مقالات

ماهو معنى لا إله إلا الله

كتابة : حسن عبدالمنعم البشبيشي 

معنى لا إله إلا الله

البعض يتعامل مع عبارة (لا إله إلا الله) على أنها تعني لا رب إلا الله، وهذا خطأ كبير.

ـ معنى عبارة (لا إله الا الله):

ـ أي (أعيش خاضعا لله وحده)، وهي تعني ثلاثة أمور، الأمر الأول هو (أعيش خاضعا) وهذا هو مبدأ العبادة، والأمر الثاني هو (أعيش خاضعا لله) وهو تحديد لمن يكون الخضوع والعيش من أجله، والأمر الثالث هو (أعيش خاضعا لله وحده) أي لا يكون الخضوع لأي أحد إلا الله تعالى.

ـ معيشة الخضوع هي أمر صعب جدا على النفس:

ـ تصور أنه تم بيعك في سوق العبيد مثلما كان يحدث في الماضي فأصبحت عبدًا وخادمًا لسيدك، هل تقبل هذه الحال الآن وأنت في عصر الحرية؟!، هل تقبل أن تضع نفسك تحت تصرف غيرك؟!، وهل تقبل أن يتحكم فيك غيرك؟!، وهل تتحمل هذه الحالة النفسية من الخضوع وطوال عمرك؟!، إنك مطالب بما هو أصعب من ذلك أن تكون عبدا لسيدك ومولاك رب العالمين، فلماذا لا تشعر أنك واقع تحت سيطرة مَنْ يتحكم فيك وأنت عليك أن تقبل الخضوع والذل؟، فأنت تخضع له خضوع مَنْ شعر بأنه القهار المهيمن، وخضوع المحتاج إلى نعماءه، وتحب الذل إليه ليعطيك ، كما يفعل الشحاذ حين يسأل الناس فإنه يخفض رأسه ويمد يده للناس ليعطوه ، فهل تخفض رأسك وتمد يدك لله ليعطيك؟، إذن أين هذه الحالة النفسية المميزة للخضوع؟.

ـ فالطبيعي أن الإنسان يعيش حياته بناءً على ما يريده هو لنفسه وما يحبه ويهواه لنفسه وما يحقق رغباته، ولكن هذا الأمر صحيح فقط إذا كان الإنسان غير مملوكا لغيره وليس هناك أحدا يسيطر عليه ويستطيع أن يفعل به ما يشاء وإذا كانت قدرات الإنسان من القوة والرؤية والسماع والكلام هو الذي أوجدها لنفسه.

ـ هل يستطيع الإنسان أن يعيش لغيره أي لا يعيش من أجل نفسه هو ولكن من أجل أحدًا غيره، إن الخضوع معناه أن تعيش لغيرك، وتعيش تحت سلطة وسيطرة غيرك عليك وتقبل ذلك مستسلمًا ذليلًا خاضعًا، إن المسلم يعيش لله بل ويموت أيضًا لله: 1)قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(4).

ـ النفس تستكبر أن تعيش معيشة العبيد، والإنسان لا يريد أن يذل لأحد أو يعيش كأسير أو خادم يلبي أوامر سيده، ولا يريد أن يلغي إرادته ورغباته وشخصيته المستقلة ويعيش تابعًا منهزمًا تحت إرادة قاهر له، ويرفض أن يقيد نفسه بأوامر لأحد عليه، ولا يريد أن يتخلى عن حريته ليعيش خاضعًا كالعبد الذي كان يباع ويشترى في الماضي.

ـ فهل تتصور لو أنك تعيش حياتك بناءً على ما يريده ويحبه شخص آخر، فكأنك إنسان آلي تسير بالريموت كنترول فما يريده هذا الشخص تفعله له وما يحبه تفعله له، فالإنسان الآلي ليس له حياته الخاصة وليس له رغبات ولا يسير من تلقاء نفسه وإنما تبعًا لما يريده منه هذا الشخص.

ـ فمعنى أن يعيش الإنسان عبدًا هو أن يعيش حياته وفقًا لأوامر الله تعالى وأكثرها أوامر تخالف رغبات نفسه، وهذه المخالفة مقصودة من الله تعالى حتى يتبين أن الإنسان خاضع لله وليس لما يريده هو لنفسه: 2)لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ(5)، وبتعبير آخر هو تغليب مراد الله والدين على مراد نفسك وما تحبه نفسك، وأصعب شيء على الإنسان هو أن يتنازل عن إرادته.

ـ والإنسان عليه أن يختار لنفسه الطريقة التي على أساسها يعيش، هل يبني حياته وفقًا لرغبات نفسه أم مخالفة نفسه ووفقا لمراد الله؟ فلمن تستجيب؟ 3)فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(6).

ـ الإنسان مغرور بنفسه وبما يملك، فهو يريد ألا يعيش ذليلًا خاضعًا لأحد (لله) مقيدًا بالدين، وهذا معناه استكبار عن عبادة الله: 4)إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) (7).

ـ فهو يريد ان يعيش في الدنيا حرا غير خاضع ويعيش على أساس أن السعادة في الدنيا، ويختار شكلًا يعجبه من أشكال السعادة في الدنيا ويعيش له، فيعيش للمال أو للشهوات أو للمظاهر أو أي شيء أو مجموعة من الأشياء من أمور الدنيا.

ـ الاستكبار هو تكبير قدر النفس وما معها من نعم مع تجاهل قدر الله تعالى كأنه ليس له قدر، فهو لا يريد أن يعترف أمام نفسه بضعفه وعظمة الله وقدرته عليه ، فأصعب شيء على الإنسان هو الاعتراف بضعفه ونقصه وعجزه واستسلامه واحتياجه وانقياده لغيره ، والاعتراف بأنه مقهور ومغلوب وخاضع تحت سيطرة أحدا غيره ، والاعتراف بالذل وأن يعيش عيشة الذل وعيشة العبيد لسيد يملكه ويملك التصرف فيه ، فالإنسان يعرف أن لله كل صفات العظمة والعلو ، وأن الإنسان فيه كل صفات الضعف والعجز لكنه يأبى أن يشعر بذلك ويتعاظم الأمر في نفسه أن يكون كذلك.

ـ إن النفس مجبولة على حب الشهوات والسعادة وما فيه الراحة واللذة وتكره الذلة والانكسار والخضوع لأي أحد أو أي شيء لأن في ذلك ألم لها، لذلك فالنفس لا تحب الخضوع لله والدين فتريد أن تتحرر من ذلك، فالنفس من داخلها تتكبر وتأبى أن تستسلم: 5)إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إلا كِبْرٌ(8).

 

المراجع[+]

شارك المقالة:
السابق
مفهوم العبادة
التالي
كيف نفهم الايات الكونية