معلومات اسلامية

بحث عن الاستشراق والمستشرقين

بحث عن الاستشراق والمستشرقين


بحث عن الاستشراق والمستشرقين

 

مفهوم الاستشراق

 

لم ترد كلمة “الاستشراق” المشتقة من مادة “ش ر ق” في أي من المعاجم العربية القديمة،

 

أما المعاجم العربية الحديثة فكانت أول إشارة ترد عن الاستشراق أو أحد من مشتقاتها هو معجم متن اللغة:

(موسوعة لغوية حديثة) للشيخ أحمد رضا (ت1372ﻫ/ 1953م) طبعة أولى 1378ﻫ/ 1959م ،

الذي يورد فعلها “استشرق” ويتبعه بشرح عنه قائلاً: هو “طلب علوم الشرق ولغاتهم” واصفاً الكلمة بأنها “مولدة عصرية” تطلق على من “يعني بذلك من علماء الفرنجة”.

استشرق استشرقاً (العالم الاجنبي): كان عالماً بالعلوم والآداب واللغات والمعتقدات والعادات والتقاليد الشرقية.

 

نص مرسوم إنشاء مجمع اللغة العربية الذي أصدره الملك فؤاد الأول عام (1932م) على أن يتكون المجمع من (20) عضوًا من العلماء المعروفين بتبحرهم في اللغة العربية، نصفهم من المصريين، ونصفهم الآخر من العرب والمستشرقين؛ وهو ما يعني أن المجمع عالمي التكوين، لا يتقيد بجنسية معينة ولا بدين معين، وأن معيار الاختيار هو القدرة والكفاءة عشرةً من المصريين، وعشرةً من العرب والمستعربين.

 

ولم يورد المعجم الوسيط  كلمة استشراق بين مواده. رغم صدوره عن مجمع اللغة العربية في القاهرة (ط 1سنة 1960م)

في وقتها كان عدد من أعضاء المجمع هم من المستشرقين.

ومثله كان عدد من المستشرقين أعضاء في المجمع العلمي في دمشق كذلك.  

وإذا كانت المعاجم في كل إمة هي توثيق فكرها وتصوراتها في مصطلحات ومفاهيم فإنه من الواضح أن أبناء العربية كانوا عاجزين عن مجاراة السياق التاريخي فلم يوجدوا اسما ولا مصطلحا لظاهرة تمسهم كالاستشراق بعد مضي قرن ونيف عليها.  

مفهوم الاستشراق في المعاجم الغربية

      East   شرق  West  غرب   North  شمال   South جنوب    

     Orient    شرق                occident  غرب

     Oriental   شرقي

     Orientalist  مستشرق

     Orientalism    استشراق

 

وفعل “استشرق” العربي مشتق من كلمة “الاستشراق” المترجمة عن:

  • كلمة “Orientalism” الإنكليزية
  • كلمة “Orientalisme” الفرنسية
  • وعلى نحو متقارب في اللغات الغربية الاخرى الإيطالية والإسبانية فالجذر واحد.
  • وكلها مصطلحات حديثة في اللغات الغربية
  • استخدمت كلمة “مستشرق” ترجمة لكلمة “Orientalist” لتصف المشتغل بهذا الحقل المعرفي.
  • يفضل بعض الإسبان المهتمين بالدراسات العربية والإسلامية كلمة «Arabista» «مستعرب» أي «الاستعراب» بدلا من الاستشراق 
  • ويلح المستعرب بيدرو مارتينث مونتابيث على استعمال كلمة «الاستعراب» «Arabismo».
  • هؤلاء الاسبان يرون الدراسات التي بدأت في إسبانيا وازدهرت منذ وقت طويل كانت الدراسات العربية، ولا توجد منذ البداية دراسات في التركية وفي الصينية والهندية
  • مع التقدير لوجة نظر الإسبان، لكن هذا خاص بهم، ولا يخرج مفهوم الاستشراق عن سياقه بل تظل له الدلالة العامة والمضامين الفكرية والسياق التاريخي.
    • يعود أول استعمال لكلمة “مستشرق” في اللغات الأوروبية إلى عام 1630م
    • وقد أطلق على أحد أعضاء الكنيسة الشرقية أو اليونانية.

كلمة “مستشرق” في اللغات الغربية ظهرت أول مرة:

في اللغة الإنكليزية نحو عام (1779)

في اللغة الفرنسية: (1838) . معجم الأكاديمية الفرنسية

Dictiommaire de’ Academie Franccaise

شيوع مصطلح الاستشراق

  • هناك تحفظات الكثيرة يواجهها هذان المصطلحان (المستشرق والاستشراق) منذ مدة.
  • الشيوع الكبير للمصطلح يعززه ظهور طائفة من الكتب في الاستشراق والمستشرقين وتداولها في المقالات والحوارات.
  • كان أبرزها كتاب إدوارد سعيد “الاستشراق” عام 1978.

مزيد من الدلالات لمفهوم الاستشراق

والحقيقة أن هذه التحفظات لا تقتصر على استخدام المصطلحين بل

تشمل دلالتهما أيضاً.

وعلى حين يتوسع بعضهم في هذه الدلالة يضيقها بعضهم الآخر ويقصرها على حقل صغير من حقول المعاني التي يمكن أن تشتمل عليها هذه الدلالة:

مزيد من الدلالات لمفهوم الاستشراق 1

والمتتبع لمصطلح “الاستشراق” في الثقافتين العربية والغربية

يلاحظ أنه يستخدم ليشير إلى جملة أمور من أهمها ما يأتي:

1- إنه يشير إلى البحوث في مختلف أنواع المعارف والعلوم التي أنتجها المتخصصون بدراسة الشرق، وكتب الرحلات وسواها التي أنتجها من اتصلوا بالشرق من دبلوماسيين ورحالة ومبعوثين وموظفين في دوائر الدول الغربية التي استعمرت مختلف أقطاره مدداً متفاوتة وبدرجات مختلفة وخاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

مزيد من الدلالات لمفهوم الاستشراق

2- يشير كذلك إلى النـزعة التي غلبت على فن الرسم الأوربي التي قامت على استلهام الشرق باتخاذه موضوعاً فنياً أثيراً لديها، وهذه النـزعة جزء من الثورة الإبداعية الأوربية التي ضاقت بهيمنة الاتباعية الجديدة في مختلف الفنون الجميلة ومن بينها الرسم والموسيقى.

مزيد من الدلالات لمفهوم الاستشراق

3- يشير كذلك إلى اتخاذ الشرق موضوعاً للمؤلفات الأدبية أو “الهجرة إلى الشرق على الورق” كما في:

  • “الديوان الشرقي” لمؤلفه الغربي غوته (1819)،
  • وفي أعمال سواه مثل صموئيل تيلور كولريدج
  • وفي اعمال غونر إيكيلوف.

وهذه الظاهرة قديمة قدم الأدب الأوروبي ومستمرة استمراره.

مضامين التعريف

خلاصة الاستشراق، في جوهره،

معرفة ينتجها، غير الشرقي، عن الشرق 

وهذه المعرفة قد تتخذ صورة الإنشاء في البحوث والكتب وصورة العمل الفني (اللوحة أو القطعة الموسيقية أو ما شابههما)،

وأن إنتاج هذه المعرفة تحفزه المواجهة التي تقوم بين غير المجتمع الشرقي والشرق،

وأن هذا الإنتاج يستهدف خدمة مجتمعات غير المجتمع الشرقي في هذه المواجهة، إذ هي المقصودة به في نهاية المطاف.

دلالة الاستشراق في هذا المقرر

ومع ما للاستشراق من أهمية باستلهامه الشرق في الأدب والفن، فإن هذا المقرر سينصرف إلى تفحص الاستشراق بالمعنى الأول للكلمة.

 

الاستشراق والعلاقات بين الشرق والغرب

 

 

المؤرخون يقولون: تاريخ الشرق و تاريخ الغرب

الفلاسفة يقولون: اجتمع في مدينة الإسكندرية إلهام الشرق ومادية الغرب.

فما حقيقة هذين المفهومين؟

ما هل أداة التحديد المناسبة لحدود كل من الشرق والغرب؟

هل هي الجغرافيا؟

التحديد الجغرافي للشرق والغرب

الجغرافيون يرون ان:

 الشرق:  ما كان شرقي البحر الأبيض المتوسط وامتداده شمالا وجنوبا. فيشمل بذلك الهند والصين واليابان وروسيا وايران البلاد العربية كمل يشمل استراليا

الغرب: اوروبا أمريكا

التحديد الجغرافي للشرق والغرب

الاعتراضات على المفهوم الجغرافي:

  • هناك ما هو شرقي وموجود في الغرب. مثل جزء كبير من تركيا.
  • هناك كذلك ما هو غربي وموجود في الشرق. مثل استراليا وجنوب افريقيا.

تحديد مفهوم الشرق والغرب

هناك من ينكر التقسيم الثنائي للعالم شرق مقابل غرب

ومن هؤلاء غاندي ويقولون أن هناك مجموعات من البشر متعددة، فأوروبا وامريكا مثلا مجموعة، ومثلها المجموعة الإسلامية، والهندية،  ثم مجموعة شرق أسيا،

 فهذه المجموعات بعضها في الشرق وبعضها في الغرب وبين ما كان منها في الشرق مثلاً من الفروق الشيء الكثير.

تحديد مفهوم الشرق والغرب

هناك أسس كثيرة يمكن التقسيم عليها منها مثلا،

التقسيم على اساس الزمن: 

فالغرب: يدل على المدنية الحديثة بكل وسائلها المعتمدة على العلم والتقنية .

أما الشرق:  فهو مدنيات غير حديثة مثل الحضارة المصرية أو الفنيقية أو العربية .

الغرب ليس جهة جغرافية

الغرب (Occident)

مقابل الشرق في الحضارة

أو الغرب مقابل الشرق في مفهوم الاستشراق

الغرب بهذه المعاني ليس جهة جغرافية

بل هو نمط فكري وسياسي واجتماعي واقتصادي وجد في بعض المناطق ابتداء في اوروبا الغربية ثم التحقت بها أمريكا ومناطق أخرى من العالم. 

لم يكن يقال شرق وغرب

  • لم يكن مفهوم الغرب مقابل مفهوم الشرق قد وجد قبل القرن السادس عشر الميلادي
  • فعندما احتل الإسكندر المقدوني المشرق ووصل إلى بلاد فارس ومن ورائها إلى الهند لم يكن يقال الشرق والغرب.
  • فعندما احتلت الدولة الرومانية أجزاء من المشرق ووصلت إلى أسيا الصغرى وبلاد الشام وشمال افريقيا لم يكن يقال الشرق والغرب.
  • ربما شعر الأوروبيون بتفوق العرب عليهم في المشرق إبان عصر هارون الرشيد لم يكن يقال الشرق والغرب .

تابع – لم يكن يقال شرق وغرب

  • وعندما قامت الحروب الصليبية التي تولت كبرها اوروبا فاحتلت بلاد المشرق الإسلامي لم يكن يقال الشرق والغرب .
  • استفاد الأوروبيون من علم العرب وحضارتهم في الاندلس ولم يكن يقال الشرق والغرب .
  • ظل الأوربيون مولعون في العصور الوسطى وإلى عصر الحديث بالوصول إلى الهند والاستفادة من توابلها وبهاراتها لم يكن يقال الشرق والغرب .

زهو الغرب واستعلاءه

فكان غرور الغربيين بأنفسهم فعندهم ان الرجل الأبيض هو وحده يستحق البقاء دون ا لملونين ولذلك استخفوا بالشرق وأسسوا تاريخهم على الرجل الابيض كأنه هو الاصل وتاريخ غيره هو الهامش.

لقد اصيب الغرب بالزهو واعتقد انه يملك زمام كل شيء وتكبر على كل من لم يكن من جنسه  وجعل التاريخ الإنساني محوره تاريخ اوروبا قديما ومتوسطا وحديثا ويكاد يهمل تاريخ غيره من الصين والهند والفرس والعرب.

فكانت تجارة العبيد وكان الاستعمار والاحتلال والاستيطان فلما ازداد وعي الشرق أراد نيل حريته فأبى عليه الرجل الأبيض فكان من نتيجة ذلك صراع عنيف بين الشرق والغرب .

التحول في اوروبا في القرن السادس عشر

  1. التحرر من قيود الكنيسة
  2. الحركة العلمية
  3. الثورة الصناعية
  4. الفكرة القومية
  5. الهجمة الاستعمارية

متى بدأت حركة الاستشراق

لم يكن يقال عن كل هذه العلاقات بين الشرق والغرب استشراق رغم هذا التداخل بين الشرق والغرب  وهذه الكثافة في العلاقات

ولم تظهر حركة الاستشراق إلا في العصور الحديثة وهذا ما سنفصل فيه في المحاضرات القادمة

الاستشراق يشكل صورة الشرق عند الغربيين 

لقد كان للاستشراق أثر كبير في العالم الغربي وفي العالم الإسلامي على السواء وغن اختلفت ردود الفعل على كلا الجانبين:

  • في العالم الغربي لا يمكن لاحد أن يكتب عن الشرق أو يفكر فيه أو يمارس فعلا مرتبطا به أن يتخلص من القيود التي فرضها الاستشراق على حرية الفكر أو الفعل .
  • في العالم الإسلامي المعاصر لا يكاد يجد المرء مجلة أو صحيفة أو كتابا إلا وفيها ذكر أو إشارة إلى شيء عن الاستشراق أو يمت إليه بصلة قريبة أو بعيدة .

الاستشراق يشكل صورة الشرق عند الغربيين

الغرب يعتمد في معلوماته عن الإسلام على أحد فئتين:

  • الكتاب المتخصصين من الاوربيين
  • الفلاسفة الأوروبيين
  • كلا هاتين الفئتين تعتمد على المستشرقين

الموقف من الظاهرة الاستشراقية في العالم الإسلامي

 تختلف الآراء بل تتناقض حول الظاهرة الاستشراقية بين :

  1. من يؤيدها  ويتحمس لها. 
  2. من يرفضها جملة وتفصيلا ، ويعتبرها عدوا تجب مواجهته
  3. من ينتقدها على أسس علمية،  ويكشف عناصرها السلبية والايجابية

الجوانب الإيجابية في دراسات المستشرقين:

  1. العناية بالمخطوطات العربية في المكتبات الغربية وفهريتها
  2. تحقيق  العديد من أمهات الكتب في شتى مجالات الفكر الإسلامي
  3. القيام بالعديد من الدراسات اللغوية والموسوعات المعاجم
  4. القيام بالفهارس الكبيرة والكشافات
  5. الكتابة عن العلوم الفنون الإسلامية

الجوانب السلبية في جهود المستشرقين

  1. التحامل الواضح في كثير من الدراسات الاستشراقية حول القرآن الكريم وسنة النبي وسيرته
  2. التجاوزات المنهجية التي وقع فيها بعض المستشرقين بالتعميم فيما لا مجال فيه للتعميم 
  3.  خطأ القراءة وما ينبني عليه من خطأ الفهم وما ينشأ عنه من الأحكام الخاطئة.

هل يوجد حوار بين المستشرقين والعلماء المسلمين ؟

  • غالبا ما تقابل دراسات المستشرقين بالرفض لدى العلماء والعامة في العالم الإسلامي
  •  غالبا لا يهتم المستشرقون لما يكتبه العلماء المسلمين المعاصرون، ويعتبرون كتاباتهم عاطفية وانفعالية.
  • لذلك فجسور الحوار قليلة ونادرة

 


نشأة الاستشراق

 

ضرورة دراسة النشأة

ضرورة دراسة التطور التاريخي تمكن في امور أهمها:

1- التعرف على اهم العوامل التي ساعدت على نشأة الاستشراق

2- التعرف على أهم المؤثرات التي كان لها الدول الفعال في تطور حركة الاستشراق

3- التغيرات في النظرة الغربية إلى الإسلام التي صاحبت كل مرحلة

4- استجلاء التطور التاريخي من شأنه بلورة فهم الظاهرة الاستشراقية.  

الآراء حول تفسير نشأة الظاهرة الاستشراقية

  • اختلف الباحثون في نشأة الاستشراق في تحديد سنة معنية أو فترة معينة لنشأة الاستشراق.
  • فيرى البعض أن الاستشراق ظهر مع ظهور الإسلام
  •             وأول لقاء بين الرسول صلى الله عليه وسلم ونصـارى نجران،
  •             أو قبل ذلك عندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رسله إلى الملوك والأمراء خـارج الجزيرة العربية
  •             أو حتى في اللقاء الذي تم بين المسلمين والنجاشي في الحبشة.
  •             بينما هنـاك رأي بأن غزوة مؤتة التي كانت أول احتكاك عسكري تعد من البدايات للاستشراق

الآراء حول تفسير نشأة الظاهرة الاستشراقية

  • ويرى آخرون أن أول اهتمام بالإسلام والرد عليه بدأ مع يوحنا الدمشقي (ت132ﻫ/749م) الذي عاش في دمشق إبان الفترة الأموية، وكتب بعض الكتـابات يوضح للنصارى كيف يجادلون المسلمين. ومنها: كتاب (محاورة مع مسلم) وكتاب آخر هو (إرشادات النصارى في جدل المسلمين)

الآراء حول تفسير نشأة الظاهرة الاستشراقية

  • ويرى آخرون: أن الحروب الصليبية هي بداية الظاهرة الاستشراقية بوصفها بداية الاحتكـاك الفعلي بين المسلمين والنصارى الأمر الذي دفع النصارى إلى محاولة التعرف على المسلمين.

فهذه الحروب استمرت مئتي عام من سنة 491ﻫ/ 1098م إلى سنة 690ﻫ/ 1291م ووصل عدد الحملات الصليبية إلى ثمانية حملات توجهت نحو بلاد الشام ومصر وتونس. ونجم عنها احتلال الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بما في ذلك مدينة القدس التي خضعت للاحتلال الصليبي 99سنة.  

الآراء حول تفسير نشأة الظاهرة الاستشراقية

  • هناك من يرى أن الاستشراق قد بدأ مع بداية الاهتمام بترجمة معاني القرآن إلى اللغات الغربية الذي عده دودي بارت قد بدا في القرن الحادي عشر الميلادي (القرن الخامس الهجري) ومع بداية ظهور أول قاموس لاتيني عربي

            قد عبر عن هذا الرأي المستشرق جوستاف دوجا فجعل عنوان كتابه (تاريخ الاستشراق من القرن الثاني عشر إلى القرن التاسع عشر) 

الآراء حول تفسير نشأة الظاهرة الاستشراقية

  • والبعض يرى ان الاستشراق قد بدأ في الرق العاشر الميلادي (الرابع الهجري) ومن اصحاب هذا الرأي الأستاذ نجيب العقيقي صاحب كتاب (المستشرقون) وهو كتاب كبير في ثلاثة أجزاء سجل فيه تاريخ الاستشراق على مدى ألف عام انتهى بالقرن العشرين وبدأه بالراهب الفرنسي جربر دي أورلياك (Gerbert d’Aurillac) (ت 720ﻫ / 1003 م) الذي قدم الاندلس وتتلمذ على علمائها في إشبيلية وقرطبة حتى اصبح اوسع علماء اوروبا ثقافة بالعربية والرياضيات والفلكثم تقلد فيما بعد منصب البابوية في روما باسم سلفستر الثاني (999م).

الآراء حول تفسير نشأة الظاهرة الاستشراقية

  • ثمة من يرى أن الاستشراق قد بدأ بقرار من مجمع فيينا الكنسي في(720ﻫ/1312م) الذي دعا إلى إنشاء كراسي لدراسة اللغات العربية والعبرية والسريانية في عدد من المدن الأوروبية مثل: باريس وأكسفورد وغيرهما.

            ويرى الباحث الإنجليزي ب.إم هولت (P.M. Holt) أن القرارات الرسمية لا يتم تنفيذها بالطريقة التي أرادها صاحب القرار لذلك فإن القرار البابوي هنا لا يعد البداية الحقيقية للاستشراق.

الآراء حول تفسير نشأة الظاهرة الاستشراقية

  • وثمة رأي له عدد من المؤيدين أن احتكاك النصارى بالمسلمين في الأندلس هو الانطلاقة الحقيقية لمعرفة النصارى بالمسلمين والاهتمام بالعلوم الإسلامية، منذ انطلق الطلبة الاوروبيون إلى الاندلس وصقلية لنقل علوم المسلمين على أوروبا  ذلك قبل الحروب الصليبية. 

ويميل إلى هذا الرأي بعض رواد البحث في الاستشراق من المسلمين ومنهم الشيخ الدكتور مصطفى السباعي، ومحمود زقزوق

دون تحديد مدة زمنية لهذه البداية.

تعليق على نشؤ الظواهر التاريخية

  • الظاهرة التاريخية لا تنشأ في لحظه محددة بل تنشأ تدريجياً
  • عندما تصبح ظاهرة تبدا تطلق عليها الأسماء
  • ما قبل التسمية قد تكون الظاهرة  المقصودة جزؤا من ظاهرة سابقة
  • لا تبرز الظاهرة إلا في إطار وسياق جملة من العوامل التاريخية ذات الصلة بالظاهرة 
  • هذه الملاحظات تنطبق على الظاهرة الاستشراقية .

ولاشك أن هذه البدايات لا تعد البداية الحقيقية للاستشراق الذي أصبح ينتج ألوف الكتب سنوياً ومئات الدوريات ويعقد المؤتمرات، وإنما تعد هذه جميعا كما يرها البعض “من قبيل الإرهاص لها وما أتى بعدها يعد من قبيل تعميق الفكرة، والتوسع فيها وشد الانتباه إليها”

بل إن هذه الظواهر هي من باب العلاقات بين الشرق والغرب، حتى تلك الجهود لدراسة اللغة العربية او ترجمة القرآن الكريم أو عمل قاموس لاتيني عربي وأمثالها.

  • فالبداية الحقيقية للاستشراق الذي يوجد في العالم الغربي اليوم ولا سيما بعد أن بنت أوروبا نهضتها الصناعية والعلمية وأصبح فيها العديد من الجامعات ومراكز البحوث وأنفقت ولا تزال تنفق بسخاء على هذه البحوث قد انطلقت منذ القرن السادس عشر حيث «بدأت الطباعة العربية فيه بنشاط فتحركت الدوائر العلمية وأخذت تصدر كتاباً بعد الآخر».
  • ثم ازداد النشاط الاستشراقي بعد تأسيس كراس للغة العربية في عدد من الجامعات الأوروبية مثل كرسي أكسفورد عام 1638 وكامبريدج عام 1632
  • ويضيف سمايلوفيتش بأن تأسيس الجمعيات العلمية مثل الجمعية الأسيوية البنغالية والجمعية الاستشراقية الأمريكية والجمعية الملكية الآسيوية البريطانية وغيرها بمنزلة “الانطلاقة الكبرى للاستشراق حيث تجمعت فيها العناصر العلمية والإدارية والمالية فأسهمت جميعها إسهاماً فعّالاً في البحث والاكتشاف والتعرف على عالم الشرق وحضارته فضلاً عما كان لها من أهداف استغلالية واستعمارية”
  • وكان من المشروعات الاستشراقية المهمة إنشاء مدرسة اللغات الشرقية الحية في فرنسا برئاسة المستشرق الفرنسي سلفستر دي ساسي(Silvester de Sacy) سنة 1795م التي كانت تعد قبلة المستشرقين الأوروبيين وساهمت في صبغ الاستشراق بالصبغة الفرنسية مدة من الزمن،

نشاء الجمعيات الاستشراقية وأيضاً بداية المؤتمرات العالمية للمستشرقين عام 1873 في عقد التي أصبحت تعقد دورياً.

  • شهد القرن السادس عشر (العاشر الهجري) مرحلة المخاض التي تحولت فيها ما يسمى العلاقات بين الشرق والغرب إلى ظاهرة جديد هي الأستشراق بدأت التسميات كما أشارنا في محاضرة سابقة تظهر (مستشرق واستشراق ) في اللغة الانجليزية سنة 1779م وفي الفرنسية 1779م وتدخل معجم الاكاديمية الفرنسية 1838م 

يجب الانتباه إلى الأهمية الكبرى لظهور أقسام الدراسات العربية في الجامعات الغربية أكثر من الالتفات لظهور المصطلح فهذه الأقسام هي عملياً من ينتج المعرفة الاستشراقية.

العلاقة بين النشأة والدوافع

لايمكن فهم النشأة الظاهرة الاستشراقية تاريخيا بمعزل عن معرفة

دوافعها

عندما سؤل أحد الرحالة النصارى الين وصلوا على الهند

ما الذي جاء بكم، قال: (المسيح والتوابل)

 


تفسير نشأة الظاهرة الاستشراقية

 

ما السبب وراء تعدد الآراء في تفسير الظاهرة الاستشراقية؟

ولعل السبب في إرجاع بعض الباحثين نشأة الاستشراق إلى مرحلة مبكرة من التاريخ الإنساني، تجعله موغلاً في القدم إلى زمن الاسكندر المقدوني مثلاً، أو الحروب الصليبية او حوادث اخرى قبلها أو بعدها، هو مجرد النظر إلى هذه الظاهرة الاستشراقية بوصفها الوجه المعرفي للمواجهة بين الشرق والغرب، فكان كل من يحاول دراسة الظاهرة يحول ربطها بحدث محدد ويجتهد لكي يبرر أن الحدث الذي وقع عليه اختياره هو فعلاً الحدث المناسب لبداية نشأة الظاهرة الاستشراقية

أبرز ما يمكن ملاحظته لدى  الباحثين الذين تصدوا للظاهرة الاستشراقية تفسيرهم لنشأتها وربط هذه النشأة

ربط الظاهرة الاستشراقية بالحروب الصليبية

ربط الظاهرة الاستشراقية بالظاهرة الاستعمار الغربي  

وعلى أية حال فإن الدافع لهذه البدايات المبكرة للاستشراق كان يتمثل في ذلك الصراع الذي دار بين العالمين الإسلامي والمسيحي في الأندلس وصقلية كما دفعت الحروب الصلبيبة بصفة خاصة

فبوصفها مشكلة عملية استدعى الأمر اتخاذ إجراءات معينة في العلاقات السياسية والعسكرية والتجارية

وبوصفها مشكلة فكرية لاهوتية

صورة العرب وصورة الإسلام في اوروبا إبان الحروب الصلبيبة 

بدأت حركة الاسترداد مع بداية القرن الثاني الهجري، وينظر إليها المؤرخون الإسبان أنها تبدأ من معركة “كوفا دونجا” (Covadonga) (كهف أونجا) ويسميها العرب (صخرة بلاي) في هذا المكان نبتت حركة المقاومة الإسبانية بزعامة “بلاي” (Pelayo)، بعد صمودها لحصار المسلمين وتوسعت في القرن الرابع الهجري، وانتهت بتأسيس أولى الإمارات المسيحية في شمال الأندلس، عرفت باسم (Castilla) وهو الاسم الذي عربه المسلمون إلى قشتالة ومعناه القلاع().

والبعض يرى بداية الاستشراق كانت مع ظهور طبقة المستعربين (Mozarabes) في المجتمع الاندلسي، وهم فئة من أهل الأندلس، ظلت محافظة على دينها المسيحي، ولكنها اندمجت في الحياة الإسلامية الجديدة، وتعلمت اللغة العربية إلى جانب لغتهم الدرجة المعروفة بالرومانسية (Romance)، وهي لهجة عامية مشتقة من اللاتينية، ومنها تكونت اللغة الاسبانية. وقد لقي أفراد هذ الطبقة تسامحاً كبيراً من الأمويين، لقد أثار إقبال المسيحين على الثقافة العربية، نقمة القساوسة ورجال الدين الذين كانت لهم أديرة وكنائس في شتى أنحاء الاندلس، فأخذوا يعيبون على الشباب المسيحي إقباله على قراءة العربية وتركه اللغة اللاتينية لغة الكتاب المقدس. وقد ظهرت الحركة 235ﻫ/ 850م وامتدت لعقد من الزمان وفيها صب القساوسة وما تبعهم نقمتهم على الإسلام ووصل الامر إلى الشتم في الاماكن العامة().

وقد نشط رجال الكنيسة ومن عاونهم في فترة الحروب الصليبية التي استمرت من سنة 491ﻫ/ 1098م إلى سنة 690ﻫ/1291م، وما قبلها، وما بعدها، ينشرون الافتراءات والأكاذيب حول الإسلام ونبيه r، وزعموا أن الإسلام قوة خبيثة شريرة، وأن محمدا r ليس إلا صنماً أو إله قبيلة أو شيطاناً، وغزت الأساطير الشعبية والخرافات خيال الكتاب اللاتين، ولم يكن الهدف عرض صورة موضوعية عن الإسلام فقد كان هذا أبعد ما يكون عن أذهان المؤلفين يومئذ.

ومن أمثلة ذلك، ما كتب من حكايات في وصف الإسلام مغرقة في الخيال اخترعها الكتاب في ذلك العصر مثل:

نشيد رولاند (La Chanson de Roland)

تيرفاجان (Tervagan)

محمد ابوللو

وكان أشهر من تولى إخراج هذه الحكايات هو جيبير النوجنتي (Guibert de Nogent) (ت1224م)

والحقيقة أن سقوط طليطلة عام 1085م، وما تلاه من الجهود التي نسقها ورعاها بطرس المبجّل ( أو المكرّم) (Petrus Venerabilis) (1092-1157م) بهدف الوصول إلى إدراك لحقيقة الإسلام ومواجهته والتي كان من أبرزها وأهمها ترجمة مشوهة على يد فريق كان من بين أعضائه القس الإنكليزي روبرت من كيتون (Robert of Ketton) عام 1143م (ويسمى أيضاً: روبرت من تشيستر، وروبرت من ريدنغ (كان حياً 1141-1150م)،

وقد اعتبر بطرس المبجّل الإسلام هرطقة مسيحية، والترجمة لمصادر الإسلام هي من اجل التعرف عليه،

وترجم مايكل سكوت (؟؟؟؟؟؟ ) في إسبانية، القرآن الكريم إلى اللاتينية بطلب من بطرس المكرّم نحو عام 1142م ضمن محموعة من الكتب الإسلامية بهدف عرض الإسلام وتفنيد أفكاره من وجهة النظر المسيحية في أوربة.

وقد أثار التعصب الذي حوته الكتابات النصرانية المبكرة من تعصب وحقد على المسلمين بعض الباحثين الغربيين في العصر الحاضر فكتبوا نقداً عنيفاً لها من أمثال:

المثال الاول: نورمان، دانيال (Norman, Daniel) في كتابه: “الإسلام والغرب”، فقد كتب دانيال أن أسباب حقد النصارى وسوء فهمهم للإسلام مـازال بعضه يؤثر في موقف الأوروبيين من الإسلام بالرغم من التحسن العظيم الحديث في الفهم والذي أشاد به بعض المسلمـين.

والمثال الثاني: ساذرن، ريتشارد (Southern, R.) في كتابه: ” نظرة الغرب إلى الإسلام في القرون الوسطى” يقول كان الإسلام يمثل مشكلة بعيدة المدى بالنسبة للعالم المسيحي في اوروبا على المستويات كافة.

الثقافة العربية في قصر الإمبرطور 

وسرعان ما تنبه منتجو هذه المعرفة إلى ما تنطوي عليه المؤلفات العربية والإسلامية من ثروة معرفية كانوا في أمسّ الحاجة إليها.

فعمدوا إلى ترجمة الكثير من هذه المؤلفات ولا سيما المتصلة منها بالفلسفة والعلوم والطب، ورأوا فيها الطريق الأمثل لمعاودة صلتهم بالآثار اليونانية التي كان قد فقد أكثرها.

وبدا من عام 1130 كان العلماء المسيحيون يعملون جاهدين على ترجمة الكتب العربية في الفلسفة والعلوم وكان لرئيس أساقفة طليطلة وغيره الفضل في إخراج ترجمات مبكرة لبعض العلمية العربية

وهكذا ظهر الكثير من هذه الترجمات وعلى رأسها ترجمة كتاب “الشفاء” لابن سينا في نهاية القرن الثاني عشر، وكتاب الجبر للخوارزمي في عام 1145م.

وكان فريدريك الثاني (1194-1250) حاكم صقلية الذي أصبح امبرطورا لأمانيا سنة 1215م إمبراطور الرومانية المقدسة (1220-1250). من بين الشخصيات الاوروبية التي اتخذت موقفا أقرب إلى الاعتدال الذي خرج على الموقف المزدوج تجاه الإسلام والعرب والمسلمين في ذلك الزمن المبكر. وقد كان فريديرك هذا يعرف العربية، وقد أعجب فريدريك الثاني بالثقافة العربية الإسلامية وشجع دراستها والترجمة منها.  وكان يتشبه بالعرب في لباسهم وعاداتهم ويتحمس للعلوم العربية، وقد كانت هذه العلوم في قصره في بالرمو (Palermo) وأصبحت صقلية في عهده مركزًا هامًا لانتقال العلوم العربية إلى أوروبا.

وبذلك اصبحت في متناول اللاتين، وقد أهدى هذا الامبرطور وابنه مانفرد إلى جامعات بولونيا وباريس ترجمات لكتب فلسفية مترجمة عن العربية، وأسس الامبرطور جامعة نابولي عام 1224م وجعل منها أكاديمية لإدخال العلوم العربي إلى العالم الغربي. وجعل من جامعة ساليرنو أفضل مدرسة طب في أوروبا، وكان طوال حياته في خلاف مع البابوات. وكان من نصيب هذا الأمبرطور ان طرده البابا جربجوري التاسع (Gregorry IX) من الكنيسة عام 1239م وكانت إحدى التهم التي وجهت إليه انه كان يبدي بعض الود تجاه الإسلام.

ما كان لأوروبا أن تنهض نهضتها دون أن تأخذ بأسباب ذلك وهو دراسة منجزات الحضارة الإسلامية في جميع المجالات العلمية. فقد رأى زعماء أوروبا ” أنه إذا كانت أوروبا تريد النهوض الحضاري والعلمي فعليها بالتوجه إلى بواطن العلم تدرس لغاته وآدابه وحضارته”

وبـالرجوع إلى قوائم الكتب التي ترجمت إلى اللغات الأوروبية لعرفنا حقيقة أهمية هذا، فالغربيين لم يتركوا مجالاً كتب فيه العلماء المسلمون حتى درسـوا هذه الكتابات وترجموا عنها، وأخذوا منها. وقد أشار رودي، بارت (Rudi Paret) في كتابه: “الدراسات العربية الإسلامية في اوروبا”

تعليق على الموقف الأوروبي في ازدواجية النظرة إلى الإسلام

ويذكر أن هذا الموقف الذي اجتمع فيه الضدين تجاه العرب والمسلمين ظل سائداً على نحو ما في الأوساط الاستشراقية حتى اليوم، وظل يعبر عن نفسه بازدواجية في الأغراض والوسائل والممارسات.

فحيث وجد الإسلام عقيدة ومبادئ وقيماً كان الموقف السلبي المشحون بالتعصب والخرافات والأساطير الشعبية والرواسم الجاهزة،

وحيث وجد الإسلام مهداً للعلم والطب والفلسفة كان الموقف الإيجابي، والنظر العلمي الموضوعي، والسعي للإفادة والتعلم.

وكانت فصول المواجهة المتتالية تعزز باستمرار الموقف الأول الذي كاد يطبع كل معرفة بطابعه حتى نهاية القرن السابع عشر.

وكان مما دعم الدراسات العربية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر في اوروبا عوامل عدة أهمها:

انه تبين أن التعامل مع المسلمين لأي غرض من الأغراض يقتضي تعلم اللغات الشرقية, ويتضح هذا بوجه خاص في موقف كل من روجر بيكون (Roger Bacon) وريموند لل، (Raymond Lull) وفي موافقة مجلس كنائس فيينا عام 1312م على إنشاء سلسلة من الكراسي للغات العربية واليونانية والعبرية والسريانية في جامعات باريس، وبولونية، وأفينيون، وسلمنقة، وغيرها للمساعدة على القيام بهذه المهمة.

وفي القرن السادس عشر تبدلت الرؤية العالمية لهذا العصر، واتجهت إلى البحث المتطلع إلى آفاق جديدة في المعرفة الإنسانية، وتبين أن النظرة المركزية الأوروبية إلى العالم والكون لم تعد ممكنة بعد الاكتشافات العظيمة للعالم والكون، ولم تعد ممكنة بعد الاكتشافات العظيمة للعالم الجديد، إلى جانب عوامل مختلفة عزّزت السعي نحو فهم أفضل للإسلام والمسلمين في عصر النهضة ربما كان من أهمها النـزعة الإنسانية (Humanism)، وهكذا شهد القرن السادس عشر تشجيعاً ملحوظاً من البابوية الرومانية على تعلم اللغات الشرقية لأسباب تبشيرية. 

كما تأتي مسألة إعادة التوحد مع الكنائس المسيحية الشرقية التي كانت تستخدم العربية أو السريانية أو القبطية لغة للشعائر الدينية.

كما شهد إنشاء أول كرسي للغة العربية في “الكوليج دوفرانس”(College Scaliger) (1609م)، ()

وإقامة أول مطبعة عربية عام 1586 في رومة على يد فرديناند دومديتشي (؟؟؟؟؟؟) كبير دوقات توسكانية يسرت طباعة الكثير من المؤلفات العربية المهمة التي ربما كان من أبرزها آثار ابن سينا في الطب والفلسفة والقواعد العربية.

وكان للصلات السياسية والدبولوماسية والتجارية المتنامية بشرق المتوسط، فضل كبير في النهوض بالدراسات العربية التي شهدت ازدياداً ملحوظاً في القرن السابع عشر ربما كان من أهم أدلته القيام بجمع المخطوطات العربية والإسلامية في مختلف حواضر القارة الأوربية على يد الأمراء والحكام ومشجعي العلم والثقافة والفن، وكانت حصيلتها العملية أن سُلبت من المسلمين جملة كبيرة من أهم مصادر دراسة ماضيهم وتراثهم الحضاري.

() العبادي، في التاريخ العباسي والأندلسي، ص406.

() العبادي، في التاريخ العباسي والأندلسي، ص354 وما بعدها.

() فوك    و بوزورث

وكان من حصيلتها كذلك إنشاء الكثير من الكراسي الجامعية لدراسة العربية وسواها من اللغات في الجامعات الأوربية المهمة. ففي عام 1632 أنشيء أول كرسي لدراسة العربية في كمبردج على يد توماس آدمز (Thomas Adams)، وانشىء نظيره في اكسفورد على يد لود (Laud) عام 1643.  ن

……………………………..

1)https://www.alukah.net/culture/0/47002 -14/12/2020

 

تفسير الظاهرة الاستشراقية من خلال الدافع الاستعماري

 

 انطلق الاوروبيون في أنحاء العالم، في خضم البدايات الاولى للظاهرة الاستعمارية، أملا في الاهتداء إلى أماكن جديدة تصلح للستيطان أو للاستغلال، فمنذ القرن السادس عشر، ويمكن الإشارة إلى حدث معين بوصفه نقطة مرجعية لذلك

وهو عبور ماجلان (Fernando de Magallanes) المحيط الهادي سنة 926ﻫ/1520م إلى الفلبين حيث لقي حتفه هناك،

إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر عندما وصل جيمس كوك (James Cook) ‏1186ﻫ/1776م إلى استراليا وجزر المحيط الهادئ، وتعرّف الأوروبيون على الجنوب الإفريقي وجزر الهند الشرقية ونيوزيلاندا.

لم يكن المقصود من هذا التعرف مجرد زيادة المعلومات وجمع الحقائق، بل كان لكل رحلة تقريبا غاية رئيسية فمثلاً تعرف المستعمرون الاوربيون على الاقسام الجنوبية من إفريقيا التي تصدر الذهب والرقيق إليهم، وقد جاء الانتشار الاوروبي في هذه المناطق على شكل موجات. 

في البداية نشأت إمبروطريات تجارية استعمارية غربية قامت في القرنين السادس عشر والسابع عشر على أيدي الأسبان والبرتغاليين إلا أن القرن الثامن عشر ومن ثم القرن التاسع عشر شهدا اكبر توسع وانتشار للمستعمرين الأوربيين، وشهد تسلطهم على شعوب متعددة، وعناصر مختلفة. يكفي الإشارة إلى أن بريطانيا كانت في عام 1815 أكبر دولة استعمارية في العالم، وأصبحت تسمى الامبرطورية التي لا تغيب عنها الشمس.

لقد كان للمد الاستعماري في العالم الإسلامي دور كبير في تحديد طبيعة النظرة الأوروبية إلى الشرق لا سيما بعد منتصف القرن التاسع عشر،

وقد افاد الإستعمار من التراث الاستشراقي

ومن ناحية اخرى كان للسيطرة الغربية على الشرق دورها في تعزيز موقف الاستشراق، وقد تزامنت مرحلة التقدم بل قل التضخم في المؤسسات الاستشراقية وفي أعمالها مع مرحلة التوسع الاوروبي في الشرق.

شهد القرن التاسع عشر استيلاء المستعمرين الغربيين على مناطق شاسعة من العالم الإسلامي على سبيل المثال:

في 1857م تم استيلاء الانجليز على على الهند

وفي 1857 أيضا تم استلاء فرنسا على الجزائر كلها بعد ان كانت مقتصرة على الشمال من الجزائر فقط

كما احتلت هولندا

وبعد عام 1881م تم احتلال مصر وتونس

وبعد الحرب العالمية الأولى كان العالم الإسلامي كله تقريبا خاضعا لنفوذ الاستعمار الاوروبي، وكان أكثر من80% من العالم خاضعا للاستعمار الأوروبي.

هذا الانتشار الواسع للنفوذ الاوروبي كان لا بد للعقل العسكري الأوربي والعقل السياسي ومن معرفة تهديه وترشده وتوجهه في الوصول على هذه البلاد وفي معرفة خصائصها ووظرفها وسكانها وبيئتها. لقد خدم الاستشراق الأهداف السياسية الاستعمارية للدول الغربية فقد سار عدد كبير من المستشرقين في ركاب الاستعمار وهم كما أطلق عليهم الأستاذ محمود شاكر “حملة هموم الشمال المسيحي”

فقدموا معلومات موسعة ومفصلة عن الدول التي رغبت الدول الغربية في استعمـارها والاستيلاء على ثرواتها وخيراتها. وقد اختلط الأمر في وقت من الأوقات بين المستعمر والمستشرق فقد كان كثير من الموظفين الاستعماريين على دراية بالشرق لغة وتاريخاً وسياسة واقتصـاداً.

فمثلاً المستشرق البريطاني لوريمر (J.G. Lorimer)  كتاباً بل قل موسوعة من أربعة عشر مجلداً بعنوان: (دليل الخليج وعُمان ووسط الجزيرة: الجغرافي والتاريخي) في سنة 1915م. قد ظلّت هذه الموسوعة سرّية المحتوى لا يستخدمها إلا موظفو الدوائر الاستعمارية البرطانية، حتى سنة 1970م حين سمحت الحكومة البريطانية بنشرها.

كان الموظف الاستعماري لا يحصل على الوظيفة في الإدارة الاستعمارية ما لم يكن على دراية بالمنطقة التي سيعمل بها. واستمر الارتباط بين الدراسات العربية الإسلامية وبين الحكومات الغربية حتى يومنا هذا. 

ومن الأدلة على هذا الارتباط أن تأسيس مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجـامعة لندن قد أُسّسَت سنة 1916م بناء على اقتراح من أحد النواب في البرلمان البريطاني.

 

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رأت الحكومة البريطانية أن نفوذها في العالم الإسلامي بدأ ينحسر فكان لا بد من الاهتمام بالدراسات العربية الإسلامية فكلفت الحكومة البريطانية لجنة حكومية برئاسة الإيرل سكاربورو (Scarbrough) لدراسة أوضاع الدراسات العربية الإسلامية في الجامعات البريطانية. ووضعت اللجنة تقريرها حول هذه الدراسات وقدمت فيه مقترحاتها لتطوير هذه الدراسات واستمرارها.

وفي عام 1961 كونت الحكومة البريطانية لجنة أخرى برئاسة السير وليام هايتر (Sir William Hayter) لدراسة هذا المجال المعرفي، وقامت اللجنة باستجواب عدد كبير من المتخصصين في هذا المجال، كما زارت أقسام الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات البريطانية وفي عشر جامعات أمـريكية وجامعتين كنديتين. وكانت زيارتها للولايات المتحدة بقصد التعرف على التطورات التي أحدثها الأمريكيون في هذا المجال، وكان ذلك بتمويل من مؤسستي روكفللر وفورد.

ومما يؤكد ارتباط الدراسات العربية الإسلامية بالأهداف السياسية الاستعمارية (رغم انحسار الاستعمار العسكري) أن الحكومة الأمريكية موّلت عدداً من المراكز للدراسات العربية الإسلامية في العديد من الجامعات الأمريكية، وما زالت تمول بعضها إما تمويلاً كاملاً أو تمويلاً جزئياً وفقا لمدى ارتباط الدراسة بأهداف الحكومة الأمريكية وسياستها

كما يستضيف الكونجرس وبخاصة لجنة الشؤون الخارجية أساتذة الجامعات والباحثين المتخصصين في الدراسات العربية الإسلامية لتقديم نتائج بحوثهم وإلقاء محاضرات على أعضاء اللجنة، كما ينشر الكونجرس هذه المحاضرات والاستجوابات نشراً محدوداً لفائدة رجال السياسة الأمريكيين.

فلم يكن معظم الرحالة البريطانيين الذين وصلوا إلى الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر وصدر القرن العشرين من امثال بيرتون (Burton) (ت1890م) وبلجريف (Polgrave) (ت1888م) وداوتي (Doughty) (ت1926م) ولورنس(Lawrence) (ت1935م) وفيليبي (Philby) (ت1960م) لم يكونوا أدباء عظام فحسب، بل كانوا سوى داوتي، عملاء للحكومة البريطانية، فقد أرسلوا لرعاية المصالح الاستعمارية البريطانية في المنطقة. شاز

بالرغـم من أنه قد يوجد عدد محدد جداً من الباحثين الغربيين دفعهم   حب العلم لدراسة الشرق أو العالم الإسلامي.  

 

 


اليهود والاستشراق

 

عمد اليهود إلى السيطرة على الفكر العالمي عن طريق التعليم، والإعلام لتمرير الأفكار التي يريدون بها القضاء على القيم، وزرع الشك والريبة للوصول بالفكر الآدمي إلى مرحلة الحيرة· ومن يراجع تاريخ الفكر الإنساني ولاسيما في القرنين السالفين يجد فلاسفة ومفكري اليهود وراء كل فلسفة أو عقيدة أو فكر يعمل على تحطيم وتدمير القيم الإنسانية، وقد أعلنوها صراحة – كما جاء في البروتوكول الثاني من بروتوكولات حكماء صهيون  )لا تتصوروا أن تصريحاتنا كلمات جوفاء، ولاحظوا هنا أن نجاح (دارون وماركس ونيتشه) قد رتبناه من قبل

ما هية الاستشراق اليهودي

يقصد بالاستشراق اليهودي ذلك العدد الكبير من الباحثين اليهود، في مختلف ميادين الدراسات الشرقية، الذين ساهموا بجهد فعَّال في الترويج لكثير من النظريات والأفكار المعادية للحضارة الإسلامية

لقد انكب المستشرقون اليهود على الدراسات الشرقية من أجل فهم المكون الشخصي للإنسان العربي والتعرف إلى المجتمع المدني العربي، والكشف عن خبايا الدين الإسلامي الذي مثل دين معظم سكان المنطقة الشرقية·

إلا أن أغلب الباحثين لا يعترفون بوجود هذا الصنف من الاستشراق داخل المنظومة الاستشراقية، وهو أمر له ما يبرره،) إذ إن اليهود لم يعملوا داخل الحركة الاستشراقية بوصفهم يهود بل عملوا على انتحال الصفة الغربية في كتاباتهم واتخاذ الجنسية الغربية كبديل عن الجنسية اليهودية في بحوثهم ودراساتهم، وبهذا استطاعوا أن يكيفوا أنفسهم ليصبحوا عنصرا أساسيا في إطار الحركة الاستشراقية الأوروبية النصرانية، وبذلك كسبوا مرتين: كسبوا أولا فرض أنفسهم على الحركة الاستشراقية كلها، وكسبوا ثانياً تحقيق أهدافهم في النيل من الإسلام، وهي أهداف تلتقي مع أهداف أغلبية المستشرقين النصارى(

أسباب إقبال اليهود على الاستشراق

لقد أقبل اليهود على الاستشراق لسببين رئيسين هما:

الأول ديني: وذلك من أجل نفي كل أصالة للإسلام وخصوصاً بعد تأسيس دولة إسرائيل، وتحكم الصهيونية في أغلبية المستشرقين اليهود، يدا إلا أنهما لا يشكلان تفسيرا كافيا لمزاج العرب وانزعاج·

ولتوضيح الأمر أكثر نستند إلى ما قاله المستشرق اليهودي الألماني جوزيف شاخت عندما كان يتحدث عن مفهوم الزكاة في الإسلام: إن هذه الكلمة التي لا أصل لها تاريخياً في أصول المفردات العربية، عرفها الرسول [ بمعنى أوسع بكثير أخذاً من استعمالها عند اليهود في الآرامية، ومشتقات مادة زكا لا يكاد يكون لها في القرآن في العهد المكي سوى معنى التقوى الذي ليس عربيا أصلا، بل هو مأخوذ عن اليهودية، وفي العهد المدني يتضاءل معنى الطهارة والصلاح ليحل محله معنى العطاء وتغدو كلمة الصدقة مرادفة لكلمة الزكاة حيث عرف النبي (ذلك من يهود المدينة معرفة أدق )

ويدعي المستشرق اليهودي فيليب ايرلنجي أن الرسول )كان يسأل خادمه زيدا وهو مملوك المسيحيين، عن الديانة اليهودية والمسيحية ليأخذ منه·(

الثاني سياسي: تفيد بعض الدراسات أن اليهود كانوا من المؤسسين للاستشراق وخصوصاً في مرحلته السياسية، عندما انتقل من الاهتمام الديني برعاية الكنيسة إلى الاهتمام السياسي برعاية الدول الغربية الاستعمارية

هذا السبب السياسي يمكن حصره في نقطتين مركزيتين: خدمة الصهيونية كفكرة ثم خدمتها كدولة، فالفكرة الصهيونية ولدت في القرن التاسع عشر، وتبلورت في المؤتمرات المتتابعة على يد عدد من المفكرين الصهاينة الذين نشأوا في أقطار أوروبا المختلفة، وتأثروا بالأفكار القومية التي سادت أوروبا في تلك الفترة من الزمان

وخدمة فكرة الصهيونية تتجلى في تلك الدراسات والأبحاث التي تقوم بها الجامعات الصهيونية، والتي لها علاقة وطيدة بالاستشراق، علاوة على الحضور الفاعل لليهود في المؤتمرات الاستشراقية، حيث يكون لهم دور في توجيه المناقشات وإثرائها بما يخدم أغراضهم

أما في ما يتعلق بخدمة الصهيونية كدولة فكما هو معلوم، إن الهدف الاستراتيجي للصهيونية هو إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين، من ثم سعت الصهيونية إلى تجنيد كثير من المستشرقين اليهود في أوروبا وأميركا ليعملوا يداً بيد مع بعض الضباط والعلماء تحت ستار   صندوق الاكتشافات الفلسطينية  الذي تأسس العام 1865م، وكان هذا الصندوق   في ظاهرة بعثة تعليمية تبشيرية تقوم بدراسة ما يتعلق بالأراضي المقدَّسة من الناحية الدينية، بينما كان في الحقيقة يقوم بعمليات المسح والحصر، ورسم الخرائط لغير المواضع الأثرية الدينية مما يسَّر كثيرا عملية مجيء الصهاينة، واستيطانهم في المنطقة بعد طرد أهلها وتشريدهم

الأثر اليهودي على الحركة الاستشراقية

إن أثر اليهود على الاستشراق لا يبعد كثيرا عن آثارهم على جميع أوجه النشاط العالمي، إذ لا يكاد يوجد جانب من جوانب الحياة إلا ولليهود دور فيه اقتصادي وسياسي واجتماعي، والاستشراق واحد من هذه المجالات، ويمكن تصنيف أثرهم على ما يلي:

أ- آثار غير مباشرة: وتنحصر فيما فعله اليهود من برامج ومقررات تأثر بها الاستشراق كما تأثر بها غيره، وهذا يتجلى في:

 السيطرة الصهيونية على مختلف وسائل الإعلام العالمي:

لقد استشعر اليهود دور الإعلام باعتباره أداة تربوية، فعملوا على امتلاك أهم المؤسسات الصحافية والإذاعية في العالم، بل   وتوجيهها ضمن مخططهم التخريبي للأمم والشعوب غير اليهودية، وذلك تنفيذا لمقررات القيادات اليهودية في العالم

فعن طريق أجهزة الإعلام بوسائلها المختلفة استطاع اليهود أن يخدموا قضيتهم المزعومة، ويؤثروا في الرأي العام العالمي، والغربي بصفة خاصة، مما يسَّر لهم أن يضمنوا دعما أكبر لمخططاتهم، وتحكماً أوسع في مقدرات الشعوب، وقد أفصح اليهود أنفسهم عن هذا الأمر بقولهم: الأدب والصحافة قوتان تعليميتان كبيرتان، وستصبح حكومتنا مالكة لمعظم الصحف والمجلات

التهمة بمعاداة السامية: لقد أضحى مفهوم السامية يعني اليهود الصهاينة، والذين يديرون السياسة الإسرائيلية من دون غيرهم، وبناء عليه أصبح كل من يخالف سياسة الدولة الصهيونية يُرمي باللاسامية، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بيجن : لا يمكن أن نضع حدا فاصلا بين العداء لإسرائيل والصهيونية وبين اللاسامية

وبذلك أصبحت اللاسامية تهمة يخشاها الغربيون على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، والأمر عينه انطلى على المستشرقين الذين أضحوا يتجنبون آثارها، بل إثارة كل ما من شأنه أن يوقعهم في هذه التهمة.

نشير هنا إلى ما صرح به المستشرق اليهودي الفرنسي مكسيم رودنسون حين قال:   إن مسألة التطرف اليهودي أو القضية الفلسطينية من المسائل التي تؤدي بصاحبها الى أن يرمي باللاسامية، ومعادة اليهود، وهذه تهمة خطيرة، داخل المجتمع الأوروبي  

ويقول المستشرق اليهودي الأميركي   برنار لويس :   إن مكافحة السامية في أوروبا أعطى اليهود سببا جديدا للميل إلى القومية اليهودية

ب- الآثار المباشرة: يعمل اليهود – حاليا- على تبني كل الدراسات الاستشراقية ذات الطبيعة العدائية للإسلام والعروبة، من خلال نشرها وتعميمها، وتشجيع أصحابها، وتقديم المعونة لهم، والهدف من ذلك كله هو إسكات كل الدعوات التي تنادي بضرورة اعتدال النظرة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين،

1- لقد انتحل المستشرقون اليهود الجنسية الأوروبية لإخفاء هويتهم الحقيقية، حيث نلاحظ أن معظمهم كانوا إما ألمانيين أو بريطانيين أو فرنسيين، وما يميز هذه الدول أنها تصنف ضمن الدول الغربية الاستعمارية،

ولعل هذا يزكي ما ذهب إليه بعض الباحثين  من القول:   إن الاستشراق في الدول الغربية الاستعمارية كان أقوى منه في الدول غير الاستعمارية . في حين، كان انتحال اليهود لجنسية دول شرق أوروبا مثل المجر وبولونيا وروسيا وغيرها قليلا،

3- اضطر الكثير من المستشرقين اليهود إلى تغيير جنسياتهم ولا سيما الألمانية إلى جنسيات أخرى، والسبب هو خضوع ألمانيا لحكم النازيين فترة من الزمان عانى خلالها اليهود التضييق والملاحقة والاضطهاد مما أضطر الكثير منهم إلى مغادرة ألمانيا·

4- إنجازات المستشرقين اليهود العلمية كانت غزيرة ومتنوعة، فقد قاموا بتأليف الكتب، وإعداد البحوث، وإقامة الدراسات، كما شاركوا في العديد من مؤتمرات المستشرقين، وانخرطوا في الكثير من الجمعيات والمجامع، التي بسببها أنضووا تحت إطار الحركة الاستشراقية، فهم لم يتركوا وسيلة لنشر آرائهم وبث أفكارهم إلا ولجوها·

5- اضطرار كثير من المستشرقين اليهود للخضوع لضغوط الصهيونية، وإن كان لبعضهم بعض المواقف المعادية لها، أو كان لديهم تعاطف مع بعض قضايا الوطن العربي، فكانوا لايجرؤون على إثارة مثل هذه المواقف والقضايا، بل كان ما من شأنه أن يوقعهم في معاداة السياسة الصهيونية، وحسبنا في هذا الصدد أن نشير إلى ما حدث للمستشرق اليهودي الفرنسي مكسيم رودنسون الذي عرف بتضامنه مع بعض قضايا الوطن العربي، إلا أنه لوحظ عليه في أخريات حياته نوع من التردد في اتجاهاته الفكرية وتذبذب في مواقفه السياسية، ويعزوا بعض الباحثين ذلك إلى الضغوط الصهيونية التي كانت تمارس عليه

6- بتعميم الملاحظة، لا توجد حدود فاصلة ولا خطوط متباينة بين الاستشراق اليهودي والاستشراق الأوروبي، مما يدل على أن الاستشراق منظومة فكرية محددة المعالم تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق هدف واحد معين،   

 

 


أعلام المستشرقين وأهم إسهاماتهم ومؤلفاتهم


ايطاليا وهولندا وفرنسا

يصعب حصر الجهود الاستشراقية والدليل على ذلك:

  • أن الطبعة الرابعة من كتاب “المستشرقون” لنجيب العقيقي قد تجاوز صفحاتها (1700 صفحة)
  • أن “موسوعة المستشرقين” للدكتور عبد الرحمن بدوي، الطبعة الثانية قد بلغت (464 صفحة) من القطع الكبيرة،
  • أن مجموع ما ألفه المستشرقون بين عامي 1800-1950، مما يتعلق بالشرق الأدنى، فيما يذكره إدوارد سعيد، يتجاوز ستين ألفاً من المجلدات

المستشرقون من إيطاليا

  • يستحيل الحديث عن أعلام الاستشراق وأهم مؤلفاتهم وإسهاماتهم في حير ضيق كهذا المقرر وعدد قليل من المحاضرات.
  • الإشارات ستكون موجزة إلى بعض أعلام المسترقين ممن يتردد ذكرهم كثيراً في المؤلفات العربية الحديثة .
  • سيكون التوزيع على البلدان
  • سيكون للمستشرقين اليهود، والمستشرقين من الرهبان، ومن أسلم من المستشرقين جزء خاص من أحد المحاضرات

المستشرقين من إيطاليا 

لا بد من البدء في إيطاليا ذلك أنها مهد الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا،

فقد كان البابوات هم الذين وجهوا إلى دراسة اللغة العربية، ومن هنا صدر القرار البابوي بإنشاء ستة كراسٍ لتعليم اللغة العربية في باريس ونابولي وسالونيكا وغيرها،

وقد تعاون مجموعة من نصارى الشام مع الكنيسة الكاثوليكية لنشر الديانة الكاثوليكية في المشرق،

وقد بدأ هذا التعاون باتحاد الكنيستين المارونية والكاثوليكية عام 1575م، وقام المارونيون بترجمة العديد من كتب اللاهوت إلى اللغة العربية.

المستشرقون من إيطاليا

واستمر اهتمام إيطاليا بالعالم الإسلامي وظهر مستشرقون في المجالات المختلفة

ومن هؤلاء على سبيل المثال المستشرق الأمير كايتياني الذي أصدر مؤلفه الكبير(حوليات الإسلامي)،

ومنهم أيضا المستشرق كارلو نيللو الذي درّس الفلك والأدب في جامعة القاهرة.

وفيما يأتي بعض المستشرقين من إيطاليا الإيطاليا:

المستشرقون من إيطاليا

اَماري، ميكليه (Amari, Michele) (1806 ـ 1889 م) مستشرق إيطالي، من رجال العلم والسياسة. ولد في بلرم بجزيرة صقلية. عاش في باريس ما بين سنتي 1842 و1848 فتعلم بعض اللغات الشرقية, ثم تخصص بالعربية وآدابها وتاريخها المتصل بتاريخ بلاده. ولما نشبت الثورة عاد إلى بلرم. وعين وزيراً للمعارف. وبعد الثورة غادر البلاد ثانية إلى باريس. وعاد سنة 1859 فدرّس العربية في بيزا(Pise) ثم في جامعة فلورنسة الأمبراطورية. وترأس مؤتمر المستشرقين بفلورنسة سنة 1878 وتوفي بها.

المستشرقون من إيطاليا

تابع – أماري ميكيله

أشهر آثاره العربية « المكتبة الصقلية ـ ط» في تاريخ جزيرة صقلية, صدّرهما بمقدمة إيطالية. وله « الشروط والمعاهدات السياسية بين جمهوريات إيطاليا وسلاطين مصر وغيرهم» مع ترجمة إيطالية, و« مذكرات جديدة لمعرفة تاريخ جنوا» مع ترجمة إيطالية, وترجم إلى الفرنسية « رحلة ابن جبير» وإلى اللاتينية، وله بالإيطالية « تاريخ العرب في صقلية» خمسة أجزاء.

المستشرقون من إيطاليا

غْريفّيني، أوجانْيُو (Griffini, Eugenio ) (1886 ـ 1925م)

مستشرق إيطالي. من أعضاء المجمع العلمي العربي. ولد بميلانو, وتعلم العربية في المعهد الشرقي بنابولي.

رحل إلى اليمن وتونس وطرابلس الغرب ومصر. وكان يتزيا في أسفاره بالزيّ العربي.

عينه الملك فؤاد الأول سنة 1922م أميناً لمكتبته الخاصة في القاهرة, فأقام إلى أن توفي بها.

له كتب منها «التحفة اللوبية في اللغة العامية الطرابلسية ـ ط».

ونشر بالعربية «ديوان الأخطل», ومجموعاً في «الفقه الزيدي»

المستشرقون من إيطاليا

كايتاني، ليوني (Caetani, Leone ) (1869- 1926م)

من أبزر المستشرقين الإيطاليين، فقد كان يتقن عدة لغات منها العربية والفارسية،

عمل سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة، زار الكثير من البلدان الشرقية منها الهند وإيران ومصر وسوريا ولبنان،

من أبرز مؤلفاته حوليات الإسلام المكون من عشرة مجلدات تناولت تاريخ الإسلام حتى عام 35ﻫ.

وأنفق كثيراً من أمواله على البعثات العلمية لدراسة المنطقة، يعد كتابه الحوليات مرجعاً مهماً لكثير من المستشرقين.

المستشرقون من إيطاليا

سانتيلانا ، ديفيد  (, David Santillana) (1855-1931)

مستشرق ايطالي، ولد في تونس، حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة روما وتخصص في الفقه الإسلامي والفلسفة الإسلامية،

أسهم في وضع القانونين المدني والتجاري في تونس. 

عمل في الجامعة المصرية أستاذاً لتاريخ الفلسفة، ثم عمل في جامعة روما أستاذاً للقانون الإسلامي،

له العديد من الآثار في مجال الفقه والقانون المقارن.

المستشرقون من إيطاليا

نللينو، كارلو ألفونسو (Carlo Alfoso Nallino,) (1872-1938م)

ولد في تورينو وتعلم العربية في جامعتها،

عمل أستاذاً للغة العربية في المعهد العلمي الشرقي بنابولي، ثم أستاذاً بجامعة بالرمو، ثم جامعة روما، وعين أستاذاً للتاريخ والدراسات الإسلامية في جامعة روما.

ودعي من قبل الجامعة المصرية محاضراً في الفلك، ثم في الأدب العربي، ثم في تاريخ جنوب الجزيرة العربية قبل الإسلام.

المستشرقون من إيطاليا

غبريالي، جوزبّي (Gabrieli, Giuseppe) (1872 ـ 1942م)

مستشرق إيطالي كان أمين مكتبة «مجمع لنشاي» بإيطاليا, وعمل في ترتيب مخطوطاتها العربية والإسلامية.

تعاون مع الأمير كايتاني في وضع «معجم الأعلام العربية الإسلامية » جزآن منه, بالإيطالية.

وضع فهارس «الوافي بالوفيات» للصفدي, وكتب عن «الخنساء».

المستشرقون من هولندا

لا يختلف عن الاستشراق الأوروبي في أنه انطلق مدفوعاً بالروح التنصيرية، وأن هولندا كانت تدور في الفلك البابوي الكاثوليكي.

وقد اهتم المستشرقون الهولنديون باللغة العربية ومعاجمها كما اهتموا بتحقيق النصوص العربية، ومما يميز الاستشراق الهولندي وجود مؤسسة برل التي تولت طباعة الموسوعة الإسلامية ونشرها في طبعتيها الأولى والثانية، كما تقوم هذه المؤسسة بطباعة كثير من الكتب حول الإسلام والمسلمين.

المستشرقون من هولندا

ومن أبرز المستشرقين الهولنديين سنوك هورخرونيه الذي ادعى الإسلام وتسمى باسم الحاج عبد الغفار، وذهب إلى مكة المكرمة ومكث ستة أشهر حتى طردته السلطات من هناك، فرحل إلى إندونيسيا ليعمل مع السلطات الهولندية المحتلة لتدعيم الاحتلال في ذلك البلد الإسلامي، ومن أعلام الاستشراق الهولندي أيضا دي خويه (ت1909م) وفنسنك صاحب المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، وله كتاب في العقيدة الإسلامية، وكذلك  المستشرق دوزي.

المستشرقون من هولندا

ربما شهدت هولندا في العقود الاخيرة ظهور تيار من المستشرقين الشباب الذين يميلون إلى النظرة الموضوعية إلى الإسلام وقضاياه وهذا مما أثار حنق وغضب المستشرقين الأكبر سناً، ولهولندا مركز للبحوث والدراسات العربية والإسلامية في مصر. وقد تولّت جامعة ليدن تنظيم مؤتمر عالمي حول الإسلام في القرن الواحد والعشرين في الفترة من 3-7 يونيو 1996 بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية، وحضر المؤتمر مئة وعشرون باحثاً من أنحاء العالم، وقد بحث المؤتمرون أوضاع العالم الإسلامي في القرن القادم .

المستشرقون من هولندا

دوزي، رانيهارت (Dozy, Rienhart) (1820م-1883م)

ولد في مدينة ليدن (Leiden  أو Leyden )، بدأ دراسة العربية في المرحلة الثانوية وواصل هذه الدراسة في الجامعة، حصل على الدكتوراه عام 1881م عن بحثه (أخبار بني عيّاد عن الكتاب العرب)

اهتم بالمخطوطات العربية وبخاصة كتاب الذخيرة لابن بسام وغيره من الكتب، اهتم بتاريخ المسلمين في الأندلس وأبرز كتبه تاريخ المسلمين في اسبانيا المكون من عدة مجلدات.

تكملة المعاجم العربية

2 المستشرقون من هولندا

دي خويه، مايكال (De Goje, Michael  Jan ) (1836-1909م).

تخصص في جامعة ليدن بالدراسات الشرقية ومن أساتذته المستشرق دوزي وكانت رسالته للدكتوراه بعنوان (نموذج من الكتابات الشرقية في وصف المغرب مأخوذ من كتاب البلدان لليعقوبي،

عمل في التدريس بجامعة ليدن، وكان أبرز اهتماماته الجغرافيا وكذلك التاريخ الإسلامي،

ومن إنتاجه تحقيق كتاب فتوح البلدان للبلاذري، كما شارك وأشرف على تحقيق تاريخ الطبري، وهو غزير الإنتاج.

المستشرقون من هولندا

هورخرونيه، سنوك  (Hurgronje, Christian Snouk )

 (1857- 1936م) مستشرق هولندي،

درس اللاهوت ثم بدأ دراسة العربية والإسلام على يد المستشرق دي خويه، ودرس كذلك على يد مستشرقين آخرين منهم المستشرق الألماني نولدكه، كانت رسالته للدكتوراه حول الحج إلى مكة المكرمة عام 1880م.

عمل مدرساً في معهد تكوين الموظفين في الهند الشرقية (إندونيسيا)، أعلن إسلامه ؟؟، وتسمى باسم عبد الغفار وسافر إلى مكة المكرمة وأمضى فيها ستة أشهر ونصف،

المستشرقون من هولندا

تابع هورخرونيه، سنوك

تعرف خلال هذه الفترة على عدد من الشخصيات في مكة وبخاصة الذين تعود أصولهم إلى الجزر الإندونيسية، جمع مادة كتابه عن مكة المكرمة.

انتقل إلى العمل في إندونيسيا لخدمة الاستعمار الهولندي حيث عمل مستشاراً لإدارة المستعمرات في عام 1891م، يعد سنوك نموذجاً للمستشرق الذي خدم الاستعمار خدمات كبيرة وسخّر علمه لهذا الغرض.

المستشرقون من هولندا

هُوتْسْما ، مارتن تيودور (Houtsma, Martin Theodor)  (1851 ـ 1943م) : مستشرق هولندي.

ألمّ بالعربية والفارسية والتركية, ودرّسها في جامعة أوترخت. وهو من أوائل من اضطلعوا بإنشاء « دائرة المعارف الإسلامية» سنة 1906 له بالعربية « فهرست الكتب الشرقية المحفوظة في أكادمية ليدن ـ ط» الجزء السادس, و« فهرست الكتب العربية والتركية الموجودة عند بريل صاحب مكتبة ليدن ـ ط» جزآن. وعني بنشر كتب عربية, منها « تاريخ اليعقوبي» و« ديوان الأخطل» و« الأضداد» لابن الأنباري, و« زبدة النصرة ونخبة العصرة» للبنداري, اختصر به كتاب العماد الأصفهاني.

المستشرقون من هولندا

واردنبرج، جاك  (Waardenburg, Jacque )  (1930-     )

مستشرق هولندي، درس القانون بجامعة أمستردام ودرس أيضاً علم اللاهوت بالجامعة نفسها، درس العربية في الفترة من 1953م إلى 1956م بجامعة أمستردام وفي ليدن وفي مدرسة اللغات الشرقية الحية في باريس،

حصل على منحة من اليونسكو لزيارة بعض الدول العربية والإسلامية فزار إيران ولبنان ومصر والأردن كانت رسالته للدكتوراه بعنوان (الإسلام في مرآة الغرب) من جامعة أمستردام، عمل في معهد الدراسات الإسلامية بجامعة ماقيل بكندا في الفترة من 1962م- 1963م، قام بزيارات علمية لأجراء بحوث حول الجامعات في العالم العربي في كل من تونس ولبنان وسوريا والعراق والأردن.

تابع – واردنبرج، جاك

عمل باحثاً زائراً في جامعة كليفورينا– لوس أنجلوس، وعمل في مجال التدريس في جامعة أوترخت بهولندا (1968م-1987م) ثم انتقل إلى جامعة لوزان بسويسرا وبقي فيها حتى تقاعد عام 1995م.

له إنتاج غزير في مجال الدراسات الإسلامية منها (الإسلام في مرآة الغرب) و(واقع الجامعات العربية –مجلدان) والطرق الكلاسيكية لدراسة الدين، شارك في الكتابة في دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة الثانية) وقد كتب مادة ( مستشرقون).

المستشرقون من فرنسا

تعد المدرسة الفرنسية من أهم المدارس الاستشراقية وبخاصة منذ إنشاء مدرسة اللغات الشرقية الحية سنة 1795م

والتي رأسها المستشرق المشهور سلفستر دي ساسي، وكان هذا المستشرق يعد عميد الاستشراق الأوروبي في النصف الأول من القرن التاسع عشر دون منافس

ويقول السامرائي عن كتاب ساسي في قواعد اللغة العربية إنّه “قد لوّن الاستشراق الأوروبي بصبغة فرنسية،

ونشط الاستشراق الفرنسي قبل الحملة الفرنسية على مصر وبعدها، فقد اصطحب نابليون معه عدداً كبيراً من العلماء في المجالات المختلفة ليحدث هزة انبهار لدى المسلمين وعلمائهم بالحضارة الغربية، وليزيد في دراسة أوضاع المجتمعات الإسلامية،

وقد صدر عن هذه الحملة كتاباً ضخما بعنوان (وصف مصر)

كما إن نفوذ الاستشراق الفرنسي استمر بعد وصول محمد علي إلى السلطة حيث بدأت البعثات العلمية في عهده وكانت تحت إشراف المستشرق الفرنسي جومار، وقد أرسلت تركيا وإيران والمغرب الأقصى بعثات مماثلة،

المستشرقون من فرنسا

ويذكر المنوني في كتابه المهم (يقظة المغرب العربي الحديث) أن المشرف على البعثة المغربية كتب إلى السلطات الفرنسية لتسمح للمبتعثين بالبقاء في فرنسا مدة من الزمن بعد انتهاء مهمتهم ليتشبعوا بالحضارة الفرنسية وعظمة فرنسا،

ويقول المستشرق الإنجليزي برنارد لويس أن المعلمين الفرنسيين الذين بعثتهم فرنسا لتدريب الجيش التركي حملوا معهم كتبا مختارة في الأدب والفكر، كما إن الطلاب المبتعثين شُجّعوا على قراءة كتب الأدب والثقافة.

المستشرقون من فرنسا

وأنشأ الفرنسيون في العصر الحاضر الكثير من مراكز الدراسات الاستشراقية والأقسام العلمية في جامعاتهم ومنها جامعة السوربون في باريس وجامعة ليون وجامعة مارسيليا وغيرها،

ومن المراكز المهمة معهد دراسات المجتمعات المتوسطية، ومركز دراسات وبحوث العالم العربي والإسلامي بإكس دو بروفانس ،

المستشرقون من فرنسا

دي ساسي، سيلفستر  (de Sacy, Silvester ) (1758-1838م)

مستشرق فرنسي، تعلم اللاتينية واليونانية ثم درس على بعض القساوسة، ثم درس العربية والفارسية والتركية. عمل في نشر المخطوطات الشرقية في مكتبة باريس الوطنية، وكتب العديد من البحوث حول العرب وآدابهم وحقق عدداً من المخطوطات.

عين أستاذا للغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية الحية عام 1795م، وأعد كتاباً في النحو ترجم إلى الإنجليزية والألمانية والدنمركية،

وأصبح مديراً لهذه المدرسة عام 1833م، وعندما تأسست الجمعية الآسيوية انتخب رئيساً لها عام 1822م.

ومن أبرز اهتماماته “الدروز” حيث ألف كتاباً حولهم في جزأين،

أصبحت فرنسا في عهده قبلة المستشرقين من جميع أنحاء القارة الأوروبية ويقول أحد الباحثين إنّ الاستشراق اصطبغ بالصبغة الفرنسية في عصره، عمل دي ساسي مع الحكومة الفرنسية

وهو الذي ترجم البيانات التي نشرت عند احتلال الجزائر وكذلك عند احتلال مصر من قبل حملة نابليون عام 1797م

هالِيفي(1243 ـ 1335هـ = 1827 ـ 1917م)جوزيف هاليفي Joseph Halévy: مستشرق فرنسي. دخل بلاد اليمن بهيئة متسول من يهود القدس, فبلغ نجران, وطاف في أعالي الجوف حيث كان يقيم «المعِينيون» في غابر العصور, ووصل إلى حدود مأرب. وجمع في رحلته هذه 686 نقشاً من كتابات قديمة نشرت ترجمتها إلى الفرنسية في الجريدة الأسيوية (Journal Asiatique) سنة 1874 وعلق عليها بشروح وافية.

سُوفاجِيه(1318 ـ 1369هـ = 1901 ـ 1950م)جان سوفاجيه Jean Sauvaget: مستشرق فرنسي بحاثة. ولد وتعلم في نيور (Niort) وأتقن العربية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس. وسافر إلى دمشق سنة 1924 فعمل في المعهد الفرنسي. وعاد إلى باريس سنة 1936 فعين مديراً لدراسات تاريخ الشرق الإسلامي في مدرسة «الدراسات العليا» و أستاذاً في مدرسة اللغات الشرقية, فأستاذاً للفن الإسلامي بمدرسة «اللوفر» سنة 1941 ـ 1944 ومحاضراً في اللغة العربية بجامعة باريس. وقام برحلات إلى تركيا وفلسطين والعراق وإيران. وكان مع إجادته العربية يحسن التركية والفارسية. وله تآليف وبحوث كثيرة بالفرنسية, منها «الآثار التاريخية في دمشق» و «كتابات تدمر» و «الآثار الإسلامية في حلب» و «العمارة الإسلامية في سورية» و «خيول بريد المماليك» و «الآثار الأموية في قصور الشام» ونشر تصحيحاً لنسخة «تاريخ بيروت» المطبوعة سنة 1937 بمقابلتها على نسخة مخطوطة في المكتبة الوطنية بباريس. وترجم إلى الفرنسية كتاب «الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب» المنسوب إلى ابن الشحنة, في جزأين, ونشر كتاباً عن «أخبار الصين والهند» بالعربية وترجمه إلى الفرنسية. وآخر ما قرأناه له بحث في «ضبط أسماء المماليك وألقابهم وتفسير معانيها» نشره في «الجورنال آزياتيك». وسافر من باريس إلى كامبو (Cambo) مستشفياً, فمات فيها.

لِيفي بْرُوفَنْسال(1311 ـ 1376هـ = 1894 ـ 1955م)إيفارسْت ليفي بروفسال Evariste Lévi-Provençal: مستعرب افرنسي الأصل. كثير الاشتغال بتصحيح المخطوطات العربية ونشرها. ولد وتعلم في الجزائر. وحضر حرب الدردنيل في الجيش الفرنسي, فجرح, ونقل إلى مصر, ثم أعيد إلى فرنسة. وعُين سنة 1920 مدرساً في معهد العلوم العليا المغربية في الرباط فمديراً له (سنة 1926 ـ 35) وانتدب في خلال ذلك (سنة 28) لتدريس تاريخ العرب والحضارة الإسلامية في كلية الآداب بالجزائر, كما انتدب لتدريس تاريخ العرب وكتاباتهم, بمعهد الدراسات الإسلامية في السوربون (بباريس) واستقال من إدارة معهد الرباط (سنة 35) ودعي لإلقاء محاضرات في جامعة القاهرة (سنة 38) وألحقه وزير التربية الفرنسية بديوانه في باريس (سنة 45) وعين في السنة ذاتها أستاذاً للغة العربية والحضارة الإسلامية في كلية الآداب بباريس, ووكيلاً لمعهد الدراسات الساميّة في جامعتها. وكان من أعضاء المجمعين: العلمي العربي بدمشق, و اللغوي بالقاهرة. ومات بباريس. تعاون مع محمد بن أبي شنب, على تصنيف «المخطوطات العربية في خزانة الرباط ـ ط» ومما نشر «كتابات عربية في أسبانيا» و «نص جديد للتاريخ المريني» و «أسبانيا المسلمة في القرن العاشر» و «الحضارة العربية في أسبانيا» و «وثائق غير منشورة عن تاريخ الموحدين» و «منتخبات من مؤرخي العرب في مراكش» و «البيان المغرب» لابن عذاري, و «مقتطفات تاريخية عن برابرة القرون الوسطى» و «أعمال الاَعلام, القسم الثاني, في أخبار الجزيرة الأندلسية» لابن الخطيب و «مذكرات الأمير عبد الله آخر ملوك غرناطة» و «صفة جزيرة الأندلس» اختزله من الروض المعطار, و «سبع وثلاثون رسالة رسمية لديوان الموحدين» و «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم, و «نسب قريش» للزبيري. وكان يكتب اسمه بالعربية «إ. ليفي بروفنسال» وأحياناً «إ. لابي بروفنصال».

ماسنيون،  لوي (Massingon, Louis ) (1883-1962م)

ولد في باريس وحصل على دبلوم الدراسات العليا في بحث عن المغرب، كما حصل على دبلوم اللغة العربية من مدرسة اللغات الشرقية الحية (فصحى وعامية) زار كلاً من الجزائر والمغرب وفي الجزائر انعقدت الصلة بينه وبين بعض كبار المستشرقين مثل جولدزيهر وآسين بلاثيوس وسنوك هورخرونيه ولي شاتيليه.

التحق بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية في القاهرة عدة أعوام (1907م-1908م) وفي عام 1909م عاد إلى مصر وهناك حضر بعض دروس الأزهر وكان مرتدياً الزي الأزهري، زار العديد من البلاد الإسلامية منها الحجاز والقاهرة والقدس ولبنان وتركيا، عمل معيداً في كرسي الاجتماع الإسلامي في معهد فرنسا (1919م-1924م) وأصبح أستاذ كرسي (1926م-1954م) ومديراً للدراسات في المدرسة العلمية العليا حتى تقاعده عام 1954م.

لقد اشتهر ماسنيون باهتمامه بالتصوف الإسلامي وبخاصة بالحلاج حيث حقّق ديوان الحلاج (الطواسين) وكانت رسالته للدكتوراه بعنوان (آلام الحلاج شهيد التصوف) في جزأين وقد نشرت في كتاب تزيد صفحاته على ألف صفحة (ترجم الكتاب إلى اللغة الإنجليزية) وله اهتمام بالشيعة والتشيع، وعرف عن لويس صلته بالحكومة الفرنسية وتقديمه المشورة لها.

3 المستشرقون من فرنسا

بلاشير، ريجيس (Blacher, R.L. ) (1900-1973م)

ولد في باريس وتلقى التعليم الثانوي في الدار البيضاء وتخرج باللغة العربية من كلية الآداب بالجزائر،

تولى العديد من المناصب العلمية منها أستاذ اللغة العربية في معهد مولاي يوسف بالرباط، ومدير معهد الدراسات المغربية العليا (1924م-1935م)، وأستاذ كرسي الأدب العربي في مدرسة اللغات الشرقية الحية بباريس وأستاذاً محاضراً في السوريون ثم مدير مدرسة الدراسات العليا والعلمية، ثم أستاذ اللغة العربية وحضارتها في باريس.

المستشرقون من فرنسا

تابع – بلاشير، ريجيس

من أبرز إنتاجه ترجمته لمعاني القرآن الكريم

وكذلك كتابه (تاريخ الأدب العربي) في جزأين،

وله أيضاً كتاب (أبو الطيب المتنبي: دراسة في التاريخ الأدبي).

وهناك العديد من المستشرقين الفرنسيين البارزين مثل:

  هنري لاوست   وكلود كاهن   وشارل بيلا    وإميل درمنجهم

والأب لويس جارديه     

والأب البلجيكي الأصل الفرنسي الجنسية الأب لامانس.

وأندريه ريموند،

وروبير مانتران. وغيرهم.

 

 

أعلام المستشرقين وأهم إسهاماتهم ومؤلفاتهم


بريطانيا وأمريكا

المستشرقون الإنجليز

أنشئت أول أقسام اللغة العربية في الجامعات البريطانية في عامي 1632م و1636م في جامعتي كمبريدج وأكسفورد على التوالي، وكانت الدراسات العربية الإسلامية يغلب عليها الطابع الفردي،

ولكن في هذه الأثناء كانت شركة الهند الشرقية تعمل جاهدة على إكمال احتلالها للهند ثم تسليمها للحكومة البريطانية، وقد قامت الشركة بإنشاء مراكز استشراقية في الهند لتدريب موظفين يستطيعون التعامل مع أهل البلاد.

وأنشئت كذلك جمعيات استشراقية مثل الجمعية البنغالية في أواخر القرن التاسع عشر.

المستشرقون الإنجليز

انتشرت المراكز الاستشراقية في بريطانيا وظلت العاصمة لندن خالية من مثل هذا المركز حتى صرح اللورد كيرزن في إحدى جلسات البرلمان الإنجليزي بضرورة إنشاء مثل هذا المركز وانه من المكونات الضرورية للإمبراطورية،

تأسست مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية عام 1916م، وانتقل إليها بعض المستشرقين الكبار من أمثال توماس آرنولد والفرد جيوم وغيرهما،

استمرت المدرسة في النمو والازدهار حتى أصبحت المركز الاستشراقي الأول في بريطانيا، بل تنافس أكبر المراكز الاستشراقية في العالم.

المستشرقون الإنجليز

وكلفت الحكومة البريطانية لجنة لدراسة أوضاع الدراسات السلافية والأوروبية الشرقية والشرقية والأفريقية عام 1947م، ووضعت اللجنة تقريراً تضمن توصيات مهمة منها زيادة دعم مراكز الدراسات الاستشراقية، وتوفير الكثير من الوظائف والمنح للدارسين، وحددت اللجنة الجهات المستفيدة من هذه الدراسات وهي الحكومة البريطانية في المقام الأول، والبعثات التنصيرية، وهيئة الإذاعة البريطانية ووزارة التجارة والمؤسسات التجارية التي لها مصالح مع العالم الإسلامي.

المستشرقون الإنجليز

واحتاجت الحكومة البريطانية إلى إعادة النظر في أوضاع الدراسات العربية والإسلامية بعد الحرب العالمية الثانية فكلفت لجنة برئاسة سير وليام هايتر عام 1961م للقيام بهذا العمل، وقدمت مؤسسة روكفللر دعماً مالياً لهذه اللجنة لزيارة عشر جامعات أمريكية وجامعتين كنديتين للإفادة من التجربة الأمريكية في مجال الدراسات العربية الإسلامية، وقدمت اللجنة تقريرها الذي تضمن خلاصة الرحلة الأمريكية ومقابلات مع المسؤولين عن الدراسات العربية الإسلامية في الجامعات البريطانية، وجاءت التوصيات من جديد لدعم هذه الدراسات والإفادة من الخبرة الأمريكية.

المستشرقون الإنجليز

من أعلام المستشرقين البريطانيين

نقدم فيما يأتي تعريفاً بعدد من المستشرقين البريطانيين من القديم والحديث

المستشرقون الإنجليز

3- توماس وولكر آرنولدSir Thomas Walker Arnold ء (1864م-1930م)

بدأ حياته العلمية في جامعة كامبردج حيث أظهر حبه للغات فتعلم العربية وانتقل للعمل باحثاً في جامعة على كرا (عليكرا) في الهند حيث أمضى هناك عشر سنوات ألف خلالها كتابه المشهور (الدعوة إلى الإسلام)، ثم عمل أستاذاً للفلسفة في جامعة لاهور، وفي عام 1904م عاد إلى لندن ليصبح أميناً مساعداً لمكتبة إدارة الحكومة الهندية التابعة لوزارة الخارجية البريطانية، وعمل في الوقت نفسه أستاذاً غير متفرغ في جامعة لندن، واختير عام 1909م ليكون مشرفاً عاماً على الطلاب الهنود في بريطانيا، ومن المهام العلمية التي شارك فيها عضوية هيئة تحرير الموسوعة الإسلامية التي صدرت في ليدن بهولندا في طبعتها الأولى والتحق بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن بعد تأسيسها عام 1916م، عمل أستاذاً زائراً في الجامعة المصرية عام 1930م.

له عدة مؤلفات سوى كتابه الدعوة إلى الإسلام ومنها (الخلافة) وكتاب حول العقيدة الإسلامية وشارك في تحرير كتاب تراث الإسلام في طبعته الأولى، بالإضافة إلى العديد من البحوث في الفنون الإسلامية.

بالرغم من شهرة آرنولد بأنه من المستشرقين المعتدلين فإن البحث الدقيق في كتاباته تدل على أنه يشارك غيره من المستشرقين في الطعن في الإسلام بأسلوب هادئ وبخاصة في كتابه الخلافة وفي كتابه الدعوة إلى الإسلام كما أوضح ذلك أحد الباحثين في المعهد العالي للدعوة الإسلامية في المدينة المنورة.

المستشرقون الإنجليز

4- سير هاملتون جيب.Sir Hamilton R. A. Gibb

ولد هاملتون جيب في الإسكندرية في 2يناير 1895م، انتقل إلى اسكتلندا وهو في الخامسة من عمره للدراسة هناك، ولكنه كان يمضي الصيف مع والدته في الإسكندرية. التحق بجامعة أدنبرة لدارسة اللغات السامية، عمل محاضراً في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن عام 1921م وتدرج في المناصب الأكاديمية حتى أصبح أستاذً للغة العربية عام 1937م، وانتخب لشغل منصب كرسي اللغة العربية بجامعة أكسفورد، انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعمل مديراً لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد بعد أن عمل أستاذاً للغة العربية في الجامعة.

بالإضافة إلى اهتمامه اللغوي فقد أضاف إلى ذلك الاهتمام بتاريخ الإسلام وانتشاره وقد تأثر بمستشرقين كبار من أمثال تومارس آرنولد وغيره.

من أبزر إنتاج جب (الفتوحات الإسلامية في آسيا الوسطى) سنة 1933م ودراسات في الأدب العربي المعاصر وكتاب (الاتجاهات الحديثة في الإسلام) وشارك في تأليف (إلى أين يتجه الإسلام)، وقد انتقل جيب من دراسة اللغة والآداب والتاريخ إلى دراسة العالم الإسلامي المعاصر وهو ما التفت إليه الاستشراق الأمريكي حينما أنشأ الدراسات الإقليمية أو دراسات المناطق، وله كتاب بعنوان (المحمدية) ثم أعاد نشره بعنوان (الإسلام) وله كتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

المستشرقون الإنجليز

6- آرثر جون آربريArthur John Arberry (1905م-1969م)

ولد في 12مايو 1905م في مدينة بورتسموث بجنوب بريطانيا، التحق بجامعة كامبريدج لدراسة اللغات الكلاسيكية اللاتينية واليونانية، وشجعه أحد أساتذته منس على دراسة العربية والفارسية، ارتحل إلى مصر لمواصلة دراسته للغة العربية، عاد إلى مصر ليعمل في كلية الآداب رئيساً لقسم الدراسات القديمة (اليونانية واللاتينية) وزار فلسطين وسوريا ولبنان.

اهتم بالأدب العربي فترجم مسرحية مجنون ليلي لأحمد شوقي كما حقق كتاب (التعرف إلى أهل التصوف) واصل اهتمامه بالتصوف وذلك بنشره كتاب (المواقف والمخاطبات) للنفري وترجمه إلى الإنجليزية.

عمل آربري مع وزارة الحرب البريطانية في أثناء الحرب العالمية الثانية مهتماً بشؤون الإعلام والرقابة البريدية، وأصدر كتابه (المستشرقون البريطانيون) سنة 1943م تولى منصب أستاذ كرسي اللغة العربية في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية، ثم انتقل لجامعة كمبردج ليحتل منصب أستاذ كرسي اللغة العربية في هذه الجامعة.

ولعل من أبرز جهود آربري ترجمته لمعاني القرآن الكريم حيث أصدر أولاً مختارات من بعض آيات القرآن الكريم مع مقدمة طويلة ثم أكمل الترجمة وأصدرها عام 1955م.

المستشرقون الإنجليز

7- برنارد لويس Bernard Lewis 1916م

ولد لويس في 31مايو 1916م وتلقى تعليمه الأول في كلية ولسون والمدرسة المهنية حيث أكمل دراسته الثانوية ولا تذكر المراجع أية معلومات عن تلقيه تعليماً دينياً يهودياً خاصاً. التحق بجامعة لندن لدراسة التاريخ ثم انتقل إلى فرسنا للحصول على دبلوم الدراسات السامية سنة1937م متتلمذا على المستشرق الفرنسي ماسنيون وغيره. ثم عاد إلى جامعة لندن، مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية وحصل على الدكتوراه عام 1939م عن رسالته القصيرة حول أصول الإسماعيلية.

استدعي في أثناء الحرب العالمية الثانية لأداء الخدمة العسكرية وأعيرت خدماته لوزارة الخارجية من سنة 1941م حتى 1945م، عاد بعد الحرب إلى مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية لتدريس التاريخ الإسلامي وأصبح أستاذ كرسي التاريخ الإسلامي عام 1949م ثم أصبح رئيساً لقسم التاريخ عام 1957م، وظل رئيساً لهذا القسم حتى انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1974م.

دُعِي للعمل أستاذً زائراً في العديد من الجامعات الأمريكية والأوربية منها جامعة كولمبيا وجامعة انديانا وجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس وجامعة أكلاهوما وجامعة برنستون التي انتقل إليها والعمل فيها من 1974م حتى تقاعده عام 1986م. وهنا عيّن مديراً مشاركاً لمعهد أنانبرج اليهودي للدراسات اليهودية والشرق أوسطية في مدينة فيلاديلفيا بولاية بنسلفانيا.

يعد لويس من أغزر المستشرقين إنتاجاً (وإن كان له قدرة على إعادة نشر بعض ما سبق نشره بصور أخرى) وقد تنوعت اهتماماته من التاريخ الإسلامي حيث كتب عن الإسماعيلية وعن الحشاشين وعن الطوائف المختلفة في المجتمع الإسلامي، إلى الحديث عن المجتمع الإسلامي ولكنه في السنوات الأخيرة قبل تقاعده بقليل بدأ الاهتمام بقضايا العالم العربي والإسلامي المعاصرة فكتب عن الحركات الإسلامية (الأصولية) وعن الإسلام والديموقراطية.

قدم خدماته واستشاراته لكل من الحكومة البريطانية التي كلفته القيام برحلة إلى العديد من الجامعات الأمريكية وإلقاء الأحاديث الإذاعية والتلفازية عام 1954م، كما قدم استشارته للكونجرس الأمريكي أكثر من مرة. وفي إحدى المرات (8مارس 1974م) ألقى محاضرة في أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس الأمريكي حول قضية الشرق الأوسط ولأهمية هذه المحاضرة نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية بعد أسبوعين من إلقائها.

المستشرقون الأمريكان

نشأ الاستشراق في أوائل القرن التاسع عشر يغلب عليه الطابع الديني، ولكن مع عدم إغفال الأطماع السياسية،

بدأت امريكا بالاستشراق مجاراة لبريطانيا تلك الإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس ولا يكون لأمريكا اهتمامات إمبريالية،

تأسست الجمعية الشرقية عام 1840م وأرسلت باحثيها إلى العالم العربي الإسلامي، وحرصت بعض الجامعات الأمريكية أن تنال نصيبها من المخطوطات الإسلامية فاشترت جامعة برنستون Princeton كمية من المخطوطات حتى أصبحت تضم ثاني أكبر مجموعة مخطوطات إسلامية.

ونشطت البعثات التنصيرية في بلاد الشام فأسست المدارس والمعاهد العلمية، وفي أواخر القرن التاسع عشر

في عام 1889م (1307هـ) وصلت إلى البصرة طلائع البعثة العربية (سميت كذلك تمويها) وكانت برئاسة المنصّر المشهور صموئيل زويمر، واستمرت هذه البعثة حتى عام 1393ﻫ -1973م

وشهد الاستشراق الأمريكي نهضة شاملة بعد منتصف القرن العشرين حينما أخلت بريطانيا مواقعها للنفوذ الأمريكي كما ذكر ذلك مايلز كوبلاند في كتابه (لعبة الأمم)،

وجد الأمريكيون أنهم بحاجة إلى عدد كبير من المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط، فأصدرت الحكومة الأمريكية مرسوما عام 1952م خصص بموجبة مبالغ كبيرة لتشجيع الجامعات على افتتاح أقسام الدراسات العربية الإسلامية،

واستقدم لذلك خبراء في هذا المجال من الجامعات الأوروبية،

حضر من بريطانيا كل من جوستاف فون جرونباوم وهاملتون جب وبرنارد لويس وغيرهم،

فأسس هاملتون جب مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد وأسس جرونباوم أسس مركزاً في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس

وقد طوّرت الدراسات العربية الإسلامية في الولايات المتحدة لتأخذ مفهوماً جديداً وشكلاً جديداً فقد انتهى إلى حد كبير عهد المستشرق الذي يزعم لنفسه معرفة كل ما يخص العالم العربي الإسلامي في جميع المجالات،

أخذت الدراسات تصبح أكثر دقة وتخصصا في منطقة معينة وفي فرع من فروع المعرفة، وقد فتح هذا التجديد المجال أمام التخصصات المختلفة لتسهم في تطور الدراسات العربية الإسلامية بحيث تكون بعض الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه تحت إشراف أكثر من قسم علمي.

وجود بعض الأصوات المعتدلة  في الاستشراق الأمريكي ينادون بوقف التشويه المتعمد لصورة الإسلام والمسلمين في الإعلام الأمريكي أو في الكتابات الأكاديمية ومن هؤلاء مثلا اسبوزيتو،

يلاحظ أن بعض من يتعاطف مع العالم الإسلامي أدرك خطأ الإسراف الأمريكي في تأييد المصالح اليهودية وتقديمها حتى على مصالح الولايات المتحدة،

ومع تقديرنا لكل من يتحدث عن الإسلام بإيجابية فينبغي أن نظل على حذر، كما إنه يتوجب على المسلمين أن يحرصوا على أن يكون لهم وجود في خارطة الإعلام الغربي.

1- كرنيليوس فانديك    Cornilius Van Dyke

درس العربية في لبنان،

أسهم في إنشاء مدرسة كانت نواة الجامعة الأمريكية،

شارك في تكملة ترجمة التوراة إلى اللغة العربية، وله بعض الكتابات.

ماكدونالد، دنكان بلاك (MacDonald, Dunckan Black ) (1863-1943م)

أصله إنجليزي بدأ الدراسة في جلاسجو (اسكتلندا) وانتقل إلى برلين للدراسة مع المستشرق سخاو،

انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1893م لتعليم اللغات الساميّة، أسس في الولايات المتحدة مدرسة كندي للبعثات عام1911م

شارك مع زويمر في السنة نفسها في تأسيس مجلة العالم الإسلامي، تنوع إنتاجه بين الدراسات الشرعية والدراسات اللغوية.

سارتون، جورج (Sarton, George ) (1884-1956م).

بلجيكي الأصل متخصص في العلوم الطبيعية والرياضية

درس العربية في الجامعة الأمريكية في بيروت 1931م-1932م،

 ألقى محاضرات حول فضل العرب على الفكر الإنساني،

أشرف مع ماكدونالد على مجلة إيزيس 1913م-1946م

أبرز إنتاجه (المدخل إلى تاريخ العلم).

فون جرونباوم، جوستاف (Gustav Von Grunbaum, ) (1909-1972م)

ولد في فينا، درس في جامعة فينا وفي جامعة برلين،

هاجر إلى الولايات المتحدة والتحق بجامعة نيويورك عام 1938م، ثم جامعة شيكاغو

ثم استقر به المقام في جامعة كاليفورنيا حيث أسهم في تأسيس مركز دراسات الشرق الأوسط الذي أطلق عليه اسمه فيما بعد،

من أهم كتبه الإسلام في العصر الوسيط، كما اهتم بدراسة الأدب العربي وله إنتاج غزير في هذا المجال.

رنتز، جورج (Rentz, George )

درس في واشنطن وفي جامعة الفلبين وجامعة كاليفورنيا تخصص في اللغة العربية وآدابها،

عمل في السفارة الأمريكية في القاهرة،

أسس قسم البحوث والترجمة في شركة أرامكو، شـارك في مشروع التاريخ الشفوي لمنطقة الخليج العربي، عمل أميناً لمجموعة الشرق الأوسط في جامعة ستانفورد،

من أبرز اهتماماته حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث كانت موضوع رسالته للدكتوراه، وله كتابات كثيرة عن الجزيرة العربية من النواحي التاريخية والجغرافية.

سميث، ويلفرد كانتويل (Smith, Wilfred Cantwell). و

لد في كندا عام 1916م، درس اللغات الشرقية في جامعة تورنتو، حصل على الماجستير والدكتوراه في مجال دراسات الشرق الأدنى من جامعة برنستون،

متخصص في دراسة الإسلام وأوضاع العالم الإسلامي المعاصرة عمل أستاذاً في جامعة هارفرد وفي معهد الدراسات الإسلامية بجامعة مقيل بكندا، قام بتدريس الدين الإسلامي بكلية نورمان المسيحية بمدينة لاهور بباكستان 1941م-1945م، دعي للعمل أستاذاً زائراً في العديد من الجامعات، صدر له حديثا (1998م)

ستواسر، باربرا ريجينا فراير(Stowasser, Barbara Regina Fryer) ولدت في ألمانيا حيث تلقت تعليمها الأولي ثم حصلت على الشهادة الجامعية من جامعة أنقرة في دراسة اللغة التركية العثمانية والحديثة واللغة الفارسية والعربية والتصوف، حصلت على الماجستير من جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس في تاريخ الشرق الأوسط وحضارته، حصلت على الدكتوراه من جامعة منستر Munster بألمانيا في الدراسات الإسلامية.

تولت العديد من المناصب منها أستاذة مساعدة بقسم اللغة العربية في جامعة جورج تاون بواشنطن العاصمة. ثم عينت مديرة لمركز الدراسات العربية المعاصرة بالجامعة نفسها في الفترة من 1993حتى الآن، لها العديد من المؤلفات منها (النساء في القرآن وفي الحديث وفي التفسير) و(التطور الديني والسياسي، بعض الأفكار حول ابن خلدون وميكيافيللي) وعدد كبير من البحوث حول الدراسات الإسلامية وبخاصة فيما يتعلق بالمرأة في الإسلام قديما وحديثاً.  عضو مؤسس في المجلس الأمريكي لجمعيات الدراسات الإسلامية، وعضو في الجمعية الاستشراقية الأمريكية وعضو الرابطة الأمريكية لمعلمي اللغة العربية

بوليت، ريتشارد (Bulliet, Richard)

درس في جامعة هارفرد حيث حصل على البكالوريوس في التاريخ 1962م والماجستير 1964م في دراسات الشرق الأوسط والدكتوراه 1967م في التاريخ ودراسات الشرق الأوسط، عمل في العديد من الجامعات منها هارفارد وجامعة بيركلي في كاليفورنيا وجامعة كولمبيا حيث ترأس معهد الشرق الأوسط في الفترة من 1984م إلى 1990م والفترة من 1993م  وما بعدها، تولى مناصب علمية في عدد من المؤسسات منها رابطة دراسات الشرق الأوسط سكرتير تنفيذي 1977م-1981م،

عضو مجلس إدارة جمعية الدراسات الإيرانية، وعضو مجلس أمناء المعهد الأمريكي للدراسات الإيرانية، قدّم خدمات استشارية للعديد من الجهات العلمية والسياسية منها وكالة إعلام الولايات المتحدة التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، ووزارة الخارجية الأمريكية ومجلة التايم وغيرها.

له العديد من المؤلفات منها دراسة في تاريخ الإسلام الاجتماعي في القرون الوسطى، والتحول إلى الإسلام في القرون الوسطى، وكتاب الإسلام نظرة من الخارج. له مشاركات إعلامية في الصحافة والإذاعة والتلفاز.

 


أعلام المستشرقين وأهم إسهاماتهم ومؤلفاتهم


ألمانيا وإسبانيا وروسيا

المستشرقون من المانيا

اهتم الباحثون الألمان بالدراسات العربية الإسلامية منذ عهد مبكر فقد ثبت أن مارتن لوثر كان من الذين تأثروا بالفكر الإسلامي حينما تمرد على الكنيسة الكاثوليكية في روما، ولكن موقف لوثر كان عدائيا جداً من الإسلام وبخاصة الدولة العثمانية.

تميز المستشرقون الألمان بالجدية في البحث حتى اصطبغت الدراسات الإسلامية في أوروبا في وقت من الأوقات بالصبغة الألمانية.

رايسكه، يوهان جاكوب (Reiske, Johann Jakob ) (1716- 1774م)

يعد رايسكه مؤسس الدراسات العربية في ألمانيا حيث بدأ تعليم نفسه العربية ثم درس في جامعة ليبزيج(Leipzig ) وانتقل إلى جامعة ليدن لدراسة المخطوطات العربية فيها كما اهتم بدراسة اللغة العربية والحضارة الإسلامية

ابتعد بالدراسات العربية الإسلامية عن الارتباط بالدراسات اللاهوتية التي كانت تميز هذه الدراسات في القرون الوسطى.

فيلهاوزن، يوليوس (Wellhausen, Jullius ) (1844-1918م)

مسترق ألماني، تخصص في دراسة التاريخ الإسلامي والفرق الإسلامية، من أبرز إنتاجه تحقيق تاريخ الطبري،

له كتاب بعنوان ’الإمبراطورية العربية وسقوطها‘

من اهتماماته بالفرق الإسلامية تأليف كتابيه ’الأحزاب المعارضة في الإسلام‘ وكتابه ’الخوارج والشيعة‘

له كتاب عن الرسول r بعنوان: «تنظيم محمد للجماعة في المدينة» وكتاب آخر «محمد والسفارات التي وجهت إليه».

نولدكه، ثيودور (Noldeke, Theodor ) (1836- 1930م)

ولد في هامبرج ، ودرس فيها اللغة العربية

درّس في جامعة ليبزيج وفينا وليدن وبرلين. عيّن أستاذاً للغات الإسلامية والتاريخ الإسلامي في جامعة توبنجن، وعمل أيضاً في جامعة ستراستبرج.

اهتم بالشعر والجاهلي وبقواعد اللغة العربية وأصدر كتاباً بعنوان «مختارات من الشعر العربي» من أهم مؤلفاته كتابه «تاريخ القرآن» نشره عام 1860 وهو رسالته للدكتوراه وفيه تناول ترتيب سور القرآن الكريم وحاول أن يجعل لها ترتيباً ابتدعه.

عدّه عبد الرحمن بدوي شيخ المستشرقين الألمان.

بروكلمان، كارل (Brockelmann, Carl) (1868- 1956م ) ولد في مدينة روستوك، بدأ دراسة اللغة العربية وهو في المرحلة الثانوية، ودرس في الجامعة بالإضافة إلى اللغات الشرقية اللغات الكلاسيكية (اليونانية واللاتينية) ودرس على يدي المستشرق نولدكه.

اهتم بدراسة التاريخ الإسلامي وله في هذا المجال كتاب مشهور «تاريخ الشعوب الإسلامية»

ومن أشهر مؤلفاته كتاب ’تاريخ الأدب العربي‘ الذي ترجم في ستة مجلدات وفيه رصد لما كتب في اللغة العربية في العلوم المختلفة من مخطوطات ووصفها ومكان وجودها.

شمّيل، آنا ماري (Schimmel, Annemarie) (1922- 2003م) 

من أشهر المستشرقين الألمان المعاصرين بدأت دراسة اللغة العربية في سن الخامسة عشرة وتتقن العديد من لغات المسلمين وهي التركية والفارسية والأوردو.

درّست في العديد من الجامعات في ألمانيا وفي الولايات المتحدة الأمريكية وفي أنقرة،

اهتمت بدراسة الإسلام وحاولت تقديم هذه المعرفة بأسلوب علمي موضوعي فنالت أسمى جائزة ينالها كاتب في ألمانيا تسمى جائزة السلام.

تابع – شمّيل، آنا ماري

متخصّصة في دراسة محمد إقبال حكيم وشاعر باكستان..وترجمت إلى الألمانية له ديوان «جاويد نامة» وكتاب «رسالة المشرق عن الفارسية»

أستاذة بجامعة بون وغيرها ومن أكابر علماء ألمانيا.

أصدرت العديد من الكتب منها كتاب «محمد رسول الله» بسطت فيه مظاهر تعظيم وإجلال المسلمين للرسول r .    

امتدحها رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بأنها ما زالت تواصل كتاباتها الموضوعية وترجماتها عن الإسلام.

– المستشرقون الإسبان

نشأ الاستشراق الإسباني في أحضان حركة عدائية لكل ما هو عربي ومسلم، وكان هدفها التحقير والانتقام والتشويه، وقد وصف المستعرب الإسباني خوان غويتسولو في كتابه (في الاستشراق الإسباني) نماذجاً من هذا النوع حين يكتبون عن الإسلام والمسلمين بقوله إنهم “إنما يكتبون ويتصرفون وينطقون باسم المسيحية في مواجهة حضارة متدنية، وفي أفضل الأحوال، فإن استحضار الماضي المجيد الذي عرفه العالم الإسلامي يدفعهم إلى التفجع على نحو متحذلق على الانحطاط الحالي (انحطاطا كان في رأيهم محتما ولا مناص منه) وعلى عجزه الطبيعي عن هضم التقدم الأوروبي”

ووصف غويتسولو دراسات المستشرقين الأسبان للغات الإسلامية بأنهم يدرسونها كما لو كانت “لغات حضارات منقرضة، ومقطوعة عن اللغات الحالية التي هي وريثها الشرعي، حاكمين عليها بذلك بأن تشكل عدماً أو ما هو أقل من العدم”.

واختلط الدافع الديني الحاقد بدافع استعماري سياسي حينما بدأت حركات الاحتلال الأوروبي للعالم الإسلامي وطمعت إسبانيا في المناطق المجاورة لها فجندت مستشرقيها لإعداد الدراسات لمعرفة مواصفات السكان وطبائعهم وتجارتهم وزراعتهم،

وكذلك معرفة اللغات واللهجات المحلية، وقد أنشأت الحكومة الأسبانية العديد من المراكز لتعليم العربية العامية والمغربية، وقد تجاوزت خمسين مدرسة.

وما تزال إسبانيا تحتفظ بالكثير من المخطوطات العربية في مكتباتها الكبرى كمكتبة الاسكوريال ومكتبة مدريد الوطنية، ومكتبة جمعية الأبحاث الوطنية.

بلاثيوس، مقيل آسين (Placios, Miguel Asin )(1871-1944م)

ولد بمدينة سرقسطة، والتحق بكلية الآداب بجامعة سرقسطة بالإضافة إلى دراسته في المعهد المجمعي فتخرج فيه قسيساً، درس اللغة العربية على يد المستشرق ربيرا، التحق بجامعة مدريد للحصول على درجة الدكتوراه وكانت عن الغزالي،

تولى كرسي اللغة العربية في جامعة مدريد، من أبرز إنتاجه العلمي بحثه المعنون (الرشدية اللاهوتيه في مذهب القديس توما الإكويني)

وبحثه عن تأثر الشاعر الإيطالي دانتي بعنوان (الأخرويات الإسلامية في الكوميديا الإلهية)،

أبدى اهتماماً بابن حزم والقرطبي وأبي حامد الغزالي، ومحي الدين بن عربي.

شارك مع المستشرق ربيرا في إصدار مجلة الثقافة الإسبانية 1906-1909م

اختير عضواً في الأكاديمية الملكية للعلوم الأخلاقية سنة 1912م وعيّن عضواً في الأكاديمة الإسبانية عام 1919م.

باريديس، سيكودي لوثينا (Paredes, Secode Lucena ) ()

ولد في غرناطة ودرس الفلسفة في كلية الآداب في جامعة غرناطة، عمل مستشاراً للثقافة والتعليم في الإقامة الإسبانية في المغرب،

عيّن أستاذاً للغة العربية بجامعة غرناطة عام 1942م، عيّن مديراً لمعهد الدراسات العربية بغرناطة

عمل رئيساً لقسم الدراسات العربية في معهد الدراسات الإفريقية بمدريد، انتخب عضواً في مجمع الفنون الجميلة،

له إنتاج غزير في مجال تحقيق المخطوطات وفي البحوث حول الشريعة الإسلامية وكذلك التاريخ الإسلامي والآثار الإسلامية.

جوميز، إميليو جارثيا (Gomez, Emilio Varcia )

ولد في مدريد ودرس في جامعتها،

عمل أستاذاً بجامعة غرناطة وبجامعة مدريد.

تولى إدارة المعهد الثقافي الإسباني، زار سوريا ولبنان، انتخب عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق عام 1948م،

عمل سفيراً لبلاده في بغداد وفي لبنان،

له دراسات عديدة في الأدب العربي وترجمات لبعض الشعر العربي إلى الإسبانية.

فيلا، بوش (Villa, Bosch ) (1922- ؟؟؟؟؟؟)

ولد في فيجراس، درس في جامعة برشلونه فقه اللغات السامية وحصل على الدكتوراه من جامعة مدريد بعنوان (الإقطاع، مملكة الطوائف على عهد بنو رزين)

عمل في تدريس اللغة العربية في كل من جامعتي برشلونة وجامعة سرقسطة،

تولى منصب أستاذ مساعد للتاريخ والنظم الإسلامية بجامعة مدريد

عمل أمين مكتبة معهد الدراسات العربية بمدريد ودرّس التاريخ والنظم الإسلامية بجامعة غرناطة.

تولى رئاسة الجمعية الإسبانية للمستشرقين،

عضو جمعية شمال أمريكا لدراسات الشرق الأوسط،

تركزت بحوثه في مجال الدراسات الإسلامية والجغرافيا والتاريخ كما اهتم بقضايا العالم العربي المعاصرة

كورينتي، فيدريكيو (Coriente, Fedrico) (1940- ؟؟؟؟؟)

ولد في غرناطة، درس اللغات الشرقية في جامعة مدريد، حصل على الدكتوراه في علم اللغة،

عمل مديراً للمركز الثقافي في القاهرة 1962-1965م،

تولى منصب أستاذ اللغة الإسبانية في مدرسة الألسن العليا بجامعة عين شمس في الفترة نفسها،

ترأس قسم اللغة الاسبانية بجامعة محمد الخامس بالرباط عام 1965م-1968م، عمل في جامعة فيلاديلفيا أستاذاً للغات الشرقية والعربية، أستاذ كرسي اللغة العربية بجامعة سرقسطة منذ عام 1976م.

المستشرقون من روسيا  

كان الاستشراق قوياً في روسيا منذ عهد بعيد حيث تعود الصلات بين روسيا والعالم الإسلامي إلى زمن الدولة العباسية، حيث تبادلت الدولة الإسلامية السفارات مع روسيا،

لمّا ضمت روسيا إليها بعض المناطق الإسلامية ازداد الاهتمام بالإسلام والعالم الإسلامي،

أفادت روسيا من الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا وبخاصة في فرنسا حيث أوفدت روسيا بعض الباحثين للدراسة في مدرسة اللغات الشرقية الحية في باريس.

وقد قوي الاهتمام بالاستشراق في روسيا في بداية القرن التاسع عشر

أنشأت بعض الجامعات الروسية كراس للغة العربية والإسلام ومن هذه الجامعات جامعة قازان وجامعة موسكو وجامعة بطرسبرج وكلية لازاريف وغيرها.

1 بارتولد، ف.ف. (V.V. Barthold,) (1869-1930م)

درس التاريخ الإسلامي في جامعة بطرسبرج

عمل فيها أستاذاً لتاريخ الشرق الإسلامي،

اهتم بمصادر التاريخ الإسلامي العربية، كما اهتم بدراسة ابن خلدون ونظريته في الحكم.

انتخب عضواً في مجمع العلوم الروسي ورئيساً للجنة المستشرقين، له كتابات كثيرة في مجال التاريخ الإسلامي وقد كتب عن عمر بن الخطاب.

كراتشكوفسكي، إجناطيوس (Krackovskij, Ignaij Julianovic )

أمضى طفولته في طشقند حيث تعلم اللغة الأوزبكية، درس اللغات الكلاسيكية اليونانية واللاتينية، بدأ بتعلم اللغة العربية بنفسه. وفي عام 1901م التحق بكلية اللغات الشرقية في جامعة سان بترسبرج، ودرس عدداً من اللغات منها العبرية والحبشية والتركية والفارسية، درس التاريخ الإسلامي على يد المستشرق بارتولد،

زار العديد من الدول العربية والإسلامية منها تركيا وسوريا ولبنان ومصر وتعرف إلى كثير من أعلام الفكر العربي الإسلامي منهم الشيخ محمد عبده والشيخ محمد كرد علي وغيرهما اهتم بالشعر العربي في العصر الأموي وفي العصر العباسي.

إيفانوف، فلاديمير (Ivanov, W.) (1886-1970م)

اهتم بدراسة الإسماعيلية، ومن آثاره المخطوطات الإسلامية في المتحف الأسيوي، وثائق جديدة لدراسة الحجاج وعقيدة الفاطميين.

كريمسكي  (Krymsky, A.E. ) (1871-1941م)

درس في جامعة موسكو في الفترة من 1892م إلى 1896م اللغات السلافية والعربية والفارسية.

عاش في سوريا في الفترة من 1896م إلى 1898م،

عمل أستاذاً للعربية وآدابها في كلية لازاريف، وأستاذاً للعربية في قازنا من 1898م إلى 1918م. تولى منصب سكرتير مجمع العلوم الأكراني. وترأس قسم الدراسات العليا في خاكوف بعد الثورة البلشفية 1917م. من آثاره (العالم الإسلامي ومستقبله،1889م)، (تاريخ الإسلام في جزأين 1904م) و(الأدب العربي الحديث في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، موسكو 1906م)

شميت (Schmidt, A.E. ) (1871-1941م)

تلقى تعليمه على يد المستشرقين روزين وجولدزيهر، تخصص في دراسة اللغة العربية والتاريخ الإسلامي،

عمل أستاذاً في جامعة بطرسبرح مدة عشرين سنة،

انتقل إلى طشقند عام 1920م ليؤسس جامعة فيها وكان أول رئيس لها

من آثاره: تاريخ الإسلام ، النبي محمد r ، محاولة التقريب بين السنة والشيعة, فهرس المخطوطات العربية في طشقند.

مدارس الاستشراق دول أوروبا الأخرى

بوهل (F. Buhl, ) (1850-1932م)

ولد في كوبنهاجن بالدنمارك، درس اللاهوت وتعلم العربية، درس بجامعتي فينا وليبزيج 1876-1978م،

زار العديد من البلاد العربية والإسلامية منها مصر وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا، نال الدكتوراه في النحو العربي وتاريخ اللغة،

عمل أستاذاً “للعهد القديم” بجامعة كوبنهاجن، من آثاره كتابه عن الرسول، وترجم معاني بعض أجزاء من القرآن الكريم إلى اللغة الدنماركية.

 

 


اليهود والرهبان

 

أعلام الاستشراق اليهودي

جايجر، أبراهام 

مستشرق يهودي ألماني عاش في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، يصنف ضمن المستشرقين اليهود التقليديين في مجال الدراسات الإسلامية، كان يجيد اللغة العبرية، كما كان يعرف اللاتينية واليونانية،  والعربية.

وجه اهتماماته الفكرية إلى الإسلام، وإلى نبي الإسلام، ونتيجة لذلك أصدر كتابه المعروف: ماذا أخذ محمد من اليهودية·

أخذ الرسول من اليهود بعض التعاليم، إن محمدا [ ليس نبيا موحى إليه، بل هو رجل واع طموح يريد النهوض بقومه ونفسه

شاخت، جوزيف(Schacht, Josef ) (ت1969م)

مستشرق ألماني يتحدر من أسرة يهودية، ولد سنة 1902،

درس اللغات الشرقية في جامعة برسلاو وليبتسك، انتدب للعمل في الجامعة المصرية عام 1934لتدريس مادة فقه اللغة العربية واللغة السريانية.

شارك في هيئة تحرير دائرة المعارف الإسلامية في طبعتها الثانية. عرف شاخت باهتمامه بالفقه الإسلامي

صاحب إنتاج في مجال المخطوطات وفي علم الكلام وفي تاريخ العلوم والفلسفة.

رودنسون، مكسيم (1915- 2004م ) 

مستشرق وعالم اجتماع، فرنسي الجنسية، يهودي الأصل، ولد في باريس العام 1915م، وهناك تلقى دراساته إلى أن أتمها، عمل سبع سنوات في الشرق الأوسط أستاذا ثم موظفا في مصلحة الآثار في بيروت، حصل على الدكتوراه في الآداب وشهادة المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية، وعين مديرا للدراسات في المدرسة العملية للدراسات العليا في جامعة السربون   حيث كان يعلِّم الإثيوبية والحميرية القديمتين، ويحاضر في لتاريخ الشرق

له دراسات كثيرة عن الشرق المعاصر، والتاريخ الثقافي للعالم الإسلامي، والتاريخ الإفريقي، وعلم الاجتماع،

يعد فكر رودنسون مصدر إشكال ومناقشة، وعدم اتفاق داخل مدارس الاستشراق التقليدية، فهو صاحب إيديولوجية ماركسية، متعاطف مع قضايا الوطن العربي، وقضايا التحرر الوطني فيه باعتبارها حركات قامت ضد الاستعمار الغربي، كما إنه كان مادي المنظور في التعامل مع دينامياته ومتغيراته الثقافية والحضارية، وتجلى ذلك حتى في تعامله مع مواضيع ذات طابع ديني، وخير مثال في هذا الصدد كتابه: «محمد»

دافيد صموئيل مرجوليوث (ت1940م)

 مستشرق يهودي ذو جنسية إنجليزية، ولد في لندن العام 1858م، درس الآداب الكلاسيكية في جامعة اكسفورد، أتقن اللغة العربية، وكتب فيها بسلاسة ما أهله لتدريس العربية في جامعة أكسفورد، وعد من أشهر أساتذتها· تقلد مناصب تشريفية عدة منها: رئيس تحرير مجلة الجمعية الملكية الآسيوية ونشر فيها بحوثا كثيرة، تردد على الشرق الأوسط ، انتخب عضوا في المجمع العلمي العربي في دمشق،، إلى جانب هذا كله كان من محرري دائرة المعارف الإسلامية

لقد نشط   مرجليوث  في مجال التأليف فجاءت مصنفاته متنوعة، نشر دراسات عدة عن الإسلام، وحقق مجموعة من المخطوطات، هذا بالإضافة الى بروزه في مجال الترجمة·

من مؤلفاته:«محمد ونهضة الإسلام» و«الإسلام» و  «العلاقات بين العرب واليهود»

ومن منشوراته: «معجم الأدباء» و«رسائل أبي العلاء المعري»

أما في مجال الترجمة، فقد قام بترجمة قسم كبير من تاريخ  مسكويه  –   «تجارب الأمم» وترجم قسما كبيرا من «تفسير   البيضاوي»  إلى الإنجليزية.

بعض سمات فكر مرجليوث

رغم توسع   مرجليوث  في معرفة المسلمين وأدبهم، إلا أنه له كتبا عن   الإسلام والمسلمين  لم يكن فيها مخلصا للعلم، وهو ما أشار اليه   عبدالرحمن بدوي  حين قال:   ألقى محاضرات عن تطور الإسلام في بدايته ونشره العام 1914م، لكن هذه الدراسات كانت تسري فيها روح غير علمية ومتعصبة مما جعلها تثير السخط عليه، ليس فقط عند المسلمين، بل عند كثير من المستشرقين

برنارد لويس

مستشرق يهودي، بريطاني الأصل، أميركي الجنسية، ولد العام 1916م في لندن، كون نفسه ثقافيا في السنوات العشر المحددة من العام 1935م إلى العام 1945م، وهو التاريخ الذي يصادف فترة اشتداد الصراع بين العرب واليهود من جهة، والنازية من جهة ثانية

درس في عدد من الجامعات وحصل على شهادات متنوعة وعديدة، منها: شهادة الليسانس من جامعة لندن، ودبلوم الدراسات السامية من جامعة باريس، والدكتوراه من جامعة لندن، ولما قدم إلى برنستون في الولايات المتحدة الأميركية عين أستاذا للدراسات الخاصة بالشرق الأدنى· كما عين أستاذا زائرا في جامعة كاليفورنيا، وكولومبيا، وأنديانا ·

عرف   برنارد لويس  بنشاطه الجم، فهو زميل الأكاديمية البريطانية، وعضو مراسل لمعهد مصر، وعضو شرف في الجمعية التاريخية التركية، وفي وزارة الثقافة التركية، وقد حصل على الدكتوراه الفخرية من الجامعة العبرية في القدس، كما أنه عضو في الجمعية الآسيوية الملكية، والجمعية التاريخية الملكية، والمعهد الملكي للشؤون الدولية، والجمعية الأميركية الشرقي·

جل مؤلفاته تصب في محور التاريخ الإسلامي، إذ يعتبر من كبار خبراء دراسي الشرق الأوسط، من مؤلفاته:

أصول الاسماعيلية كمبريدج 1940م وهو أطروحته للدكتوراه، و  تركيا اليوم1940م، و  تاريخ اهتمام الإنجليز بالعلوم العربية 1944م، و  السياسة الدبلوماسية العربية  لندن 1947م، و  العرب في التاريخ، لندن 1950م، و  ملاحظات ووثائق من المحفوظات التركية 1952م، و  الإسلام في التاريخ، لندن 1973م، و  الإسلام من النبي محمد حتى أسر القسطنطينية، نيويورك 1974م، و  عالم الإسلام، لندن 1976م، و  دراسات في الإسلام والعثمانيين من القرن 16  لندن 1976م

مميزات فكر برنارد لويس 

لقد سخّر برنارد لويس  كل منجزاته العلمية لخدمة أهداف الصهيونية، حيث كان يرى في وجود دولة إسرائيل في المشرق أنموذجا فريدا للتحديث والديموقراطية، ومقاومة الشيوعية في المنطقة، وحاول جاهدا أن ينفي عن الصهيونية الصبغة الاستعمارية قائلاً:   إن أكثر العرب يضعون الصهيونية والاستعمار في الدرجة الأولى كأسباب عدائهم للغرب، والحقيقة أن الاثنين مكروهان كرها شديدا إلا أنهما لا يشكلان تفسيرا كافيا لمزاج العرب وانزعاج

فنسنك (Aernty.An.Vensnik) (1882- 1039م)

مستشرق يهودي هولندي، أتقن اللغات القديمة، وتخصص في أديان الشرق فذاع صيته فيها، وانتدب أستاذا للعبرية في جامعة ليدن.

وضع المعجم المفهرس لألفاظ الحديث فهرس فيه لكتب السنة الستة ومعها مسند ابن ماجه والموطأ للإمام مالك ومسند الإمام أحمد وساعده فيه عدد من المستشرقين والمؤسسات الأوروبية ·

كذلك تولى تحرير دائرة المعارف الإسلامية بلغاتها الثلاث، كما كان عضوا في المجمع اللغوي المصري، ثم أُخرج منه لمواقفه الصهيونية الواضحة

عرف   فنسنك  بنشاطه الجم في مجال التأليف الذي يخدم المآرب اليهودية، وله كتب وأبحاث كلها تصب في هذا المجال، نذكر منها: أولها رسالته للدكتوراه التي حملت عنوان: «موقف الرسول من يهود المدينة»   باللغة الهولندية، ثم مجموعة من كتبه مثل

  • محمد واليهود (الإسلام 1911م
  • الإسرائيليات في الإسلام 1913م
  • الأثر اليهودي في أصل الشعائر الإسلامية 1954م

جولدزيهر، إجناز (Goldziher, Ignaz ) (ت1921م)

ولد في 1850م لأسرة يهودية، درس في بوادبست في المجر ، ثم برلين،

ثم انتقل إلى جامعة ليبسك بألمانيا والتحق فيها بقسم الدراسات الشرقية، رحل إلى القاهرة وسوريا وحضر بعض الدروس في الأزهر،

عمل في جامعة بودابست في مجال الدراسات العربية والإسلامية، أصبح أستاذاً للغات السامية عام 1894م.

 

كتب كثيراً حول الإسلام عقيدة وشريعة وتاريخاً، وكان له تأثير في الدراسات الاستشراقية حتى يومنا هذا حيث انتشرت كتبه في مختلف اللغات الأوروبية،

وما تزال جامعة برنستون مثلاً تقرر كتابه «دراسات إسلامية» في مناهج قسم دراسات الشرق الأدنى، إذ قامت الجامعة بنشر ترجمة جديدة لهذا الكتاب، مع تعليقات المستشرق برنارد لويس.

وقد رد عليه كثير من المسلمين، ومن أبرزهم الدكتور مصطفى السباعي في كتابه (السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي).

كراوس، بول (Kraus, Paul Eliezer ) (ت1944م)

ولد سنة 1904م في براغ بتشيكوسلوفاكيا لأسرة يهودية، هاجر إلى فلسطين ليعيش في إحدى المستعمرات ودرس في مدرسة الدراسات الشرقية في الجامعة العبرية في القدس،

انتقل إلى برلين ليحصل من هناك على درجة الدكتوراه، اهتم بالتراث العلمي الإسلامي وكانت له دراسات حول جابر بن حياّن والبيروني والرازي،

أسهم مع ماسنيون في دراسة الحلاج، كما كان له دراسة مستقلة حول تاريخ الإلحاد في الإسلام ترجمت إلى العربية ونشرها الدكتور عبد الرحمن بدوي.

دِلاّفيدا، جورجيو ليفي (Della Vida, Levi. G.,)(ت1967م)

 من كبار المستشرقين الإيطاليين. مولده ووفاته برومة. كان أستاذ العربية واللغات السامية المقارنة, في جامعتها. عمل في مكتبة الفاتيكان. وقد عهد إليه في أعوامه الأخيرة بالكتابة عن المخطوطات النصرانية.

له كتابات كثيرة في دائرة المعارف الإسلامية والمجلات العلمية. ومما حققه للنشر «طبقات الشعراء لابن سلام ـ ط» و «شعر يزيد الأول ـ ط» و «نسب فحول الخيل لابن الكلبي ـ ط» ومن تآليفه «فهرس المخطوطات العربية الإسلامية في مكتبة الفاتيكان ـ ط» الجزء الأول, بالإيطالية, ولم يكمله.

مُنْك، سالُومُون (Munk, Salomon ) (ت1867م)

مستشرق ألمانيّ المولد, يهوديّ الدين, فرنسيّ الشهرة والإقامة والوفاة.

 تتلمذ في ألمانيا لفريتخ وآخرين, وفي فرنسا للمستشرقين دي ساسي وكاترمير. وكان يحسن مع الألمانيّة الفرنسية والعربية والسنسكريتية والعبرية والفارسية.

و عُين في المكتبة الأمبراطورية بباريس (سنة 1840) وزار مصر, فجمع مخطوطات كثيرة.

هالِيفي، جوزيف (Halévy, Joseph )  (ت1917م)

مستشرق فرنسي، من أصل يهودي، دخل بلاد اليمن بهيئة متسول من يهود القدس, فبلغ نجران, وطاف في أعالي الجوف حيث كان يقيم «المعِينيون» في غابر العصور, ووصل إلى حدود مأرب.

جمع في رحلته هذه 686 نقشاً من كتابات قديمة نشرت ترجمتها إلى الفرنسية في الجريدة الأسيوية (Journal Asiatique) سنة 1874 وعلق عليها بشروح وافية.

الرهبان

لامانس، هنري (Lammens, Henry )

مستشرق, بلجيكي المولد في سنة 1862م، , فرنسي الجنسية, من علماء الرهبان اليسوعيين.

وتلقى علم اللاهوت في انجلترة. وكان أستاذاً للأسفار القديمة في كلية رومة. واستقر في «بيروت» فتولى إدارة جريدة « البشير» مدة, ودرّس في الكلية اليسوعية, وصنف كتباً عن العرب والإسلام, بالفرنسية, وكتباً بالعربية, منها « فرائد اللغة ـ ط» الجزء الأول منه, و« المذكرات الجغرافية في الأقطار السورية ـ ط» رسالة, و« تسريح الأبصار فيما يحتوي لبنان من الاَثار ـ ط» جزآن, و« الألفاظ الفرنسية المشتقة من العربية ـ ط»

يقول عنه عبد الرحمن بدوي: بلجيكي وراهب يسوعي شديد التعصب ضد الإسلام، يفتقر افتقاراً تاماً إلى النـزاهة في البحث والأمانة في نقل النصوص وفهمها، ويعد نموذجاً سيئاً للباحثين في الإسلام من بين المستشرقين، عمل معلماً في الكلية اليسوعية في بيروت حيث درّس التاريخ والجغرافيا، ثم أصبح أستاذاً للتاريخ الإسلامي في معهد الدروس الشرقية في الكلية نفسها.

تولى رئاسة تحرير مجلة الشرق، وتولى كذلك إدارة مجلة تنصيرية أخرى هي البشير. له كتابات حول السيرة النبوية وحول الخلفاء الراشدين والدولة الأموية.

بدول، وليام  (Bedwell, William) (ت1632م)

مستشرق من الرهبان من بريطانيا،

عمل راعياً لكنيسة إيلبيرج، وجمع إلى عمله الكنسي دراساته وبحوثه في اللغة العربية. ظهر له كتابات امتلأت بالحقد على الإسلام وهما حول الرسول r.

سيل، جورج  (Sale, George ) (ت1736م)

مستشرق من الرهبان الانجليز

ولد في لندن التحق في البداية بالتعليم اللاهوتي تعلم العربية على يد معلم من سوريا وكان يتقن اللغة العبرية أيضاً،

من أبرز أعماله ترجمته لمعاني القرآن الكريم التي قدم لها بمقدمة احتوت على كثير من الافتراءات والشبهات.

وات، مونتجمري (Watt, Montgomery )   

ولد في كريس فايف في سنة 1909م، والده القسيس أندرو وات

درس في كل من أكاديمية لارخ ، وفي كلية جورج واتسون بإدنبرة وجامعة أدنبره وكلية باليول بأكسفورد وجامعة جينا بألمانيا وبجامعة أكسفورد وثم عاد إلى جامعة أدنبرة

عمل راعياً لعدة كنائس في لندن وفي أدنبرة، وبعد تقاعده عاد إلى العمل في المناصب الدينية.

عمل رئيساً لقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة أدنبره في الفترة من 1947-1979. نال درجة الأستاذية عام 1964. دعي للعمل أستاذاً زائراً في كل من الجامعات الآتية: جامعة تورنتو وكلية فرنسا في باريس وجامعة جورجتاون بواشنطن .

أصدر العديد من المؤلفات من أشهرها (محمد في مكة) و(محمد في المدينة) و (محمد نبي ورجل دولة) و(الفلسفة الإسلامية والعقيدة) و(الفكر السياسي الإسلامي) و(تأثير الإسلام في أوروبا القرون الوسطى) و(الأصولية الإسلامية والتحديث) و(العلاقات الإسلامية النصرانية) ومن آخر كتبه (حقيقة الدين في عصرنا)

 


مؤسسات الاستشراق وأهم أعمالها

 

لعل من أهم التطورات التي لحقت مؤسسة الاستشراق هذه في أواخر القرن الثامن عشر، أي منذ بداية عملية توظيفه توظيفاً منظماً واعياً من اجل تسهيل السيطرة على الشرق، تأليف الجمعيات والروابط والتجمعات التي عززت أهميته في المجتمعات الأوربية المنتجة له.

وكان إنشاء “مدرسة اللغات الشرقية الحية” (Ecole des langues orientales) عام 1795م في فرنسا

إذ لم يعد الإلحاح على دراسة هذه اللغات الشرقية لأغراض علمية وتاريخية وحسب، بل تعداه ليشمل إتقان استعمالها كتابة وقراءة وحديثاً

بداية ظهور مؤسسات لا تكاد تحصى في المجتمعات الغربي لدراسة الشرق من جميع نواحيه،

وإقامة حقل معرفي خاص به هو الاستشراق الذي ظهر مصطلحاً في معجم الأكاديمية الفرنسية عام 1838م.

ويبدو أن عدد الباحثين المعنيين بدراسة الشرق بمدلوله العام كان كافياً في تلك المرحلة للتفكير في إنشاء التجمعات المهنية.

وهكذا شهدت هولندة في عام 1778، ولادة أول جمعية علمية لدراسة الشرق هي “الجمعية البتافية للفنون والعلوم”،

ثم تأتي  “جمعية البنغال الآسيوية الملكية” التي أسست في كلكتا عام 1784م.

وبعدها تعاقبت الجمعيات والروابط في مختلف أنحاء العالم ولا سيما أوروبا وأمريكا،

فتكونت في باريس عام 1822 م “الجمعية الآسيوية” التي أصدرت مجلتها الخاصة بها وهي “المجلة الآسيوية” في العام نفسه، وكراستها الموسومة بـ ” كراسات الجمعية الآسيوية” بدءاً من عام 1833م.

وفي عام 1823م ظهرت إلى النور “الجمعية الملكية الآسيوية لبريطانية العظمى وإيرلندة” التي أصدرت مجلتها الموسومة بـ” مجلة الجمعية الملكية الآسيوية لبريطانية العظمى وإيرلندة” عام 1834م،

وتلتها بعد ذلك “الجمعية الشرقية الأمريكية” في عام 1835.

أما في ألمانية فقد تألفت “الجمعية الشرقية الألمانية” في عام 1845م، وأصدرت مجلتها المشهورة بمختصراتها “ZDMG” في عام 1847م.

وقد شهدت الهند (وكانت جوهرة التاج البريطاني) في المدة نفسها تقريباً تأسيس جمعيتين آسيويتين على غرار “الجمعية الملكية الآسيوية” هما ” جمعية البنغال الآسيوية” و “جمعية بومبي الآسيوية” اللتان أصدرتا مجلتين خاصتين بهما في عام 1832م و 1842م على التوالي،

لتحلا محل مجلة “أبحاث آسيوية” التي كانت تصدرها جماعة المستشرق الإنكليزي المشهور جونـز، ويليام (Jones, William) في كلكتا منذ عام 1788م.

وفضلاً عن المجلات والدوريات المختلفة التي كانت تصدرها هذه التجمعات الاستشراقية، فقد ظهرت في أوروبا وأمريكا الشمالية دوريات كثيرة تعنى بالشرق وشؤونه،

أقدمها مجلة “صندوق الكنوز الشرقية” التي أصدرها في فيينا بين عامي 1809 و 1818 المستشرق بورغشتال، جوزيف فون هامر (Purgstall, Joseph von Hammer ) (1774-1865)، والتي كان يكتب فيها معظم المستشرقين الأوروبيين، إضافة إلى بعض العلماء الشرقيين

أما أبرز الدوريات الأحدث فهي “مجلة الإسلام” (1895)، و”مجلة العالم الإسلامي” (1906) التي كانت تصدرها “البعثة العلمية المغربية” وتحولت فيما بعد إلى “مجلة الدراسات الإسلامية” المعروفة.

وهناك من المجلات الأخرى المجلة المرموقة “الإسلام” التي تصدر في ستراسبورغ منذ عام 1910.

و”مجلة العالم الإسلامي” القصيرة العمر، التي صدرت في سانت بطرسبورغ في عام 1912، ومجلة “العالم الإسلامي” التي صدرت في لندن منذ عام 1911.

وقد استمرت هذه التجمعات والدوريات في أداء مهمتها في إنتاج المعرفة المتصلة بالشرق، ونشرها في المجتمعات الأوروبية والأمريكية وغيرها حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لتشهد المرحلة التي تلتها قيام تجمعات جديدة، وتطورات نوعية مهمة في طبيعة الدوريات المرتبطة بها او تلك التي ظهرت بعيداً عن أي تجمع مهني.

ففي عام 1946 ولدت “رابطة المستشرقين البريطانيين” مع نشرتها السنوية،

ولكن يبدو أن ازدياد التخصص المعرفي سرعان ما امتد إلى الاستشراق وروابطه مما أفسح في المجال لظهور تجمعات أقل شمولاً ودوريات أكثر تخصصاً.

وهكذا ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية “رابطة شمالي أمريكا لدراسات الشرق الأوسط” عام 1966م، منافساً قوياً للجمعية القديمة، ليس على صعيد استقطاب الأجيال الجديدة من العاملين في حقل دراسات الشرق الأوسط فحسب، بل على صعيد النشر أيضاً وذلك عندما أصدرت مجلتها الواسعة الانتشار “المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط” عام 1970، التي تتولى طباعتها وتوزيعها مطبعة جامعة كمبردج المشهورة، ولها نشرتها نصف السنوية أيضاً.

وفي عام 1973 ظهر النظير البريطاني لها عندما تأسست “الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط” التي بدأت بإصدار نشرتها نصف السنوية منذ عام 1974، وقد طورتها في عام 1991 إلى مجلة مرموقة تضارع نظيرتها الأمريكية.

أما النظير الفرنسي للتجمعين السابقين فهو “الرابطة الفرنسية لدراسة العالم العربي والإسلامي” التي ألفت في بداية التسعينات من القرن العشرين  في إكس آن بروفانس.

وربما كانت “جمعية الدراسات المغربية” التي عقدت مؤتمرها التأسيسي في 9 تشرين الأول من عام 1990 

كما ظهرت  ” الرابطة الأوربية لدراسات الشرق الأوسط” التي ظهرت إلى الوجود في العام نفسه من أواخر هذه التجمعات المهنية الحديثة.

وفضلاً عن الدوريات المرتبطة بهذه التجمعات الإقليمية فقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين ظهور عدد من المجلات المتخصصة

التي ربما كان من أبرزها “مجلة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للشرق” التي صدرت عام 1958، و “مجلة الأدب العربي” (بملحقيها) التي ظهرت عام 1970، و “مجلة الدراسات الإسلامية” التي يصدرها مركز اكسفورد للدراسات الإسلامية منذ عام 1990، ويقوم على تحريرها محرر مسلم وهيئة تحرير تجمع بين الدارسين العرب والمسلمين والمستشرقين.

وقد يسر المستشرق البريطاني والبيبلوغرافي المشهور ج. د. بيرسون J.D.Pearson أمر العودة إلى الدوريات المعنية بدراسة الشرق والإسلام بإصداره “الفهرست الإسلامي” الذي يضم فهرسة لمقالات ما ينوف على خمسمئة دورية تعنى بالدراسات الإسلامية في مختلف اللغات غير الشرقية.

ولعل من المناسب الإشارة هنا إلى أن معظم الروابط والتجمعات الآنفة الذكر تعقد مؤتمرات دورية لها في أماكن مختلفة من العالم تمليها الظروف، وكثيراً ما تنشر وقائع هذه المؤتمرات- التي ربما كانت من أهم الوسائل في حفز المعرفة الاستشراقية إنتاجاً ونشراً- في المجتمعات الغربية خاصة.

وكذلك فإن من الملاحظ التزايد المستمر في إسهام الشرقيين في فعاليات هذه الروابط ووقائع فعالياتها المختلفة حتى يتبين حجم هذا الإسهام الذي بات كافياً لخلق مستويات جديدة من المعرفة الاستشراقية مع أنها تكاد تكون محددة في بعض الحقول المعرفية النوعية ولا سيما الأدب والتاريخ.

مؤتمرات المستشرقين

لقد اتخذ المستشرقون من المؤتمرات وسيلة من وسائلهم في التخطيط للدراسات الاستشراقية ووضع الاستراتيجيات اللازمة لتنفيذ هذه المخططات. وكان اهتمام الحكومات الغربية بهذه المؤتمرات كبيرا فكان يفتتحها رؤساء الدول ويحضرها بعض الرؤساء وكبار المسؤولين في الدول الغربية. كما نالت المؤتمرات الاستشراقية اهتمام المؤسسات المالية الغربية فإقامة مثل هذه المؤتمرات التي يحتشد فيها ما يقارب الألف باحث تحتاج إلى أموال كبيرة للقيام بها لا يكفيها ما يدفعه الباحثون من رسوم اشتراك.

بدأت المؤتمرات الاستشراقية في عام 1873م في فرنسا

واستمرت تعقد كل بضعة سنوات ( ثلاث إلى خمس سنوات) وتوقفت خلال الحربين الأوروبيتين (العالميتين) ثم استأنفت.

عقدت هذه المؤتمرات في العواصم الأوروبية عدا خمسة مؤتمرات عقدت في استنبول ، والجزائر وهونج كونج والهند واليابان.

كان آخر المؤتمرات انعقاداً هو المؤتمر الخامس والثلاثون الذي عقد في عاصمة المجر في ربيع الأول عام 1418 يوليه 1997م  والمؤتمر السادس والثلاثون في مونتريال بكندا في أغسطس عام 2000م.

تعد المؤتمرات أسلوباً حديثاً (نسبياً ) من أساليب المستشرقين ووسيلة من وسائلهم تساهم في دراسة المجتمعات الشرقية والتنسيق بين الجهود الاستشراقية وتعين مستقبل توجهها الدراسي والمعرفي وتعطيها بعداً عالمياً.

تعد وقائع هذه المؤتمرات وثائق ومراجع معتمدة لدى المستشرقين ومقروءة في الغرب والشرق، ن

  دائرة المعارف الإسلامية (Encyclopedia of Islam)

موسوعة تعنى بكل ما يتّصل بالحضارة الإسلامية، سواء من الناحية الدينية أو الثقافية أو العلمية أو الأدبية أو السياسية أو الجغرافية على امتداد العصور.

صدرت على طبعتين، الأولى بين 1913 و 1938، والثانية ما بين 1954 و 2005، عن شركة بريل الهولندية.

ظهرت الموسوعة بثلاث لغات، أما بالنسبة للعربية فقد تم تعريب بعض أجزائها وتنقيحها وصدرت في مصر في الستينات.

وفي عام 1953 تم إصدار نسخة مختصرة للموسوعة ترجمت للعربية والتركية والأوردية.

بدأ العمل على الإصدار الثالث عام 2007،

 دائرة المعارف الإسلامية

ظهرت الكثير من الكتب التي تنتقد الموسوعة

وضعت من جانب بعض المستشرقين الذين لا يدينون بالإسلام

لذلك فهم لا ينصحون بأخذ دائرة المعارف الإسلامية كمرجع دينى للعامة، وإنما فقط لطلاب العلم الذين يدرسون عن الاستشراق والمستشرقين. ن

مؤسسات الاستشراقية في العالم الإسلامي

حرص الأوروبيون والأمريكيون على إنشاء مراكز للدراسات العربية والإسلامية في العالم الإسلامي لتكون أقرب إلى هذه البلاد ويستخدمها الطلاب والباحثون الغربيون كمراكز للبحث والدراسة ولتعلم اللغات الإسلامية، ولنشر الثقافة الغربية،

بدأ الغرب في إنشاء هذه المراكز منذ القرن التاسع عشر حيث أنشأت البعثات التنصيرية الغربية الكليات والجامعات ومراكز البحوث وفيما يلي أهم هذه المراكز موزعة على الدول الغربية التي أنشأتها

مؤسسات الاستشراقية في العالم الإسلامي / فرنسا

– المعهد الفرنسي للآثار الشرقية في القاهرة (1880م)

– معهد الدراسات العليا في تونس (1945م)

– معهد الدراسات المغربية – الرباط (1931م)

– المعهد الفرنسي في دمشق (1930م)

ويتبع السفارات الفرنسية في أنحاء العالم مراكز ثقافية تقدم دورات في اللغة الفرنسية والحضارة الفرنسية، كما تقدم معلومات عن فرنسا.

مؤسسات الاستشراقية في العالم الإسلامي / بريطانيا

– مركز الدراسات العربية في الشرق الأوسط شملان بلبنان

– كلية دلهي (1792م-187م)

– كلية فورت-وليام بكلكتا بالهند (1799م-1836م)

– كلية الملكة فيكتوريا وهي مدرسة ثانوية بمصر ودرس بها كثير من أبناء الطبقة الثرية في أنحاء العالم العربي، والتعليم فيها باللغة الإنجليزية.

معهد الدراسات المغربية في تطوان.

وللسفارة البريطانية في كل بلد مركز ثقافي يتبع المجلس الثقافي البريطاني ويقدم دورات في تعليم اللغة الإنجليزية،

مؤسسات الاستشراقية في العالم الإسلامي / الولايات المتحدة

– الجامعة الأمريكية – بيروت

– الجامعة الأمريكية- القاهرة

– الكلية الأمريكية ببيروت – وهي مدرسة ثانوية.

– جامعة الشرق الأوسط باسطنبول بتركيا

– مدرسة الدراسات الشرقية الأمريكية بالقدس

– المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية ببغداد.

-معهد الدراسات اليمنية في صنعاء باليمن.

ولأمريكا معاهد لتعليم اللغة العربية لموظفي سفاراتها في العالم العربي في كل من تونس وفاس بالمغرب، واليمن .

 

 2)http://www.saaid.net/feraq/mthahb/75.htm-15/12/2020

 

مناهج المستشرقين في تناول الدراسات الإسلامية

 

نماذج من آراء المستشرقين

حول القرآن الكريم

  1. مصدر القرآن ..
  2. صحة النص القرآني ..
  3. خطورة القرآن …

القرآن الكريم هو كتاب الإسلام الأول الذي تقوم على أساسه عقائد الدين الإسلامي وشريعته، وتنبثق منه أخلاق الإسلام وآدابه. فإذا ثبت أنه وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا ومن خلفه، فإن الإيمان به يصبح أمراً لا مفر منه .
ومن أجل ذلك اتجهت جهود المناهضين للإسلام قديماً وحديثاً إلى محاولة زعزعة الاعتقاد في صحة القرآن وفي مصدره. وقد بذل الوثنيون جهدهم في مقاومة فكرة أن القرآن وحي من عند الله. فزعموا أنــه( إفك افتراه وأعانهُ عليه قومٌ آخرون)وأنـه (أساطير الأولين اكتتبها فهي تُملى عليه بكرةً وأصيلاً) وأن محمداً (.. يعلمه بشر ..)

وقد حذا المستشرقون المتحاملون على الإسلام في موقفهم من القرآن حذو مشركي مكة. وبذلوا محاولات مستميتة لبيان أن القرآن ليس وحياً من عند الله وإنما هو من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم . ورددوا أحياناً الاعتراضات التي قال بها الوثنيون قديماً رغم دحض القرآن لها.

يقول ( جورج سيل G. Sale ) في مقدمة ترجمته الإنجليزية لمعاني القرآن التي صدرت عام 1736 م ما يأتي :  ( أما أن محمداً كان في الحقيقة مؤلف القرآن والمخترع الرئيسي له فأمر لا يقبل الجدل، وإن كان من المرجح ـ مع ذلك ـ أن المعاونة التي حصل عليها من غيره في خطته هذه لم تكن معاونة يسيرة. وهذا واضح في أن مواطنيه لم يتركوا الاعتراض عليه بذلك )

وقد صادفت المقدمة التمهيدية للترجمة التي جزم فيها بتأليف محمد للقرآن نجاحاً عظيماً في أ وروبا، الأمر أدي بمستشرق آخر هو (كاسمير سكي) أن يجعل من مقدمة ( سيل) مقدمة لترجمته الفرنسية لمعاني القرآن التي صدرت عام 1841 م. وقد استطاعت هذه المقدمة أن تثبت وجودها زمناً طويلاً جداً كمصدر علمي موثوق به لدى المستشرقين مـن حيث اشتمالها على عرض شامل للدين الإسلامي.

وقد أصبحت قضية تأليف محمد للقرآن لدى المستشرقين ( أمراً لا يقبل الجدل ) ، كما يقول: ( سيل)، غير أن من المستشرقين من يذكر ذلك صراحــة كما فعل (سيل) من قبل، وكما فعل ( رينان ) من بعده،

ومنهم من يذكر ذلك بأسلوب أقل حدة وبطريق غير مباشر، وبعض المستشرقين المعاصرين ينحو هذا المنحى، الأمر الذي يجعل رأيهم يبدو وكأنه استنتاج علمي .
وإذا كان محمد هو مؤلف القرآن فإن الفرية الاستشراقية تحاول أن تكون محبوكة بقدر الإمكان وذلك ببيان المصادر التي اعتمد عليها محمد في كتابته للقرآن. ويذهب الخيال الاستشراقي في هذا الصدد كل مذهب لإثبات مزاعمه .

ويرى ريتشارد بل Richard Bell )) مؤلف كتاب مقدمة ترجمة القرآن أن النبي r قد اعتمد في كتابته للقرآن على الكتاب المقدس، وخاصة على العهد القديم في قسم القصص. فبعض قصص العقاب كقصص عاد وثمود مستمدة من مصادر عربية،

ولكن الجانب الأكبر من المادة التي استعملها محمد ليفسر تعاليمه ويدعمها قد استمده من مصادر يهودية ونصرانية.

وقد كانت فرصته في المدينة للتعرف على ما في العهد القديم أفضل من وضعه السابق في مكة حيث كان على اتصال بالجاليات اليهودية في المدينة، وعن طريقها حصل على قسط غير قليل من المعرفة بكتب موسى على الأقل .

ويذهب المستشرق ( لوت ) إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم مدين بفكرة فواتح السور من مثل: حَمَ وطَسم، والمَ إلخ . لتأثير أجنبي، ويرجح أنه تأثير يهودي،

ظناً منه أن السور التي بدئت بهذه الفواتح مدنية خضع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لتأثير اليهود.

ولو دقق في الأمر لعلم أن سبعاً وعشرين سورة من تلك السور التسع والعشرين مكية، وأن اثنتين فقط من هذه السور مدنية وهما سورتا البقرة وآل عمران

وعن التأثير النصراني يقول ( بارت) :
لقد كانت معلومات الناس في مكة ـ في عصر النبي ـ عن النصرانية محدودة وناقصة ولم يكن النصارى العرب سائرين في معتقداتهم في الاتجاه الصحيح. ولهذا كان هناك مجال لظهور الآراء البدعية المنحرفة. ولولا ذلك لما كان محمد على علم بأمثال تلك الآراء التي تنكر صلب المسيح وتذهب إلى أن نظرية التثليث النصرانية لا تعني الأب والابن وروح القدس ، وإنما تعني الله وعيسى ومريم.

وعلى أية حال فإن المعارف التي استطاع محمد أن يجمعها عن حياة المسيح وأثره كانت قليلة ومحدودة . وعلى عكس من ذلك كان محمد يعرف الشيء الكثير عن ميلاد عيسى وعن أمه مريم.

وما يقصد أن يقوله ( بارت ) هنا واضح وهو أن المعلومات التي وردت في القرآن عن النصرانية وعن المسيح وأمه كانت المعلومات الشائعة آنذاك إما خاطئة أو محدودة. فمحمد إذن هو مؤلف القرآن .

ويزعم المستشرقون أيضاً أن محمداً تعرف على النصرانية من بحيرى الراهب في رحلته التجارية إلى الشام. وقد تمثل محمد في نفسه ما سمعه من بحيرى الراهب وما عرفه من أتباع اليهودية، وخرج على الناس يعلن دينه الجديد الذي لفّقه من الدينين الكبيرين .

وهذه كلها مزاعم واهية لا حظ لها من العلم ولا سند لها من التاريخ، وإنما هي تخمينات وافتراضات يضعها أصحابها كما لو كانت (حقائق ثابتة لا تقبل الجدل).

وقد تناول الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله في دراسته القيمة ( مدخل إلى القرآن ) جميع الافتراضات المتعلقة باحتمال وجود مصدر بشري للقرآن. وناقشها مناقشة علمية ، وأظهر زيفها وبطلانها.

[2] صحة النص القرآني ..
بعد أن تعرفنا على مزاعم المستشرقين في التشكيك في مصدر القرآن نأتي الآن للحديث عن نقطة أخرى تسير في اتجاه التشكيك نفسه، ولكنها في هذه المرة تشكك في صحة النص القرآني وكأنهم بذلك يريدون أن يردوا على القرآن بالسلاح نفسه فقد قرر القرآن أن التوراة والإنجيل قد أصابهما التحريف والتبديل . ن

وقد تكلم المستشرقون كثيراً في موضوع القراءات بالأحرف السبعة، محاولين إثبات أن القراءة كانت حرة طليقة، الأمر الذي جعل تعرض القرآن للتغيير أمراً لا مفر منه.

وهم بذلك يوهمون بأن التدوين وقع في جو هذه الحرية، وفي هذا الجو تم تسجيل قراءات مختلفة. وهذه القراءات التي نجمت عن ذلك لم تكن هي الصورة التي ورد بها الوحي أساساً. ونتيجة ذلك كله هي القول بحدوث تغيير في النص القرآني

وقد روّج بعض المستشرقين لفكرة ( القراءة بالمعنى) مما يعطي للمزاعم السابقة سنداً تعتمد عليه.

فقد ظهرت هذه النظرية في زعم بعضهم في العهد الأموي وسادت الجو وتلقاها الناس بالقبول ، فلم يكن نص القرآن بحروفه بالنسبة لبعض المؤمنين هــو المهم ولكن المهم كان هو روح النص. ومن هنا ظل اختيار الوجه ( الحرف) في القراءات التي تقوم على الترادف المحض أمراً لا بأس به ولا يثير الاهتمام. وهكذا يمكن أن يخضع تحديد النص لهوى كل إنسان

إن اختلاف القراءات أمر ثابت لا ننكره ، ولكن الأمر الذي لا شك فيه أيضاً أن القرآن كان وحياً باللفظ والمعنى معاً.

ومن أجل ذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً كل الحرص على تسجيل الوحي فور نزوله والعناية بحفظه في السجلات التي سطر فيها (99).

وليس صحيحاً ما يردده ( بلا شير ) من أن فكرة تدوين الوحي لم تنشأ إلا بعد إقامة النبي r في المدينة، وأن التدوين كان جزئياً وناتجاً عن جهود فردية ومثاراً للاختلاف

فالثابت أن فكرة تدوين الوحي كانت قائمة منذ نزوله ـ وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام كلما جاءه الوحي وتلاه على الحاضرين أملاه من فوره على كتبة الوحي ليدونوه: وقد بلغ عدد كتاب الوحي ـ كما يذكر الثقات من العلماء ـ تسعة وعشرين كاتباً أشهرهم الخلفاء الراشدون الأربعة ومعاوية، والزبير بن العوام، وسعيد بن العاص، وعمرو بن العاص، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت.

وأما ما يتعلق بمسألة الأوجه السبعة في القراءة فإن الأمر فيها لم يكن متروكاً لأهواء الناس، وإنما كان محكوماً بما يقرأه الرسول صلى الله عليه وسلم للناس من أوجه للقراءة كان القصد منها التخفيف على الناس في أول الأمر

( فأذن لكل منهم أن يقرأ على حرفه، أي على طريقته في اللغة، إلى أن انضبط الأمر في آخر العهد وتدربت الألسن، وتمكن الناس من الاقتصار على الطريقة الواحدة فعارض جبريل النبي r القرآن مرتين في السنة الأخيرة، واستقر على ما هو عليه الآن ) . وهذا ما عليه أكثر علماء المسلمين .

السنة النبوية

السنة النبوية: هي الأصل الثاني للإسلام. وقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ رسالته إلى الناس في قوله تعالى :
(يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) ولكن الأمر لم يكن مجرد تبليغ آلي، وإنما هو تبليغ مصحوب بالتبيين ، كما ورد في قوله تعالى: ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)

وقد فعل الرسول r ما أمره الله به ، فكانت سنته المتمثلة في أقواله وأفعاله وتقريراته للقرآن بمثابة ( تفصيل مجمله وبيان مشكله وبسط مختصره ). وبذلك يكون الارتباط بين القرآن والسنة ارتباطاً لا يتصور أن ينفصم البتة. وقد نبّه النبي وقال: (تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي )

ومن اجل ذلك اهتم المسلمون اهتماماً عظيماً بالسنة بوصفها الأصل الثاني للإسلام. وقد كان هذا الفهم يعد من الأمور البديهية لدى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فعندما بعث النبي r معاذ بن جبل والياً إلى اليمن سأله: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : بكتاب الله، قال فإن لم تجد ؟ قال : بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد ؟ قال : أجتهد رأيي.

وقد أراد المستشرقون ـ بعد محاولاتهم الفاشلة للتشكيك في القرآن الكريم من جوانب مختلفة، وبعد أن أعياهم البحث ولم يكن لهذه المحاولات أي اثر إيجابي لدى المسلمين المتمسكين بقرآنهم

أراد المستشرقون أن يوجهوا محاولات التشكيك إلى ناحية أخرى، أي إلى الأصل الثاني للإسلام وهو السنة، مع الاستمرار في محاولاتهم السابقة الفاشلة. وأول مستشرق قام بمحاولة واسعة شاملة للتشكيك في الحديث النبوي كان المستشرق اليهودي (جولد تسيهر) الذي يعده المستشرقون أعمق العارفين بالحديث النبوي.
ويقول عنه كاتب مادة ( الحديث ) في دائرة المعارف الإسلامية : ( إن العلم مدين دَيناً كبيراً لما كتبه ( جولد تسيهر ) في موضوع الحديث ، وقد كان تأثير ( جولد تسيهر ) على مسار الدراسات الإسلامية الاستشراقية أعظم مما كان لأي معاصريه من المستشرقين،

ويلخص ( بفان موللر ) عمل ( جولد تسيهر) في هذا المجال فيقول: (لقد كان ( جولد تسيهر) أعمق العارفين بعلم الحديث النبوي. وقد تناول في القسم الثاني من كتابه ( دراسات محمدية) موضوع تطور الحديث تناولاً عميقاً. وراح ـ بما له من علم عميق، واطلاع يفوق كل وصف ـ يبحث التطور الداخلي والخارجي من كل النواحي.. وقد قادته المعايشة العميقة لمادة الحديث الهائلة إلى الشك في الحديث، ولم يعد يثق فيه مثلما كان ( دوزي) لا يزال يفعل ذلك في كتابه (مقال في تاريخ الإسلام) . وبالأحرى كان (جولد تسيهر) يعتبر القسم الأعظم من الحديث بمثابة نتيجة لتطور الإسلام الديني والتاريخي والإجمتاعي في القرن الأول والثاني .

وهكذا تم اختراع كم هائل من الأحاديث في العصر الأموي عندما اشتدت الخصومة بين الأمويين والعلماء الصالحين، ففي سبيل محاربة الطغيان والخروج عن الدين راح العلماء يخترعون الأحاديث التي تسعفهم في هذا الصدد، وفي الوقت نفسه راحت الحكومة الأموية تعمل في الاتجاه المضاد ، وتضع أو تدعو إلى وضع أحاديث تسند وجهات نظرها. وقد استطاعت أن تجند بعض العلماء الذين ساعدوها في هذا المجال.. ولكن الأمر لم يقف عند وضع أحاديث تخدم أغراضاً سياسية، بل تعدّاه إلى النواحي الدينية في أمور التي لا تتفق مع ما يراه أهل المدينة . وقد استمر هذا الحال في وضع الأحاديث في القرن الثاني أيضاً .

هذا هو ملخص المزاعم التي روجها ( جولد تسيهر ) ليهدم بها الأصل الثاني للإسلام وهو السنة. ولسنا هنا في معرض الرد التفصيلي على هذه المزاعم،

فقد تكفل بعض أفاضل العلماء بذلك . ومن أهم الكتب القيمة في هذا المجال كتاب (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي) للدكتور السباعي. فمن أراد التفصيل فليرجع إليه .

ولعلماء الحديث باع طويل في نقد الرواة وبيان حالهم من صدق أو كذب. فقد وصلوا في هذا الباب إلى أبعد مدى، وأبلوا فيه بلاءً حسناً، وتتبعوا الرواة ودرسوا حياتهم وتاريخهم وسيرتهم وما خفي من أمرهم وما ظهر ، ولم تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا منعهم عن تجريح الرواة والتشهير بهم ورع ولا حرج..

ويروي الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن سيرين قوله :
(.. لم يكونوا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم ) .

التشريع الإسلامي  والقانون الروماني

ولكن المستشرقين لم يقفوا عند حد الطعن في القرآن والسنة، فدائرة عملهم أوسع من التشكيك في القرآن والسنة، فهم حريصون على تجريد المسلمين والعقلية الإسلامية والفكر الإسلامي بصفة عامة من كل القيم الإنسانية والحضارية والابتكارات العلمية.

ولن نستطيع بطبيعة الحال أن نعرض في هذه المحاضرات لهذا المقرر لكل المزاعم الاستشراقية في هذا الصدد، ولكننا سنكتفي بأن نشير باختصار شديد إلى أنموذجين يوضحان محاولات المستشرقين في التشكيك في أصالة كل من الشريعة الإسلامية.

أما ما يتعلق بالشريعة الإسلامية فإن معظم المستشرقين يميلون إلى القول بتأثر الشريعة الإسلامية بالقانون الروماني، على اختلاف فيما بينهم في درجات هذا التأثر.

فمنهم فريق من أمثال ( جولد تسيهر) و( فون كريمر) و( شيلدون آموس ) يذهبون إلى القول بأن الشريعة الإسلامية مستمدة من القانون الروماني،

فهذا القانون هو المصدر الذي أقام فقهاء المسلمين على أساس من قواعده الكيان القانوني للشريعة الإسلامية.

وفي ذلك يقول (شيلدون آموس ) بصريح العبارة :

 ( إن الشرع المحمدي ليس إلا القانون الروماني للإمبراطورية الشرقية معدلاً وفق الأحوال السياسية في الممتلكات العربية).

ويقول أيضاً :  ( إن القانون المحمدي ليس سوى قانون جستنيان في لباس عربي ) .

ويستدل هؤلاء على دعواهم بأدلة مختلفة أهمها:

أن النبي r  كان على معرفة واسعة بالقانون الروماني ،

أن فقهاء المسلمين قد تعرفوا على آراء فقهاء مدارس القانون الروماني وأحكام المحاكم الرومانية في البلاد التي كانت لا تزال فيها هذه المدارس والمحاكم قائمة بعد الفتح الإسلامي.

وهناك بالإضافة إلى ذلك تشابه في النظم القانونية والأحكام والقواعد الموجودة في الشريعة والقانون الروماني،

الأمر الذي يعني أن الشريعة الإسلامية اقتبست هذه النظم والأحكام من القانون الروماني باعتباره سابقاً عليها

وهذه الأدلة باطلة ويسهل كشف زيفها وبطلانها، ولا تستطيع أن تثبت أمام النقد العلمي الجاد.

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ولم يكن لخروجه إلى الشام في المرتين اللتين سافر فيهما أي أثر في إمكان اطلاعه على القانون الروماني. فقد كانت رحلته الأولى مع عمه أبي طالب وهو ابن تسع سنين أو اثنتي عشرة سنة ، وأما رحلته الثانية فقد كانت سنه حينذاك خمساً وعشرين سنة، ولم يرافقه فيها إلاّ عرب خلّص، ولم يختلط بأحد من علماء القانون الروماني، فضلاً عن أنه لم يكن هناك أي سبب يدعو الحكام الرومان أو أحد علمائهم لتعليم محمد قواعد القانون الروماني.

أما تعرف علماء المسلمين على القانون الروماني من المدارس والمحاكم الرومانية فإنه زعم باطل، لأن هذه المدارس كانت قد ألغيت بقرار إمبراطوري في 16 ديسمبر ( كانون الأول ) 533م، وما بقي من هذه المدارس في روما والقسطنطينية لم يكن له تأثير على المسلمين. أما مدرسة بيروت فقد اندثرت قبل الفتح الإسلامي بثلاثة أرباع القرن.

وما أثير حول تأثر الإمام الأوزاعي بالقانون الرماني لا أساس له ، لأن الأوزاعي كان من فقهاء مدرسة الحديث التي كانت أبعد المدارس عن التأثر بمؤثرات أجنبية. وقد قضى الفتح الإسلامي على أي سلطة أجنبية للقضاء في الدولة الإسلامية

أما القول بالتشابه المزعوم بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني فإن التشابه لا يعني بالضرورة التأثر، فقد يكون ناشئاً من تشابه الظروف الاجتماعية، كما أن العقول تتشابه في كثير من أنواع التفكير.

ومع ذلك فإنه على الرغم من هذا التشابه الظاهري في بعض النظم والقواعد فإن هناك اختلافات كثيرة وأساسية بينهما مما يدل على استقلال كل منهما عن الآخر. فضلاً عن اختلافهما في مصادر الأحكام ، فالخلاف جوهري بينهما، إذ تقوم الشريعة الإسلامية على أساس الوحي الإلهي بينما يعتمد القانون الروماني على العقل البشري، ولذلك فإن الصلة بينهما منقطعة ـ كما يقول العالم الفرنسي

 


ملاحظات على آراء المستشرقين

 

من خلال هذا العرض السابق لبعض الأمثلة من آراء المستشرقين (العلمية !) عن الإسلام ونبيه r وتعاليمه ، ومن واقع ما لهم من آراء أخرى تسير في الاتجاه نفسه ، نستطيع أن نستخلص الأمور التالية:

الملاحظة الاولى

الاستشراق ـ من بين شتى العلوم الأخرى ـ لم يطور كثيراً في أساليبه ومناهجه. وفي دراسته للإسلام لم يستطع أن يحرر نفسه تماماً من الخلفية الدينية للجدل اللاهوتي العقيم الذي انبثق منه الاستشراق أساساً. ولم يتغير شيء من هذا الوضع حتى اليوم باستثناء بعض الشواذ.

ومن الواضح في هذا الصدد أن صورة العصور الوسطى للإسلام قد ظلت في جوهرها دون تغيير، وإنما نضت عنها الثياب القديمة لأجل أن تضع ثياباً أقرب إلى العصر. وتتعدد أشكال الإصرار على الأفكار العتيقة سواء فيما يتعلق بالقرآن أو ما يتعلق منطقياً بالعقيدة والشريعة والتاريخ في الإسلام

وتخدم اليوم وسائل الإعلام المتعددة في الغرب في تأكيد وتقوية هذا الوضع التقليدي الذي لا يزال ينظر إلى الإسلام إلى حد كبير بمنظار القرون الوسطى.

ولعل هذا ما دعا السكرتير العام للمجلس الإسلامي الأوروبي في شهر يناير(كانون الأول) 1979م إلى التنديد بوسائل الإعلام الغربية لموقفها من الإسلام ، ووصفه لهذا الموقف بالإجحاف والافتراء على حقائق الدين وتشويهها .

وعلى الرغم أيضاً من قول المستشرق الألماني (بارت) من أن الدراسات الاستشراقية منذ منتصف القرن التاسع عشر تنحو نحو البحث عن الحقيقة الخالصة ولا تسعى إلى نوايا جانبية غير صافية

والغريب أن الهيئات العالمية مثل اليونسكو ـ وهي هيئة دولية تشترك فيها الدول الإسلامية ـ تستكتب المستشرقين ، بوصفهم متخصصين في الإسلاميات ، للكتابة عن الإسلام والمسلمين في الموسوعة الشاملة التي تصدرها اليونسكو عن ( تاريخ الجنس البشري وتطوره الثقافي والعلمي ) .

 ( وقد أثارت كتاباتهم حفيظة المسلمين على مؤسسة اليونسكو . والمهم ما فيها من مجافاة للحقائق التاريخية وتهجم على نبي الإسلام ، وكتب الكثيرون احتجاجات على هذه الإساءات التي ليست إلاّ وحياً لتقاليد موروثة، وامتداداً للروح الصليبي، وهو عمل كان ينبغي أن تتنزه عنه هذه المؤسسة الكبيرة.

الملاحظة الثانية

يخلط الاستشراق كثيراً بين الإسلام كدين وتعاليم ثابتة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة،  وبين الوضع المتردي للعالم الإسلامي في عالم اليوم .

فإسلام الكتاب والسنة يعد في نظر مستشرق معاصر مثل (كيسلنج) إسلاماً ميتاً . أما الإسلام الذي يجب الاهتمام به ودراسته فهو ذلك الإسلام المنتشر بين فرق الدراويش في مختلف الأقطار الإسلامية، هو تلك الممارسات السائدة في حياة المسلمين اليوم بصرف النظر عن اقترابها أو ابتعادها من الإسلام الأول .

الملاحظة الثالثة

(3) يؤكد الاستشراق بوضوح ظاهر على أهمية الفرق المنشقة عن الإسلام كالبابية والبهائية والقاديانية والبكداشية وغيرها من فرق قديمة وحديثة، ويعمل على تعميق الخلاف بين السنة والشيعة . والمستشرقون يعدون المنشقين عن الإسلام على الدوام أصحاب فكر ثوري تحريري عقلي ، ودائماً يهتمون بكل غريب وشاذ، ودائماً يقيسون ما يرونه في العالم الإسلامي على ما لديهم من قوالب مصبوبة جامدة . وقد أشار المستشرق ( رودنسون ) إلى شيء من ذلك حين قال:  ( ولم ير المستشرقون في الشرق إلا ما كانوا يريدون رؤيته، فاهتموا كثيراً بالأشياء الصغيرة والغريبة، ولم يكونوا يريدون أن يتطور الشرق ليبلغ المرحلة التي بلغتها أوروبا، ومن ثم كانوا يكرهون النهضة فيه ).

الملاحظة الرابعة

يفتقد المرء الموضوعية في كتابات معظم المستشرقين عن الدين الإسلامي، في حين أنهم عندما يكتبون عن ديانات وضعية مثل البوذية والهندوكية وغيرهما يكونون موضوعيين في عرضهم لهذه الأديان .

فالإسلام فقط من بين كل الديانات التي ظهرت في الشرق والغرب هو الذي يهاجم . والمسلمون فقط من بين الشرقيين جميعاً هـم الذين يوصمون بشتى الأوصاف الدنيئة.

ويتساءل المرء: لماذا ؟ ولعل تفسير ذلك يعود إلى أن الإسلام كان يمثل بالنسبة لأوروبا صدمة مستمرة. فقد كان الخوف من الإسلام هو القاعدة. وحتى نهاية القرن السابع عشر كان (الخطر العثماني) رابضاً عند حدود أوروبا ويمثل ـ في اعتقادهم ـ تهديداً مستمراً بالنسبة للمدنية النصرانية كلها .

ومن هنا يمكن فهم ما يزعمه موير( Muir) من :

(إن سيف محمد والقرآن هما أكثر الأعداء الذين عرفهم العالم حتى الان عناداً ضد الحضارة والحرية والحقيقة ) .

وما يدَّعيه (جرونيباوم) من أن الإسلام ظاهرة فريدة لا مثيل لها في أي دين آخر أو حضارة أخرى . فهو دين غير إنساني وغير قادر على التطور والمعرفة الموضوعية. وهو دين غير خلاق وغير علمي واستبدادي.

وهكذا يتضح الحقد الدفين على الإسلام باستمرار بمثل هذه الافتراءات التي ليس لها في سوق العلم نصيب .

الملاحظة الخامسة

يعطي الاستشراق لنفسه في دراسته للإسلام دور ممثل الاتهام والقاضي في الوقت نفسه . فبينما نجد مثلاً أن علم التاريخ يحاول أن يفهم فقط ولا يضع موضع الشك أسس المجتمع الذي يدرسه،

نجد الاستشراق يعطي لنفسه حق الحكم بل وحتى الاتهام والرفض للأسس الإسلامية التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي. وذلك ناتج عن نوايا مسبقة لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون نوايا علمية صافية كما يدعي المستشرق (رودي بارت)  

الملاحظة السادسة

 يعد الاستشراق أسلوباً خاصاً في التفكير ينبني على تفرقة أساسية بين الشرق والغرب. ( فالشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا ) كما قال الشاعر الاستعماري المشهور كبلنج (Kipllng) . فالغربيون عقليون ومحبون للسلام ومتحررون ومنطقيون وقادرون على اكتساب قيم حقيقية، أما الشرقيون فليس لهم من ذلك كله شيء.

ولكن هناك حقيقة هامة يتجاهلها المستشرقون ببساطة ، وهي أن الحضارة الغربية ـ التي يصفونها باعتزاز بأنها حضارة نصرانية ـ مبنية في الأصل على تعاليم رجل شرقي وهو المسيح عليه السلام ، وعلى ما نقلوه عن العرب من علوم عربية ومن تراث قديم تطور على أيدي العرب.

وهذه الحقيقة تجعل هذه التفرقة المبدئية إلى شرق وغرب والتي يعتمد عليها الاستشراق أمراً مخالفاً للمنطق . فالنصرانية دين شرقي ،

والزعم بأن الغرب متقدم لأنه يدين بالنصرانية، والشرق متخلف لأنه يدين بالإسلام لا أساس له من العلم ولا من الواقع ،

فالتقدم الذي يشهده الغرب اليوم في مجال العلم والتكنولوجيا لا علاقة له بالنصرانية كدين، والتخلف الذي يعاني منه الشرق لا يتحمل الإسلام وزره فهذا التخلف يعد ـ كما يقول: مالك بن نبي:  (عقوبة مستحقة من الإسلام على المسلمين لتخليهم عنه لا لتمسكهم به كما يزعم الزاعمون).

الملاحظة السابعة

يعمد المستشرقون إلى تطبيق المقاييس النصرانية على الدين الإسلامي وعلى نبيه rـ فالمسيح في نظر النصارى ـ هو أساس العقيدة، ولهذا تنسب النصرانية إليه.

وقد طبق المستشرقون ذلك على الإسلام واعتبروا أن محمداً r يعني بالنسبة للمسلمين ما يعنيه المسيح بالنسبة للنصرانية، ولهذا أطلقوا على الإسلام اسم: المذهب المحمدي (Mohammedanism) وأطلقوا على المسلمين وصف (المحمديين) .

ولكن هناك سبباً آخر لاستخدام هذا الوصف لدى الكثيرين منهم وهو إعطاء الانطباع بأن الإسلام دين بشري من صنع محمد وليس من عند الله . أما نسبة النصرانية إلى المسيح فلا تعطي هذا الانطباع لديهم لاعتقادهم بأن المسيح ابن الله.

وتتم مقارنة أخرى بين محمد والمسيح، يكون المسيح فيها هو المقياس. فمحمد مزواج وشهواني في مقابل المسيح العفيف الذي لم يتزوج، ومحمد محارب وسياسي أما يسوع مسالم مغلوب على أمره ومعذب يدعو إلى محبة الأعداء وهكذا .

الملاحظة الثامنة

إن الإسلام الذي يعرضه هؤلاء المستشرقون ـ المتحاملون على الإسلام ـ في كتبهم هو إسلام من اختراعهم ، وهو بالطبع ليس الإسلام الذي ندين به ، كما أن محمد الذي يصورونه في مؤلفاتهم ليس هو محمد الذي نؤمن برسالته، وإنما هو شخص آخر من نسج خيالهم.

وهكذا يمكن القول بأن الاستشراق ـ في دراسته للإسلام ـ ليس علماً بأي مقياس علمي، وإنما هو عبارة عن أيديولوجية يراد من خلالها ترويج تصورات معينة عن الإسلام، بصرف النظر عما إذا كانت هذه التصورات قائمة على حقائق أو مرتكزة على أوهام وافتراءات .

 


مستقبل الاستشراق

 

وفي ختام هذا المقرر تبرز أمامنا بعض الأسئلة الملحة حول مستقبل الاستشراق:

هل لا يزال الاستشراق يعيش الآن عصر ازدهاره، أم أن نجمه بدأ يأفل وتأثيره بدأ يقل ونشاطه بدأ يتضاءل.. وخاصة بعد أن انحسر المد الاستعماري عن العالم الإسلامي؟

أين يقف الاستشراق الآن في العصر الحاضر؟

ما موقف الحكومات الأوروبية اليوم من دعم النشاط الاستشراقي ؟

إن طرح هذه الأسئلة له ما يبرره. فهناك بالفعل وجهات نظر تتحدث عن نهاية الاستشراق.

وهناك من ناحية أخرى انتقادات واتهامات كثيرة موجهة إلى الاستشراق من جهات عديدة، وإن اختلفت منطلقات هذه الانتقادات، فمثلاً يقول أحد الساسة الألمان:

 (لقد آن الأوان كي يبتعد المستشرقون باهتماماتهم عن اللهجات العربية، ويعدوا أنفسهم لتقبل الدور الجديد كطاقة فاعلة في خدمة العلوم الاجتماعية، وكاحتياطيين للقيام بمهمة الترجمة والشرح في ميادين العمل المختلفة).

والمستشرقون وإن كانوا يرفضون دورهم إلى هذا المستوى فإنهم يعترفون في الوقت نفسه بالقصور في جوانب مختلفة هي أيضاً مثار انتقادات عنيفة.

يجمل (أوليريشن هارمان) هذه الانتقادات فيقول:

(لقد اتهمنا بأننا متخلفون وأقل تطوراً وتقدماً في أساليبنا، لا ننفعل حيال التحديات الجديدة. واتهمنا كذلك بأننا وصفيون نقليون ولسنا تحليليين، وإذا كنا نقدر أنفسنا حق التقدير، فما علينا سوى الاعتراف بأن هذا النقد صحيح إلى حد بعيد).

أهم ما يؤخذ على الاستشراق من وجهة النظر الإسلامية

هو تمسك المستشرقين بالأساليب الاستشراقية البالية في فهم الإسلام وتناوله،

الروح العدائية التي تحملها دراساتهم حول الإسلام، تلك الروح التي لا تزال مسيطرة على غالبية علماء الإسلاميات من المستشرقين وهذه الروح العدائية هي العقبة الكأداء التي تجعل العربي المسلم يقف من الاستشراق موقف الحذر المتشكك، بل موقف الرافض للاستشراق.

فهل لدى المستشرقين استعداد لتطوير أساليبهم البالية فـي دراسة الإسلام والالتزام بالحيدة والموضوعية والنزاهة العلمية ؟.

إن هناك بعض المؤشرات نحو الاقتراب من الاعتدال والاتزان في معالجة بعض المسائل الإسلامية لدى بعض المستشرقين المعاصرين من أمثال: مكسيم رودنسون، وجاك بيرك، وأنا ماري شمل، على سبيل المثال لا الحصر،

وهو اتجاه نقدره ونرجو أن يصبح في النهاية تياراً عاماً، وعندئذ يمكن أن يسهم في دعم روح التفاهم والقضاء على الروح العدائية الني استمرت قروناً عديدة.

أما الحديث عن قرب نهاية الاستشراق فلست أظن أن مثل هذه النهاية وشيكة الحدوث. فالمسألة ليست بهذه البساطة، ولا يمكن القول بأن الحركة الاستشراقية بدأت تنحسر وأنها تعيش آخر أيامها.

فالحركة الاستشراقية لا تزال متماسكة وقوية ومنظمة، ولا تزال جمعيات المستشرقين ومؤتمراتهم المختلفة تمارس نشاطها، ومعاهد الاستشراق منتشرة اليوم في أغلب الجامعات الأوروبية والأمريكية.

هذا فضلاً عن تغلغل المصالح الغربية في بلدان العالم الإسلامي، وخاصة في بلاد الشرق الأوسط، الأمر الذي يجعل هذه المصالح تساند الحركة الاستشراقية التي تقدم بدورها للجهات المعنية في الغرب الدراسات المختلفة عن بلدان العالم الإسلامي.

وبالإضافة إلى ذلك كله فإن مجالات التخصص لدى المستشرقين قد تعددت وهذا يعني إثراء الدراسات الاستشراقية لا القضاء عليها.

ولكن الشيء المهدد بالزوال ـ كما يقول رودنسون ـ هو سيطرة الدراسات الفيلولوجية (فقه اللغة).

فقد كان هناك اتجاه سائد في الحركة الاستشراقية لفترة تزيد على قرن من الزمان يركز على التدريب الفيلولوجي بوصفه كافياً لحل جميع المشاكل الناشئة ضمن ميدان لغوي محدد.

وهناك دلائل تشير إلى التخلي عن هذا الاعتقاد، وذلك نظراً للزيادة الكبيرة في المعلومات المتوفرة، بالإضافة إلى تعدد أدوات البحث وتقدم طرق الدراسة، الأمر الذي أصبح يمكن الباحث من تجاوز المرحلة الفيلولوجية أو على الأقل يخصص لها وقتاً أقل من ذي قبل.

فقد كشف التقدم في العلوم الاجتماعية (عن مدى تعقيد المشاكل التي لا يمكن حلها بالالتجاء إلى الفهم العادي السليم وحده، وبالمعرفة العميقة باللغة، بل ربما أيضاً لا يمكن حلها عن طريق استلهام مبادئ فلسفية عامة. لذا فقد أصبحت الدراسات الشرقية وبصورة خاصة الدراسات الإسلامية أكثر صعوبة وأقل خصوصية، واصبح الربط بينها وبين العلوم الأخرى ـ الذي كان ترفاً فيما مضى ـ حاجة لا مفر منها الآن).

ويعني رودنسون بالعلوم الأخرى هنا، علوم الاجتماع والسياسة والاقتصاد والانثربولوجيا والسكان الخ.

ومما هو جدير بالذكر في هذا المقام أنه قد عقدت ندوة عن علم الاجتماع الإسلامي في بروكسل عام 1961م. وهذا أمر يبين لنا بداية انفتاح مجالات جديدة أمام الدراسات الاستشراقية كانت مهمله تماماً في السابق.

وهكذا يمكن القول بأن انحسار المد الاستعماري العسكري عن العالم الإسلامي لا يعني بالتالي القضاء على الحركة الاستشراقية. فالاستعمار العسكري كان مرحلة ارتبطت بها من غير شك جهود طائفة من المستشرقين. ولكن هناك طائفة أخرى لم ترتبط بالاستعمار، وليس يعني ذلك بالضرورة أنها كانت منصفة للإسلام والمسلمين.

وقد عاش الاستشراق عصر ازدهاره في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن.العشرين.

وشهدت تلك الفترة جيل كبار المستشرقين. وقد ظهرت الآن أجيال جديدة تسير على الدرب نفسه وتترسم خطى السابقين.

وتهتم الحكومات الأوروبية بدعم الحركة الاستشراقية في أوروبا، ولا تبخل عليها بالمال اللازم لاستمرار نشاطها.

يقول (رودي بارت):  (الاستشراق في ألمانيا حالياً وفي العالم الأوروبي الحديث كله مادة علمية معترف بها من الجميع.. نعترف شاكرين بأن المجتمع ممثلاً في الحكومات والمجالس النيابية يضع تحت تصرفنا الإمكانات اللازمة لإجراء بحوث الاستشراق وللحفاظ على نشاطنا التعليمي في هذا المضمار.. وما تطلبه الدولة والمجتمع مناـ معشر المستشرقين ـ هو بصفة عامة العمل كمدرسين وباحثين متخصصين.. أما التصرف في أمر الموضوعات الخاصة التي ينصب عليها الدرس والبحث فمتروك لنا).

ولكن هناك مستشرقاً آخر يعترف بأن مقدمي الدعم المالي يمارسون ضغوطاً على الاستشراق، الأمر الذي يتناقض مع ما يقوله (بارت) من أن الحكومات التي تقدم الدعم لا تتدخل في أمر البحوث الاستشراقية.

يقول (أوليريش هارمان): (… وطبعاً هناك أيضاً الضغط الملح من قبل أولئك الذين يقدمون الأموال لدعم النتائج التي تؤدي إلى احتواء العالم العربي الإسلامي والتشبث به، باعتباره منطقة اضطراب، حيث تكمن اهتمامات الغرب ومصالحه).

فهناك إذن ارتباط وثيق بين مصالح الغرب واهتماماته ودعم الحركة الاستشراقية.

وهذا أمر يجعل استمرار الاستشراق متوقفاً على استمرار الدعم المالي الذي تقدمه الحكومات والهيئات المختلفة،

واستمرار الدعم المالي يتوقف على مدى تشبث الغرب بمصالحه في العالم العربي والإسلامي، والتشبث بهذه المصالح حقيقة واقعة تؤكدها جميع الشواهد.

ليس هناك أي بارقة تلوح في الأفق توحي بأن الغرب على استعداد للتخلي عن هذه المصالح. وما دام الأمر كذلك فإن الحاجة إلى الاستشراق في الغرب ستظل قائمة، بل وستزداد إلحاحاً

 

3)د/ مصطفى السباعي، الاستشراق والمستشرقون مالهم وما عليهم ، المكتب الإسلامي ، بيروت 1405هـ

المراجع[+]

شارك المقالة:
السابق
ما هي مبادئ المحاسبة
التالي
مفهوم التربية والتعليم عند العرب قبل الإسلام