أن اكون بطلاً، لكني أطمح في

إفراج المكبول…

نصر المظلوم…

إسعاد المهموم…

اطعام الجائع…

ما الحل يا رفيق دربي ألست شاهد على قضية البشر؟ فنطق بخاطره

إن لم يكن بيدك إنقاذهم، فأجعلهم ينجدون أنفسهم..

 

إن لم يكن بيدي إنقاذهم، فأجعلهم ينجدون أنفسهم؟

أتعلم لديك وجهة نظر حكيمة، لكن خطرت ببالي فكرة أتمنى أن تكون مجدية لمن ليس له لا حول و لا قوة…

 

إلى متى سوف تبقى راقد؟!  أيعجبك حالك بنيامك؟

أردفت لذلك الفتى النائم على عشب عالمه الخاص، يالا العجب حتى و هو هنا نائم، إلا أن عدستيه الزرقاوان بدأت بالظهور من خلف ستار عينيه ، فنهض بتكاسل ينظر يمنى و يسرى، بالتأكيد يتساءل عن المكان الذي به الأن، حتى نظر لي أخيراً

“من أنت؟”

“و ما الذي يهمك بهذا؟”

صوتي كان هادئ كهيئتي، بينما هو كان في حيرة مما يطرأ من حوله، عندها نطقت بابتسامة لم تخلو من الحزن

“بينما أنت هنا، في أرض الواقع أنت على حافة الهلاك!”

 

“و كيف اتيت الى هنا؟!”

 

قهقهت بخفة بينما كنت احرك يداي الممددة للتعبير

” لأن روحي رحالة في هذا العالم يا عزيزي، أتيت هنا لأطلب منك خدمة فصبري انقضى و تلاشى”

 

“ان كنت سوف اهلك اذاً بماذا سوف أفيدك أيها الشبح؟!”

حملت نبرة صوته السخرية مني، يبدو ان ذلك الفتى كما توقعت يظهر لك كالملاك في نومه، لكنه متعجرف و بارد كعينيه في واقعه، فابتسمت مرة اخرى لأثبت اني جبل لا ينهار و لست ببركان سريع الانفجار..

“لستُ المستفيد بل أنت، أريدك ان تعيش و تنقذ نفسك و طلبي كمساعدة بسيطة لا أكثر”

و إلا و قد هبت لحظة من السكينة، كان شعره الأسود ينافس شعري البني وسط لحظة نسيم يشوبها نوع من الشجون؟ ما الذي دهاك لتجعل عيناك ترقرقت بهما  الغم و الأسى؟

 

“أين كنت عندما قتلوا أختي، لم اشاهدك عندما قاموا بظلمي و تعذيبي، أين كنت فقط عندما قاموا بقتلي عوض المرة ألف مرة؟!”

 

دموع هذا الفتى أعادت لي ذكريات أستغرب أن بعد هذا الزمن أني اذكرها، عندما كنت أصارع مرضي و كنت مأمول أن يعطف علي اخي الملك و يكرمني بالعلاج لكنه تركني أهلك ذليلاً وسط الجود حتى مت من المرض و البرد.

يبدو أنك يا عزيزي تملك نفس الألم الذي حملته على عاتقي فيما ماضي، لكن الفرق أن الشجون أفرجت عني عندما لقيت حتفي، بينما بقيت انت حبيساً بها حتى و  أنت راقد، لكن امسح دموعك و أتمنى منك أن تمسك بيدي، لستُ ببطل، إلا أنني أرغب في صناعته، لذا سوف تصبح أنت، المعالج، المنقذ.

فصافحني لأرشدك إلى سبيل السلام…

 

 

 

الفتى

لا يهم الوقت الذي ظهرت به إن كان متأخر ام لا؟! رغم انكَ حضرت بعد ضياع الأمل، لكن لا بأس من الممكن أنك لا ترى نفسك بطل لعدم مقدرتك لكونك مجرد طيف، لكنك حقا كذلك بمجرد تفكيرك بالضعفاء، لو انك فقط حي لكان العالم أفضل بكثير، لهذا سوف أتبع هداك، لكن أرجوك هون علي الشجن، و رطب قلبي بالصبابة، فلا تخيب ظني

يا امير السلام…

الطيف العابر

لا يزال مصمماً أني بطل بمجرد تفكيري بهم؟ انه يضحكني كالعادة، لكن لقد أبلى باسل كما أسميته حسنا و حقق بعضاً مما لم أستطع فعله طوال سنوات لا تحصى و لا تعد، بفترة تعد قصيرة بالنسبة لي بينما له طويلة، لقد جعلني فخور ليس بأنني صنعت بطلاً بل لأنه اتبع  هداي و يحاول مساعدة كل ضعيف ذليل، رغم هذا يا خليلي هنا و هناك لا يزالون يمرون بالمأساة، سوف يولد الطفل ليكبر و يحمل بداخله حجر الكدر مثل ما حدث مع كورو بالماضي، وسوف يكبر  فيحمل الضغينة و يسعى للخراب و القتل او يحمل الحب و يسعى لإصلاح و مساندة أخوته البشر، فما رأيك أنت يا صديقي؟

 

“طوال حياتك تصارع لأجل البسطاء، كنت بشري كهل، فتنت الأميرات بحسن مظهرك و قوامك الخلاب من شعرك الحريري ذا اللون البني حتى عيناك العسليتين التي سحرت بها الخلق إلا أنك فنيت شبابك في سبيل حبك للناس، و حتى بعد مماتك بقى قلبك متعلق بهم” غيث” لك الحرية بأن لا ترى نفسك منقذ و حامي، لكنك بطل بحق يا رفيق، فبحياتك و مماتك أردت إنجاد المساكين!

 

يا له من ثناء عجزت عن إرداده، أعذرني يا رفيقي لم تكن مجرد حصان شاركني الغم في حياتي، بل فهمتني و هونت علي طوال المسيرة مثل ما تفعل حاليا، و رغم أن حسرة إفترقنا فيما سبق احضرتك إلي عاجلاً لكني سعيد لقربك مني! أتعلم لا أبالي بكل تلك المصطلحات بطل، منقذ، عادل.

ما يهمني أن يرتاح خاطر المرء بعدما نشر حسن الإبتسام بين الخلق، لكن هذا لن يكفي يا صديقي مهما حاولت البشر سوف يستمرون في الصراعات و النزعات التافهة، قضيت عمري أفكر بهموم غيري حتى قتلتني! أكثر ما يدهشك ان ترى الأخ يهلل لموت اخيه، بينما العدو يعول لمنية عدوه! خلال مراقبتي للبشر على مدى العصور يا رفيقي، لقد ولد أغلبهم و بهم غرائز مختلفة لكن بين طياتها القبح و الضغينة، أصبح من النادر أن تعثر على الذي يحمل قلب نقي و ان كان موجود فأنه يمر بالمعاناة! السرطان يفتك بجسد الإنسان حتى يقتله في النهاية، لكن ظهر نوع جديد أخطر منه لأسف، فيا حسرتي على هذه الأرض التي أضْحى بها

 

البشر سرطان

 

 

 

 

 

 

 

 

انفصام مكبول

 

صاحت بأعماقه الثورة، لصاحب مجهول تارة يرقعه و تارة طالب العفو! فسأله من يكون.

“”فأجاب المجهول في حَنَق أنا من حكمت علي بالرق، و تسلطت على كياني و قلبي، انا لست سوى مهجة خالدة لكن لك حاقدة!””

 

تملكت نفسه الريبة حاول السؤال لكن صوت الأخير قد اضمحل، بعدما أوقد بفؤاده نار تأكل جوارحه،فما هو متأكد منه

انه ذات الشخص الحقود بعدما كان ظلوم!

إلا أن الصوت ارتد من جديد..

-أصبت في قولك فأني ظلوم، لكن اخطأت في فكرك فصوتي لن يحررك حتى تنال جزاء إثمك!

 

من أكون؟ انا هو أنت لكن الأثيل

و حكايتي هي جريمتك التي بات عقلك عنها غافل

إلا أنني سأرد لك ذكرها

فأنصت لحكايتنا، التي أنت عنها جاهل

الحياة من وجهة نظري جحيم على الأرض، فمنذ أن كنت غلام كان قوم الأنس عدو المحبة و عقيم الرحمة! كلما السكينة ايقظتني نحرها الوعر و القهر، و اينما ذهبت روحي الضئيلة كان على ظهرها الرقيق الغم و الهموم، بكيت لكن كانت النفوس لي صماء، و عندما ضحكت باتوا لي بصراء، فعجباً فحتى للبسمة حاسدين؟!

لا اسرة لا مأوى، فلمَ تحتم علي الإكمال و هل من جواب؟! الجوى تربص على قلبي بينما اليأس أكل كياني، فقررت الاستسلام فما فائدة الدنيا إذ أجمعها حطام، لذا أقدمت على الانتحار في وسط سبيل به ضائع، كانت السيارة سريعة السير؛ فمكثت بمنتصف طريقها مأمول أن تكون هي سبب تحريري، إلا أن إرقالها قد تلاشى و معه أملي، وأبصرت عدستاي الحمراوان على وجه ذاك اليافع، المتلألئة عيناه بالتعاسة، لكن كان أول من تبسم و التفت

لغلام مشؤوم

أصبحتُ رفيق دربه، هو الوحيد الذي قلب ضميره لايزال ينبض، بفضله تحسن عالمي، و بفضله شاهدت مختلف الحضارات، إلا أن ما كنت أجهله ماهيه ترحالنا من أرض لأخرى دون استقرار، لكن ما كنت أدركه بأعماق عيناه التي كانت كالبحر يشوبها أملاح الشجون…

أنه شخص للماضي مأسور، و من الحب مكسور

كانت سنة تلو اخرى تفترق عنا، كما ننفصل عن كل بلاد نزورها، لم اتجرأ يوما عن سؤاله متى الراحة؟، فالحياء منه كان هياج، و في يوم ما…

حيث غروب الشمس، كان سيد الكرم الذي يستقبل الجميع في اي وقت كان ، يكنى بالبحر سامع لفضفضة المهموم و ضحكات المسرور، جلسنا على حبات الرمال انا و أخي يون كما لقبته منذ أول لقاء، و إذ الشقية سيدة النسيم لم تتمالك نفسها فهمت تراقص خصلاته الذهبية، بينما الأمواج كانت للصمت متطفل، و بينما عيناي لغروب الشمس مذهول!

 

نطق باسمي “باهي” ليصبح الدخيل الثاني للصمت بعد الأمواج، فمنحته الانتباه ليخرج ما في جعبة خاطره

“”أنظر يا صديقي، اليوم انا كالشمس لك مشرق و لاحقا سأغرب، لذا عليك ان تكون حذر من هذه الدنيا الحاملة للظالم و المظلوم، وأعلم أن من يقف معك بالصراء و لم تشاهده في الضراء فذلك لم يكن سوى للحب بخيل، لكن من ضحك و بكى لأجلك فكان للمحبة نبيل””

رسمت إمارات الدهشة على ملامحي الضئيلة، فسألته

“”من تكون؟””

بسمة برزت من السؤال، لكن أسفاه فالشجن لم يحل عنها و عن عيناه

 

“”أنا بشري مثلي مثلك، لكني كنت أهبل، فقد وثقت و بالنهاية خذلت، و أحببت فكسرت، أنا شخصاً مأسور بهيهات ذكرياتي، و لنفسي كنتُ أناني.””

 

و بعد مرور شهرين، كانت نبوءة المستقبل قد تحققت، و غربت شمسي كما مهجته أيقنت، فكان سرطانه سد لسبيله، و رحل شخص كان من الحياة كئيب..

لكنه كان للناس كاسمه نجيب!

عدت وحيد بعدما رحل أخي يون، على الرغم أن مهجته اكتسبت السكينة إلا أن روحي خسرتها، و ما كان علي سوى أن اواصل العيش أحقق طلبه الأخير، اعافر هذه الحياة و مع كل زلة كرب كانت خلفها نهضة طرب، و قد انعزلت عن البشر، فلا كفيل من ملأ يملك صفات الشر

 

و عندما بلغت الخامسة و العشرين، وبعد عناء طال درب مديد، رددت إليك أيها البحر إلا أني وحيد

 شعرت بمهجته الخفية، بكيت اجل فآن الأوان أن اطلق العنان لدمع كبل لسنوات، أدركت انه كان سقيم، و لفراقه أضحت روحي للحنان محروم، لكنها بزغت كحرية البحر كما الأساطير، و مدت يدها لي كما سبقها اليسير، فيبدو أن هناك من سوف يحرر القلب الذي بالباطن أسير، و تشرق شمسي من جديد

 

أغرمت بالحياة لوجودها، شاهدت المحبة في عيناها البندقية، واعتذرت للفرس فقد هزمته بمعركة الجمال

 لم أبالي إن كان شعرها كالأشيب إذ أنها كالملاك نشرت سهام الامال، لكن بعد فترة بدأت الأمور تأخذ مجرى مخاذل، كنت قؤول لما نأمل، مع هذا لم أكن انا الفعول!

 

“كما أشعلت لهيب الفراق لمن يحب القلب، سوف تحترق منه بالنهاية

 

كنت أظن أن قلبها يغمر بالسعادة لرؤيتي كالعادة، لكني دهشت ببئر من الغضب داخل عينها، حاولت السؤال لكنها لي كانت متجاهلة، ما الذي تقصده بأني أشعلت لهيب الفراق؟ و ماذا فعلت؟ لا جواب موجود

كانت امارات العتاب اخر ذكرها

و بعد مدة علمت أن نفسي لم تعد هي، أصبحت أذهل من أمور لم أقوم بها، حتى اكتشفت وجودك، أجل أنت هو انفصام الداء، بينما أنا السقيم بهذا الداء، و الأنانية قد بلغت بداخلك لتأسر ذاتك العتيقة بجوف مهجتك

  و ذاك المجهول الذي يصيح بالثورة هو شخصيتك الأصلية، لكن كما تعلم القدر لا يدع الظالم، و ها أنت أصبحت بجواري بهذا العالم الفارغ، فجسدنا أضحى على سرير الموت و في أي لحظة نبض القلب لن يكون

بدأ يكرر باستهزاء، فبعد ما سلبه ألم يتملكه الاستحياء؟! لينطق ببسمة متبجحة

“”لكن أنا من انتصرت، و سأعيش لأجلها و تبقى أنت هنا مقهور، فأنا لا أقع فوداعا أيها المأسور!””

 

وتلاشى القاهر، بينما حلم الفرج تبقى للمقهور

 

و عاد الأناني للحياة يسعى لنورها، لكن حسرتاه بعد ما فات الأوان، فالمغرور كان يعزف لها سمفونية المنون و أضحى القلب لدائها حقود و لرحيلها  غارق في حوض الشجون، بينما الظالم أدرك أخيرا جرمه لمن كان لها مفتون، و من قبرها رحل و للصفح مأمول، إلا أن رسالتها الأخيرة كانت العتاب الأبدي

 

 

 

الذي كان محتوها:

ألم أخبرك كما أشعلت لهيب الفراق لمن يحب القلب، سوف تحترق منها بالنهاية،  لقد أخذت مني باهي الأصلي أيها الانفصام القاهر، و  قلبك الأن يحترق بنار رحيلي، و لكن يجب ان تدرك انني لم أكن لك للحظة، بل حبي الأبدي لشخص واحد و هي ذاتك العتيقة التي بتراب انانيتك دفنتها بيدك.

و بالنهاية الحكاية انتصرت بحبها انا الذات الأصلية بينما أنت يا ذاتي المزيفة خسرتها، و بت في الدنيا من الهم و القهر

و

منفصم مكبول

 

 

 

 

 

ترنيمة كئيبة، ذاتِ نهاية بهيجة

 

رسائل

رسائل هي ام وسائل

تشعل بي نار الشوق، و الحنين الى الماضي فكيان روحي بانت عني

و قلبي بات سقيم، و لها أضحى محروم ، بينما مهجتي تربصت بها السموم ،امنيتي على الأقل ان  يُفدَ قلبي البلاء و يخبرها أنها كانت جاهلة انذاك!

هناك من يعول من الفراق الأزلي، و هناك من يتأوه من الفراق الفاني، لكن ماذا عن الذي يحتضر من فراق لا يعلم إن كان هذا او ذاك؟

فزمردة قلبي تائهة عني منذ سنوات…

 

 

 

 

 

 

كانت رسائلكِ تهون علي مرارة اشتياقي، شعرت بروحكِ في جواري، لكن يا حسرة  بلمح البصر اندثرت، و تركت روح تحترق إثرها، فما ذنبي إن كانت انانية؟!

داومت بطريق الفن، عندما كنت معي أنشدتُ عنكِ و لكِ؛ فأنتِ كنتِ غنى عن الناس أجمعين، و عندما رحلتي لمن أطرب الحين؟ إلا أنني واصلت على هذا السبيل لكي اجد من لقبتها أميرة الآمال، رغم أنها لا تزال كالحلم صعب المنال..

مكثت على المسرح ضعيف، فأملي أضحى طفيف، هل سوف تصل ترنيمتي إلى فتاتي، أم ستكون كأخوتها تحلق في الفضاء  مخيبة أمنياتي؟ رغم هذا اقسم لكِ فإن ذلني عظمي و اشيب شعري الأسود، و تضمحل البراق من عيناي الزرقاوان، فسأبقى على خطاكِ باحث؟! لذا أقدم لكِ يا من بارحت أرض حياتي

ترنيمة بين طياتها حكاية حزينة

على خشبة كئيبة

 

انقضت أنشودتي و كالعادة حبطت أمالي، هل ترنيمتي يا عزيزتي خرساء، أم انكِ أنتِ الصماء؟ هل سيفنى ما تبقى من شبابي في العثور عليكِ عوض قضائه معكِ؟! ألا يهون عليكِ شجن عيناي؟ أيعقل أن تكون أتت نهايتكِ؟ و تربص جناني هنا وحيدة تبحث عن وجدانك

~~~

أوغلت نفسي تجوس بين الرذاذَ، و مع كل قطرة كانت بها ذكرى، عندما كانت بقربي، لم انسى كم كانت تعابثها الأمطار، و تأتي إلي متذمرة إلا ان فكاهاتي كانت تكركرها، و بدأت قطرات الندى يشوبها دمع الأسى، فعسيت بين الطرقات و القلب يئن من الجوى عائد لدياري و بفؤادي اليأس قد طغى

 

و في صباح يوم جديد، تسلسل لاذناي متطفل فظ المفعول، فتحت عيناي ببطء إلا أنه استمر في التسلل بأذني الذليلة، توقف حالما أجبت على الهاتف ويا ليتني لم أبالي، إذ أنه كان شخصاً  أكثر تطفلاً في حياتي من الهاتف، نهيك عن صوته الخشن المستفز

 

“وطنك يترقب مجيئك سيد ياسين!”

أول ضحية كانت شفتاي التي عضضتها غيظاً، وعقبها هاتفي الذي ارتطم بالأرض من غضبي، إلا و أن الهاتف الأخر قد أعلن عن وصول إشعار جديد فأنزلت رأسي متنهداً متوقعاً أنها رسالة نصية

 

“هذا الرجل لن يرتاح مني حتى أجن”

و من طبيعتي، لم أهتم و لم امنح الرسالة أهمية،

وعدت إلى نومي و قبل ان أغفوا دعيت أن تتحقق تلك الأمنية البسيطة

و هي أن أراها في منامي

 

…..

و بعد ساعات تيقظت من سباتي فقد اكتفيت منه، لكن العجب أنني لم اكن بحجرتي!! بل بغرفة طغى اللون الرمادي عليها من كل الجهات و لم تحتوى على نوافذ  فأدركت أنني في زنزانة، و كيف قد نالوا مني؟! غير معلوم

يبدو أن غطرستي  من أوصلتني إلى هنا، و بعد دقائق دخل علي قائد من القوات العسكرية ذا القوام الصلب و شوارب فضية التي تماثلت مع لون شعره المشوك لينطق

 

“لديك الان خيارين ان تسجن أو تسدد ما عليك!”

 

اطلقت تنهيدة امتزجت بها الخيبة، و ما كان لدي خيار سوى أن التحق بالجيش، فقد تهربت منه كثيراً و لو أن صديق والدي لم يكن يساندني لكنت سجنت منذ سنوات أعترف بهذا،  يا إلهي إن كانت حياتي بائسة فما فائدتها؟

 

تساءلت كثيراً عن سبب استمراري رغم أنني خسرت الكثير، و لم أجد إجابة، لكن هل سأبقى على هذا الحال فكياني  أصبح ضائع و قلبي للبهجة جائع

و بعد التدريبات الشاقة المعتادة، كان السكون ككساءٍ بمنتصف الليل، فعندما عدت من التدريبات هممت بالخروج و مكثت عند الحوض، كانت مياه الحوض كالمراءة عكست ضوء القمر، و بدأت انشد أيسر عن نفسي من العسر، و إلا اني توقفت فالمتطفلين كثروا مؤخراً في حياتي، فأردفت بهدوء و عيناي معلقة على البحيرة

“أستبقى مراقب؟ أخرج فلن أكلك”

أطاعني، و بدأت صوت خطواته تدق في مسمعي لم أمنحه شرف التطلع إليه حتى وقف بالقرب مني بمسافة ليست ببعيدة، وحالما رفعت بصري اتسع بؤبؤ عيناي مرافقه فمي لكن بمستوى بسيط

“أنتِ؟”

“أنا؟”

أردفت بحيرة، بينما بقيت صامتاً مكاني، ورويدة اقتربت يدي اليسرى تلمس وجنتيها الرطبة ذات اللون الحليبي، ما الذي دهاك؟ لتجعل عيناك ترقرقت بالشجن؟

أو بالأحرى عندما اختفت أميرة أمالك!

عيناي زرقاوان كالأمواج، شعر ديجوري كالليل الساكن إلا أن النسيم يداعب خصلاته، إنها تشبهها!

 

“انا اسفة لتطفل عليك سيدي”

حمل بين صوتها الطفولي الحياء و هي تنظر لأسفل بينما ابتسمت لها

“لا بأس، لكن بالنظر إلى ملابسك العسكرية، ما الذي تفعله طفلة بسنك هنا؟”

 

تسلسل إلى عينها الأسى لتنطق

“لا أذكر”

تنهدت محتفظاً ببسمة من الألم، لأكتفي برفع يدي لمصافحتها، بينما بداخلي يتأوه قلبي اللئيم

“لا بأس، فلنصبح أصدقاء”

 

 

 

 

 

 

 

ترنيمة حكايتي، يبدو أن حياتي بدأ يبزغ بها الضياء

 

أضحى مسائي و صباحي لها، و بسمتي و ضحكتي منها، بينما حزني و خشيتي عليها! فرسمت إمارات البهجة بقلبي، و طردت أساطيل الكآبة من روحي، لن تحل مكان الأولى التي جعلتني أحب و امقت دنياي لكنها عوضتني عن كدر الأيام، فقد نبتت زهرة جديدة في حديقة عالمي ، فأرغب بالحفاظ عليها لكي لا تصبح الثانية و الاخيرة…

 

منحتها اسم الأولى “إيما” بما أنها لا تذكر اسمها

ر قضيت معها اجمل الأيام، و لشقاء القتال جعلتني منه غافل، لم اتوقع أني سأنشد لشخص بعد الأولى لكنها اجبرتني لأطرب لها، فقد زرعت البسمة بي من جديد لهذا تستحق سماع صوتي العذب، لكن الأحلام لا تدوم كما تعلمون…

 

عدو مجهول، للأوامر صاغي لكنه مخبول، و على طفلة صغيرة سلاحه مشهور! فركضت بدوري عليها كالمجنون، و بعد طلقة مبعوثة، جثيت بين احضانها مقتول، و دمائي بعثرت على وجهها الجليل

 

بينما لمعت عينيها الزرقاوان بذاك المحلول الحامي فتبسمت لها بالحب و الوئام، فلا تبكي يا صغيرتي فلكل مخلوق حق الخاتمة، و على قبري سوف تكتب النهاية بينما في السماء ستكون البداية، و وسط دموع المأساة نطقت و لم يخلو صوتي من الاوجاع

 

” و هل لي بطلب أخير؟”

اومأ وجهها المكسور، بينما اردفتُ بصوتي المهزوز

”  قبل أن انضم إلى والدتك قلبي مأمول ليسمعكِ تناديني بأبي”

 

 

شهقت و دفنت رأسها بين احضاني تكرر كلمة “أبي”، بينما عيناي ذرفت  من جديد، إلا انها هذه المرة كانت دمعة سعيدة!

كنت أبحث عنها لسنوات و كانت هنا، لو اني فقط كنت التحقت بالجيش منذ زمن لكنا قضينا تلك السنوات الراحلة معا عوض بحثي الميؤوس، ما يحزنني أني سوف أرحل و أتركك تذوقين مرارة الاشتياق و الوحدة مثل ما مر به والدك، و ما يقهرني أني لم استطع اخذ حقي من ذلك العجوز قائد العسكر الذي خطفكِ مني ليذلني بكِ عندما اصبح احد جنوده ، و انا الذي كنت اظن أنكِ هربت و تركتي أباكِ وحيداً، اعذرني يا بنيتي أباكِ مستبعد عن هذه الحياة و أنت لا تزالين محرومة مني، لكن عديني انكِ سوف تعشين بسلام

 

إيما(في خاطرها)

 

كيف أنى لي ان اترك أصل مهجتي، لقد كنت درعي الذي احتمي به، و سيفي الذي احارب به، حياتنا كلها انفصال أكثر من هي وصال، لم اشبع من ربع حنانك يا والدي، و انا اسفة لا استطيع معاهدتك فبرحيلك لن أدع حقك يتلاشى، سأغدوا قوية لأنتقم لمن كان سبب أوجاعنا، لكني أعدك انني لن انساك و سيبقى حبي لكَ ابدي

ياسين(في خاطره)

صحيح أجل كنتِ الثانية بعد امك، لكنكِ كنتِ أميرة الآمال كما لقبتكِ بإحدى اناشيدي، طوال سنوات أنشدت عدد لا يحصى كانت كرسائل و سائلها أن أجدكِ في يوم من الأيام، كانت بين ثنايا كلماتي معاناة الشوق و الحنين، أن ممتن لكِ يا صغيرتي رغم أنني سأرحل قلقاً عليكِ، حياتك بالنسبة لكِ يا صغيرتي

“ترنيمة، ذات نهاية حزينة”

أعلم أنكِ سوف تواجهي الكثير من بعدها، لكنها تعد بالنسبة لي…

 

ترنيمة كئيبة، ذات نهاية بهيجة

وداعا يا زمردتي، و ها أنا قادم يا زوجتي الحبيبة لأعيش و أنشد لكِ من جديدة

 

 

شارك المقالة:
السابق
ماهو تطبيق طلباتكم للتوصيل الطلبات
التالي
إعراب سورة النازعات