الجزائر

المغرب العربي في تاريخه المعاصر

المغرب العربي في تاريخه المعاصر

المغرب العربي في تاريخه المعاصر

 

 

 إن الفترة المعاصرة من تاريخ المغرب شهدت محاولات جريئة من جانب الوطنيين بهدف إخراج المستعمرين والحصول على الاستقلال، وسوف نوجز فيما يلي الخطوط العريضة لتاريخ هذه البلدان في الفترة المعاصرة:

1- ليبيا

خضع إقليم طرابلس الغرب وبرقة لاحتلال إيطاليا بعد انتهاء الحرب بين القوات الإيطالية والقوات العثمانية، ولكن السلم لم يستتب في الإقليم لأن القوات الإيطالية، لم تتمكن إلا من احتلال الموانئ والنقط الساحلية، أما بقية الإقليم فقد ظل في أيدي الأهالي حيث كانت هناك زعامات وطنية تتمثل في السنوسيين في إقليم برقة الممتد حتى واحة الكفرة في الجنوب وفي قيادات وطنية أخرى خرجت من بين الصفوف وكانت تمثل وجهاء القوم وأعيانهم، وكان لها نفوذ 

 

على الأهالي في الإقليم الممتد من مشارف مدينة طرابلس، حتى إقليم فزان في الجنوب الغربي، ولذا فإن هذه القيادات الوطنية عملت على مهاجمة الإيطاليين ومحاربتهم.

لكن ظروف الحرب العالمية الأولى ، وظروف القيادات الوطنية نفسها ومحاولتها التمسك بسلطتها وامتيازاتها على الأهالي ساعدت على دخول هذه القيادات في مفاوضات مع إيطاليا وبريطانيا، ووافقت على ترك السيادة للإيطاليين، ولكن مجيء الفاشستيين إلى الحكم في إيطاليا بعد الحرب وتمسك الإيطاليين بسلطتهم ونفوذهم أدى إلى الاصطدام بين الوطنيين والجانب الاستعمارين وقد أخذ هذا الاصطدام شكل الجهاد والكفاح المسلح خاصة وأن أبناء طرابلس قد واجهوا كثيراً من الصعوبات للحصول على اعتراف إيطاليا بحقهم في ممارسة سلطاتهم الجمهورية، حيث كان الرأي قد استقر على إنشاء الجمهورية في طرابلس، في عام 1918م.

 

ولكن الحكومة الإيطالية رفضت مبدئي الاستقلال والحكم الذاتي، ولذلك أدرك أبناء طرابلس أنه لابد من توحيد جهود العناصر الوطنية في إقليم طرابلس مع بقية العناصر الوطنية في الأقاليم المجاورة، وبخاصة في برقة وفزان واجتمع زعماء طرابلس في 1921م، في مؤتمر في غريان لاتخاذ قرارات تهم مستقبل البلاد.

وكان الاتجاه الجديد يسعى إلى توحيد الأقاليم الليبية تحت قيادة السيد محمد إدريس السنوسي باعتباره الأمير المسلم المنتخب من الأمة من أجل إقامة حكومة قادرة ومؤسسة على ما يحقق الشرع الإسلامي بحيث “لا يعزل إلا بحجة شرعية وإقرار مجلس النواب وتكون له السلطة الدينية والمدنية والعسكرية بأكملها، بموجب دستور تقره الأمة عن طريق نوابها وأن يشمل حكمه جميع البلاد الليبية بحدودها المعروفة” مع عدم قفل باب المفاوضة في وجه حكومة روما، والعودة إلى الجهاد ضد الإيطاليين.

 

وقد قرر المتفاوضين وضع “أسس عامة قامت عليها بيعة السيد محمد إدريس لتولي الإمارة على ليبيا بأكملها”  ثم وضع المتفاوضون ميثاقاً عرف باسم “ميثاق سرت” تم التوقيع عليه في22 يناير 1922م وجاء هذا الميثاق يؤيد قرارات مؤتمر غريان” ثم قرروا أنه بمجرد انتخاب الأمير وتوليته “يعملون على انتخاب مجلس تأسيس من الإقليميين لوضع القانون الأساسي والنظم اللازمة للبلاد”، واستقر رأي الزعماء الطرابلسيين على إرسال كتاب البيعة إلى الأمير في أجدابية، ووصل الوفد الذي حمل الكتاب في شهر أكتوبر 1922م، وقبل السيد محمد إدريس هذه البيعة ورد بأن اتحاد الوطن وسلامته كانا يمثلان الغايتين التي طالما سعى إليهما “ونشبت بعد ذلك معارك الجهاد في طول البلاد وعرضها وكان يتولى أمر منظمات المجاهدين في برقة

 

عمر المختار، وفي طرابلس بشير السعداوي وكان وصول الفاشست إلى الحكم بداية لعهد جديد من السياسة الإيطالية في ليبيا ،حيث أعلن الوالي الإيطالي أن السنوسية هي عدوة الحكم الحديث، ومن الضروري وضع حد لنشاطها، وأسرع باحتلال أجدابية في 21 أبريل 1923م وأعلن أن كل الاتفاقات التي وقعتها إيطاليا مع السنوسية قد أصبحت لاغية، وأنها تعتبر مجرد طريقة دينية، ويجب أن يقتصر نشاطها على الميدان الديني” واستمرت المناوشات بين الإيطاليين والوطنيين في جميع أنحاء ليبيا، وعملت إيطاليا على زيادة عدد قواتها الموجودة في ليبيا .

 فاضطر عدد كبير من أبناء ليبيا وأحرارها إلى ترك البلاد والهجرة إلى الخارج إلى تونس وسوريا  ومصر وعملوا على فضح إيطاليا وأساليبها الاستعمارية

 

وساعدت كل هذه الحركات على تكتل الشعور القومي العربي لخدمة كفاح ليبيا ضد الاستعمار، وحينما اشتعلت الحرب العالمية الثانية عمل الليبيون إلى جانب الحلفاء لطرد الإيطاليين الفاشست من بلادهم ، وتعتبر هذه مرحلة جديدة من مراحل تاريخ ليبيا ارتبطت فيها بالأوضاع الموجودة في أقاليم المشرق العربي، مثل ارتباطها بالحركات الوطنية التي كانت موجودة في بلدان المغرب العربي في أثناء الحرب العالمية الثانية .

2- تونس والحركة الدستورية:

استفادت تونس من حركة الإصلاح التي قام بها خير الدين باشا التونسي، وبخاصة المدرسة الصادقية التي عملت على تطوير الدراسات بشكل حديث، وأخرجت لتونس وللعالم العربي عدداً من رواد الحركة التحريرية هذا إلى جانب أن خير الدين باشا عمل على تقوية الروابط التونسية بالدولة العثمانية على اعتبار أنها دولة الخلافة الإسلامية ، لذا فإن فترة حكمه تعتبر فترة تقدم في تاريخ تونس الحديث، وبينما امتد النفوذ الفرنسي على تونس 1881م، اتجهت أنظار التونسيين نحو الأستانة، وازداد التجاوب بين التونسيين وإخوانهم في المشرق العربي، شهدت السنوات الأولى من القرن العشرين في تونس تجمع عدد من خريجي المدرسة الصادقية، الذين عملوا على تجميع عدد من المدرسين والمثقفين في حركة قومية ودينية ، مسايرة لحركة الجامعة الإسلامية، ويعتبر الشيخ عبد العزيز الثعالبي أحد أقطاب هذه الحركة.

السياسة الفرنسية وتونس :

دفعت سياسة الكبت التي استمرت فيها فرنسا، بمجموعة من الشبان الذين تثقفوا ثقافة غربية من الظهور على المسرح السياسي وبدأوا يلعبون دوراً كبيراً في تنشيط العمل الوطني، وكان من بينهم الحبيب بورقيبة، وركزت العناصر الجديدة مطالبها على الفصل بين السلطات، وضرورة إنشاء مجلس تشريعي والاهتمام بالتعليم، وقد أدى نشاط العناصر الشابة إلى ظهور “الحزب الحر الدستوري الجديد”، الذي أصبح يمثل مرحلة جديدة في تطور الحياة السياسية في تونس، وقد انتخبت الحبيب بورقيبة أميناً عاماً للحزب، بعد مؤتمر قصر بني هلال في مارس 1934م، الذي تمت بعده القطيعة بين “الحزب الدستوري القديم” و”الحزب الدستوري الجديد”، ولقد ناصبت

 

    السلطات الفرنسية الحزب الجديد العداء، وألقت سنة 1934م، القبض على عدد من زعمائه، ونفتهم إلى داخل البلاد والواحات، وفي 1937م، شهدت البلاد حركة من الاضطرابات، وفي 1938م، قاد الحزب الجديد حركة إضرابات العمال في تونس، كما قاد إضرابات الطلاب في نفس السنة، ولكن سرعان ما أصدرت فرنسا قراراً بحل الحزب، وأعلنت الأحكام العرفية، ثم أعلنت الحرب العالمية الثانية والحبيب بورقيبة في السجن مع زملائه فنقلوا إلى جنوب فرنسا، وتعتبر مرحلة الحرب العالمية مرحلة خاصة في تاريخ تونس، وتاريخ الحركة الوطنية فيها .

3- الجزائر:

فضل كثير من الجزائريين الهجرة إلى أقطار إسلامية وبخاصة في 1912م، حيث أخذت الهجرة شكلاً جماعياً نتيجة لإخضاع الجزائر لنظام التجنيد الإجباري لحساب الدولة الفرنسية ، وأصبح تمثيل العنصر الوطني في الإدارة المحلية ضئيلاً وكان يتم اختيار الوطنيين في مجالس المديريات بالتعيين وحتى حين أخذ بمبدأ الانتخاب كان لا يجوز انتخاب رئيس البلدية أو نائبه من بين الجزائريين حتى وإن كان متجنساً، كما انتزع الفرنسيون من القضاء اختصاصات المحاكم الشرعية وحولوها إلى محاكم مدنية وفرض المستوطنون سيطرتهم التامة على الإدارة، وفي أثناء الحرب العالمية الأولى جند عدد كبير من الجزائريين واشتركوا في ميادين القتال، كما أرسل عدد

 

كبير إلى المصانع الحربية والمناجم، وقد ارتقى بعض الجزائريين في الجيش الفرنسي إلى رتبة كولونيل، وكان من بين هؤلاء الضباط الأمير خالد محي الدين، أحد أحفاد الأمير عبد القادر، وقد تزعم هؤلاء الضباط بعد الحرب العالمية الأولى الدعوة إلى الإصلاح، ولكن على أساس بقاء الجزائر جزء من الأراضي الفرنسية، وعلق هؤلاء الضباط الأمل على مؤتمر فرساي كي يلزم فرنسا بتطبيق مبادئ المساواة في الجزائر “ولكن الحكومة أحالت الأمير خالد إلى التقاعد، فرجع إلى الجزائر ليكون ما أسماه “كتلة المنتخبين المسلمين الجزائريين”، وهم أعضاء المجالس البلدية الذين استفادوا من التشريع الفرنسي الصادر 1919م، والذي وسع دائرة تمثيل الجزائريين في هذه المجالس”.

 

وكانت أهداف الكتلة تتركز في إصلاح أحوال الجزائريين الاجتماعية، ومساواة الجزائريين بالفرنسيين في حق الانتخاب والتمثيل في المجالس على مختلف المستويات، ورغم اعتدال هذه الأهداف، فإن المستوطنين لم يتقبلوا مبدأ المساواة بينهم وبين الوطنيين، ولكن حركة الأمير خالد لم تعش طويلاً حتى تحقق أهدافها، وبخاصة بعد أن فشل الأمير في الاتفاق مع الحكومة الفرنسية 1924م.

 وتحول إلى سياسة النضال مع أقطار المغرب العربي الأخرى فطاردته الحكومة الفرنسية، وانتهى به المطاف إلى الفرار إلى مصر، فسلمته الحكومة المصرية بناءً على تدخل حكومة الاحتلال الإنجليزي إلى قنصلية فرنسا، “وانتهى به الأمر إلى الاعتقال في سوريا إلى أن توفى بها 1936م”.

الحركات الوطنية وتكوين الجمعيات .

نشطت الجماعات في تكوين جمعيات وحلقات دراسية بعضها في فرنسا ذاتها بين العمال، وانتشر نفوذ هؤلاء العلماء بصفة عامة في المدن الصغرى، بينما اعتمدت حركة قومية أخرى في انتشارها على المدن الكبرى وبخاصة على العمال، ونعني بها “نجمة شمال أفريقيا” و”حزب الشعب”، ومن الغريب أن هذه الحركة القومية المناضلة نشأت على أرض فرنسا ذاتها، في أوائل العشرينات نتيجة لوجود طبقة عمالية جزائرية كبيرة العدد في مختلف المدن الفرنسية، وكان ذلك، مما ساعد مصالي الحاج على تأسيس هذه الحركة لسهولة التكتل في الطبقة العمالية، ولتمتع الجزائريين بحريات أوسع على الأرض الفرنسية مما يتمتع به مواطنوهم على الأرض الجزائرية ذاتها، وتعلم من العمل في الخلايا الشيوعية، وسائل التنظيم الحزبي الدقيق ، ثم انصرف عن الحزب الشيوعي الفرنسي ، مؤثراً النضال في منظمة وطنية خاصة  « فكان ذلك المولد الحقيقي لنجمة شمال أفريقيا «   

 

ثم حدث بينه وبين الحزب الشيوعي بعد ذلك صدام نتيجة لأن الشيوعيين الفرنسيين لم يستطيعوا التخلص من الروح العنصرية عند معاملتهم للجزائريين.

“وأراد مصالي الحاج أن يجعل من النجمة حركة الشمال الأفريقي بأكمله، فطالب بالاستقلال لأقطاره كلها”، “وسرعان ما سيطر العمال الجزائريون على النجمة، واتجه اهتمام إخوانهم التونسيين والمراكشيين إلى الأحداث الداخلية في بلادهم ذاتها، وباستثناء الهدف العام في الحصول على الاستقلال”، وقد كانت عقائد المناضلين الأوائل في النجمة يشوبها الغموض “وصفت بأنها تجمع بين الشعارات الماركسية، والوطنية الجزائرية العاطفية، والتمسك بفكرة التضامن الإسلامي”. وعندما حلت الحكومة الفرنسية النجمة في 1929م، انتقل عدد كبير من أعضائها إلى الحكومة

 

السرية، وعادوا إلى اتصالهم بالحزب الشيوعي الفرنسي، إلى أن عادت النجمة إلى الظهور مرة ثانية 1933م، وعقدت مؤتمراً عاماً في فرنسا، واتخذت عدة قرارات جزئية، وطالبت بالاستقلال التام للبلاد، وميزت في قراراتها بين مرحلتين في تنظيم الاستقلال، تنظيم المرحلة الانتقالية، وتنظيم البلاد بعد الاستقلال، ويتضح من قراراتها، أنها “قد اعتنقت منذ البداية مبادئ ثورية شاملة في المبدأين السياسي والاجتماعي، وأنها بحكم نشأتها العمالية سبقت كثيراً من الحركات الوطنية في البلاد العربية الأخرى في ربط التحرر السياسي بالإصلاح الاجتماعي”.

الاتحاد الوطني لمسلمي شمال أفريقيا

 وفي 1934م أعاد مصالي الحاج تكوين النجمة تحت اسم جديد هو “الاتحاد الوطني لمسلمي شمال أفريقيا”، وكان نشاط النجمة حتى ذلك الوقت مقتصراً على فرنسا تمكن مصالي من إدخال النجمة إلى الجزائر لأول مرة في أغسطس 1936م.

 

ولكن حكومة الجبهة التي رحب بها كثير من شباب الجزائر جاء على يدها الحل النهائي للنجمة في 27 يناير 1937م، واستناداً إلى مبدأ حرية تكوين الأحزاب، أسس مصالى الحاج، “حزب الشعب الجزائري” في نانتين بفرنسا في 11 مارس 1937م، وفي 18 يونيو 1937م، نقل مصالى الحاج مركز حزبه إلى العاصمة الجزائر، وفي 1938م، حاول مصالى الاتفاق مع الشيخ عبد الحميد بن باديس، زعيم جمعية العلماء (من قسنطينة)، وأرسل له رسالة فلم يرد عليه الشيخ بن باديس، وقابل الشيخ بشير الإبراهيمي (من تلمسان)، هو زعيم آخر للعلماء، ولكن لم يتم الاتفاق بينه وبين العلماء، وظل اسم هذا الحزب رمز الحركة القومية حتى قيام الثورة، ثم تعرض مصالي الحاج وبعض رجال الحزب للاعتقال وحوكموا، وحكم عليه هو بالحبس لمدة سنتين.

الجزائر والحرب العالمية الثانية:

قامت الحرب العالمية الثانية سنة 1939م، فأوقفت نشاط جميع الهيئات الجزائرية سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو ثقافية”. وكانت الحرب هي الفرصة التي اغتنمتها الإدارة الفرنسية للقبض على الزعماء الجزائريين وحل منظماتهم دون محاكمة.

ولكن في أثناء الحرب، ظهرت عدة مشروعات فرنسية، كان الهدف منها تهدئة نفوس الجزائريين الثائرة، ولكن إصابة مصالي الحاج بفقد البصر، جعلت رباط الحركة الوطنية يتمزق وشكل الأعضاء المنتخبون في اللجنة المركزية لمدينة الجزائر حزباً جديداً هو: “اتجاه اللجنة الثورية للاتحاد والعمل”، تكون من تسعة أعضاء وقرر التعجيل بالثورة، وكون جيشاً سرياً صغيراً أطلق عليه جيش التحرير الوطني ، وحدد يوم الأول من نوفمبر 1954م، موعداً لبدء الثورة.

 

1)تاريخ المغرب العربي-19-1-2021

4- المغرب :

كانت ثورة فاس، هي السبب الذي دفع فرنسا إلى التصميم على فرض حمايتها على المغرب الأقصى، ووقعت معاهدة الحماية، في 30 مارس 1912م، وفي أبريل 1912م، أصدرت الحكومة الفرنسية مرسوماً خاصاً بإنشاء الإقامة العامة الفرنسية في المغرب الأقصى، هادفة إلى تجميع السلطات السياسية والعسكرية في يد ممثلها في الإقليم، الذي كان عليه أن يعمل عن طريق الحماية باسم السلطان وقد اختير لهذه المهمة الجنرال ليوتي وهو من العسكريين الفرنسيين الذين تمرنوا في إدارة الهند الصينية ، وقد أعطته الحكومة الفرنسية سلطات عسكرية وإدارية ومالية وسياسية كافية لتنفيذ مخططه ضد الثوار الوطنيين حماية للفرنسيين والسلطان المولى عبد الحفيظ صاحب السيادة القانونية أو الاسمية على البلاد، والذي تمت كل هذه العمليات

 

باسمه، بعد أن أجبرته الظروف على طلب مساعدة فرنسا لحماية عاصمته فاس من القبائل الثائرة، مع أنه قد وصل إلى الحكم لتخليص البلاد من نفوذ الفرنسيين والأجانب (وعلى أساس أنه قائد تحرير، ومع ذلك فإنه لم يستسلم للنفوذ الفرنسي كلية، بل رفض أن يوافق على أي مشروع يتقدم له الفرنسيون وقد كان عام 1912م، مليئاً بالأحداث والثورات، ولذا فإن العمليات الحربية للفرنسيين انتشرت في كل مكان، ولكن مع منتصف يوليو 1912م، تمكنت القوات الفرنسية من السيطرة على الموقف، مما أعطى الجنرال ليوتي الفرصة للبدء في عملية التنظيم الإداري اللازم معتمداً على سلطة فرنسا، “وكان على السلطان أن يوقع على المراسيم التي يعرضها عليه المقيم العام” وأنشأ الجنرال ليوتى كثيراً من الإدارات اللازمة لدراسة المسائل العديدة التي أصبح عليه أن يواجهها مثل إدارة المالية

 

وتنظيم إدارة البريد والبرق، وأنشأ إدارة الأشغال، وتطوير إدارة العدل التي كان عليها أن تعمل على تنظيم المحاكمة الفرنسية ، تم كل ذلك مع استمرار العمليات الحربية للقضاء على الثورات المنتشرة في كل مكان، حتى أنه حينما نشبت الحرب العالمية الأولى لم تستطع فرنسا أن تسحب قواتها الموجودة بداخل البلاد خشية ضياع هذه المناطق منها، وإنما سحبت القوات الموجوِِدة على الأطراف، مع وضع قوات من الاحتياط والمتطوعين الذين يجندون من الغرب ذاته، وكانت سنوات 1917، 1918م، سنوات هادئة في المغرب، ولكن السنوات التالية للحرب شهدت عمليات تصفية للنفوذ والمصالح الألمانية في المغرب ولصالح فرنسا، كما شهدت هذه السنوات تدهوراً واضحاً في الأوضاع الاقتصادية للمغرب، الخاضع لحكم الفرنسيين إلى منطقة الحماية الإسبانية في الشمال، مع ثورة الريف بزعامة الأمير عبد الكريم الخطابي، الذي صار علماً من أعلام التحرر في بلاد المغرب الكبير.

 

حيث كان الأمير عبد الكريم، مصمماً على رفض الحماية الأسبانية، ومصمماً على الاستقلال، وقاد حرب تحرير وطنية ضد الأسبانيين، واعتمد على الفنون الحربية الحديثة الموجودة في دول الغرب أساساً للقيام بعملياته، بينما عجز الأسبانيون عن تطبيق هذه الفنون في منطقة نفوذهم، وتمكن الأمير عبد الكريم في مد نفوذه وسلطته إلى كل بلاد الريف، وقد كانت هذه أول مرة يشهد فيها التاريخ اتحاد قبائل شمال المغرب تحت حكومة موحدة “وأصبحت أجدير هي عاصمة تلك الدولة الجديدة التي أنشأها عبد الكريم، ثم اضطر الأمير عبد الكريم الخطابي إلى محاربة فرنسا، وكان ازدياد انضمام رجال القبائل إلى الأمير عبدالكريم يزعج فرنسا ويثيرها ، ويجعلها تخشى على مركزها في المغرب الأقصى  بل في كل شمال أفريقيا ، وحقيقة فإن انتصارات الأمير عبدالكريم المتتالية على الفرنسيين لمدة ثلاثة أشهر ، أثار الحماس في جميع أرجاء المغرب والعالم الإسلامي بأجمعه، كما أثارت بعض أحزاب فرنسا .

2)المغرب العربي في تاريخه المعاصر -19/1/2021

شارك المقالة:
السابق
القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي
التالي
تاريخ الدولة العثمانية