مقالات

الجزائر تعود الى معسكر الشرق المتجدد

الجزائر تعود الى معسكر الشرق المتجدد

كتابة :عبد العالي خدروش

 

الجزائر تعود الى معسكر الشرق المتجدد

مواصلة لمسعى تعزيز العلاقات الاستراتيجية المبنية على الثقة والمصالح المتبادلة مع حلفاء تقليديين،

يشرع رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون في زيارة دولة إلى الصين، بداية من الاثنين 17 يوليو/ تموز الجاري.

ومنذ انتخابه رئيسا للجمهورية، قبل نهاية العام  2019،

يبدي عبد المجيد تبون تبون رفضا لمعاملة  الجزائر  كمستعمرة سابقة تبقى خاضعة لهيمنة فرنسا.

وفيما كانت الجزائر قد استأنفت، قبلها، جهودها للتخلص من هيمنة فرنسا تدريجيا، في مقابل رهانها على الصين،

بعقد “اتفاق شراكة استراتيجية شاملة” معها سنة 2014، والانضمام إلى مبادرتها “الحزام والطريق” سنة 2018

جاءت متغيرات ظروف دولية وإقليمية لتخدم الجزائر في بلورة هذا التوجه أكثر من ذي قبل.

 الخروج التبعية والهيمنة

 وفرضت حرب أوكرانيا أزمة طاقة واقتصاد في أوروبا والعالم، فيما شرعت الجزائر في انتهاج سياسية المفاضلة

في مراجعة صفقات توريد الغاز الجزائري لصالح دول معينة، وأيضا في منح مشاريع استثمار ضخمة

اضافية للصين في قطاعات استراتيجية، على حساب فرنسا.

ولما تأكدت مسألة عودة نفود روسيا والصين دوليا وإقليميا،

وتوجههما لفرض نظام دولي جديد متعدد الاقطاب، فصلت الجزائر في خيار اصطفافها إلى جانبهما،

وكان ذلك بمثابة قرار حتمي فرضته المرحلة وضرورة مواجهة هيمنة القطب الواحد.

ومنذ الأونة الاخيرة، يحرص الرئيس تبون، في تصريحاته وخطاباته، على تمرير هذه الرسالة إلى دول معادية كفرنسا ودول حليفة كالصين وروسيا.

شراكة المصالح المتبادلة

واستأنفت الجزائر سياسة تقوم على مبدأ الاندماج في القيم العالمية، وبناء تحالفات وشراكات وتعاون دولي يراعي احترام سيادة الدول والمصالح المشتركة. وتحتكم الصين إلى هذا المبدأ في تطوير العلاقات المبنية على الثقة والاحترام والدعم المتبادل على قدم المساواة مع الجزائر.

ولا ترفض الصين القاعدة الاستثمارية (49 بالمائة للمستثمرين الأجانب و51  بالمائة للدولة الجزائرية )

خلافا لفرنسا والولايات المتحدة ودول أوروبية، في إقامة مشاريع شراكة بالجزائر،

وبالتالي تقدم مساهمتها الفعالة والإيجابية في تحقيق تنمية محلية بعيدا عن الهيمنة.

وعلى هذا الاساس، شاركت الصين في إنجاز مشاريع ضخمة بالجزائر، ومنها المسجد الأعظم،

وأجزاء من الطريق السريع شرق غرب، وعدد كبير من السكنات.

ومنذ السنة الماضية، منحت الجزائر الصين مشاريع ضخمة اضافية تتم بالشراكة في قطاعات استراتيجية أخرى.

ومن هذه المشاريع، مشروع انجاز ملايين الاطنان من المخصبات الزراعية ( بقيمة 7 مليارات دولار)،

لاستخراج الفوسفات الخام وإعادة تحويله إلى أسمدة زراعية، ومشروع استغلال خام الحديد من منجم غار جبيلات (بملياري دولار كقيمة أولية للمشروع).

 حلف “بريكس”

ويولي اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجزائر والصين أهمية كبيرة لمسألة التشاور المكثف المستمر بينهما لتنسيق المواقف حيال القضايا الدولية والاقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة في ظل متغيرات دولية تطبخ  لنظام دولي جديد.

وتلتقي رغبة الصين وروسيا في محاولة جعل مجموعة “بريكس” كواحدة من ركائز النظام الدولي الجديد،

وهي قطب اقتصادي سياسي يضم، إلى جانبهما، كل من الهند والبرازيل وجنوب افريقيا، مفتوح على عضوية بلدان نامية أخرى رافضة لهيمنة قوى القطب الواحد، في وقت يطمح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى قبول عضوية بلاده في هذه المجموعة، وقد وصفها بكونها ذات  “الأهمية الاقتصادية والسياسية الكبيرة من شأنها إبعاد الجزائر عن الهيمنة “.

مشروع “الحزام والطريق”

 وبمنطقة شمال إفريقيا والساحل والصحراء، وبحكم دورها المحوري هناك،

تعمل الجزائر مع  الصين على بلورة مبادرة ” الحزام والطريق”، و  التي تربطهما منذ 2018، كمشروع ركيزة في منطقة شمال إفريقيا والساحل، للتغلغل فيها، ومن ثم

في أجزاء من بقية افريقيا، في وقت بدأت روسيا  تفرض تواجدها أمنيا وسياسيا في مالي ودول جوار ،

بشكل يزيد في تراجع الدور الفرنسي اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بالمنطقة.

وتعزيزا لمبادرة “الحزام والطريق”، تعمل شركات صينية جزائرية بالشراكة على إنجاز مشاريع ضخمة تربط الجزائر بدول إفريقية مجاورة،

ومنها مشروع الطريق العابر للصحراء، ومشروع ميناء الحمدانية شمال الجزائر.

ولكون المبادرة تحتاج لتغطية امنية في منطقة تسودها نزاعات، بات من الضروري تكثيف التعاون العسكري بين البلدين،

وهو ما تجلى مؤخرا في اقتناء الجزائر لأسلحة صينية متطورة، منها طائرات مسيرة، وأنظمة للحرب الإلكترونية، ومدفعية ذاتية الدفع، وصواريخ مضادة للطائرات والسفن.

وبالنسبة للملاحظين، فإن زيارة الرئيس تبون إلى الصين، بعد زيارته إلى روسيا قبل شهر،

تكرس انطباعا مفاده ان الجزائر ماضية في توجه الانضمام إلى معسكر شرقي بدأ يتشكل من جديد.

1)الجزائر تعود الى معسكر الشرق المتجدد

شارك المقالة:
السابق
طرق فعّالة لتقوية الذاكرة والقضاء على النسيان
التالي
تعرف على مدربين الدوري السعودي لموسم 2023-2024