مقالات

مفهوم العبادة

كتابة : حسن عبدالمنعم البشبيشي 

مفهوم العبادة

ـ العبادة هي الخضوع تعظيما لله (حبا في عظمته) وخوفا ورجاءً، وتنشأ من معرفة قدرة الخالق وضعف الانسان، والخضوع يتمثل في أربعة أمور هي الخضوع في طريقة المعيشة والخضوع بالقلب والخضوع بالجوارح والخضوع باللسان.

ـ فالإنسان يعبد الله لسببين، السبب الأول هو تعظيما لله (من شدة حبه واعجابه بعظمته الهائلة)، والسبب الثاني هو شدة الخوف والرجاء، ولابد من وجود السببين معا، فهو يعبد الله حبا من أجل تعظيمه ورضاه والبعد عن سخطه حتى ولو لم يكن هناك ثواب وعقاب، ويعبد الله خوفا من النار ورجاءً في الجنة، ولا يدخل الجنة إلا إذا عبد الله تعظيما له (حبا في عظمته) وخوفا ورجاءً معا.

ـ فمثال الخضوع خوفا مثلما يرفع عليك أحدا من الناس سلاحا ويقول لك افعل كذا وإلا قتلتك فانت تخضع له خوفا منه.

ـ ومثال الخضوع رجاءً مثل الشحاذ الذي يسأل الناس أن يعطوه ويتوسل لهم ويتذلل لهم ويظهر ضعفه أمامهم ويخفض رأسه لهم طمعا في إحسانهم له.

ـ ولكي نفهم معنى الخضوع حبا فلابد أن نعرف أن الانسان مفطور على حب من يتصف بالصفات الحميدة الخارقة، ومفطور أيضا على الخضوع إذا زاد هذا الحب لدرجة هائلة وذلك عندما تكون الصفات الخارقة هائلة جدا، ولكن المشكلة في غفلة الانسان عن هذه الصفات، فإذا حدث الانتباه والانبهار والتعجب والدهشة وبالتالي تحققت المعرفة الحقيقية فعندئذ يحس الانسان من داخله بالفرح والحب لمن يتصف بهذه الصفات ويصبح محبوبه الذي يأنس به، وإذا زاد حبك له بشدة فعندئذ تخضع له من شدة حبك تعظيما واعجابا بقدراته.

ـ فالحب الحقيقي هو فقط لله لان كل أحد غير الله هو ضعيف وما عنده من قدرة انما هي عطاء من الله.

ـ معنى أن الله هو المالك أي أن الله له ملكية كل شيء، وهذا معناه أن يتجرد الإنسان عن كل ما يملك وعن نفسه لينسب ذلك إلى الله المالك الحقيقي فيشعر أن كل ما عنده هو محض تكرم وإنعام من الله فيحبه ويذل لعطاءه مدين له بالولاء مرهونا وأسيرا لفضله منكسر النفس غير حر لأنه عنده النقص والعوز معترفا بذلك غير قادر على أن يقيت نفسه (فالله هو المقيت أي الذي يعطيه القوت) والله يمده باللقمة التي يأكلها وهو أسير وعبد لإحسانه منكسر المشاعر يشعر بالعجز أمامه ويشعر بأنه ما له حول ولا قوة.

ـ فالخضوع رجاءً معناه أن تعيش مرهونا بعطائه فمن غيره تموت، ذليلا لعطائه محتاجا لعطائه، فبغير عطاءه ونعمه لا تستطيع أن تتنفس، فالنفس والهواء نعمة، فأنت عبد إحسانه خاضع لما يجود به عليك، وكما يقولون فالإنسان أسير الإحسان.

ـ ولاحظ أن الخضوع لا ينشأ من مجرد الحب والخوف والرجاء ولكن من الحب الشديد والخوف الشديد والرجاء الشديد فذلك الذي يجعلك تخضع وتنقاد.

ـ الخضوع نوعين:

ـ أولا: خضوع غير مرتبط بالثواب والعقاب: وهو الخضوع تعظيما لله (حبا في عظمته)، فلو افترضنا أنه لا توجد جنة ولا نار لوجب على الانسان أن يخضع لله تعظيما وإجلالا من شدة حبه في عظمة الله.

ـ ثانيا: خضوع مرتبط بالثواب والعقاب: وهو الخضوع خوفا ورجاءً.

ـ ولابد من وجود النوعين معا.

 

شارك المقالة:
السابق
 أثر المعرفة بالله والآخرة على حل مشاكل المجتمع
التالي
ماهو معنى لا إله إلا الله