تاريخ اوروبا

الحملات الصليبية

الحملات الصليبية

الحملات الصليبية

مجموعة من الحملات و‌الحروب  الصليبيه التي قام بها أوروبيون من أواخر القرن الحادي عشر

حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر، كانت بشكل رئيسي حروب فرسان،

وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الذين اشتركوا فيه وكانت حملات دينية وتحت شعار الصليب من أجل الدفاع عنه

الحملة الصليبية الأولى:

 

  • حدد البابا أوربان الثاني 15 من أغسطس 1096م/ 3 رمضان 490 هـ موعدا لأنطلاق الحملة ،والقسطنطينية مكانا ً ليلتقي به المحاربون ثم ينطلقون إلى فلسطين وقسم المؤرخين الحملة الأولى إلى قسمين رئيسيين:
  • الحملة الشعبية (وتسمى حملة الفلاحين). ب) الحملة النظامية (وتسمى حملة الأمراء).
  • الحملة الشعبية: كان أبرز ما فيها هو (بطرس الناسك) الذي ألتقط دعوة البابا وكان أكثرهم تحمسا ً لها ،وكان بطرس يمشي حافيا في ثياب قذرة وكان لا يأكل إلا السمك ولم يكن ذا مكانه ،ولكنه كان بارعا ً في مخاطبته الرعاع ،قاد بطرس جموع الفلاحين والمعدمين ولم ينتظر حتى موعد البابا وبدأ انطلاقهم عبر أوروبا يحملون امتعتهم وحيواناتهم وأطفالهم ونسائهم وكان بطرس قد زار بيت المقدس وقد سلك بطرق طريقا ً طويلا ً عبر ألمانيا وهدفه:
  • الحصول على الطعام الذي يكفيه إلى القسطنطينية.
  • مواصلة الدعوة إلى الحروب الصليبية في ألمانيا.

وقد حصل على الطعام لكنه لم يلق سوى الإحتقار من النبلاء وانظم إليه مزيدا من الفلاحين والمعدمين ،وواجه بطرس أول انشقاق حين أعلن (والتر المفلس) وهو فرنسي أنه لن يستطيع التخلف في كولونيا وأخذ 12 ألف وتوجه بهما إلى المجر وكان أول الداخلين إلى القسطنطينية وواصل بطرس وفي طريقه ارتكبت جموعه كثيرا من المجازر والمشاكل وأحرقوا عددا من القرى.

تفاجأ الكسيوس كومنين بهذه الحملة الشعبية وتصرفاتها غير المشرفة وأدرك أنه بخطر ،فأخذ يعد الخطة لإبعادها عن عاصمته ومع هذا استقبل بطرس الناسك وأكرمه ومون جموعه وبعد كثير من المشاكل والسرقات نقلهم بعيدا ً عن العاصمة وتم عبورهم للبوسفور وانتقالهم إلى جانب الآسيوي من الإمبراطورية.

 أثناء تحرك الصليبيون نحو منطقة (نيقوميديا) القريبة من (نيقية) عاصمة السلاجقة حدث انقسام جديد على بطرس الناسك بين الألمان والإيطاليين من جهه وبين الفرنسيين من جهه أخرى ،وأختار الألمان والإيطاليون (رينالد) الإيطالي قائدا ً لهم ،وبقوة قوامها 7 آلاف بدأ هؤلاء يتوغلون في آسيا الصغرى وهاجموا قلعة بيزنطة ولما علموا السلاجقة بهم نهضوا لمحارتهم وأنتصروا عليهم وحاصروهم حتى سلم نفسه رينالد وأكثر رفاقة والباقون كانوا سبايا حرب للسلاحقة (برواية المؤرخ المجهول).

واستغلت المجموعة التي مع الناسك بطرس غيابه وقامت بهجوم على الأراضي الزراعية والقرى حتى بلغوا مدينة نيقية بوحشية بالغة وخرجت سرية من الجيش السلجوقي لقتالهم ثم عادت.

انتقام السلاجقة: استدرج السلاجقة الصليبيون بأن أرسل السلطان (قلج أرسلان) جاسوسيين ، أ:تراك أخبرا الصليبيون بأن رفاقهم بقيادة رينالد استولوا على نيقية وبدأوا بتوزيع الغنائم ،فتحركوا مسرعين نحوهم وقد ملأ السلطان قلج أرسلان الطريق بالكمائن وفي 21 أكتوبر وعند قرية (دراكون) وقعوا في كمين السلاجقة ،فانهالت عليهم السهام من الغابة وكانوا فريسة سهلة لسيوف السلاجقة وهزموا هزيمة فادحة وقتل منهم 25 ألف كما قتل أهم قادة الحملة مثل (والتر المفلس) ونجا بطرس الناس بصعوبة وبهذا انتهت حملة الفلاحين.

وهناك بعض الاتهامات للإمبراطور الكسيوس كومنين أنه السبب فيما تعرضت له الحملة منها ما قاله ريموندا جيل: إجبار الإمبراطور الناسك بطرس وجموعه عبور المضيق وهم الذين لم يكونوا يعرفون بموقع الحرب وفنونها وليست عندهم دفاعات كافية ،كما ذكر المؤلف المجهول: أن الإمبراطور لم يكتم فرحته العظيمة بهزيمة الحملة وأنه نقلهم عبر البوفسور بعد تجريدهم من السلاح.

بينما هناك شهادات تنفي هذه التهم عن الإمبرطور منها ما نقله المؤرخ البرت دي أكسي ،بأن الإمبراطور قام بواجبه من تموين الحملة وحذرها عن الزحف شرقا ً وأن الكارثة حلت بسؤ سلوك أفرادها واختلاف قادتها ،كما ذكر وليم الصوري أن ما حل بالصليبيين من الطيش الجنوني الذي كان عليه هؤلاء القوم الحفاة غير النظاميين.

وتفيد شهادة إسلامية أن الإمبرطور أخبر السلاجقة بظهور الفرنج كما جاء في تاريخ العظيمي.

وهذا الخبر بهذه الشهادة مستبعد جدا ً لأنه لو كان صحيح لما غفره الكتاب اللاتين للإمبراطور ولعدوه خيانة عظمى ولكانت الحملات النظامية التي جاءت قد اختلفت.

ويدلي المؤرخ الفرنسي شالندون بدلوه لصالح الإمبراطور وهو أحد الكتاب الذين كتبوا في تاريخ الإمبراطورية وعلاقتها بالغرب بحيادية إذ يفيد أن سبب نكبت الحملة هم الصليبيون أنفسهم ،أما الكتاب المعاصرين فرغم أنهم لم يتعاطفوا معها إلا أنهم غضوا النظر عن تصرفات رجالها الغوغائية بل بحثوا لهم عن تبرير كونها خرجت من عباءة الكنيسة رغم أن الكنيسة لم ترغب بخروجهم.

 

 الحملات الشعبية واليهود:

تكونت تحت تأثير دعوة بطرس الناسك وجولته في ألمانيا وأجزاء من فرنسا حملات شعبية عددها ثلاث حملات من الغرب ولكنها لم تصل إلى الشرق أو عبور الأراضي البيزنطية لأنها انتهت في الغرب قبل أن تغادره وذلك بمقابلتها عدوا ً آخر غير المسلمين هم اليهود.

  • حملة الراهب جوتشلك الألماني: جمع جوتشلك 15 ألفا ً من المعدمين وسار بهم من ألمانيا إلى بلاد المجر ووجدت جماعة جوتشلك وغيرها من الجماعات أن اليهود عدوا ً قريبا ً يجب محاربته قبل الأنطلاق إلى الشرق لأن اليهود كانوا ينتشرون في غرب أوروبا على الطرق التجارية وهم تجار مهرة وسيطروا على كثير من النبلاء والأمراء بالقروض والفوائد الكبيرة خصوصا ً أبان الحملات الصليبية ،واليهود يدركون بغض سكان غرب أوروبا لهم فبدأوا يضيقون في إعطاء القروض فحاربهم جوتشلك وقتل أعدادا ً كبيرة منهم.
  • حملة الكونت أميخ الألماني: هو أحد اللوردات الصغار من منطقة (لينرنجن) أعلن أنه صحى من نومه على صليب مرسوم على جسده وأعلن أن الحروب الصليبية ستبدأ 3 مايو 1096م ولكن هنا في ألمانيا ضد اليهود العدو الأول للمسيح وقاد حملته إلى مدينة (سبير) لتعقب اليهود ولكنه لم يقتل إلا 12 يهوديا ً بعد أن لاذ اليهود في حمى الأساقفة الذين قدموا لهم الهدايا ثم انضمت إليهم جماعة أخرى من مدينة (وورمز) قاموا بمهاجمة الحي اليهودي في وورمز ولم يعبأ الصليبيون بحماية الأسقف واحتلوا سكن الأسفف وقتلوا جميع من به من اليهود وساروا في المدن الألمانية يتعقبون اليهود ويفتكون بهم.
  • حملة الكاهن فولكمار: سمع ما فعله أميخ باليهود فسار بجماعته من (سكونيا وبوهميا) الألمانيتين ووصل إلى (براغ) لكن الهنجاريين حموا اليهود وقاموا بطرد فولكمار وتفريق جماعته.
  • مقدار الكره المسيحي لليهود: كشفت هذه الحركات الصليبية مقدار الكره الأوروبي والألماني خاصة لليهود وكشفت عن الدور المالي الذي لعبه اليهود في العصور الوسطى في أوروبا الغربية وصور المؤرخ اليهودي (يشوع براور) مذابح اليهود أنها توازي الهولوكست
  • نطرة الكنيسة المسيحية إلى اليهود: هي نظرة إحتقار والحماية لهم لم يكن لها مصدر ديني بقدر ما كان مصدرها الرشاوي وأن أحتقارهم دليل على انتصار المسيحية المظفر عليهم ،كما أن سيطرة اليهود على المال وتكلبيلهم النصارى بالفؤائد الكبيرة أذكا العداوة.

 

 الحملة الصليبية الأولى (النظامية): لم يخرج الملوك لخلافهم مع الكنيسة.

  • أمراء الكنيسة:
  • هيوج كونت فرماندو: هو أخ ملك فرنسا فيليب الأول قد دفعه أخوه للاشتراك بالحملة بعد أن دعمه بعدد من الجنود والفرسان وكان أول المتحركين وانضم إليه ممن هربوا من حملة أميخ ،غرقت بعض السفن وغرق معها عدد كبير من رجاله ونجا هيوج كونت ووصل القسطنطينية فأغدق عليه الإمبراطور بالهدايا فأقسم يمين الولاء بأتباع الإمبراطور بسبب:

 أ) ضآلة ما كان معه من الجنود.

 ب) قلق شخصيته وطمعه بالمال والسلطان.

ت) كونه لم يكن مرتبطا بولاء سابق لأي جهة أخرى.

  • جودفري دي بويون: ثاني القادة الواصلين إلى القسطنطينية وعند اقترابه منها أُخبر أن هيوج اسير عند الإمبراطور فقام بمهاجمة القرى والمدن ولكن الإمبراطور أرسل له هيوج ليتأكد من كذب الخبر لكنه لم يرضى وبدأ الإمبراطور يضيق عليه حتى أتى وأقسم يمين الولاء وعبر إلى آسيا ومهد الطريق إلى نيقية وكان معه كما تذكر آنا كومنين 10 آلاف فارس و70 ألف من المشاة.
  • بوهيموند النورماني: ثالث الواصلين وأفضل الجيوش تنظيما وخبره 10 آلاف فارس و20 ألف من المشاة ،تخوف منه الإمبراطور للعلاقة السئية فيما بينهم ولقوة جيشه ،أقسم يمين الولاء وطلب أن يكون “دمستق الشرق”ولكن طلبه رفض من الإمبراطور بحجة أن الوقت لم يحن ،عسكر بالقرب من جيش جودفري.
  • روبرت دوق نورمنيدا: رابع الواصلين ومعه صهره ستيفن كونت بلوا وابن عمه روبرت الثاني كونت الفلاندرز ،تحرك من فرنسا وأقسم يمين الولاء بسهوله وأعطي الهدايا وكان أكثر المتأثرين بالهديا صهره الذي كتب لزوجته :(أن والدك بذل منحا ً كثيرة غير أنه لا يضارع بهذا الرجل).
  • ريموند الرابع كونت تولوز: آخر الواصلين وعرف باسم أحب ممتلكاته إليه سانت جيل وعرفه العرب باسم ريموند الصنجلي طالب بالقيادة لأسباب:

 أ) أنه أكبر القادة الصلبيين سنا ً.

ب) أقربهم لكنيسة روما.

ت) أكثرهم ثروة.

 ث) مرافقة مندوب البابا له. ولم يقسم يمين الولاء بسبب:

 أ) خوفه أن يعطل ذلك حصوله على قيادة الحملة.

ب) أن ذلك يهدد الصلة التي نسجها مع البابا.

ت) مساواته بالقادة الذين أقسموا يهدد طموحاته.

وتوترت العلاقة لعدم القسم بينه وبين الإمبراطور وأخيرا أقسم في 26 أبريل ثم تحسنت العلاقة مع الإمبراطور واتفقوا على الحذر من بوهيموند الماكر الخداع.

  • مكاسب الإمبراطور البيزنطي: يمين الولاء حقق له من هؤلاء القادة عدة أهداف:
  • الحفاظ للإمبراطورية على حقها في استعادة الإراضي التي كانت تحكمها.
  • الاطمئنان أنه استطاع أن يكبلهم بالعهود التي تحفظ له هذا الحق.
  • بث التنافر بين هؤلاء القادة الصليبيين.

 

  • أهم قرارات اتفاقية القسطنطينية:
  • تعهد الصليبيون بإعادة الأراضي التي كانت تحكمها الإمبراطورية لها.
  • بقسمهم الولاء للإمبراطور يصبحون من أتباعه وجندا ً في خدمته.
  • تعهد الإمبراطور بسلامتهم ومساعدتهم وتسهيل التموين لهم.
  • أن يضع فرقة من جيشه تحت تصرف زعماء الحملة لأعانتهم وتدلهم على الطريق.

ولعل القصد من إرسال الإمبراطور فرقه من جيشه بقيادة (تاتكيوس) كان بهدف:

 أ) المحافظة على صورته في العالم النصراني.

ب) مراقبة الحملة وقادتها وبعث تقارير عنها كما تزعم المصادر الغربية.

 

  • من التوقعات عن سبب مشاركة الإمبراطور بهذه الضئالة والمحدودية:
  • تلمس الإمبراطور بعد وصول الصليبيين حقيقتهم التي جعلته يتراجع عن الدفع بكل قواته لدعم الحملة.
  • أراد أن يعطي نفسه وقواته فرصة من التأمل ومراجعة الموقف وفق توالي الأحداث.
  • وجد في الصليبيين أعداء جدد لا يقلون عداء من السلاجقة المسلمون.

 

  • حدود الحملة عند الطرفين: نعتقد أن الإمبراطور اهتماماته ومطالباته وجهوده انصبت على استرجاع مناطق آسيا الصغرى التي فتحها السلاجقة في الفترة القريبة التي سبقت توليه العرش.
  • جدل حول الأعداد المشاركة في الحملة الأولى:
  • وليم الصوري: 600 ألف ذكر وأنثى من المشاة والفرسان 100 ألف.
  • فوشيه الشاتري: 600 ألف شخص بينهم 100 ألف مدرع ومدجج ويوصلهم البعض إلى مليون شخص.
  • المصادر الحديثة: 30 ألف من المشاة وما بين 4200 -4500 فارس والكثير منهم سقط تحت ضربات السلاجقة أو تعرض لمخاطر الطريق أو فضل العودة إلى موطنه.
  • مصادر أخرى: 100 -150 ألف مقاتل وهناك مآرب كثيرة لتكثير العدد أو تقليله لدى المؤرخين.

 

  • تحركات الحملة الصليبية في آسيا الصغرى: تجمع الصليبيون في آسيا بجوار سميرنا (أزمير الحالية) ورافق الجموع (تاتكسيوس) البيزنطي ،فسقطت نيقية عاصمة السلاجقة استسلاما ً ثم سقطت قونية التي أتخذها قلج أرسلان عاصمة بدلا من نيقية وكان سقوطها القضاء على المقاومة السلجوقية وهنا بدأ أول خرق لاتفاقية القسطنطينية حيث هدف القادة الصليبيون عن مكاسب شخصية لكل منهم فستولى بوهيموند على أنطاكية وأسس بها إمارة واستولى بلدوين على الرها واستولى ريموند الصقلي على طرابلس.
  • سقوط بيت المقدس: حوصر بيت المقدس حصارا ً شديدا ً لأكثر من شهر فسقط في 10 يولية 1099م الجمعة 23 شعبان 492 هـ وقد ارتكب الصليبيون مجازر فظيعة وجرائم مهولة عند دخولهم.
  • نتائج الحملة الصليبية الأولى:
  • إعلان مملكة بيت المقدس وكان من المقرر أن تكون حكومته دينية لكن موت مندوب البابا الأسقف (أدهيمار) خربط الأمور فقامت حكومة مدنية يرأسها (جودفري دي بويون) فكان ذلك أكبر لطمه تتلقاها كنيسة روما وكان لقب جودفري دي بويون (حامي القبر المقدس).
  • نتج قيام ثلاث إمارات صليبية لكل قائد من قواد الحملة في الرها وأنطاكية وطرابلس.
  • الاستيلاء على الأراضي والدور ووزعت على البارونات والأفصال لتحكم حسب الأقطاع الأوروبي وتحول ملاك الأراضي والسكان إلى عبيد عندهم.

 

 الحملة الصليبية الثانية

 أمضى الصليبيون 50 عاما ً التي تلت سقوط القدس في إنشاء وتنظيم مملكة بيت المقدس.

  • بروز عماد الدين زنكي: كان أحد القيادات العسكرية التي شهدها الصراع السلجوقي في المنطقة وتولى (عماد الدين) زنكي حكم الموصل وحلب وكان أول أعماله ونجاحاته حين تمكن من استعادة الرها 1144م 539هـ يوم عيد الميلاد.
  • ظهور نور الدين زنكي: خلفا أباه عماد الدين زنكي وكان صاحب قدرة وعزيمة في محاربة الصليبيين وكان أول أعماله ونجاحاته حين ردهم أثناء محاولتهم لاسترداد الرها 1146م ،وكان حاكم دمشق يخشاه وعلى خلاف معه وهو (معين الدين أنرو) الذي كان حليفا ً للصليبيين ومتعاون معهم لإضرار نور الدين.
  • اخبار استعادة الرها تصل إلى الغرب: وصلت أخبار استعادة المسلمين الرها من أنطاكية التي كانت تصارع للبقاء أمام ضربات نور الدين زنكي فاصدر البابا (بوجين الثالث) في الأول من ديسمبر 1145م أول مناشيره يدعو بقية الصليبيين لانقاذ الرها ومساعدة بقية الصليبيين وأرسل منشور إلى فرنسا الموطن الأصلي للحروب الصليبية وعين البابا مندوبا ً خاصا ً هو (برنارد) رئيس دير (كليرفولير) ليواصل الدعوة إلى الحملة الصليبية الجديدة وكان برنارد أبرز شخصية في الحياة السياسية والفكرية في الغرب ومن أكبر القياديين الكنيسيين.
  • ملك فرنسا لويس السابع ينظم إلى الحملة: كان يفكر في زيراة بيت المقدس بعيدا ً عن الكنيسة واستطاع برنارد أن يوفق بين رغبته والحملة الصليبية فأعلن الملك لويس استجابته فبدأت الكنيسة بتوزيع صكوك الغفران وحذرت من أخطاء الحملة الأولى ومنها:
  • مشاركة غير القادرين والمعدومين والفلاحين فيها.
  • استهداف اليهود واستغلال ظروف الحملة في الأقتصاص منهم ومهاجمتهم.
  • ملك ألمانيا كونراد ينظم إلى الحملة: شعر برناردو وهو في ألمانيا أنه لم يعد من الممكن استبعاد هذا البلد من الحملة الصليبية واستمر في الضغط والدعوة للملك (كونراد) حتى اقنعه واستجاب لندائه وتبعه القادة الألمان وعدد لا يحصى من النبلاء وقد كانت على ألمانيا على خلاف مع الكنيسة من قبل ،وبمشاركة الملك الفرنسي والملك الألماني أطلق على الحملة الثانية حملة الملوك.
  • خلافات مبكرة بين قائدي الحملة: أول الخلافات كانت بسبب الطريق الذي يسلكون البري أو البحري ،فقد سلك ملك ألمانيا الطريق البري عبر هنغاريا وصولا ً إلى القسطنطينية وتوتر الجو بين ملك ألمانيا وملك بيزنطة حول يمين الولاء ،واثناء اقتراب الجيش الفرنسي نقل (كونراد) إلى آسيا الصغرى حيث تلقى عدة ضربات من السلاجقة ،حصل الملك البيزنطي على يمين الولاء من الملك الفرنيس رغم وجود جناح في الجيش الفرنسي معاديا ً لبيزنطة وأمدهم الملك البيزنطي بالمرشدين ولم يقدم لهم سوى دعما قليلا ً بسبب الهدنة بينه وبين السلاجقة ،وبالقرب من نيقية توحد الجيشان الفرنسي والألماني وعند أزمير مرض الملك الفرنسي فرجع إلى القسطنطينية للعلاج وأشرف على علاجه الإمبراطور شخصيا ً مما حسن العلاقة بينهم ،وتلقى الجيش الفرنسي عدة ضربات من السلاجقة وواصل تقدمه من نجا من الجيشين طريقه إلى بلاد الشام.
  • ثلاثة ملوك وخطة فاشلة: الملك الألماني والملك الفرنسي وملك بيت المقدس (بلدوين الثالث) قرروا بعد وصول الجيوش الصليبية لبيت المقدس 1148م مهاجمة دمشق واحتلالها وكان قرارا ً كما وصفه أحد المؤرخين بأنه “قرار في غاية الغباء” لأن حاكم دمشق (معين الدين أنر) حليف لصليبيين في بيت المقدس ويشكل نقطة ارتكاز في التصدي لنور الدين محمود لكن ملك بيت المقدس أراد تقديم مصالحه الشخصية فاقنع الفرنيس والألماني بمهاجمة دمشق ،وتم الحصار ولم يستمر سوى 4 أيام حيث فشل بفضل حنكة (أنر) الذي بذر الشقاق بين الفرنج المستوطنين والصليبيين الجدد.
  • فشل الحملة الصليبية: وبفشل حصار دمشق تنافر الصليبيين وبالتالي فشلت الحملة الصليبية فعاد كونراد الألماني 1148م عن طريق القسطنطينية وعاد لويس بحرا ً إلى فرنسا 1149م.
  • آثار ونتائج فشل الحملة الصليبية:
  • لم يتحسن موقف الفرنج في بيت المقدس بما حدث من مهاجمة دمشق.
  • سؤ الظن أحاط بالحركة الصليبية وصدمت الرأي العام في أوروبا.
  • ضاعت جهود (سيجبرو) والقديس برنارد في إعداد حملة صليبية جديدة سنة 1150م ،إذ أن الرأي العام لم يثق بدعاة الحركة الصليبية.
  • آثار ونتائج فشل الحملة الصليبية على نور الدين زنكي:
  • تجددت هجمات نور الدين إذ أنه سنة 1150م استعاد ما تبقى في يد الصليبيين من إمارة الرها.
  • هزم أمير أنطاكية (ريموند) الصليبي وقتله 1154م واستولى نور الدين على مدن شرق إمارة أنطاكية.
  • أزداد الضغط على بيت المقدس واصبح ممهدا ً للوصول إلى مصر.

 

 الحملة الصليبية الثالثة:

  • الأوضاع في المنطقة قبيل مقدم الحملة الثالثة: كانت مصر ميدانا ً للصراع بين الصليبيين ونور الدين زنكي بسبب التراجع والأنهيار الذي أصاب الدولة الفاطمية ،فنور الدين يريد أن يضم مصر إلى الجبهة الإسلامية والاستيلاء عليها للتصدر للصليبيين ،والصليبيون أرادوا تعويض هزائمهم أمام نور الدين بالتطلع إلى مصر.
  • صراع الوزراء في مصر: أرسل نور الدين قائده أسد الدين (شيركوه) ومعه ابن أخيه (صلاح الدين الأيوبي) لنجدة الوزير (شاور بن مجير السعدي) ضد الوزير (ضرغام) الذي استدعى (عموري) ملك بيت المقدس لنصرته ،فانتصر شاور وبدأ بالتنكر لشيركوه وطلب منه مغادرة مصر فاحتل شيركوه (بلبيس والشرقية) فاستنجد شاور بملك بيت المقدس فسارع إلى نجدته فضغط نور الدين على الصليبيين في بلاد الشام فاسرع عموري بالعودة إلى بيت المقدس فاتفق الطرفان على ترك مصر وشأنها سنة 559هـ 1164م.
  • عوامل دفعت نور الدين زنكي للتركيز على الاستيلاء على مصر:
  • خوفا من سقوطها في يد الصليبيين.
  • الخلاف المذهبي مع الفاطميين مما سبب الفرقة بين المسلمين.
  • تحيز السلاجقة وبالذات نور الدين زنكي للمذهب السني والخلافة العباسية.

 

 

  • العودة مرة ثانية للصراع على مصر: استنجد الخليفغة الفاطمي (العاضد) بنور الدين زنكي للخلاص من الوزير شاور فتدخل عموري وعادة الجولات السابقة بين النور الدين وعموري لكن عموري استطاع هذه المرة أن يحقق بعض النتائج:
  • دفع الفاطميين له جزية سنوية 100 ألف دينار.
  • بقاء قوة صليبية تحمي أبواب القاهرة.
  • تعيين مندوب (سحنه) للملك الصليبي لتدخل في شؤون مصر.

 

  • البحث الصليي عن تحالف بيزنطي للاسيتلاء على مصر: تحالف عموري والإمبراطور البيزنطي في الهجوم على مصر لأن شاور تنكر لإلتزاماته المالية للصليبيين لكن الإمبراطور البيزنطي كان مشغولا ً في ترتيب أوضاع البلقان فطلب إمهاله بعض الوقت ولكن عموري هاجم مصر فاستنجد شاور بضغط من الرأي العام بنور الدين زنكي ففشل عموري في مهاجمته لمصر للمرة الرابعة وذلك بإتحاد المسلمين ضده وذلك عام 1169م 564 هـ.
  • شيركوه وزيرا ً في مصر: فرح أهل مصر بمقدمه وخلع عليه الخليفة الفاطمي خلعة الوزارة وسماه بـ (المنصور) فشكى أهل مصر من شاور فتم قتله وولده الكامل وقد شارك الخليفة الفاطمي بالتخلص منه 564هـ 1169م ،بعدها توفي أسد الدين شيركوه بعد شهرين من دخوله القاهرة وخلفه في الوزارة أبن أخيه صلاح الدين الأيوبي.
  • ظهور صلاح الدين وبروزه: استمال الناس في القاهرة وقتل رئيس البلاط في قصر الخليفة الفاطمي وكان خصيا ً نوبيا ً اسمه (مؤتمن الخليفة) الذي دبر مؤامرة للاتصال بعموري كما أبعد صلاح الدين بإبعاده هذا النوبي جميع الخدم الخصيان السودان عن مقر الخلافة وكانوا قرابة 50 ألف وأرسل أخاه (توران شاه) خلفهم فأبادهم ،وكذلك فعل بحرس الخليفة الأرمن وقضى على كبار الإقطاعيين مما أضعف أمر الخليفة الفاطمي العاضد.

 

  • حملة بيزنطية صليبية جديدة على مصر: جرد الإمبراطور البيزنطي (إيمانويل كومنيين) وعموري ملك بيت المقدس سنة 565هـ 1169م حملة مشتركة على مصر لكنها فشلت فشلا ً ذريعا ً فتدعم موقف صلاح الدين في مصر وقفدت الخلافة الفاطمية آخر أمل للتخلص من قبضته القوية.
  • سقوط الخلافة الفاطمية: كان تردد صلاح الدين في القضاء على الفاطميين بسبب تخوفه من نوايا نور الدين زنكي الذي أخذ يشعر بتغير موقفه منه وأنه بات يحسده على انتصاراته في مصر وكان نور الدين يلح على صلاح الدين الدين بالقضاء على الخلافة الفاطمية والدعاء للخليفة العباسي (المستضيء) وكان صلاح الدين يتحجج بتخوفه من أنصار الفاطميين بمصر ،وأخيرا ً أرسل نور الدين إنذارا ً أخيرا لصلاح الدين بالقضاء عليهم وكان صلاح الدين يريد البقاء عليهم لاستغلالهم عند الحاجة إذا تأزم الموقف بينه وبين نور الدين وأخيرا ً تم ذلك في أول جمعه من عام 567هـ حيث دعي للخليفة العباسي مكان الفاطمي ومات العاضد الفاطمي بعد ثلاثة أيام دون أن يعلم بخلعه وزوال خلافته.
  • قيام الدولة الأيوبية وقيادتها للصراع مع الصليبيين: انتهى التوتر بين صلاح الدين ونور الدين زنكي بموت الأخير سنة 569هـ 1174م فوسع صلاح الدين دولته حتى وصل إلى حلب عام 579هـ 1183م وكذلك ضعفت مملكة بيت المقدس بمرض بملكها بلدوين الرابع بالجذام فاستولى صلاح الدين على بعض المعاقل الصليبية واصبح يشدد ضرباته عليهم خصوصا ً بعد استيلائه على حلب.
  • أرناط يعجل بالحرب الشاملة ضد الصليبيين: كان الأمير الصليبي أرناط (رينالد) صاحب حصن الكرك مستفزا ً دائما ً لصلاح الدين بحبه لسلب والنهب وقطع الطريق بين الشام ومصر وتجرأه بمحاولة غزو الحجاز عبر البحر الأحمر فأرسل صلاح الدين أخاه العادل حاكم مصر فدمر أسطول أرناط وكاد أن يقتله ،ثم هادن صلاح الدين الصليبيين ليتمكن من ترتيب دولته وإحلال أبناءه محل أخوته وكذلك استفاد الصليبيون من هذه الهدنة لتصفية كثير من المشاكل التي نشبت بعد وفاة بلدوين الرابع 1185م ولكن أرناط بحماقاته عجل بإثارة الحرب مع صلاح الدين التي جاءت الكارثة على الصليبيين.
  • موقعة حطين وأعظم انتصار على الصليبيين: كان من أسباب الاستعجال بهدة المعركة الفاصلة أن أرناط في حصن الكرك انقض عام 582 هـ على قافلة متجهه من القاهرة إلى دمشق فاستولى عليها وأسر رجالها ورفض طلب صلاح الدين وملك بيت المقدس جاي لوز بالإفراج عليها فبدأ صلاح الدين بالدعوة إلى الجهاد والتعبئة العامة ،فدارت المعركة الأولى بين المسلمين والصليبيين بقيادة ملك بيت المقدس قرب صفورية فانتصر المسلمون انتصارا عظيما ً ثم تجمعت الجيوش عند طبرية حيث سار الصليبيون في ظروف سيئة سنة 583 هـ يوليو 1187م بحرارة الجو وقلة المياه وفي 4 يوليو دارت المعركة فحاط بهم المسلمون وقتلوا معظمهم وانتصر المسلمون وأسر الملك جاي لوز جنان وأرناط ومقدم الداوية فقتل أرناط وفاء لقسم صلاح الدين وأكرم استقبال الآخرين.
  • تأجيل استعادة القدس: آثر صلاح الدين أن يتجه إلى الموانئ الساحلية قبل القدس لهدفين:
  • ليحرم الصليبيين أية معونة تأتيهم عن طريق البحر من الغرب.
  • أن يهيأ اتصالا ً سريعا ً بحريا ً مع قاعدته في مصر.

وكانت السياسة الرحيمة التي اتبعها مع عكا ساعدته على الاستيلاء على المدن الساحلية الداخلية مثل الناصرة وقسارية وحيفا وصفورية ويافا وصرفند وصيدا وبيروت وجبيل وعسقلان ،وكان من الخطأ الذي ارتكبه صلاح الدين أن خير أهل تلك المدن بالبقاء أو الرحيل فرحل كثير منهم إلى صور مما شكل فيها قوة استحالة معها الاستيلاء عليها واتخذت مركزا ً لإحياء مملكة بيت المقدس فيما بعد.

 

  • استعادة بيت المقدس: اتجه صلاح الدين إلى بيت المقدس بعد أن استعصت عليه صور ،فعاند أهل بيت المقدس في تسليمها فاقسم إن يفتحها بحد السيف وبدأ في مهاجتمها فأدرك أهلها صعوبة الدفاع عنها فطلبوا الأمان ووافق صلاح الدين على أن يسمح لهم بالخروج مقابل فداء معين عن كل رجل وامرأة وطفل فدخلها يوم الجمعة 2 أكتوبر 1187م 583هـ وكان يوم ذكرى الإسراء والمعراج فاحتفل المسلمون واحسنوا معاملة الصليبيين وأشاد بذلك المؤرخين الأوروبيين بتسامح صلاح الدين واصبحوا يعقدون المقارنة بين تعامل المسلمين والصليبيين.
  • اصداء سقوط بيت المقدس في الغرب: لم يمر ثلاث سنوات على الهجوم الشامل الذي شنه صلاح الدين على الصليبيين حتى انكمشت الممتلكات الصليبيية في بلاد الشام مما دعا البابا ينادي ملوك أوروبا وامرائها للقيام بحملة صليبية جديدة تسترد بيت المقدس وتثأر للصليبيين ،وقد توفي البابا أوربان الثالث في روما تحت ضغط أخبار معركة حطين وخلفه جريجوري الثامن وقد استجاب لهذه الدعوات البابوية كلا ً من:
  • ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا.
  • فيليب الثاني أغسطس ملك فرنسا.
  • فرد ريك الأول بربروسا إمبراطور ألمانيا.

وقد أختار إمبراطور ألمانيا طريق البر عبر آسيا ويبدو أن حملته تعرضت لمصاعب جمه من جانب الدولة البيزنطية والسلاجقة وانتهى الأمر بغرق الإمبراطور الألماني في أحد أنهار آسيا وتشتت حلته ،فيما سلك ملك فرنسا وملك إنجلترا طريق البحر ،فوصل فيليب أغسطس فتزعم الصليبيين الذي يحاصرون عكا وزادت قوتهم بوصول رتشارد قلب الأسد مما اضطر الحامية الإسلامية إلى التسليم في حين لم تفد الحملات التي شنها صلاح الدين لإنقاذها.

 

  • خلافات قائدي الحملة الصليبية: بدأت الجولات بين صلاح الدين والقادمون الجدد تتجدد في أكثر من جهه إلا أن الخلاف بدأ يدب بين فيليب أغسطس ملك فرنسا وريتشارد ملك إنجلترا وهي خلافات قديمة تجددت في أرض العركة مما دفع فيليب إلى الأعتذار بالمرض وعاد إلى بلاده في أوائل أغسطس 1191 م فيما بقي ريتشارد الذي أبدا شجاعة وتهور في معاركه مع صلاح الدين عدت أهم حلقات الحروب الصليبية خلال السنوات 587 – 588 /1191 – 1192 م وبدأ باستعادة عدة مدن من المسلمون ورغم هزيمة الصليبيين في موقعة (أرسوف) 1191 م 587 هـ إلا أن ريتشارد نظم صفوفهم وفوت الفرصة على صلاح الدين الذي كاد أن يقضي عليهم.

 

  • اللجوء إلى فتح المفاوضات: ادرك ريتشارد أن مشاكل الصليبيين الداخلية كثيرة وأن موقف صلاح الدين قوي ومتين كما أن بلاده في حاجة إليه بعد تحرك عدوه اللدود فيليب أغسطس نحو أملاكه كل ذلك فتح باب المفاوضات مع صلاح الدين.
  • صلح الرملة بين ريتشارد وصلاح الدين: صلح الرملة 1192 م 588 هـ ونص على أن يكون للصليبيين المنطقة الساحلية من يافا بما فيها قيسارية وحيفا وأرسوف وما عدا ذلك بما فيه بيت المقدس بأيدي المسلمين وللمسيحيين حق الزيارة بدون سلاح.

 

  • وفاة صلاح الدين ومقتل ريتشارد: بعد الصلح توجه ريتشارد إلى بلاده عبر البحر فتحطمت سفينته فسار متنكرا ً عبر النمسا واكتشف أمره وسلم إلى إمبراطور ألمانيا الذي وضعه في السجن وأطلق سراحه في عام 1199 م بعد أن دفعت إنجلترا فدية كبيرة ثم قتل في معركة ضد فيليب أغسطس سنة 1199 م ،أما صلاح الدين فما لبث أن توفي 589 هـ 1193 م في دمشق بعد مرض قصير ويعد صلاح الدين أعظم شخصية شهدها عصر الحروب الصليبية.
  • نتائج الحملة الصليبية الثالثة:
  • حافظت للصليبيين على إمارة أنطاكية وطرابلس وعدد من المدن الساحلية وفشلت في إعادة بيت المقدس.
  • بذرت هذه الحملة بذور الحملة الرابعة وادت إلى زيادة تسميم العلاقة بين الدولة البيزنطية والغرب الأوروبي.
  • حدث تقارب بين المسلمين والمسيحيين كما لم يحدث من قبل أو بعد.
  • من أهم النتائج إفلات زمام الحملات الصليبيبة من البابوية واصبح من اختصاص الدولة المدنية العلمانية.

 

 الحملة الصليبية الرابعة:

يعتبر تاريخ الحملة الصليبية الرابعة تاريخا ً لتسلط النزعة العلمانية ومحاولة البابوية التخلص من ذلك التسلط وتلك السيطرة وفشلها في ذلك.

 

  • انوسنت الثالث يتلوى البابوية في روما: تولى في 1198م وتزامن مع فترة بابويته وفاة هنري السادس أكبر وأعظم رجال السياسة في زمنه مما جعل انوسنت يستفيد من هذا الفراغ السياسي في التحرك والدعوة إلى حملة صليبية جديدة خصوصا وأن المسلمين قد ضعفوا بسبب الحرب الأهلية بين العادل وأبناء أخيه صلاح الدين على الحكم.

يعد انوسنت الوريث الحقيقي لهنري السادس وقد حاول انوسنت أن يعيد إلى الحروب الصليبية نفسها الديني وأن يخضعها لإشراف البابا وتوجيهه.

  • تجهيز الحملة الصليبية الرابعة في فرنسا: تعتبر الحملة الرابعة حملة فرنسية في تأليفها لا في توجيهها فأعضاؤها البارزون كانوا أهم الأمراء الفرنسيين ،ورغم أن الحملة تزعمها ودعا إليها البابا إلا أنها علمانية على الرغم من هذه الزعامة إذ أن البارونات الفرنسيين اختاروا قائدهم وعينوا الطريق الذيي يسلكون دون إستشارة البابا في ذلك.
  • مصر كانت هدف الحملة الرابعة: لأن مصر انتقل إليها مركز القوة الإسلامية وساقت الأغراض التجارية المدن الإيطالية إليها فاتصلت هذه المدن من مصر بالبحر الأحمر وتجارة المحيط الهندي الذي اصبح الهدف الثابت للحملات الصليبية المتتاليه ،كما أن ملك بيت المقدس (املريك الثاني) عقد هدنة مع العادل عام 1200م بشأن الأراضي المقدس لا تنتهي مدتها إلا بعد 3 سنوات.
  • وفد لاستئجار السفن من البندقية: ولأن الحملة بحرية توجه وفدا من كبار رجال الحملة الفرنسية يرافقهم (فلهاردوان) مؤرخ الحملة الصليبية الرابعة إلى البندقية وتم الاتفاق على أن تقوم البندقية بنقل وتقديم المؤن لمدة عام لنحو 4500 فارس بخيولهم و900 من اتباعهم و20 ألف من الرجالة (المشاة) بصحبة 50 سفينة ويكون مكان التجمع البندقية على أن تحصل البندقية على 85 ألف مارك ونصف ما يستولي عليه الصليبيون من أراضي.

 

  • الأغراض السياسية تخيم على الحملة: اصبحت الحملة معتركا ً لأغراض سياسية طغى على تفكير القائمين بها مما حول مسار الحملة من مصر إلى القسطنطينية وأسباب ذلك:
  • الحقد والضغينة الصليبية للإمبراطورية البيزنطية والذي برز في أكثر من مرحلة من مراحل الحملات السابقة.
  • ما تحمله البندقية من ضغينة تجارية بعد انتقاص مصالحها في القسطنطينية وما تعرض له حي البندقية في القسطنطينية.
  • ما يضمره النورمانديون من عداء وثأر قديم للقسطنطينية قبل الحروب الصليبية وخلالها وتأثر أملاكهم في جنوب إيطاليا بالضربات البيزنطية.

 

  • بداية الانحراف في خط سير الحملة: شعر الصليبيون بعدم قدرتهم لدفع مبلغ 85 ألف مارك مقابل نقلهم لمصر فجرى التفاوض مع البندقية وتم الاتفاق على أن يحققوا للبندقية من أغراض والهدف الوحيد الذي جرى ذكره هو الاستيلاء على (زارا) وهي ميناء على البحر الإدرياتيكي أدعى البنادقة أن المجريين انتزعوه منهم عام وذلك عام 1202م ،هذا ولم يلتفت أحد إلى نداءات البابا ورفضه لهذا الانحراف في الحملة.
  • انحراف آخر في خط سير الحملة: في زارا انضم إلى جيش الصليبيين (الكسيوس الصغير) الذي خلع أباه (الكسيوس الثالث) واستولى على العرش ،وقد اقنع الصليبيون بالتوجه إلى القسطنطينية لاستعادة عرش والده مقابل وعود ضحمه وأموال طائلة تمكنهم من القيام بحملتهم على مصر ،فوافقوا الصليبيون رغم معارضة الكثير من الصليبيين المتشددين ومعارضة البابا ،وفي منتصف يوليوا 1203م كان الصليبيين يعسكرون أمام القسطنطينية ويهددونها.

 

  • هروب الكسيوس المغتصب ودخول الصليبيين القسطنطينية: هرب الكسيوس مغتصب العرش البيزنطي وعاد العرش إلى (إسحاق انجيلوس) بعد أن أجبره الصليبيون على إشراك أبنه الكسيوس معه في الحكم حتى يفي بوعوده لهم والذي اكتشف فيما بعد عدم قدرته على الوفاء بهذه الوعود فطلب منهم أن يبقوا لمدة عام حتى يتمكن من ذلك غير أن ما نجم عن طول زمن بقائهم في القسطنطينية وأزدياد الاتصال بأهلها لم يؤديا إلا إلى بروز الكراهية مما أدى إلى نشوب الحرب.
  • الصليبيون يقتحمون القسطنطينية: في مارس 1204م تقرر اقتحام القسطنطينية وأعلن (توماس ماروسيني) من البندقية بطريكا ً على كنيستها واستولت البندقية لوحدها على (ربع ونصف الربع) من القسطنطينية حتى أن أحد المؤرخين يتهم البندقية أنها خانت المسيحية بتحويلها الحملة حفاظا ً على مصالحها التجارية مع مصر ومقابل حصولها على امتيازات تجارية مع الملك العادل..
  • موقف البابا انوسنت الثالث من احتلال القسطنطينية: كان رافضا ً انحراف الحملة بهذا الكشل إلا أنه ما لبث أن رضي بالأمر الواقع وباركه بعد أن أُبلغ أنه الآن يستطيع تحقيق السيطرة على الكنيسة الشرقية وأن السلطة الجديدة في بيزنطة تستطيع مساعدته في تجهيز حملة جديدة على مصر.
  • نتائج الحملة الصليبية الرابعة:
  • فقدت الحركة الصليبية ما لها من قوة ونشاط واصحبت لعبة سياسية في أيدي الملوك والأمراء.
  • أكدت هذه الحملة خروج الحركة الصليبية عن سيطرة الكنيسة وتحولها بإيدي العلمانيين.

 

 الحملة الصليبية الخامسة:

هي آخر حملة تم توجيهها في بابوية انوسنت الثالث ويرجع السبب في قيامها إلى ما اشتهر به هذا البابا من الحماس الشديد لاستعادة بيت المقدس من المسلمين رغم عدم الحاجة الماسة في الأرض المقدسة لهذه الحملة.

  • موقف العادل من الصليبيين: كان الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب متسامحا ً مع الصليبيين إلى أقصى درجة وعمد على السكوت على هجماتهم وبالذات غارات (الاستبارية) التي اصبحت قوات مسلحة بعد أن بدأت على شكل هيئات دينية طبية وإسعافية وكذلك قراصنة قبرص الذين يغيرون على الموانئ الإسلامية ،واكتفى الملك العادل بإنذار الصليبيين وقنع برد الأسرى مما أحدث نفورا ً إسلاميا ً منه ،مما حدى بإحدى النساء أن تقص جدائلها وترسلها للعادل ليجعلها قيدا ً لفرسه في سبيل الله مما حفزه لبعض الشيء للقيام ببعض الأعمال الحربية لكنه عاد واصطلح معهم.
  • مقدمات الحملة: حملة الأطفال: حدث سنة 1212م ظهور في فرنسا صبي اسمه (ستيفن) حرض ألوف من الأطفال ليهتدوا بإرشاده فركبوا هؤلاء الأطفال بعربات تجرها الثيران اتخذت طريقها إلى الجنوب إلى مارسيليا ووعدهم ستيفن بقيادتهم عبر البحر التي سوف يجف فيسير على الأقدام إلى الأرض المقدسة ،وفي ألمانيا قام طفل من كلونيا اسمه (نقولا) وحشد ما يقرب 20 ألف طفل ووعدهم بمثل ما وعدهم ستيفن ،وهؤلاء الأطفال كانوا الشرارة التي انطلق منها البابا انوسنت الثالث للدعوة للحملة الصليبية الخامسة.
  • نهاية حملة ستيفن ونيقولا: أن تجار الرقيق في البحر المتوسط تخطفوا جيش ستيفن وباعوا الأطفال أما حملة نيقولا فلم تترك أثرا ً ولم يعرف مصير أطفالها ولا يستبعد أن الكنيسة وراء حملة هؤلاء الأطفال لتحريك الغرب الأوروبي الذي فتر عن الحماس للحملات الصليبية وعن اتباع الكنيسة في ذلك مثل ما حدث في الحملة الثالثة والرابعة ،استغل انوسنت الثالث مصير هؤلاء الأطفال في التأثير بالناس وأخذ يخطب فيهم ويحثهم على القيام بالحملة.
  • عقد مجمع ديني والدعوة لحملة جديدة: استغل انوسنت الثالث مجمع (اللاتران) المنعقد في 1215م ليزيد في إضرام النيران بعد أن اخذت الحملة الصليبية في الذبول مما حدا بالمجتمعين عن إعلان تجهيز حملة صليبية جديدة وتقرر في المجمع لنجاح الحملة لا بد من:

 

  • أن تستمر هدنة الرب في السنوات القادمة في جميع أوروبا.
  • أن تتوقف التجارة مع بلدان الشرق الأدنى وبالذات مصر (هدنة أوروبية وحرب تجارية مع المسلمين خصوصا ً مصر). وبدأت التحركات للحملة وعين البابا انوسنت (الكاردينال بلاجيوس) ليكون مندوبه في الحملة والذي زعم فيما بعد لنفسه القيادة العليا للحملة وأعلن أن مصر هي هدف الحملة ، تنظيم الجيوش إلى الملك (جون دي بيرن) ملك بيت المقدس المعسكر في عكا.

 

  • محاصرة دمياط: تحرك ملك ببت المقدس والتحم بالصليبيين القادمين من الغرب سنة 1278م 615هـ لمهاجمة دمياط وبدأوا في محاصرتها وأثناءها توفي الملك العادل وانتقل أمر مدافعة الصليبيين إلى أبناءه الذين ادركوا خطور سقوط مصر.
  • الصليبيون يتلقون عرضا ً من الكامل: كادت الأمور تفلت من الملك الكامل ابن العادل حاكم مصر وعرض على الصليبيين فك الحصار عن دمياط مقابل السماح له بإحياء مملكة بيت المقدس فوافق ملك بيت المقدس إلا أن لمندوب البابوي (بلاجيوس) وقادة الإستبارية والداوية رفضوا الموافقة لاعتقادهم أن امتلاك مصر أمرا ً سهلا ً وسقوطها يعني بالضرورة سقوط بيت المقدس.
  • نزاعات بين قائدي الحملة: تزايد الخلاف بين ملك بيت المقدس والمندوب البابوي مما حدا بملك بيت المقدس إلى ترك دمياط والعودة إلى عكا 1220م 617هـ ولكن بعد سنه ونصف عاد إلى دمياط خوفا ً من اتهامه بالتقاعس وعدم التعاون واستجابة ً لدعوة المندوب البابوي.

 

  • الصليبيون ينتظرون فردريك الثاني: هو الإمبراطور الروماني المقدس وقد سبق إعلانه إلى الانضمام إلى الحملة ولكنه لم يصل إلهيم في دمياط مما دفع المندوب البابوي بأمر الحملة بالتوجه إلى القاهرة رغم معارضة ملك بيت المقدس وترجيحه انتظار الإمبراطور.
  • الصليبيون في المنصورة: في طريقهم إلى القاهرة وصل الصليبيون إلى المنصورة 1219م وقد جدد الملك الكامل عرضه لهم بإحياء بيت المقدس إلا أن المندوب البابوي جدد رفضه فاستعد الكامل للقتال.
  • انقلاب الأوضاع فلى الصليبيين: في هذه المرحلة بذل الأيوبيون كل جهدهم لمقاومة الصليبيين واجتمع الأخوة الثلاثة وهم الكامل والمعظم والأشرف أبناء العادل في المنصورة ورتبوا الدفاع عن القاهرة وقد استفاد الأيوبيون من الأوضاع الطبيعية وأخذ النيل في الأرتفاع بينما الامدادات كانت في طريقها إلى المعركة من الشام واستطاع أخوة الكامل أن يعسكروا بين الصليبيين ودمياط وتبين الموقف لبلاجيوس ومدى خطورته لوقوع الصليبيين بين القوات الإسلامية من الشمال والجنوب ولقلة القوات أمر بالإرتداد فأمر الكامل بفتح الجسور فغمرت المياه الأراضي التي تحتم على أن الصليبيين أن يجتازوها فغاصوا في الطين يطاردهم المسلمين فحل اليأس بهم وطلبوا الصلح سنة 1221م 618هـ ووافقوا على الجلاء عن دمياط وتسليمها وعقد هدنة ثمانية أعوام ،وبذلك فشلت الحملة الخامسة فشلا ً ذريعا ً وتوفي البابا انوسنت الثالث بعد ما وصلته أخبار فشل الحملة.
  • اسباب فشل الحملة الصليبية الخامسة:
  • تخلف الإمبراطور فردريك عن الحملة وعن وعوده بالمشاركة فيها.
  • الاختلافات التي برزت بين قادة الحملة بالذات بين ملك بيت المقدس والمندوب البابوي.
  • الأطماع التي تحكمت في قادة الحملة وبالذات المندوب البابوي الذي دائما ً كان يطالب بما هو أكثر من المعروض عليه.
  • تعاون وتوحد أبناء العادل الثلاثة في التصدي لهذا العدوان والجهد والإبداع الذي استخدموه في مدافعة الصليبيين.

 

 الحملة الصليبية السادسة:

  • أغرب الجملات وذلك من عدة وجوه:
  • هي أول حملة صليبية تخرج من أوروبا وهي ملعونه من البابا وحرضت المسلمين ضدها.
  • تم توجيهها ولم تقم بأي عمل عدائي ضد المسلمين.
  • هي الحملة الوحدية التي حققت بالدبلوماسية ما لم تحققه حملات السيف والقتال.

 

  • الإمبراطور فردريك الثاني قائد الحملة: بسبب تخلفه عن الحملة الخامسة الذي أعد أحد اسباب فشلها أخذ يكرر اعتذاراته للبابوية ويبرر تخلفه وأقسم أن يبر بقسمه وذلك بعد مضي 12 سنة من عام 1215م.
  • البابوية تربط الإمبراطور بمشروع الحملة: ربط البابا (هونوريوس الثالث) الإمبراطور فردريك الثاني ووطد علاقته بالحركة والأرض المقدسة بترتيب زواجه من (إيزابيلا) أبنة (جان دي برين) ملك بيت المقدس ووريثته على المملكة سنة 1225م. ،وبذلك أخذ لقب ملك بيت المقدس ،لذا اصبحت مشاركته في الحملة ملحة حتى يحصل على العرش الذي اُخذ من الصليبيين.
  • إعلان الحملة وخروج فردريك على رأسها: بدأ فردريك يعد حملته سنة 1227م بإعتباره ملك بيت المقدس وبعد إبحاره خر مريضا ً من حمى تفشت بجيشه فعاد معلنا ً تأجيل الحملة لكن البابا الجديد (جريجوري التاسع) أصدر في سورة غضب قرارا ً بحرمان الإمبراطور وقطعه من الكنيسة بتهمة أنه يتعمد الكذب والبهتان والتأجيل كما في السابق.
  • الأوضاع في الدولة الأيوبية: بدأت الفرقة بين أبناء العادل حيث أن المعظم عيسى طمع في أملاك أخويه الكامل والأشرف أثناء ذلك ظهر عدو جديد وهم الخوارزمية الذي لم يجدوا مكانا يجتمعون فيه بعد أن دمر جنكيز خان دولتهم إلا الهجوم على الأملاك الأيوبيون فهاجموا أملاك الأشرف في شمال بلاد الشام واستولوا عليها وعندما لجأ الأشرف إلى أخيه المعظم في دمشق ألقى القبض عليه ولم يطلق سراحه إلا بعد أن تعهد بموافقته على استيلاء المعظم على حمص وحماة ومهاجمة الكامل في مصر ولكن الأشرف أفلت من يده وفر إلى مصر وأخبر الكامل بذلك.
  • استعانة الأخوين بالقوى الخارجية: فاستعان المعظم بالخوارزمية والكامل بالإمبراطور فردريك الثاني الذي كان استنجاد الكامل به بمثابة البلسم الذي اخرجه من صراعاته مع الكنيسة وتجاوزه قرار الحرمان الذي كان سيفا ً مسلطا ً على رأسه وعرشه ومكانته في الغرب الأوروبي.
  • سفراء الكامل ووعوده: كان مبعوث الكامل إلى فردريك الثاني هو شيخ الشيوخ الأمير (فخر الدين يوسف) يدعوه لمساعدته ضد شقيقه ويتعهد أن يعطيه مقابل ذلك بيت المقدس وجميع فتوح صلاح الدين بالساحل الشرقي للبحر المتوسط وقد خاطب أحدهما الآخر بأنه لا فرق بين المملكتين.

 

  • فردريك يعلن عن حملته: قرر الإمبراطور سنة 1228م /625هـ القيام بحملته وهي المعروفة بالسادسة وهي أغرب الحملات فهي ملعونة من الكنيسة وحضر الإمبراطور معه 500 فارس فقط وكأنه جاء في نزهه وليس لدخول معركة وكان الإمبراطور محب للمسلمين وحضارتهم وعلمائهم ويتشبه بهم بالملبس والاهتمام بالعلماء والشعراء المسلمين وكأنه جاء مفاوضا ً لا محاربا ً.
  • تغيير الأحوال في بلاد الشام: لم يكد الإمبراطور فردريك يصل إلى بلاد الشام حتى وجد الموقف متغيرا ً فالبابا للمرة الأولى والأخيرة أخذ يرسل الرسل إلى ملوك بني أيوب محرضا إياهم بعدم التعاون مع الإمبراطور وتسليمه بيت المقدس ،كما أن المعظم توفي ولم يعد الكامل بحاجة إلى دعم الإمبراطور له مما استدعى تغير موقفه.
  • حيرة الكامل وسؤ تصرفه: دخل الكامل في حيرة ٍ من أمره بما يفعله مع الإمبراطور الذي أخذ يتوسل إليه ويترجاه لدرجة البكاء أثناء المفاوضات ليفي بما وعده بتسليمه بيت المقدس الذي كان فرصته الأخيرة لتحسين وضعه في أوروبا وهو الذي خرج منها محروما ً.
  • إتفاقية يافا 1229م 626هـ: وخروجا ً من هذا المأزق تم توقيع إتفاقية يافا:
  • الصلح بين الطرفين الصليبي والإسلامي لمدة 10 سنوات.
  • لصليبيون بيت المقدس وبيت لحم والناصرة وتبنين وصيدا.
  • تبقى بيت المقدس على ما هي عليه فلا يجدد سورها ولا تعمر قلاعها.
  • الحرم المقدسي بما حواه من الصخرة والمسجد الأقصى بأيدي المسلمين وتقام فيه شعائر المسلمين.

 

12) الإمبراطور في بيت المقدس: توجه الإمبراطور فردريك إلى بيت المقدس وقام بتتويج نفسه ملكا ً عليها ووضع التاج بنفسه على رأسه في كنيسة القيامة بعد أن رفض البطريك أن يقوم بذلك بإعتباره محروما ً ومقطوعا ً من الكنيسة ثم ما لبث أن عاد إلى عكا ومنها توجه إلى أوروبا.

 1)https://www.worldhistory.org/trans/ar/2-1249/

 الحملة الصليبية السابعة:

رغم تمكن فريدريك الثاني من استعادة القدس في الحملة السادسة إلا أن ذلك لم يرضي البابوية وعقد البابا (انوسنت الرابع) مجمعا ً دينيا ً انعقد في (ليون) بفرنسا 1245م تقرر فيه إرسال حملة صليبية جديدة تتجه إلى مصر وحملة صليبية أخرى ضد فردريك الثاني.

  • لويس التاسع ملك فرنسا ينظم إلى الحملة: ويلقب بالقديس وشرع في سنة 1248م في إعداد حملته وحصل على تموين كبير من الضرائب التي ساهمت بها المدن الفرنسية وانطلق إلى قبرص ومعه إخوته الثلاثة ومؤرخ حياته (جوانفيل) أمضى الشتاء في قبرص وفي عام 1249م توجه إلى مصر وبلغ جيشه بين 15000 و25000 منهم 250 فارس و5000 من أصحاب الدورع وهذا الجيش فرنسي بحت وقد وصلت الأخبار إلى مصر بمقدمه من الإمبراطور فردريك الثاني الذي بقي على علاقته بمصر.

 

  • الأوضاع في الشرق الإسلامي: رغم موت الأشرف سنة 635 هـ 1237م قبل أن تشتعل الحرب بيت البيت الأيوبي إلا موته لم توقفها ،فقد خلفه أخاه الصالح إسماعيل في حرب أخاهم الكامل ورغم سيطرة الكامل على الشام إلا أن الخلاف دب بين أبناءه العادل الصغير (الثاني) وأخاه الملك الصالح نجم الدين أيوب مما استدعى الأخوين بالتحالف مع الصليبيين وإعطائهم بيت المقدس بعد أن حررها الخوارزمية وبقي الصراع والتنافس إلى درجة أن وصل الأمر بالصالح إسماعيل أن اعاد مرة أخرى الإتفاق مع الصليبيين وتنازل لهم عن بيت المقدس إلا أن الملك الصالح نجم الدين أيوب أخاه حاكم مصر تحالف مع الخورازمية واستطاعوا أن يحرروا بيت المقدس في وقعة (غزة) سنة 1244م 642هـ والتي يطلق عليها (حطين الثانية) بعدها توحد صفوف الدولة تحت راية ملك واحد يحكم مصر ودمشق وبيت المقدس وهو الصالح ايوب وذلك في ظل الدعوة لحملة صليبية سابقة.

 

  • ولويس التاسع يستولي على دمياط: استولى على دمياط 1249م في الخامس من يونيه بعد أن انسحبت القوات الإيوبية منها وتوفي الصالح أيوب وقد كان ينظم أمر الدفاع عن مص وهو فراش المرض وذلك في 10 شعبان 647هـ 11 نوفمير 1249م فتولت زوجته شجر الدر المحافظة على العرش حتى حضور إبنه توران شاه من ديار بكر.
  • تحرك الصليبيين إلى المنصورة: رغم النصيحة بالتوجه إلى الإسكندرية أصر لويس التاسع الوصول إلى المنصورة فوصلها وانتصر فيها إلا أنه حوصر في الشوارع الضيقة وعندما اجتاز النهر مع معظم جيشه هاجمته القوات المصرية التي أعاد تنظيمها القائد المملوكي (ركن الدين بيبرس البندقداري) فضرب الملك وجيشه بقوة وكان عدد القتلى بالغا ً ولم يستطع الملك الإنسحاب بسرعة إلى دمياط وأخيرا ً وقع أسيرا ً في يد الجيش الأيوبي ومعه معظم قادته.

 

  • فشل الحملة وأسر الملك الفرنسي: استسلم الصليبيون وأعلن فشل الحملة وفي 6 مايو اتفق على مبادلة دمياط مقابل شخص الملك لويس إضافة ً إلى دفع فدية كبيرة بلغت 800 ألف دينار ولم يتوفر إلا نصفها فأطلق سراح لويس وذهب إلى عكا على أن يتم تسليم النصف الثاني عند وصوله عكا ومكث الملك لويس في عكا 4 سنوات يحاول تدبير أمورها والاستنجاد بالغرب لإمداده بحملة جديدة ولكن الصراع كان محتدما ً بين البابوية والإمبراطورية مما أصاب أوروبا بالفشل وأخيرا ً عاد سنة 1254م إلى فرنسا بعد أن توفت والدته.
  • أسباب فشل الحملة الصليبية السابعة:
  • تأخر وصول الحملة إلى أن توحد الأيوبيون وتخلصا من خلافاتهم.
  • الدماء الجديدة وهم المماليك اصبحوا العنصر الذي يعتمد عليه الجيش الأيوبي.
  • عدم تمكن الملك عسكريا ً رغم حماسه الصليبي وعدم إنصاته إلى قادته العسكريين.

 

نهاية الحروب الصليبية:

  • قامت الدائرة على الصليبيين أو بقاياهم في بلاد الشام الذين اصبحوا في تحالف مع المغول
  • لكن هذا التحالف لم ينجح واجهز المماليك بقيادة أبرزهم الظاهر بيبرس الذي لعب دورا ً كبيرا ً في تحطيم بقاياهم في بلاد الشام ثم جاء (قلاوون) الذي قضى على إمارتهم في طرابلس 1289م
  • واستولى على إنطاكية 1290م لتكون نهايتهم في عكا على يد أبنه (الأشرف خليل) 1291م 690هـ ،
  • ومنذ سنة 1350م اتخذت الحرب الصليبية مظهرا ً جديدا ً إذ اصبحت حرب دفاعية ضد الأتراك العثمانيين ،إلا أن طيف الحروب الصليبية ظل باقيا ً في أذهان عدد من الأوروبيين ومنهم الملاحون مثل (فاسكودي جاما) و(كرستوف كولومبس) و(البوكيرك) لتأتي بعد ذلك مرحلة الاستعمار العسكري المكشوف الذي يعتبره البض بعثا ً جديدا ً للحروب الصليبية.

 

2)ستيفن رانسمان: تاريخ الحروب الصليبية.

3)سعيد عبد الفتاح عاشور: الحركة الصليبية-سهيل زكار: الموسوعة الشاملة في تاريخ الحروب الصليبية

-كلود كاهن: الشرق والغرب زمن الحروب الصليبية-أنتوني بردج: تاريخ الحروب الصليبية))

4)يوشع براور: عالم الصليبيين-ارنست براكر: الحروب الصليبية-عزيز سوريال عطية: الحروب الصليبية وتأثيرها على العلاقات بين الشرق والغرب.

5)قاسم عبده قاسم: الحروب الصليبية: نصوص ووثائق – ما هي الحروب الصليبية –الخلفية الإيدلوجية للحروب الصليبية.

6)د. عمر يحيى محمد: الحملة الصليبية الأولى: بيزنطيا ً وغربيا ً وإسلاميا ً-محمود سعيد عمران: الحروب الصليبية-مجموعات وترجمات حسن حبشي عن الحروب الصليبية ومؤرخيها

المراجع[+]

شارك المقالة:
السابق
ماهي أوضاع الغرب الأوربي قبل الحروب الصليبية
التالي
الحملة الصليبية الأولى