تاريخ الاسلامي

ماهي عوامل نهضة الحضارة الإسلامية

ماهي عوامل نهضة الحضارة الإسلامية

ماهي عوامل نهضة الحضارة الإسلامية

 

مفهوم الحضارة الإسلامية


الحضارة الإسلامية هي ما قدمه الإسلام للمجتمع البشرى من قيم ومبادئ، وقواعد ترفع من شأنه، وتمكنه من التقدم في الجانب المادي وتيسِّر الحياة للإنسان.
أهمية الحضارة الإسلامية:
الفرد هو اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وإذا صلح صلح المجتمع كله، وأصبح قادرًا على أن يحمل مشعل الحضارة، ويبلغها للعالم كله، ومن أجل ذلك جاء الإسلام بتعاليم ومبادئ تصلح وتقوم هذا الفرد، وتجعل حياته هادئة مستقرة، وأعطاه من المبادئ ما يصلح كيانه وروحه وعقله وجسده.

وبعد إصلاح الفرد يتوجه الإسلام بالخطاب إلى المجتمع الذي يتكون من الأفراد، ويحثهم على الترابط والتعاون والبر والتقوى، وعلى كل خير؛ لتعمير هذه الأرض، واستخراج ما بها من خيرات، وتسخيرها لخدمة الإنسان وسعادته.

وللحضارة الإسلامية، ثلاثة أنواع:
1- حضارة التاريخ (حضارة الدول):
وهي الحضارة التي قدمتها دولة من الدول الإسلامية لرفع شأن الإنسان وخدمته، وعند الحديث عن حضارة الدول ينبغي أن نتحدث عن تاريخ الدولة التي قدمت هذه الحضارة، وعن ميادين حضارتها، مثل: الزراعة، والصناعة، والتعليم، وعلاقة هذه الدولة الإسلامية بغيرها من الدول، وما قدمته من إنجازات في هذا الميدان.

2-الحضارة الإسلامية الأصيلة:
وهي الحضارة التي جاء بها الإسلام لخدمة البشرية كلها، وتشمل ما جاء به الإسلام من تعاليم في مجال: العقيدة، والسياسة، والاقتصاد، والقضاء، والتربية، وغير ذلك من أمور الحياة التي تفيد الإنسان وتيسر أمور حياته.

3- الحضارة المقتبسة:
وتسمى حضارة البعث والإحياء، وهذه الحضارة كانت خدمة من المسلمين للبشرية كلها، فقد كانت هناك حضارات وعلوم ماتت، فأحياها المسلمون وطوروها، وصبغوها بالجانب الأخلاقي الذي استمدوه من الإسلام، وقد جعل هذا الأمر كُتاب العالم الغربي يقولون: إن الحضارة الإسلامية مقتبسة من الحضارات القديمة، وهما حضارتا اليونان والرومان، وأن العقلية العربية قدْ بدَّلت الصورة الظاهرة لكل هذه الحضارات وركبتها في أسلوب جديد، مما جعلها تظهر بصورة مستقلة.( وهنا نتحدث عن المستشرقين الذين هاجموا الحضارة الإسلامية وكل ما هو مسلم).

وهذه فكرة خاطئة لا أساس لها من الصحة، فالحضارة الإسلامية في ذاتها وجوهرها إسلامية خالصة، وهي تختلف عن غيرها من الحضارات اختلافًا كبيرًا، إذ إنها حضارة قائمة بذاتها، لأنها تنبعث من العقيدة الإسلامية، وتستهدف تحقيق الغاية الإسلامية، ألا وهي إعمار الكون بشريعة الله لنيل رضاه، لا مجرد تحقيق التقدم المادي، حتى لو كان ذلك على حساب الإنسان والدين كما هو الحال في حضارات أخرى، مع الحرص على التقدم المادي؛ لما فيه من مصلحة الأفراد والمجتمع الإنساني كله.

أما ما استفادته من الحضارات الأخرى فقد كان ميزة تحسب لها لا عليها، إذ تشير إلى تفتح العقل المسلم واستعداده لتقبُّل ما لدى الآخرين، ولكن وضعه فيما يتناسب والنظام الإسلامي الخاص بشكل متكامل، ولا ينقص من الحضارة الإسلامية استفادتها من الحضارات السابقة، فالتقدم والتطور يبدأ بآخر ما وصل إليه الآخرون، ثم تضيف الحضارة الجديدة لتكمل ما بدأته الحضارات الأخرى.

 

ماهي عوامل نهضة الحضارة الإسلامية

 

تميزت تشريعات الإسلام بأنها ترتقي بالمستوى العقلي لمتلقي هذا الدين حيث نظمت جوانب الحياة المختلفة وفق قواعد عامة تمكن من استيعاب المتغيرات الحياتية المختلفة ، وتوجيهها بما يحافظ على المقاصد العامة للشريعة ، والتي تهدف إلى الحفاظ على الدين والنفس والمال والعقل والعرض .
وقد استفادت الحضارة الإسلامية من الحضارات السابقة سواء تلك التي دخلت تحت مظلة الحضارة الإسلامية أو تواصلت معها واحتكت بها .

فالمنطقة التي نشأت فيها الحضارة الإسلامية، هي المركز الأساسي والمجمع الرئيس لمعظم الحضارات الأساسية القديمة فقدماء المصريين أحرزوا تقدماً ملموساً في علوم الفلك والحساب والطب والصيدلة والهندسة والزارعة وغيرها ، كما أنهم مهروا في الرسم والنحت والعمارة والتحنيط . ولهم باع طويل في التعدين والصناعة بأنواعها المختلفة . وعرفت بلاد الهلال الخصيب حضارات متعددة تركت موروثاً كبيرا في الطب والهندسة والزراعة والصناعة والتنظيمات التجارية .


تضافرت العوامل السابقة مع بيئة علمية مناسبة ، ففي العصر الذهبي للحضارة الإسلامية اعتنى كثير من الخلفاء والعلماء بالحركة العلمية ، وهيئوا الجو الصالح لازدهار العلم بطرق متنوعة مثل إنشاء المدارس والمكتبات وغيرها ، وبذلوا الكثير للحصول على المؤلفات والمصنفات بأنواعها المختلفة ، كما بذلوا الكثير من الأموال على العلماء الذين سموا بمكانتهم ورفعوا من قدرهم ، فقربوهم في مجالسهم . فالخليفة المأمون على سبيل المثال كان يعطى حنين بن إسحاق وزن الكتب التي يترجمها ذهباً .

ومن بين عوامل ازدهار النهضة العلمية في العصر الإسلامي ، المكتبات الضخمة التي انتشرت في العالم الإسلامي وخاصة في العصر العباسي ، ومن أمثله ذلك دار الحكمة في بغداد، وكانت تضم ما يقارب المليون ونصف مليون كتاب ، وعلى الوتيرة نفسها كانت مكتبة دار الحكمة في القاهرة ، أما مكتبة المسجد الجامع في قرطبة فيقدر عدد كتبها بثلاثة أرباع مليون كتاب . وكانت بعض المكتبات الخاصة للعلماء والأدباء يصل فيها عدد الكتب إلى مائة ألف كتاب ، وفي كثير من بيوت المسلمين في حواضر العالم الإسلامي كان الكتاب جزءاً رئيساً من مكونات تلك البيوت .

العمل الاقتصادي: فالعالم الإسلامي كان يضم مساحات واسعة امتدت من سمرقند إلى قرطبة في اسبانيا التي تعتبر أكثر أهمية وبخاصة على الصعيد الاقتصادي ، لما تملكه من خصائص مكانية وموروث حضاري عظيم انعكس على أوجه النشاط الاقتصادي في الزراعة والتجارة والصناعة ، حيث تميزت المنطقة بوجود أنهار عظيمة وارض وحقول خصبة ، تنتج أنواعا عدة من المنتجات الزراعية .

ويضاف إلى ذلك وفرة المعادن في القوقاز و أرمينية و الجزيرة العربية وشمال إفريقيا بالإضافة إلى مصادر الإنتاج الموجودة في العالم الإسلامي. سيطر المسلمون على الطرق المؤدية إلى مناجم الذهب الرئيسية في العالم ، أي إفريقيا الجنوبية الشرقية والسودان وآسيا الوسطى ، أما مراكز الصناعات الحرفية المتطورة فكانت في إيران وبلاد الرافدين والشام بالإضافة إلى مصر وهناك موانئ كبرى كانت تحت تصرف العالم الإسلامي بأرصفتها ودور صناعتها البحرية.

وهذه تضم ثلاث مجموعات : –

  • موانئ الخليج العربي والبحر الأحمر وكان قد تم افتتاح خطوطها الملاحية على أيدي الملاحين العرب والفرس نحو المحيط الهندي والتي كانت تتكامل بمنظومة الأسطول الهندي على نهري دجلة والفرات .
  • موانئ السواحل الشامية والمصرية ، وفي مقدمتها ميناء الإسكندرية والذي كان يزخر بالسفن البحرية والمراكب النيلية – موانئ مضيقي صقلية وجبل طارق مثل تونس وسبته,  يضاف إليها الأسطول النهري على نهر الوادي الكبير الذي يخترق اشبيلية وقرطبة .
  • طرق القوافل في آسيا الوسطى وفارس والهلال الخصيب وجزيرة العرب ومصر وشمال إفريقيا .

كانت هذه المنظومة تضم شبكة من القوافل مع حيوانات النقل من إبل وجمال وغيرها وجهاز كامل من عمال مختصين في تسيير القوافل من خفراء و مجهزي القوافل . ويدير ذلك كله مجموعات تجارية كانت لديها تقاليد عريقة في التجارة.
كل ذلك تضافر، بتوجيه من قيم الدين الإسلامي ، لتحقيق نهضة اقتصادية عظيمة كان من مؤشراتها ازدهار التجارة التي كانت تربط بين العالم الإسلامي من الداخل وبين العالم القديم في جميع أرجائه .

وازدهرت الصناعة التي كانت تقدم منتجات متنوعة تعكس مستوى عالياً من الدقة والجودة والذوق الرفيع . وكذلك كان حال الزارعة حيث نشر المسلمون الكثير من المنتجات الزراعية وإعادة توزيعها في أرجاء مختلفة من العالم الإسلامي بالإضافة إلى تطويرهم لأساليب الزراعة ومن حيث أنماط الري والتسميد وغير ذلك . رافق ذلك نهضة عمرانية كبيرة ، شملت إنشاء عشرات المدن الجديدة في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي .

معابر انتقال الحضارة الإسلامية إلى الغرب

  • البحر الأبيض المتوسط : وقد تميز بمساحة واسعة سهلت التماس الحضاري بين الشرق والغرب وبالتالي بين الإسلام وحضارته وبين الغرب بمكوناته الدينية والثقافية ولذلك كانت المناطق الأقرب جغرافياً لأوروبا هي أكثر المناطق التي استوعبت المؤثرات الحضارية الوافدة إلى أوروبا من المجال الحضاري الإسلامي .
  • جزيرة صقلية : وتعد من الشواهد المؤثرة في هذا المجال ، حيث أنشأ فيها المسلمون حضارة عريقة استمرت فترة كبيرة، قبل أن تسقط هذه الجزيرة في يد النورمان، لتتحول إلى أكبر ثروة حضارية عرفها الغرب في تلك الأزمنة. ،

فنظراً لان ملوك النورمان كانوا معجبين بالحضارة الإسلامية وراغبين في الانغماس فيها ، وتشرب ثقافتها ومعرفتها ، فكانت دولتهم تدار بالأسلوب الذي تدار به الدولة الإسلامية من قبل رجال ينتمون للحضارة الإسلامية سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين. أما الصناعات والحرف والعمارة والزخرفة فجميعها كانت تتم على يد مسلمي صقلية ، ولذلك كانت قصور ملوكهم ومستلزماتها من أثاث وغير ذلك وملابسهم تنتمي بمجموعها للحضارة الإسلامية .

ولم يعمل هؤلاء الملوك على ترجمة العلوم من العربية فحسب ، بل حرصوا على استقطاب بعض العلماء العرب وإكرامهم والطلب منهم تصنيف المؤلفات العلمية .
مثل هذه السياسة الحكيمة حولت صقلية إلى نقطة نشاط حضاري قوي حيث امتزجت فيها الحضارة العربية الإسلامية مع الثقافات الأوروبية لتسهم في خلق نهضتها الحديثة .

– أما اسبانيا ، فقد تأصلت فيها الحضارة العربية الإسلامية وحققت إنجازات حضارية عظيمة تعكس رخاء اقتصادياً فائقاً .

يقول أحد أساقفة قرطبة حينذاك ” كثيرون من أبناء ديني يقرأون أشعار العرب وأساطيرهم ويدرسون ما كتبه علماء الدين وفلاسفة المسلمين ” إن كل الشباب منصرف الآن لتعلم اللغة والأدب العربيين فهم يدفعون أموالهم في اقتناء الكتب العربية ويتحدثون في كل مكان بأن الأدب العربي جدير بالدارسة والاهتمام.
الكثير من العرب عملوا كمربين لأطفال الملوك الأوربيين أو كأطباء أو كتبة في بلاطهم في برشلونة وغيرها . فكانوا حملة مشاعل الثقافة والأدب الأندلسي ، وصاروا بسلوكهم ومظهرهم الحسن مثالا يحتذي به .

  كما عمل الأسرى من المسلمين أيضا على نقل الحضارة العربية لأمراء

          شمال اسبانيا .

ولم تكن بلدان شمال اسبانيا على صله بالأندلس في الجنوب فحسب ، بل كانت أيضا على صلة دائما ببلدان أوروبا سياسياً وتجارياً ، ولم تكن جبال البرانس لتمنع تلك الصلات ، ومن هنا وجدت الحضارة الإسلامية طريقها إلى الغرب .
وعندما احتل الفونس السادس طليطلة عام 1085 م ساهم معه في الاستيلاء على المدينة العربية وحصارها فرسان آلمان وايطاليون وفرنسيون بل أن أول أسقف لها كان فرنسياً .

وظلت مدرسة المدينة التي أسسها ريموند بمجموعاتها الهائلة من الكتب العربية تجذب آلاف الأوروبيين من مختلف البلدان .

وقد حمل مشعل الحضارة العربية عبر الأندلس آلوف من الأسرى الأوروبيين الذين عادوا من قرطبة وسرقسطة وغيرها من مراكز الثقافة الأندلسية ، كما مثل التجار في ليون وجنوا و البندقية ونورمبرج دور الوسيط بين المدن الأوروبية والمدن الأندلسية .
واحتك ملايين الحجاج من المسيحيين الأوروبيين بالتجار العرب وبالحجاج المسيحيين القادمين من شمال الأندلس كما ساهم سيل الفرسان والتجار ورجال الدين المتدفقين سنوياً من أوروبا على أسبانيا في نقل أسس الحضارة الأندلسية إلى بلادهم .
وكان للأندلس الدور الرائد في الترجمة من العربية وخاصة طليطلة التي كانت رائدة في هذا المجال .

  • الحروب الصليبية : كانت وسيلة للتأثير الشرقي الذي أدى إلى تفتح عقول الأوروبيين وأنها كانت من العوامل المهمة التي أدت إلى تقدم أوربا ، لأن وجود المسيحيين في المشرق الإسلامي جعلهم معبراً من معابر الحضارة العربية الإسلامية إلى أوروبا .

   فالحرب المعلنة آنذاك بين المسلمين والصليبيين لم تمنع حدوث الاتصالات السلمية على مستوى الشعب والقادة. أما على مستوى القادة فإننا نرى أنه في سنة 562هـ /1166م قامت بين شاور الوزير الفاطمي وبين الصليبيين علاقات ودية أسفرت عن إقامة مجموعة صليبية في القاهرة والإسكندرية تقرب من عامين .

ولم تكن تخلو قصور الزعماء الصليبين من العرب . وهذا الأمر يعطينا صورة جلية عن الحياة اليومية التي كان يسودها التفاعل بين الفريقين مما جعل الوجود الصليبي في المشرق وسيلة لنقل عادات المسلمين وعلومهم وآدابهم إلى أوروبا .

فبواسطة الصليبين عرفت أوروبا الكثير عن الشرق, والصليبيون المقيمون في المشرق الإسلامي كانوا قد أصبحوا شرقيين في طبائعهم وثقافتهم .

 ويذكر المؤرخ الفرنسى نوشيه دي شارت الذي أرخ للحملة الصليبية الأولى والذي عبٌر عن مدى تأثر الصليبيين بالحياة الجديدة حيث قال :” الآن صرنا نحن الذين كنا غربيين شرقيين ومن كان منا إيطالياً أو فرنسياً أصبح في هذه البلاد جليلياً أو فلسطينياً .لقد نسينا الأماكن التي ولدنا فيها أو أكثرنا لا يعرفها بل لم يسمع بها ولكل منا بيته وأهله كما لو أنه ورثه من أبيه أو عن شخص سواه وتزوج بعضنا من سوريات وأرمينيات.

يضاف إلى المعابر السابقة عوامل أخرى من أبرزها التجارة فالطابع الرئيس في المناخ الاقتصادي الذي تطور منه إنتاج العالم الإسلامي كان الطلب على الاستهلاك المتنوع الناجم عن نشوء مدن ضخمة ذات حاجات كثيرة ومتنوعة وملحة في بعض الأحيان ، سواء من حيث الكمية أو النوعية ، بسبب ارتفاع مستوى المعيشة في تلك المدن وبالإضافة إلى الاستهلاك المترف الناتج عن متطلبات ومستلزمات القصور الملكية والطبقات الغنية من السكان . وهذا يترتب عنه زيادة كبيرة في الإنتاج الذي تحول إلى صادرات وترتب عنه تزايد الحاجة في العالم الإسلامي للمواد الخام والتي كان يتم استيراد بعضها من المناطق المجاورة وما وراءها من مناطق

         قادرة على تلبية الطلب المتزايد للمواد الخام .

علاوة على ذلك أن موقع العالم الإسلامي كان يتوسط منطقة مهمة للتجارة والنقل والتوزيع وبخاصة منتجات الشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا والتي كانت حاجة أوروبا في تنام مستمر لاستهلاك منتجاتها وعلى وجه الخصوص البهارات . لذلك نمت المبادلات التجارية بين العالم الإسلامي وبيزنطة وأعماق أوروبا ، مما أدي إلى نشوء منظومات تجارية متكاملة ومراكز تجارية في جنوب أوروبا.

وكانت هناك جاليات إسلامية كبيرة ، تنقل خبراتها وأدواتها وعلومها إلى الغرب . وفي المقابل كان التجار الأوروبيون يجوبون المدن الإسلامية على سواحل البحر الأبيض المتوسط ، في رحلات كانت الواحدة منها تستغرق في بعض الأحيان ستة أشهر متواصلة . فكانت فرصة كبيرة لهم لتلقى ثقافة العالم الإسلامي وحضارته ونقلها عند عودتهم إلى الغرب الأوروبي .

  • طلاب العلم: أيضا كان لهم دور فعال في نقل الحضارة الإسلامية حيث كانوا يفدون إلى العالم الإسلامي لطلب العلم وتلقى المعرفة. ويكفى أن نذكر هنا ما يذكره ابن جبير أنه شاهد في عكا بعض طلاب العلم الصليبين المقيمين في الشام والوافدين من أوروبا ، يلتحقون بالمدارس العربية ، يتلقون العلوم بلغة العرب.

   ومن هؤلاء الذين تعلموا في العالم العربي أولا رداف بات ، الذي زار مصر والقدس في سنة 1104م وتتلمذ على أيدى العلماء المسلمين في الفلك والرياضيات . وبعد عودته إلى انجلترا عُين معلماً للأمير هنري الذي أصبح فيما بعد الملك هنري الثاني .

العلوم : الأثر العلمي للحضارة الإسلامية على الغرب كان كبيراً جداً ، وللأسف الشديد حتى الوقت الحاضر فإن هذا الأثر لم يتم دراسته واستيعابه بدرجة كافية . ولعل من أسباب ضعف الاستيعاب ما أثبتته الدراسات الحديثة عن بواكير المؤلفات اللاتينية التي ظهرت بعد البدايات الأولي للترجمات من العربية إلى اللاتينية في القرن الرابع للهجرى حيث ثبت أنها إنما كانت مجرد نقول من الكتب العربية و لم يتم الإشارة إلى أصحابها بسبب عوامل العداء والكراهية التي كانت في الغرب لكل ما هو إسلامي .

في القرن 7 هـ / 13 م بدأت تظهر مؤلفات ، هي في الواقع مقلدة للكتب العربية وليس فيها جديد ، بل أنها في كثير من الأحيان تقل في المستوى عن مصادرها العربية ، وذلك من حيث درجة فهم الموضوعات وطريقة العرض وترتيب الموضوع والإيجاز وربما الأمانة ، ولم يمنع ذلك من ظهور ترجمات عملت على النقل بأمانة من العلوم العربية إلى اللاتينية ، فأدى ذلك إلى أن تصبح هذه الكتب هي مفاتيح العلم في الغرب وقد تناولنا رواد كثيرون فى مختلف أفرع العلوم.

1)ماهي عوامل نهضة الحضارة الإسلامية -31/12/2020

المراجع[+]

شارك المقالة:
السابق
الحضارة الأسلامية في اوروبا
التالي
ماهي الحضارة الاسلامية واهميتها